مسيرة فتاة كردية



شيرين هيزار
2006 / 12 / 8

في الحسن والذكاء، لم يجرؤ بشر على علو كعبك، أنتِ أول من ذاق لذة المعرفة، لكن من الرجال ذوي الفطنة من رأى أن العلم أمر عسير على المرأة وهي ملعونة عبر التارخ لأنها قطفت من ثمار المعرفة، وكان عقابها صارماً، كما حكم عليها عدم التعلم والتعليم وإبعادها عن حقها.
المرأة التي طوية صفحات تاريخها، أصوات صرخاتها الدفينة في قلب النظام تتعالى، مقاوماتها بلا حدود أوصلتها إلى مرتبة عليا من العلم والمعرفة. في هذا العصر تعمل المستحيل في سبيل استراجاع كيانها ووجودها المسلوب في الحياة من جديد.... وتقوم المرأة بعبور بحر العبودية إلى رحاب الإنسانية، وكما هو معروف فثمن الحرية وتحقيق الذات غاليا إلى أبعد الحدود.
ومن تلك اللواتي يقاومن ويكافحن ضد كافة الذهنيات الذكورية الرجعية، إنها إلهام، هذه الفتاة المقاومة الباسلة التي ثابرت منذ نعومة أظافرها في سبيل تحقيق حلمها في الحرية ومعرفة الذات. إلهام، الفتاة الكردية، عاشت وترعرعت ضمن عائلة فقيرة تسكن في قرية صغيرة مغطاة بأشجار الزيتون والمليئة بالمناظر الطبيعية الخلابة، قرية بعيدة عن ركب الحضارة وهي تعتمد على المعتقدات الدينية والتمسك بالأعراف والتقاليد الموروثة في القرية، كما كانوا ينظرون إلى المرأة نظرة أنها غبية ولا تفهم من الحياة شيئا سوى تربية الأطفال وسجنها في المنزل وحرمانها من حق التصرف كما تشاء في الحياة، لكن إلهام أفرغت كل أعتقاداتهم حول المرأة وأثبتت بأن المرأة تستطيع العمل والتصرف كما تشاء دون رجل وبتمردها ضد كافة التقاليد والأعراف الموجودة في القرية قامت بصنع مصيرها بنفسها.
إلهام، الفتاة الحسناء الذكية المتعلمة في القرية، عاشت منذ طفولتها البريئة ضمن التناقضات والصراعات الموجودة في العائلة والقرية، كبرت وكثير من الاستفسارات والتساؤلات تدور في مخيلتها وفي أفكارها، منها لماذا يحق للرجل التصرف بحرية؟ لماذا لا يحق للمرأة التصرف بحرية كالرجل؟ وأسئلة كثيرة لا تعد، ولإلهام أخوات عدة وهن جميعا سجينات المنزل والذهنية الذكورية، لكن ذلك الصراع الموجود مع ألهام جعل منها فتاة عنيدة ومتمردة ضد تلك قيود العبودية التي كانوا يفرضونها عليها، لأن إلهام كانت تعرف أن خلف هذه القضبان هناك حياة أوسع وأعمق من هذا المنزل والقرية، وعرفت أنها سوف تستطيع في ذلك العالم الواسع أن تناضل وتكافح لتحقيق أمنياتها وحريتها كاامرأة.
بدأت إلهام بأولى خطواتها في التمرد في سن مبكر، عندما خرجت من القرية وهي بمفردها تمشي مرفوعة الرأس حتى ركوبها إحدى سيارات القرية، والعجيب هنا هو نظرة أهل القرية إليها بذهول والتعجب!... نعم من هنا رحلت إلهام إلى المدينة واثقة من نفسها ومليئة بالشجاعة والجسارة لمواجهة ثقافة وذهنية المدن ومع صراع جديد للبحث عن الذات بين ازدحام البشر في المدن العملاقة.
كانت لإلهام أغنية وهي: سأغني أغنيتي عن الحرية رغم عن أنف الجميع وسأحطم جميع قيود العبودية التي فرضت على المرأة.... وسأصرخ بأعلى صوتي ليسمع الجميع... بأنني إنسانة وكائن وجودي وما دمت أنا موجودة فلي قيمتي كوجودي..... وسأردد أغنيتي مهما أصر الطغاة على إسكاتي...
إلهام الجريئة في تواضعها، والصارمة في إنسانيتها، الطموحة في كسب هويتها كامرأة حرة، أصبحت اليوم رائدة واحدى القيادات السياسية المهمة في حركة PKK أنها تكافح من أجل الإنسانية جمعاء وبهذا سلكت إلهام درب الحرية.
يتبع