دور المكان ووضوح المفاهيم في استئصال العنف



جمال علي الحلاق
2006 / 12 / 4

نص الكلمة التي ألقيت بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة
تمهيد

أحاول هنا أن أركّز الإنتباه على السلبيات التي تعيق نمو وانتشار المنظمات والجمعيات التي تطالب بحريّة المرأة ، وإحياء دورها كنصف حي في بناء وتأثيث الحياة اليومية داخل بنية المجتمع .

ولكي لا يكون حديثي ضربا من التكرار ، أفضّل عدم الخوض في سلفية الأعراف والتقاليد والمؤسّسات الدينية ، وتدخلها غير المنطقي في التفاصيل الدقيقة للحريّة الشخصية كالمأكل والمشرب والملبس ، لأنّه أمر مفروغ منه ، وأبدأ من قراءة العنف الذي تمارسه المنظمات والجمعيات - المناهضة للعنف - على الافراد دون انتباه . محاولة في خلق آلية جديدة ترسّخ وضوح المفاهيم عبر ممارسات حياتية يومية .

قديما قيل : الحاجة أم الإختراع ، ووجود منظمات وجمعيات تدعوا الى رفع العنف عن المُعَنَفِين - بفتح النون وكسر الفاء - هو إشارة صارخة الى ( حاجة إجتماعية ) ، نمت ، وتبلورت لتؤسّس هذه الجهات ضمن بنية المجتمع في الوضع الراهن .

إذن ، فوجود هذه المنظمات والجمعيات هو حالة صحيّة بدءا ، لأنّ ثمّة إنسان أحسّ بالعنف فاعترض ، وهذا بحدّ ذاته يدحض قول القائلين بعدالة الأعراف والتقاليد والمؤسّسات الدينية .









دور المكان في تكريس المفهوم اجتماعيا


إنّ وجود ( بناية ) تحت إسم ( مدرسة ) يكرّس تدريجيا مفهوم ( التعليم ) ، ويجعل القراءة والكتابة ظاهرة إجتماعية ، كما انّ وجود ( بناية ) تحت مسمّى ( محكمة ) يكرّس مفهوم ( القانون ) و ( العدل الإجتماعي ) ، ويزيل تدريجيا مفهوم ( العقاب الثأري ) بين الناس . كذلك وجود بناية أو مكان تحت اسم ( حريّة المرأة ) يكرّس إنتباه المرأة لذاتها أولا ، ككائن مستقل له خصوصيته في الحياة ليس بعيدا عن الرجل ، وثانيا : يدفع الرجل الى الإنتباه لنفسه وللمرأة معا .

أتحدّث عن ( المكان ) لأنّه الأكثر التصاقا بتكريس المفهوم الإجتماعي ( حسّيّا ) ، والأكثر وضوحا وقربا للناس ، إنّه جزء من تفاصيلهم اليومية ، فغياب المدرسة كمكان لا يمكن أن يجعلها جزءا من الحوار اليومي ، وبالتالي فإنّه يقود الى أميّة تتنامى ، بينما الزيادة في عدد المدارس سيقود الى زيادة لا في التعليم فقط ، بل في التخصّص أيضا . وعلينا أن نعي أننا لم نصل بعد الى منطقة تجاوز حضور المفهوم الإجتماعي مكانيا .

ومع هذا ، في حالات شاذة ، يصبح الوجود المكاني للمفهوم الاجتماعي عقيما ، وبلا فاعلية . إنّ إحدى نتائج الحروب المتناسلة في العراق تتجلّى في خلق جيل تتفشّى فيه أمّيّة القراءة والكتابة بشكل فجّ ، وعودة العقاب الثأري ليتسيّد الشارع مع غياب القانون ، هذا يحدث مع مؤسّستين عريقتين في القدم ( التعليم والعدل ) ، فماذا عن مؤسّسة ( حريّة المرأة ) حديثة العهد حتى أنّها لم تدخل بعد ضمن السلوكيات اليومية للمجتمع ؟

بل إنّ الحرب ساهمت كثيرا في نمو التعدّد المكاني لمصادر العنف داخل المجتمع ، ابتداء من الدواوين العشائرية الى المنابر الدينية بكلّ أشكالها ، وتحوّل هذه الأماكن الى مدارس تكرّر استنساخ السلفية كلحظة راهنة .

