Alpha & Eve



محسن ظافرغريب
2007 / 1 / 8

أمس الأوّل أصبحت المرأة في الدولة العظمى التي تحتلّ العراق (الولايات المتحدة)، رئيس مجلس النوّب في الكونجرس الأميركي، عندما أدّت السيّدة الديمقراطيّة"نانسي بلوسي" اليمين القانونيّة كأوّل إمرأة في تاريخ الولايات المتحدة الأميركيّة تشغل هذا المنصب الحيوي لتشارك الرئيس الجمهوري بوش الإبن القرار السياسي في واشنطن وبغداد والعالم، بالتساوق مع وصول المرأة العراقيّة الأعرق حضارة نوعا الأكثر من نصف مجتمعها كمّا، الى نسبة تقاربها تحت قبّة البرلمان الذي عكسته أوّل إنتخابات وطنيّة عراقيّة بعد نصف قرن من الردّة المدنيّة التي ضلت في نفقها المظلم فتاة منتصف قرن مضى لا ترى من روح العصر أبعد من إنتقال"حوّاء" من الحجاب الى السفور، ومثلها " آدم" القرن الماضي الذي عقل عقله بعقال ولاترى عينا أمّ رأسه أبعد من أرنبة أنفه المزكوم برطوبة زمن الآيديولوجيا، بينما فتاة اليوم الأميركيّة تطوّر حوّاء Eve الى Alpha.
الفتاة الأميركية في النصف الثاني للعقد الأوّل للألفيّة الثالثة للميلاد، تستشعر الزمن، بصفتها إمرأة مُكرّسة لقيادة أميركا والعالم الجديدة .. ًأضحت أحلى رياضّا وأنشط إجتماعيّا وأنضج ذهنيّا وأروع أكاديميا من أمها التي تعنى بآدم في شعرها وسفورها الخ

من "حاضرة البصرة" الطيّبة الخربة الحلوب، إنتقلّ النخيل الأصيل والنفط وعبق العراق العريق الى ولاية صانعة القرار و ولاية الأمر، رئيس " مجلس النوّاب" الأميركي (كاليفورنيا) التي تحدّرت منها السيّدة بلوسي. ولأوّل مرة في تاريخ دولة قيادة تعدد الجنسيّات أميركا العام ما بعد القابل، قد تقود الرئاسة الأولى، للولايات المتحدة الأميركيّة السيناتورة الديمقراطية هيلاري رودمان- كلينتون، أسوة بالسيّدة أنجيلآ ميركل في غربي أقطار الإتحاد الأوربي(الجارة المانيا)، إن لم تكن وزير الخارجية الأميركيّة الآنسة كونداليزا رايس هي الفتاة- المرأة ALPHA GIRLS.
كتاب أستاذ علم النفس في جامعة هارفارد مديرعيادة خارجيّة لنحو ربع قرن"Dr. DAN KINDLON"( فتيات فارسات)، صاحب كتاب"تربية كين؛ حصانة الحياة العاطفيّة للفتى الأميركي" ويبحث في سبرغور نفسيّة الفتى المهزوز جرّاء تفوق الفتاة ثقة وكيفا وكمّا، مُحذرا من عواقب ذلك. وكأنّ الكتاب الثاني يُكمل رسالة الكتاب الأوّل في فهم الفتاة الأميركيّة التي تكرّس شخصيّتها القياديّة في مجتمعها والعالم إجتماعيّا، إقتصاديّا، وسياسيّا. يدور حول تطوّرالمرأة الأميركية خلال ربع قرن الردّة الحضريّة- المدنيّة في ذل- ظل الحملة البعثفاشيّة- السلفيّة لأخلاق قرية عوجة تكريت الإيمانيّة بقيادة المقبور صدّام في العراق، عندما كانت المرأة العصريّة تنافس الرجل وتتفوّق عليه زميلآ في الثانويّة والجامعة والعمل، بينما حواء تمعن النظر بشجرة آدم، ولا ترى الغابة ناهيك عن المدينة. والمرأة كما الكتاب يُعرف من عنوانه: «NEW AMERICAN GIRL».
«صواب» خطل!
ويبدأ بإستقراء التسلسل المنطقي«الصحيح» الشائع، ونقضه، ترى هل أنّ الفتاة الأميركية، سيّما في سن مراهقتها الخطرة، تشعر بأنها أقل ثقة بنفسها، وأقل من تربها، قرينها، نظيرها الفتى المُقارب لسنها تلك. بلحاظ أنّ بحوثه الأكاديميّة والسايكولوجيّة برهنت نقيض ذلك؛
- الفتاة فاقت الفتى أكاديميّا!.
- فاقته ثقة بالذات!.
