(النساء واللغة)



نساء الانتفاضة
2024 / 3 / 8

لمناسبة الثامن من اذار، اليوم العالمي للمرأة نقول:
كل عام وجميع نساء الأرض بألف خير، وكل الاماني القلبية ان تنتهي مأسي الحروب والصراعات في العالم، خصوصا ما تعانيه النساء في غزة والسودان وسوريا واليمن من انتهاكات جسيمة.


(يبقى الامل يحدونا بان تقوم الأجيال القادمة بهز رؤوسها المرتابة وتدهش- كما دٌهشنا امام معتقدات اجدانا الفلاسفة).

بهذه الكلمات ختمت فيرينا آبشير كتابها الشيق "النساء واللغة"، والذي بحثت فيه عبر سبعة فصول "التصورات الاجتماعية للاختلاف"، خصوصا في الكلام، والتمييز بين الناطقين من الجنسين "المذكر والمؤنث"، وكيف أدت التصورات الاجتماعية الى اعتبار "النساء ثرثارات"؟، وهل هذه التصورات ناتجة عن حقائق فيزيولوجية او بيولوجية ام انها تصورات اتفاقية، اجمع عليها الناس واخذت طابع التأبيد؟ ولماذا "ان التصور الاجتماعي للثرثرة مرتبط جوهريا بالأنوثة"؟

تبدأ آبشير كتابها بأغنية من منتصف القرن التاسع عشر، في هذه الاغنية إشارة الى ان من الممكن ان يصلح أي شيء الا "ان تجعل المرأة عاقلة وراشدة"، ثم تذكر بعض الاقوال والامثال الشعبية في أوروبا حول ثرثرة النساء "يفتقر بحر الشمال الى الماء، ولا تفتقر المرأة الى الكلام"، وتأخذ بعض اقوال فلاسفة وكتابا معروفين جدا أمثال شكسبير وروسو واوسكار وايلد، والذين ساهموا في ترسيخ هذا الفهم والتصور: "ان التصور حول المرأة الثرثارة لا يقتصر على الناس العاديين فحسب: بل نجده أيضا لدى رجال العلم".

ترى آبشير ان هناك أربعة عوالم من النساء من الممكن بعد بحثهن رؤية كيفية "الطريقة التي يعمل من خلالها التصور الذي يصوغ الواقع الاجتماعي"، والذي هو "المرأة الثرثارة"، وقد قامت آبشير بجهد كبير من خلال تحليل مقابلات مع نساء مختلفة، ولمدة 4500 دقيقة؛ فجاءت المرأة التقليدية والحديثة والجديدة والمرأة النسوية، وقد خلصت بعد تحليل هذه المقابلات الى ان الثرثرة "تعبير عن عجز النساء، وعن الصعوبات التي تعترضهن في معرفة ما هن عليه، وما يردنه، أو يرغبن فيه. أنه تعبير عن عدم الرضى"؛ وقد "اتفقن جميعهن على ان الثرثرة عبارة عن سمة عنصرية".

وتقول آبشير "ان التفحص المنتظم لمختلف الدراسات النظرية التي قدمها الأنثربولوجيون، وعلماء الاجتماع، والألسنيون، والمتخصصون في اللسانيات الاجتماعية لا تكشف عن أن مفهوم الثرثرة خاص بالنساء"، ومع هذا فهناك إصرار "لديمومة التمييز بين طريقة التكلم الانثوية والذكرية".

وتختم آبشير كتابها بالدعوة الى نبذ هذا التصور-المرأة الثرثارة- وتغييره قبل "البدء بتأويل علاقات جديدة بخصوص الواقع نفسه"، ولهذا فهي يحدوها الامل بالاجيال القادمة، التي يقع على عاتقها قضايا التغيير الكبرى.

طارق فتحي