لا أريد لحديثي أن يكون مُحبِطا لرغبة التغيير ، لكنّني أصرّ على أن نعي خطورة دور المؤسّسة اجتماعيا ، لذا ينبغي التعامل مع الإسم أو الشعار بدءا باعتباره المكان الأوّل - وهو ما يمكن أن أطلق عليه ( الإقامة داخل الإسم ) وهو المفهوم الذهني للمكان – ثمّ تأتي ( البناية / المكتب / الشلتر ) كخطوة لاحقة باعتبارها المكان الثاني الذي يؤثث الفضاء الذهني للمفهوم الاجتماعي ، ويؤكد حضوره اجتماعيا ، وينمّيه .

عادة لا يكون الإسم الأوّل من الصفاء والوضوح بحيث يجعل الناس تحتكّ به ، أو تقترب منه ، إلا أنّ ( البناية / المكتب / الشلتر ) كمكان يساهم عمليا في وضوح المفاهيم ، والعمل على إخراجها من منطقة الذهن الى منطقة الحسّ ، أي المحاولة على جعلها مطالب جماهيرية .

سأتّخذ من ( منظمة حرية المرأة ) في بغداد ، و ( جمعية المرأة العراقية ) في أستراليا نموذجين في الحديث ، لأنّهما تشتركان معا في لحظة التأسيس ، فكلتاهما تأسّست عام 2003 ، فما هي الأسباب التي كرّست حضور منظمة حريّة المرأة وجعلت حضور جمعية المرأة العراقية ضعيفا ؟

أقول : حين تمتلك ( منظمة حريّة المرأة ) مكانا محدّدا لها في بغداد ، وحين ترفع شعار : " حريّة المرأة دون قيد أو شرط ، والمساواة الكاملة بين المرأة والرجل في العراق " ، فهذا يعني أنّها حقّقت نزولا فعليا الى الشارع الاجتماعي الحي ، وهذا النزول يجعلها في تماس دائم مع كلّ إفرازات اللحظة الراهنة ، إنّها مرئية ويمكن الاتجاه إليها ، رغم محدودية الحركة في الظرف السوداوي العام ، إلا أنّ وجودها العيني كمكان هو إصبع يشير الى عنف إجتماعي ، ومصادرة حقوق لم يتم بعد الإنتباه إليها ، أو قد تمّ تجاهلها أصلا لأسباب لا تبتعد عن مصالح جهات تعتاش على العنف ، ويشير المكان أيضا - وهذا هو الأهم - الى وجود حلول إجتماعية قادرة على إجتثاث العنف في المجتمع يمكن اللجوء إليها ، وهذا ما يجعل المنظمة مطالبة أكثر بإيضاح ما تدعو إليه بخطاب لا يعتمد لغة ( التعميم ) ، لأنّ الحريّة إحساس فردي بدءا ، وفي أحيان كثيرة نخطىء حين نطالب الآخرين بما نريد فقط ، دون أن ننتبه لما يريدون حقّا .

النزول الى الشارع عبر ( المكان ) حتّم على المنظمة أن تكون واعية جدا لدورها التاريخي في عملية التغيير ، ومتحسّسة لنقاط الإجبار والقسر داخل الحياة اليومية للنساء بشكل عام ، لأنّها من هنا تحديدا تنطلق نحو إثبات حضورها كحاجة اجتماعية ، وهذا لا يتحقّق في غياب البحث الميداني ، أو الاقتراب من حقيقة الشارع الحي ، ورصد احتياجاته الواقعية ضمن اللحظة الراهنة ، دون أن يعني ذلك توقّف المنظمة عن مناهضة كلّ ما يفرض فرضا تحت سلطة الأعراف والتقاليد والمؤسّسات الدينية .

النزول الى الشارع كمكان جعل المنظّمة قريبة جدا من نساء بلا سقف أمني ، مهددات بالقتل تحت ذرائع غسل العار ، أو لهروبهن من سلوكيات رفضنها ، أو أجبرن عليها ، الأمر الذي جعل ( منظّمة حريّة المرأة ) تمارس دورها كسلطة لا تطالب فقط ، وإنّما تحاول أيضا في توفير السقف الأمني لمثل هذه الحالات ، فظهر مفهوم ( الشلتر ) كجزء من يومياتها ، المكان هنا عجّل في بحث التفاصيل ، وخلق مكانا آخر ، أخرج المنظّمة من شفاهيتها ، وجعلها تلتصق مباشرة بواحدة من آليات التغيير ، أقصد نمو التعدد المكاني في الشارع الحي .


