للسّياسة، في تونس، نساء... لَسْتِ، يا عبير موسي، منهن!!



كريمة مكي
2023 / 11 / 29

منذ عام تقريبا كتبتُ عن عبير موسي و تهريجها الصّارخ و تمثيلها البارد أثناء عملها البرلماني و بعده، و تصوّرتُها تكفّ عن أسلوبها الفجّ المبتذل في التعاطي مع الأحداث السياسية و الذي كما يُسيء لها أيّما إساءة فانّه يُسيء للعمل السياسي كفعل رصين و نبيل يسعى لخدمة الصّالح العام في إنكار تام للمصالح الشخصية إن للرجل السياسي أو للمرأة السياسية.
و لكن السيدة عبير موسي و هي تروّج عن طريق أتباعها، الذين صاروا يتناقصون يوما عن آخر، بأنها زعيمة حداثية و رئيسة تونس المقبلة، لا تدري أنّها هي و لا أحد غيرها من ستقضي، إن لم تكن قد قضت بعد، على مستقبلها السياسي بأسلوبها التهريجي الاستعراضي و الذي يجد هَوًى عظيما في نفوس الغوغاء من أشباهها.
أتذكر أنني حين كتبتُ عن نهاية العمر السياسي لعبير موسي بالتوازي مع عمر عدوّها راشد الغنوشي، كتبت لي واحدة من المُصدِّقات بكذبة عبير موسي وقتها، رسالة قصيرة و قاسية جدّا في حق كاتبة لا تملك في الدّنيا إلاّ قلمها.
لقد كتبت لي بالدّارجة التونسية و كلّها حنق و غيظ من كلامي بحق زعيمتها فقالت: ʺيرزيك فيه ها القلم اللي تكتب بيه على عبير موسيʺ.
سامحها الله!
أعلم أنها كانت مخدوعة بعبير موسي ككثيرين أمثالها ممّن كانوا يكرهون الإخوان، و لا شك أنها وقفت اليوم على ذلك الكلام الذي لم يعجبها و الذي كتبته في بداية عام 2021 يوم كانت زعيمتها المذكورة و زعيم الإخوان على قمة المشهد السياسي في تونس و الكلُّ منهما في خوفٍ و في طمعٍ:
تونس في 24مارس2021
قريبا سيرحل ʺالغنّوشيʺ...و معه سترحل ʺعبيرʺ
ʺاليوم يهلّل الكثيرون لعربدة عبير موسي و يعتبرونها زعامة و إنجازا...!
أراد الغنّوشي بتونس شرّا و آن له اليوم أن يكتوي بالنار التي استوقدها في تونس و هو يوهم النّاس بأنّه ماض في تطبيق شرع الله.
سيرحل الغنوّشي عمّا قريب، بعد أن كشفت الأيّام وجهه الحقيقي للنّاس و لأقرب مقرّبيه و لكنّ رحيله لن يكون أبدا على يد عبير موسي، لأنّها سترحل معه بعيدا عن أرض السياسة هنا لتنتهي معهما حقبة كئيبة من عمر تونس تداول عليها فيها التجمّع و الإخوان فأفسدوها.
سترحل عبير مع الغنّوشي لأنّها و إن كانت تدّعي أمامنا الحداثة في مقابل رجعية الإخوان، فإنّها و الغنّوشي وجهان لعُملة واحدة: هو يتكلّم باسم الله و هي تتكلّم باسم الوطن و كلاهما لا يروم إلاّ مصلحته هو، و اسمه هو، و مكانته هو .
تونس جميلة الجميلات لن يخدمها إلاّ الصّادقين فيها و الصّادقاتʺ.
كان هذا مقتطف من مقالي ذاك و هو موجود كاملا على موقعي الخاص بالحوار المتمدّن.
