ساحة البرلمان: حرب الخصوصية ضد الكونية..



حسن أحراث
2024 / 3 / 9

عرفت ساحة البرلمان اليوم، 08 مارس 2024، احتكاكا ناعما شكلا وشرسا مضمونا وعمقا وخلفية..
حضرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان جهويا وكعادتها كل سنة إلى ساحة البرلمان بالرباط من أجل تخليد اليوم العالمي لحقوق المرأة (08 مارس). وقبل أن تنطلق شعارات الجمعية "المرتبكة"، أخذت مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين تؤثث الساحة بلافتاتها الملونة ونسائها الملثمة ورجالها الملتحية وآلاتها الصوتية القوية، عن"سبق الإصرار والترصد".. وقد وصلت الوقاحة بأحد خدامها إلى حث "الغرباء" عنها لفسح المجال لمريديها، النساء بالخصوص (لا للاختلاط!!).
انطلقت فعلا وأولا شعارات الجمعية وبحضور ضئيل، على الأقل مقارنة بالحضور الممثل لمجموعة العمل.
ولم يمر وقت كاف كما اعتادت الجمعية أن تقوم بذلك وبدون مضايقة أو استفزاز أو ضغينة، حتى انطلقت شعارات مجموعة العمل المدوية، كإشارة لإخلاء الساحة للأقوى..
الكل لاحظ الاحتكاك الصامت شكلا والصارخ مضمونا.
كان المشهد المثير عبارة عن حرب بين الكونية التي تمثلها الجمعية والخصوصية التي تتبناها مجموعة العمل، أو مكونات هذه الأخيرة..
والسؤال الذي طرح نفسه هو:
ما علاقة مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين باليوم الأممي لحقوق المرأة (08 مارس)؟
الجواب كان في حينه من خلال الشعارات المرفوعة، مثل "المرأة الغزاوية". وتأكد أن مجموعة العمل المؤطرة سياسيا من طرف القوى الظلامية (جماعة العدل والإحسان وحزب العدالة والتنمية وحزب البديل الحضاري وحركة التوحيد والإصلاح...) لم يكن همها حقوق المرأة بالمنظور الكوني، أي المساواة الكاملة في الحقوق (دون الحديث عن الخلفية الطبقية)، ولا حتى حقوق المرأة الفلسطينية، بل فقط دعم حركة حماس (الخلفية الإيديولوجية والسياسية)، من خلال ادعاء دعم "المرأة الغزاوية"..
إنها انتهازية مقيتة لا تخدم المرأة "الغزاوية" (نسبة إلى غزة) ولا المرأة الفلسطينية عموما ولا المرأة المغربية ولا المرأة بأي مكان من المعمور؛ كما لا تهمها المقاومة الفلسطينية.
إنها أشكال بهرجة إعلامية وتسويقية لاستعراض العضلات والتشويش والاستقطاب...، فهل ننسى من وقع وثيقة التطبيع مع الكيان الصهيوني؟ وهل هذه الجريمة تخضع للتقادم أو التصالح؟ وهل نجهل من تواطأ ويتواطأ الآن مع النظام القائم ويمتثل لأجنداته، خدمة لمصالح الامبريالية والصهيونية والرجعية؟
وهل تخفى المجاملات السرية والعلنية في صفوف القوى الظلامية بغثها وسمينها؟ إن القوى الظلامية تعتمد صيغة "انصر أخاك ظالما أو مظلوما" (وفقط)..
كل الإدانة للجرائم الفظيعة التي يرتكبها الكيان الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني، بغزة وبباقي فلسطين..
والمثير للشفقة اليوم، وحتى سابقا، هو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وكل من راهن أو يراهن على كم (أقصد العدد) القوى الظلامية "الداعم"، سواء فردا أو هيئة!!
وما وقع اليوم بساحة البرلمان (مسرح النظام المكشوف) يسائل كل من يدعي الديمقراطية والتقدمية بشأن انخراط القوى الظلامية غير الديمقراطية وغير الحداثية وغير التقدمية وبمختلف ألوانها بالائتلافات والشبكات والجبهات، مثل الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان والجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع...، التي ترفع شعارات حقوق الإنسان (الكونية والشمولية) والحداثة والديمقراطية والتقدمية (حتى)!!
لا أختبئ وراء الآخر أو أخطاء/خطايا الآخر، إن المسؤولية واحدة وإن بتفاوت وبدرجات. والأمر يعني أكثر من يهمه حقا خدمة قضية الشعب المغربي المكافح وكافة قضايا الشعوب المضطهدة ومن بينها قضية الشعب الفلسطيني الرمز. وإن ضعفنا لا يبرر غيابنا..
أخيرا ودائما، قضية المرأة قضية طبقية. ولا مجال للمزايدات السياسوية الرخيصة والبئيسة وللتوظيف الرجعي البغيض...
الحرية للأسيرة الفلسطينية ولكافة الأسرى الفلسطينيين..
الحرية للمعتقلة المغربية ولكافة المعتقلين السياسيين..