الدور السلبي لتسيّد اللحظة الشفاهية


الحياة الآن لا يمكن أن تدار بخطاب مكتبي ، ولم تعد الكلمات تمتلك ذلك الرنين القديم ، كما أنّ نمو ( التخصّص ) في تفاصيل الحياة اليومية جعل الخطاب الذي يعتمد ( التعميم ) قاصرا في الفهم والاستيعاب ، فلا يمكن اختزال مفردات الحياة اليومية في كلمة واحدة ، لذا تبدو كلمة ( حريّة ) في غاية الغموض حين تطلق بلا اتجاه ، بل إنّها ستستخدم من الجهة السلفية الضدّ كنافذة لإحباط أيّ خطوة عملية على صعيد التغيير .

هذا الموقف الحرج للغة الخطاب في التحاور يجب أن يستثمر بطريقة إيجابية عبر ( التثقيف الذاتي ) أمام مؤسّسات سلفية إتّقنت لغة التبرير طيلة قرون طويلة ، ولا سبيل الى ذلك إلا اعتماد ( المنهج العلمي ) ، وإعتماد ( لغة الإحتمال والإحتمال الأرجح ) ، أي كيفية جعل البحث الميداني منبرا لدحض التبرير السلفي الذي يستخدم لغة الانفعال الوجداني منبرا الى الناس ، وهذا يتم عبر الحضور العملي للمنظمة في الشارع الحي ، لا كممارسة اجتماعية فقط ، بل كإعلام أيضا ، صحف ، أنترنيت ، وفضائيات .

ولكي يتم قطع أشواط طويلة في أوقات قليلة ينبغي الإنتباه والعمل على أنّ مفهوم حريّة المرأة لا يعني إدانة الرجل بشكل خاص ، وإنّما هو إدانة للمنطق الذكوري داخل بنية المجتمع ، فالرجل بريء حتى تثبت إدانته ، كما أن حريّة المرأة لا تعني أن تكون المرأة رجلا ، لأننا هنا سنخسر امرأة ولن نربح رجلا ، إضافة الى أنّ الحريّة الشخصية لا تعني استنساخ النساء والرجال على قالب جاهز ، وإنما جعل الفرد إمرأة أم رجلا قادرا على اختيار الحياة التي تمنحه الاحساس بإنسانيته وخصوصيته .

أكرّر القول أنّ الحقائق البيانية والتوثيق اليومي للتجاوزات على الحريّات الشخصية ، والايغال في رصد التفاصيل الدقيقة لمستويات العنف داخل المجتمع ، ابتداء من نظرة العين ، فالكلام الجارح ، فالضرب ، فالتشويه الخلقي بالحرق ، أو بخلق عاهات مستديمة ، فالقتل ، ناهيك عن الحرمان ، والإقصاء ، والتهميش ، كلّ ذلك كفيل بإلجام الأفواه التي تعيق عجلة التغيير نحو المجتمع المدني ، لذا فالخروج من الشفاهية هو نهاية السلفية بكلّ أشكالها .






منظمة حرية المرأة من الشفاهية الى بداية الاحتمال


عادة ما تكون بداية الحركات الاجتماعية انفعالية ثم تبدأ فورة الإنفعال بالتكيّف التدريجي مع احتياجات المحيط الاجتماعي ، وهنا يتجلى دور المنظمة في الكشف عن ما يجب تغييره ، او تكثيف المطالبة باتجاه تغييره ، دون الالتفات الى مواضيع ثانوية ضمن اللحظة الراهنة ، وبالتالي اختزال فترة التشتّت الى أقصى حد ممكن .

أعتقد أنّ الحضور العملي لمنظمة حريّة المرأة من خلال نزولها بين الناس ، وتشبيكها مع منظمات عالمية أخرى ساهم كثيرا في تفعيل حضورها ، وساهم أيضا في تراكم الخبرات لدى القائمات على إدارتها ، وبالتالي فإنّ الوضوح يتشكّل تدريجيا ، والوضوح في الرؤية يجعل الخطاب محدّدا ومدبّبا في نفس الوقت ، ويجعل المطالبة بالمساواة ليس هدما لنواميس الكون كما يراها دعاة التقنفذ على الحياة الموروثة ، وهذه خطوة باتجاه التحرّر من تقمّص دور السمكة التي ترى الماء هو الحياة كلّها وترفض كلّ ما يمتّ بصلة الى البر .

