المرأة الفلسطينية في قلب الدمار: نداء يستحق الاستماع



تهاني المدهون
2024 / 3 / 13

تلك ليست مجرد أحداث عابرة، بل هي تفاصيل حياة مريرة تعيشها النساء في قطاع غزة، حيث تتسارع الأحداث وتتجاوز الكلمات القدرة على التعبير عن المرارة والألم الذي تعيشه المرأة الفلسطينية في غزة خلال الحروب المتكررة، سمع العالم كله ندائاتهن منذ اول يوم بالحرب، حيث ناشدوا الدول العربية، والاسلامية والعالم أجمع ناشد مؤسسات حقوق الانسان والمجتمع الدولي، مرّ 157 ولازلن يعانين مرارة العدوان الغاشم.

المرأة الفلسطينية قوية وصامدة شامخة في وجه الظروف القاسية، هي الجزء الأصيل من أحداث تتلاطمها الحروب، ويالهول ما تعيشه من مرارة الفقدان والفجيعة، واذا كانت المرأة هي نصف المجتمع الفلسطيني، هذا يعني إن الحرب الدائرة تعطي للمراه هويتان لاثالث لهما، اما فاقدة اومفقودة، وكلاهما وجع يترك أثرًا عميقًا على امتداد أجيال، وكل ما يدور يمسّها فهي الام والزوجة والاخت والجدة والمريضة والحامل والمرضعة والجريحة والمهجرة والشريدة والتي تعاني ويلات حرب التجويع وحسرة ألم كل من يحيط بها، كل الصور تجد المرأة فيها، تارة تجدها اليتيمة، وتارة نراها من فقدت ابنائها تحت الانقاض، وفي مشهد اخر هي الناجية من تحت الركام، او القتيلة تحت الركام، هي من بترت يدها وقدمها، وفقدت بصرها ...، وهي الارملة التي فقدت الزوج،..الخ وأشارت وزارة الصحة الى أن 72% من اجمالي الجرحى والشهداء والمفقودين البالغ عددهم 111.600 هن من النساء، وهناك مليون وسبعمائة الف مهاجر، ومن الطبيعي ان تكون المرأة هي الجزء الاعظم من كل هذا، تقود ما تبقى من أسرتها وتسير بهم بحثا عن مكان آمن، القضية ليست ارقام على الاطلاق، المرأة الغزية ليست أسهم بالبورصة ينتظر العدو ارتفاعها يوميا، هي الام العظيمة التي تحتوي هذا الوطن، هي تتألم من فقدان أطفالها وأحبائها، وتجوب الشوارع بحثا عن ملجأ آمن، هي الحامل التي اقترب موعد ولادتها ولاتعلم ما الذي سيحل بها وبجنينها، في زمن ضاقت بها حجرات المستشفيات بالجرحى والشهداء، وقد سمعنا عن كثير من النساء ولدن قيصري بلا تخدير، انه الموت الذي يفوق كل اشكال

العذاب، صور مرعبة للجرائم التي ارتكبها الاحتلال الاسرائيلي والتي لايستطيع العقل البشري تحملها حين روى الطفل خالد كيف قتل الاحتلال المجرم امه أمامه حيث تحدث وكأنه أصبح رجلا بين ما بين عشية وضحاها "الجندي اطلق النار على بطن أمي وهي حامل بالشهر السابع، وأحضر ابي الى الممر وقتله امامي"، رأينا المسنات على الطرق وفي ممرات المستشفيات والملاجئ يفترشن الارض في عز البرد، تلك المسنّة التي تمنت ان تنهي حياتها على سريرها بين أبنائها وأحفادها ولكن الاحتلال سمم كل شيء.

المرأة الجريحة، هي أيضا ليست رقم، أنها تحمل آثار الحروب على جسدها وروحها. الجروح لا تقتصر على الجسد، بل تتعدى ذلك إلى النواحي النفسية والاجتماعية. المرأة الجريحة ستحاول بشجاعة العودة للحياة الطبيعية، ولكن المعاناة لا تنتهي مع انتهاء الحرب، والنساء المشردات، يتركهن الدمار والخراب دون منزل أو وطن. يكون البحث عن مأوى جديد أمرًا صعبًا، وتكون الحاجة الملحة إلى الحماية والرعاية هي السمة البارزة في حياتهن. والجوع لا يزال يعيش في أمعاء هؤلاء النسوة واطفالهن وتتجلى معاناتهن في تحمل عبء الحياة اليومية. كما تتعرض النساء الحوامل لمتاعب مضاعفة، حيث تزداد المخاطر على الأم والجنين بسبب نقص الرعاية الصحية. تاركة آثاراً عميقة على صحتهن وصحة أطفالهن.

يمضي الوقت وتمر الأيام، ولاتزال المرأة الفلسطينية تعيش تحديات ضخمة، فالاستهداف الوحشي يمثل انتهاكًا جسيمًا للقوانين الدولية وحقوق الإنسان. ولازالت تتساءل النساء في غزة عن مكانة حقوقهن وعن موقف المؤسسات الدولية التي يجب أن تحميهنّ، وتطالب العالم الحر بالاعلان أولا ان ما يحصل بحق المرأة في غزة هو عار على البشرية جميعها، ويجب التكاتف ودعمها في تخطي الظروف الصعبة، والعمل على تحقيق السلام الذي يضع حدًا لمعاناتهن ويمنحهن حقهن الإنساني في حياة كريمة وآمنة.

وحقيقة تثير هذه الأحداث التساؤلات حول الدور الدولي وجدواه في حماية حقوق المرأة الفلسطينية. فالصمت الدولي أمام الانتهاكات الجسيمة يشير إلى عجز في توفير الحماية الملائمة للمدنيين خاصة النساء والأطفال. ويظل الإهمال والصمت سائدًا، وهذا أمر له انعكاساته المستقبلية، وكأن لسان حالهن يقول: " اذا لم تكونوا معنا اليوم ونحن في أمس الحاجة إليكم، كيف ستجرؤون على لقائاتنا والنظر في اعيننا ما بعد الحرب، لقد تغيرنا وتغير كل ما فينا".