ما لا تحتاجه المرأة



رحاب حسين الصائغ
2006 / 11 / 21

جلست أبحث عن تفسير جديد لحريتي، أبعدت عني كل التعاويذ، كسرت أواني البخور، ووضعت الأصباغ التي كنت أضعها على وجهي في دهاليز الحريم، وأعددت مكان أخرى لجلستي المستحدثة في زاوية الزمن القادم، لا أخفي سري عليكم؛ إن قلت لكم أنني عانيت كثيراً من أجل هذا التغيير، ورغم سياط الجميع من حولي لم أتوانه في قراري الأخير، بدأت بقراءة الكتب التي تتبع سياسة التوجيه نحو الآمال المنخرطة في أي رغبة بالتعديل، وأنا جالسة في نفس الزاوية، وعيني على ما بعثرت من الماضي القديم، لم أفهم لماذا لم أجد في تلك الكتب ما أريد، وكنت أعيد السؤال ألف مرة على نفسي فيما أريد، السلطة؛ وما تفيدني السلطة، اليس ما أملكه من سلطة في تقاويم ومفاهيم الحياة يكفيني، وما هي تقاويم الحياة عند المرأة،... ويقيت لأيام وأنا أراجع نفس العبارة، ولم أستطع تحديد تلك القناعات التي أريد صياغتها على نفسي، راجعت كل ما حدث في لحظة تقريري لمشكلة حريتي، يقال: أنني أتنفس، يقال: أنني آكل، يقال: أنني أعيش، فلماذا إذن النبش في حريتي، وقد تحقق منها الجانب الضعيف، خيط الأفق كالشعرة، وبين ما أجده وبين حريتي مستنقع من الأبخرة الصاعدة إلى ذات وجودي فيما يقال وفيما أجد، وحتى أنهي الرتابة الخلعة ثياب الحقيقة في الوارد وبين العطاء، من حجم اللغة السارية في حضارة الموضوع، وجدت لا بد من ترجمة المفردات، ليرن جرس الإيقاعات العميقة للمفاهيم المستورة وعالمنا، المرأة وحريتها المسلوبة والنازفة، تعيش كل المويهات بما يتبع من سذاجة في الطرح، على أنها نوع من القلع،، وقلع حتى الجذور، والرجوع إلى عشتار، حين عرضت كبضاعة باسم راعية الحب والعاطفة، ولمطابقة المفهوم، ونحن في زمن القرن الواحد والعشرين، الومن الذي يحمل جنونه فوق شهوات وبدع متنوعة، والبدعة غير الإبداع، وما ألاحظه عائم على حقائق الواقع هو البدع، وللتأكيد أن سطوري تحمل شيء لا يشبه الحرية، التي تبحث عنها المرأة، ولا تجد لها صوان في مخافر الحدود، فقط في صوان الأذن الوسطى التي تسمع، ويقطر بعدها على الداخل فيها بعض القطرات المهدئة، فتعود إلى محيط السمع الأخرس، ما أريد أن يعود علي بجلستي التي أحاول فيها البحث، أن أجد نفسي في داخلي ومن ثم أبحث، كي أنجح في التصدي، لمن أوقعوا في سمعي تلك المفردة، واصبَ في آذانهم صراخ حروفي القيمة، وأنا واثقة من أنهم سيسمعون نداءاتي، دون أن يجدوا مغبة من تلك الثقة التي تلازم أفكاري، والآن أصدقكم القول ، حين أحس بامتنان كبير يصاحب جلستي، التي قررت فيها أن عن ملاحقة الهواجس، والتشبث بصورة من عالم مرت عليه دهوراً وليس سنين، واضعة لي عالم يعرفني وأعرفه، في زمني الذي أعاصره، وما يمر، وما أشاهده، واقع يعاشر غيرة اللهفة ويبعد الهموم، واضعة أمام عيني ما يحدث للنساء المنكسرات، والنساء المخدوعات، ونساء كالصخر يتفتتن أمام براكين التحديث الملون بعيداً عن صميم أحلامهن المطلوبة في الحرية والمراد لها أن تعيش، وفي جلستي وجدت، يجب أن نبحث عن تحديث للمفاهيم، وبدأت بامتنان شديد أسطرها وأضعها، ثم أبدأ من جديد.