رسالة مفتوحة الى الاتحاد النسائي الديموقراطي العالمي بمناسبة عقد مؤتمره الرابع عشر



سعاد خيري
2007 / 1 / 23

نهض الاتحاد النسائي الديموقراطية العالمي بمهمة تاريخية في استنهاض وتطوير حركات تحرير المرأة التي نشأت وتطورت مع نشوء وتطور حركات تحرير البشرية من جميع اشكال الاستغلال والاضطهاد والتمييز بين البشر. فقد تم تأسيسه من قبل الحركات النسوية الوطنية بعد الحرب العالمية الثانية ادراكا منها لضرورة توحيد قوى التحرر العالمية لمواجهة اعدائها الموحدين الذين حاولوا استعباد كل البشرية من خلال الفاشية الهتلرية. وكانت المنظمات النسوية ولاسيما الفرنسية التي ساهمت في حركات المقاومة ضد الفاشية وبالنصر الاكبر في تاريخ البشرية على اعدائها، وبعض المنظمات النسوية العربية ومنها السورية: هي المنظمات المؤسسة للاتحاد . ولم يلبث ان توسع وتطور الاتحاد واخذ يضم منظمات نسوية مكافحة من اجل تحرير المرأة وحماية الطفولة في جميع انحاء العالم ولعب دورا فعالا في رفع وعي المنظمات النسوية الوطنية والاقليمية ، في ربطها النضال من اجل تحرير المرأة بالنضال من اجل تحرير الوطن وبالتالي من اجل تحرير البشرية . وقد تم انضمام رابطة المرأة العراقية الى الاتحاد منذ تأسيسها عام 1952وحظت برعايته . كما تدرب العديد من كوادرها في مراكزه وكانت لدكتورة نزيهة الدليمي رئيسة الرابطة عضوا في الهيئة التنفيذية للاتحاد لعدة دورات ونهضت كوادر رابطية عديدة بادراة مجلتها وادراة منظماتها الاقليمية ومؤتمراتها مثل المناضلة هناء ادور واخريات. وكان له ولجميع المنظمات المنضوية فيه دور بارز في النضال ضد الحرب الكوريا التي اشعلتها الامبريالية الامريكية وضد الحرب الفيتنامية التي بدأتها الامبريالية الفرنسية ثم الامريكية وفي حركة السلم العالمي وفي الكفاح ضد الاسلحة النووية ومن اجل نزع السلاح. وكان في مقدمة اهدافه منذ تأسيسه حماية البشرية من الحروب وليس الدفاع عن حقوق المرأة لان المرأة هي ام البشرية التي تعاني من الحروب اضعاف ما يعانيه سائر البشر فهي الام وهي الاخت وهي الحبيبة قبل ان تكون كسائر الافراد تهدد الحرب حياتها وبلدها ومستقبلها فالحروب لا تبقي أي مجال للحرية والديموقراطية وحقوق للمرأة ولا تبقي سوى حرية القتل والهدم . هل تدرك نساء العالم حقيقة ما تعانيه المرأة العراقية في ظل الاحتلال والحرب لمدة اربع سنوات من قتل لفلذات كبدها بدون استثناء، حتى فاقت الاحصائيات المليون، وفي كل المراحل من الاجنة الى الطفولة الى الرجولة وفي كل المجالات في احشائها او في الشوارع والمدارس والكليات في المعامل وفي اسواق العمل.. ومهندسو الحرب والاحتلال يؤكدون ذلك رغما عنهم وعكس هدفهم لتستير جرائمهم. فقد منحوا المرأة العراقية اعلا اشكال حقوقها السياسية : حق المساهمة في صنع القرار من خلال تخصيص نسبة 25% من عضوية البرلمان . فهل ساهم ذلك في اخذ رأيها في قتل اولادها وتهديم بلادها بل وفي انقاذ حياتها؟. لقد قتل في يوم واحد وفي تفجير واحد من اواسط الشهر الاول من هذا العام ما يزيد عن 50 طالبة في جامعة المستنصرية في بغداد. وهل انقذ المرأة العراقية من الخطف والاغتصاب في الشوارع والبيوت في المداهمة ليلا ونهارا وفي سجون الاحتلال؟. هل حمى حريتها في الدراسة والعمل بل وحتى في الملبس ؟. وهل حررها من عشرات الجدران التي تحيط جسها وعقلها وكيانها بدءا من الملابس وجدران البيوت والسجون الى نظرات الحقد والنقمة ورصاص الغدر وسكاكين الارهابيين وتفجير المفخخات والعبوات ، فضلا عن قصف الطائرات للمدن والبيوت.