عدم الوضوح دلالة عنف

إنّ وضوح الأهداف لا يأتي دفعة واحدة ، ويحتاج دائما الى تداخل خبرات أخرى من أجل الوصول الى وضوح تام ، ولا تزال منظّمة حريّة المرأة في طور التكامل وتحتاج الى من يلفت انتباهها أيضا الى أنّ بعض ممارساتها تعيق فاعليتها بين جماهير النساء تحديدا ، كما في رفضها استخدام بعض المفردات اليومية باعتبارها تمثّل إساءة للمرأة أصلا مثل رفضها تداول مفهوم ( العنوسة ) واستبداله بمفهوم ( الحرمان الجنسي ) ، وحسر هذا المفهوم على المرأة فقط ، بطريقة تبدو المناهضة والرفض كما لو أنّها دعوة الى الإباحية ، وهذا المطب ليس عائقا لانتشار حضور المنظمة - في محيط يعج بالأخلاقية السلفية - فقط ، وإنّما هو ممارسة عنفية ضدّ المرأة أيضا ، لأنّ ما يبدو للآخر من هذا الطرح هو اختزال المرأة في منطقة الجنس فقط .

لا يمكن للمطلب أن يكون جماهيريا دون أن يكون مطلبا واقعيا ، وواقعيته تجعله واضحا ، ولكي يكون واضحا كما هو لدينا ، علينا أن نعي العمق التاريخي ، والبعد الأخلاقي لما نقول بدءا ، فعملية استبدال مفهوم ( العنوسة ) مثلا بمفهوم ( الحرمان الجنسي ) يشير ضمنا الى عدم استيعاب دلالة العنوسة كوباء له جذوره الاجتماعية الخاصة كمفهوم ( النهي / النهوة ) العشائري ، إضافة الى ذلك رسوخ الصورة النمطية للعنوسة في المخيال الاجتماعي ( كامرأة بلا زوج ) ، وهنا يأتي دور المنظمة في تثوير الأبعاد الإنسانية داخل هذه الصورة النمطية ، فالعنوسة ليست حرمانا جنسيا فقط ، بل هي قبل كلّ ذلك :

1 - حرمان المرأة من حقّها في تأسيس عائلة .
2 - حرمانها من حقّها في الأمومة .
3 - حرمانها من حقّها في أن تختار لا أن تكون المختارة فقط .
4 – حرمانها من حقّها في الجنس .

لدينا شواهد كثيرة لنساء ورجال متزوجين أي أنّهم لا يعانون من حرمان جنسي إلا أنّ المرأة تعاني من حرمانها حقّ الأمومة ، أو أنّ الرجل يعاني من حرمانه حقّ الأبوّة . لذا أقول أنّ زوايا كثيرة تؤثث مفهوم ( العنوسة ) ، والحرمان الجنسي زاوية واحدة من هذه الزوايا فلا يجوز إستبدال الكلّ بجزء . ثمّ ماذا يمكن أن نقول عن الأرملة ( وفق تقرير حديث فإنّ عشر نساء يترملن كلّ ساعة في العراق ) ، وماذا يمكن أن نقول عن المطلّقة ، رغم أنّ صور الحالات الثلاث ( العانس – الأرملة – المطلّقة ) تختلف تماما في المخيال الإجتماعي ، فعادة ما يكون هناك تعاطف مع الأرملة ، لأنّ موت الزوج لا يشير الى إرادته في الانفصال ، إلا أنّ ذلك لا يحدث كثيرا مع المطلّقة ، لأنّ الطلاق يحمل ضمنيا تلك الإرادة ، وهو قرار يشبه الطرد تماما ( أنا أقرأ صورة الطلاق في المخيال العربي / الديني ) ، لم يترسّخ مفهوم ( الخلع ) إجتماعيا بعد ، الذي يشير صراحة الى إرادة المرأة في الإنفصال .

لذا فالعانس امرأة عاطلة عن الحياة ، تحت مرأى ومسمع المجتمع ، ليس بإرادتها ، وإنّما لخلل اجتماعي تتظافر على خلقه الاعراف والتقاليد والمؤسّسات الدينية . وهو يتطلّب حملة تضامنية عالمية من أجل إعادة الحياة الى نساء يتمّ وأدهن على قيد الحياة باسم الأفكار السلفية .