- وبإضطراد بياني تصاعدي كلما توغلنا في قرننا الحالي، إجتماعيا، سياسيا، وحتى ماليا!.
وتكهّنَ بكفاية(التأثير الكمّي) للفتيات دون الحاجة لبحث أكاديمي يُدعم ذلك، طارحا أنموذجين؛
أولهما، مثال كريمتيه اللتين أهداهما كتابه هذا؛ «جوليا» و«ديانا».
ثانيهما: بيان الأماكن العامّة من شوارع وسوح رياضية وعمل، إذ الفتاة على كلّ صعيد؛ وزير، وشرطية ورياضية، تتسابق في الشارع، وتتنافس في الأولمبياد، وتصحب أبنائها(من الجنسين) الى ساحة ممارسة كرة القدم.
لأنها «تدرك، بما يفوق زميلها، ما تريده من الحياة، وكيفية الوصول إليه».
إنها «الفتاة الأميركية العصريّة»، التي قد يخامرها شعور«الرجل الأميركي الأسود المعاصر»: شعور الحاجة الى الحريّة والخروج على وصاية الرجل الأبيض! شعور
السيادة والإستقلال وعدم تقبل فجيعة القرون الخالية دون رغبة بردّ فعل سلبي مساو ٍ لها في المقدار ومعاكس لها في الإتجاه ( كقانون فيزاوي وفسلجي في آن) يحار بين ركام الإنتقام وحكمة محاكمة الماضي بمحكمة العصر!. ويخلص بتخريجة نسيان الفعل، مع عدم الإستجابة لنكرانه ولا لردّه إلآ بعدم تكراره.
وقد«أيقن، ببطىء آمن من الهزّات، بأن شتان بين الفتاة الأميركية العصريّة وفتاة القرون الخوالي. وعليه سمّيتها «Alpha » (أوّل حرف بالأبجديّة اليونانيّة الأثريّة، وترمز الى فارسة، أو مشروع واعد بفارسة في الأحلام) وتشتمل شمائل «Alpha » على الآتي؛
-: «لمّاحة، رشيقة، نشطة، ومرنة جسديّا».
-: «يحار من ثقتها العالية بالذات زملاؤها، تاركة بصمة صدمة في كلّ آن من أوان».
-: «لا ترى هُوّيتها فقط حوّاء إزاء(هوس آدم الذي يكلف بضلع أعوج في موضع القلب منه)».
-: «تستشعر إنسانيتها كنوع بشري، ومن ثمّت، كفتاة».
-: «لا تحفل كثيرا بإنطباع طوابع الذكر، ولا تخشى طغيان طباعه».
تحوّلات مجتمعية
علامَ أضحت «الفتاة الأميركية العصريّة» لاتشبه ولا تطابق نوعها السالف؟ وعلى مَ بُنيَ جيل اليوم؟، ودع ْ عنك التالد والطارف!.
يظنّ ُ المؤلف أنّ هذا هو أوّل جيل بيئة الحقوق المدنية الناجزة للنسوة (في تضاعيف عقود الستينات والسبعينات والثمانينات من القرن الماضي). جيل تحرر من ثالوث رزح تحت نيره؛
- عدم الثقة بالذات.
- نخب ثان والذكر نخب أوّل.
- سلبيّة لغة الجسد(بدينة، رشيقة، قصيرة، طويلة، أوطويلة الأنف، صغيرة الصدر، أو ناهد.. وما الى ذلك)
بيد أنه يظنُ، وبعضُ ظنه إثم، بأنّ «ليست كل فتاة هي«Alpha» وعيون Alpha !، على رأي الشاعر. ثمّة فتيات ضعيفات الثقة بالنفس، رجراجات، عصبيّات، محبطات، قاصرات الطرف وأيضا اللمّاحيّة إزاء التحرّس الجنسي، عندما يستحيل الى صهيل في بوق حلزوني داخلي أبلغ من الصمت ووجع الجرح». مصحوبا بعوارض ما عادت تزلزل كيان فتاة اليوم« أضحت عرضية. لن ترتد خاسئة كرجع الصدى».
التخريج إفادة المؤلف من مؤهله العلمي الجامعي، وممارسته كأستاذ وتخصصه الكلينكي في عيادته النفسية لنحو ربع قرن، من عمل تطبيقي صارم، وزيارته مدارس ثانوية في عشر ولايات أميركيّة، ومقابلته لما يربو على150 طالبة، وجمعه معلومات مباشرة منهن. فخلص الى أنّ الفتاة «Alpha» لم تكن حكما بيضاء إرستقراطيّة، لأنّ فتيات
من مثل حي هارلم الشعبي الأميركي المُهمّش، سوداوات عشقن الفرديّة والإستقلاليّة!.
ملا مح الفتاة«Alpha »!