نعم ان المرأة العراقية إذ تحي اصراركم على المطالبة بسحب القوات الامريكية من العراق لانها المهندس والمدرب لكل الادوات المنفذة لكل ما يعانيه الشعب العراقي عموما ونسائه واطفاله خصوصا ، ولكن ليس لاضعاف بوش فقط، بل لدحر اعداء البشرية الذين تمثل الامبريالية الامريكية قطبها الاكبر . فبوش وحزبه الحزب الجمهوري يمثل مصالح اكبر الشركات الاحتكارية في العالم للنفط والسلاح التي حددت استراتيجيتها في الهيمنة على ثاني احتياطي للنفط في العالم، سواء بقيادة بوش او غيره. والحزب الديموقراطي الذي كان رئيس ادارته كلنتن يمثل مصالح الشركات الاحتكارية الكبرى في المجالات الاخرى بل والمساهمة في شركات النفط والسلاح لم يكن اقل اجراما من بوش في الهيمنة على العراق . فلا يمكن للعالم ولاسيما الشعب العراقي نسيان عاصفة الصحراء وقصفه العراق بمئات الاطنان من اليورانيوم المنضب التي تعطب البشر والبيئة ولا تعرف الحدود . فسحب القوات الامريكية من العراق فورا يهدف اولا تحرير العراق شعبا وارضا وكيان ، ومن خلال ذلك يمكن تحرير المراة العراقية وانقاذ الطفولة ، بل وتحقيق خطوة جبارة نحو تحرير البشرية من الحروب واللبرالية الجديدة والقديمة وجميع البني السياسي والايديولوجية لعلاقات الانتاج الراسمالية.
لقد كان الاتحاد النسائي الديموقراطي العالمي عبر تاريخه المجيد في طليعة المنظمات الديموقراطية العالمية ، مثل اتحاد النقابات الديموقراطي العالمي واتحاد الطلبة العالمي واتحاد الشبيبة العالمي ومنظمات البيئة وحقوق الانسان، في النضال من اجل حماية البشرية والبيئة وكل فئاتها من الحروب والتلوث والاستغلال والاضطهاد . وفي التضامن مع جميع الشعوب المضطهدة والتي تقع ضحية للحروب الامبريالية. ولذلك يتطلع الشعب العراقي عموما والمرأة العراقية خصوصا الى دور الاتحاد في تنظيم مختلف الفعاليات النضالية على الصعيد العالمي من اجل سحب القوات الامريكية من العراق فورا واعتبار تحرير العراق احد مراحل تحرير البشرية المهمة.
كما كان للاتحاد النسائي الديموقراطي العالمي دور فعال في صياغة وتطوير الكثير من القوانين والمواثيق الدولية ولاسيما في مجال الغاء التمييز ضد المرأة وفي مجال حقوق الطفل . فهل تدرك نساء العالم واعضاء الاتحاد عمق الكارثة التي تعانيها الطفولة في العراق على يد قوات الاحتلال وادواتها. هل يكفي مئات الالاف من القتلى ومئات الاف الموتى بسبب الاشعاعات النووية او الجوع وسوء التغذية ومن الاغتصاب والمتجارة بجسدهم واعضائهم وكم يعاني احيائهم من تشوهات وامراض فيزيولوجية وسايكولوجية نتيجة العيش في رعب دائم واصوات التفجيرات والقتل والهدم وسيول الدماء. الا يستحق اطفال العراق يوما نضاليا عالميا خاصا للنضال من اجل انقاذهم ، بل وانقاذ اطفال العالم الذين ينتظرهم نفس المصير اذا ما استطاع اعداء البشرية تركيع الشعب العراقي والهاء قواه الحية ومنظماته الطليعيةعن القضايا الاستراتيجية وفي محاورها المركزية. فالحرب على العراق واحتلاله هو مركز استراتيجية الامبريالية الامريكيةللهيمنة على العالم. لذلك ادعو كرابطية عراقية واكبت نشاط الرابطة منذ ميلادها ، ومن خلالها شعرت بانتمائي للاتحاد النسائي الديموقراطي العالمي وامنت باهدافه وواكبت نشاطه بل وساهمت في مؤتمره العالمي لعام المرأة ، واتمنى ان تكون قضية تحرير الشعب العراقي من الحرب والاحتلال في مركز استراتيجية وبرنامج المؤتمر الرابع عشر للاتحاد. .