هذا المثال البسيط يوضح تماما خطورة استخدام المفاهيم دون الانتباه الى مردوداتها النفسية على المرأة اولا قبل الرجل ، وكذلك خطورتها في تعطيل الانتقال من المرحلة ( الشفاهية / اليقينية ) الى مرحلة ( الاحتمال ) ، لأننا هنا نستخدم نفس آليات المؤسسات السلفية التي تعتمد ( التعميم ) و ( اختزال الكل بالجزء ) ، وطرح الشيخ الهلالي في سدني حول مفهوم الاغتصاب ليس بعيدا ، وهو طرح يكشف بدءا عن قصور في الفهم وعن عدم إدراك حين يجعل الاغتصاب ردة فعل لنمط معين من الأزياء دون ان يتحدث عن اغتصاب الزوج لزوجته حين تكون الممارسة بلا رغبة ، ناهيك عن ان الزواج القسري هو عبارة عن اغتصاب مزمن .

جمعية المرأة العراقية والدور الشفاهي المزمن

عند التحدّث عن ( جمعية المرأة العراقية ) فالقضية تختلف تماما ، لأنّها لا تزال ( فكرة في الذهن ) لم تخرج بعد الى حيّز الواقع ، لعدم وجود بناية أو مكان محدّد لها ، أي أنّها لم تنزل بعد الى الشارع الأسترالي بشكل عام - بحكم تواجدها الفعلي في أستراليا - ولم تنزل الى الشارع العراقي بشكل خاص - بحكم أنّها تتحدّث بلسان المرأة العراقية تحديدا - وهذا الأمر يجعلها مقيمة في منطقة غموض المطالب .

أتحدّث بلسان الآخر الذي يسمع بإسم الجمعية ، ولا يرى لها حضورا إجتماعيا -إستبيان ميداني بين النساء العراقيات في سدني تحديدا يكفي لإثبات ذلك - لأنّني أعي أنّ الحضور الإجتماعي كفيل بإزالة إلتباسات القصد ، وهو خطوة باتجاهين في وقت واحد ، خطوة باتجاه الآخر الواقع عليه العنف ، وخطوة باتجاه وضوح الرؤية الاجتماعية عند من يحاولون إزالة أو رفع هذا العنف .

لا أريد هنا أن أقول أنّ ( جمعية المرأة العراقية ) لم تصبح بعد ( حاجة إجتماعية ) ، لأنّ جلوسنا الآن يكفي لدحض مثل هذا القول ، إلا أنّ ضبابا في رؤية الدور الإجتماعي للجمعية يعيق ولادتها في ( مكان ) ، على الرغم من مرور ثلاث سنوات على تشكلّها ذهنيا .

ينبغي إدراك محيط التحرّك الاجتماعي ، والعمل على اختزال مرحلة التشتت ، لأنّ الفاعلية لا يمكن ان تتجسّد مع غياب الوضوح ، وسيكون النشاط ، أي نشاط ، رمية عشواء قد تصيب ، لكنها في أكثر الأحايين تعود بسلال فارغة .


الخلاصة

إنّ الوضوح في الرؤية يقود الى إنتباهات واقعية ، ويكرّس في نفس الوقت لوعي جذري ، يبتعد عن القشريات ، ويصرّ على مبدأ الحرية الشخصية في بناء الانسان الجديد .

1 - ينبغي التركيز على ايجاد ( مكان ) ، والعمل على مبدأ ( خلق الأفرع ) .
2 - إستثمار آلية ( التطعيم الخبراتي ) عن طريق ( التشبيك ) مع منظمات وجمعيات عالمية لها نفس التوجه عبر شبكة الانترنيت ، من اجل ان لا يكون طرحننا مدببا فقط ، بل واضحا ايضا بواقعيته .
3 – النزول الى الشارع اليومي ، ورصد حالات التدخل في ما يخص الحرية الشخصية للمرأة والرجل معا ، لأن الحرية مفهوم إنساني ، فلا تجوز المطالبة بنصف الحرية ، لأنها ستقود الى خلق امرأة منعزلة ، لذا ينبغي ان تكون حرية الرجل من أولويات مطالب حرية المرأة .
4 – الانتباه للبعد الاعلامي في تفعيل الحضور الاجتماعي للمنظمة او الجمعية .

سدني
3 / 12 / 2006