و اليوم هل مازالت شاتمتي على عهدها مع زعيمتها أم استفاقت من غفلتها كما استفاق الأبرياء من ضحايا الغنوشي و أشهرهم ذلك المخدوع بنهضة الغنوشي الذي حين استفاق أوقد في نفسه نارا و في مقر النهضة بأكمله، فقضَى المسكين نحبه و احترق بحروق بليغة رئيس مجلس الشورى و لكن الغنوشي، أطال الله عمره، نجا يومها من الحريق بحكمة إلهية ليذوق اليوم على مُهْلٍ حرائق القلب في سجن المرناقية !!
أعود الآن لعبير موسي التي ما انفكت، منذ خروجها المُذل من البرلمان، تتحرّش بقصر قرطاج و كلّها أمل بالإطاحة بمن فيه و الحلول محلّه، فبعد أن أعلنت، تلك المرّة، عن مسيرة غضب و أمرت أتباعها و مُمَوّليها بالتوجه بالسيّارات إلى قصر قرطاج و محاصرة ساكنه، و بعد أن منعها الأمن و عادت خائبة من منتصف الطريق بعد أن أخذت لنفسها ، لزوم الدعاية و تسكين غرورها، صورا و هي تطل من السيارة الرباعية كما يفعل الرؤساء...فإنها استمرت بعد ذلك في التطاول على القصر الرئاسي حتى وصلت إلى أن تأخذ صورا لها و هي على أعتابه واقفة و منتظرة بدعوى إيداع شكاية خاصة له منها!!
و كأنها لا تملك بريدا ترسل منه و لا صحافة تنشر لها شكاويها و ما أكثرها اليوم من شكاوٍ خاصة بعد أن عِيل صبرها من انتظار المنصب التي وعدت به نفسها و هي أوّل من يعرف أنّها أبعد البعيدات عن كرسي الرئاسة العظيم و الأمانة الأعظم.
ستبقى عبير موسي بعيدة بُعد السّماء عن الأرض عن كرسي الرئاسة ليس لأنّها امرأة كما تدّعي دوما لتركب بالباطل على موجة الدّفاع عن حقوق النساء المضطهدات فعلا، بل لأنّها لا تريد من القصر إلا أَرِيكته، و من السّياسة إلاّ سُلطتها، و من السُّلطة إلاّ سَيفها لِتُسَلِّطَهُ على من ينقدها أو يَعصيها.
لِتَعْلَمَ السيّدة عبير موسي أنّ من أراد السّياسة حقّا فإنه عليه ألاّ يترك حظّا لنفسه الطمّاعة أو الأمّارة بالسوء و أن يجدّ و يجتهد في خدمة البلاد فعلا لا بالصور المنمّقة كما تُحبّ دوما أن تبهرنا حين تلقيها علينا بين الحين و الحين!!
أمّا كونها امرأة تريد أن تمارس السّياسة فهو أمر مُهم و جدير بالتشجيع في بلد كان فيه للمرأة دوما مكانة متميّزة و إن لم نعرف فيه سياسيات كثيرات و هذا مفهوم، فالسّياسة عالم رجالي بامتياز و لكن اليوم بإمكان الجديرات بالسّياسة أن يدخلنها بثقة و ثبات، و لكن ليس من حقهنّ الإساءة إلى النساء و العمل السياسي بتصرّفات باطلة خرقاء، فجنايتهن على صورة المرأة السياسية ستكون وقتها عظيمة و قد تَقضي على ما يليها من محاولات لِنساء وطنيات صادقات في خدمة الناس بأمانة و بلا سعي محموم في إرضاء الذات و تلبية ما تطلبه من الملذات.
و إني أتذكّر هنا و أترحم على المناضلة الراحلة مَيَّة الجريبي و أقول للمُقبلات على دخول المعترك السياسي في تونس: فليكن لكم في الأستاذة ميّة خير مثال في النضال و لتكن ميّة الجريبي الإنسانة الملتزمة و المناضلة الصّادقة ذات العزيمة الثابتة مرجعكنّ المُعاصر في العمل السّياسي.
ميّة فقط...
تذكّروا جيدا أيا نساء تونس!
ميّة فقط و لا امرأة، في السياسة، سواها.