- تحوز وتحافظ على درجات علميّة عالية.
- تنخرط في أنشطة كالرقص والموسيقى والرياضة، وناطقة بلغة أجنبيّة.
- تتطوّع في نشاط جمعوي في الحيّ و المدرسة.
- شخصيتها غيرُ متهافتة.
- محورها الأسرة، التي أنجبتها، وتتطلع لتوكيدها بذاتها.
أنا وأبنائي
تجلى في الإستفتاء الذي دعا إليه المؤلف، وضمّنه غضون مؤلفه، «صواب» خطل آخر، بمعنى أن الفتاة«Alpha » ليبرالية التوجه وأقل ردّة الى الأسرة كما هو ديدن الفتاة التقليديّة.
بالضدّ من ذلك، أفادت شريحة ضخمة من هؤلاء الفتيات إنّ الأسرة «هامة للغاية» في حيواتهن. وعليه قررالكتاب إنّ الفتاة الأميركية العصريّة تنتمي لمدرسة الفرد «أنا».
لكن، ولعلّ خلافا للذكر، وتر تشفعه مفردة «أسرة»، أي أنها تريد جمع المجد من كلّ أطرافه مستقلة، ليبرالية وعائلية، دون أيّ تناقض في ذلك. وجد المؤلف أنّ جُلّ كارتل الشركات الأميركية إنبرت بتوفير مواعيد عمل «مرنة» للنسوة المؤهلات، حملهنّ ووضعهنّ، وحتى يضطررن لترك العمل.
لكن، في آن معا، يمرّ العمر بالفتاة وتفاجأ بأن الخيارات ليست بتلك البساطة، وإنّ الجمع بين المال والزواج والأطفال ليس متاحا دائما في زماننا هذا.
لذا، وجد بأنّ الفتاة الاميركية أمست ربما تسوّف الزواج عمدا، لأنه تراجع من حيّز أهدافها في الحياة. ترغب، إبتداء، بالتعليم، فالمهنة، ومن بعدُ الزواج. ولذا، أمست الفتاة البنت ترى أنْ لا مانع لديها إنْ تزوجت بعد سن الثلاثين، لا لأنها لم تجد زوجا، ولكن لأنها عدلت برنامج حياتها فالزواج هدفها الثالث.
وجد إنّ ذاك تطوّر طارىء على مسار الفتاةالأميركية التي مرّ عليها حينٌ من الدهر كانت تختار فيه بين الأسرة والعِلم. فجاء حينٌ تختار فيه بين الأسرة والمِهنة. لكنها الآن تريد أن لا تحار في الإختيار بإرجاء الأسرة الى ما بعد حيازة الوظيفة.
وإتضحَ من إحصائية ضمن متن الكتاب إنّ 12% من الأطفال، دون سن العاشرة وُلدوا لأمّات تزيد أعمارهن عن ثلاثين ربيعا. لكن، ارتفعت النسبة، سنة2004م، الى 15% ومن المتوقع إرتفاع الخط البياني بعد نصف عقد من الزمن الى20%.
زوجة قائدة
جاء في الكتاب إنّ«الفتاة الأميركية العصريّة» في حال إرتباطها، وإقترانها بزوج لا تضحّي بإستقلالها، ولا تذعن لإرادة زوجها، ولا ترغب بأنّ تقلّ عنه قيد أنملة.
وذكرالكتاب نقلآ عن لسان «هيلين»، وهي واحدة من اللائي شملهن الإحصاء، قولها: «منهجي أن أكون نحب أوّل«Alpha » في الزواج، كما أنا الآن «Alpha » في المدرسة الثانوية». وإستدركت قائلة؛ «لا أرغب أنْ أمسي أسيرة زوجي. لدي منهج شامل للمستقبل، وأنا من النوع الذي لا يُداهن في تنفيذ برنامجه».
وأفادت«بيكي»: «أرغب في تعلم يفضي الى وظيفة راقية كي لا أعتمد على زوجي، ولكي لا أكره نفسي على الحياة معه إذا اختلفنا. أرغب في تأمين مستقبلي ومستقبل أبنائي الآن».
هذا يعني أنّ «الفتاة الأميركية العصريّة» تغير خارطة أميركا (ومن ثمّتْ خارطة عالمنا).
لكن، ثمّة إشكاليّة، ألا وهي أنّ العلاقة طرديّة بين زيادة ثقة الفتاة بنفسها وبين زيادة خشية الفتى منها وذلك مسك ختام الكتاب بإقرار فتيات فارسات. قالت «روكسان»: «تناهى الى سمعي أكثر من فتى يقول لي إنه يخشى منى لأني شديدة الثقة بنفسي. وذالك ما زاد ثقتي بنفسي».