قولٌ لا بد منه - تعقيب على الدكتورة وفاء سلطان



سميرة الوردي
2007 / 2 / 8

كثر الحديث في السياسة والدين و عن الحب وعن المرأة ، وحريتها ، مقدما الرجل مازال يرسف في الأغلال فما زال القمع يمارس ضده ، أي إنسان في مجتمعاتنا يستطيع قول الحق ضد سلطة أوقانون مجحف ولا يرمى بالسجن أو يعذب أو يصفى جسديا فامتهان الانسان وكرامته وحياته سنة عند جميع السلطات الحاكمة وما التفاوت بينهما الا نسبيا ، فهل سيصار الى تحرير المرأة والإثنان يرسفان في القيد ، فسلطة القمع ضدهما أزلية .
كثر الحديث ، وكثر الحديث عن الاستعمار والإمبريالية وشعاراتها .
كثر الحديث في كل شئ ، وعن كل شئ لا نمل ولا نكل ، ولكنها لا تمس جوهر الحقائق ، ولا تُوضع الحلول لعلاجها ، فوُصِل لما وُصِل اليه ، ما زالت الشعوب ، والعربية بالذات تنعم بالجهل والفقر والا ضطهاد السلطوي ، أين موقعها من العلوم الحديثة فالواقع العلمي قاصر عن مواكبة ما توصل اليه الغرب في هذه الميادين بل حتى بعض الدول الأقصى شرقية .
يصرخون ضد أمريكا وصرخوا طويلا ضد الإتحاد السوفييتي الى أن ساهموا في تفكيكه ، وضد كل دولة استطاعت أن تمزق ستار القرون الوسطى ويصبح لها وجود فعلي مؤثر في العالم كل العالم ، تُستوردالسيارات الغربية لتفخخ واستخدموا الحاسوب المصنع في تلك البلدان ليُنشروا عبره الدمار، أما رجال الدين فلا يجيدون سوى لف العمائم وحشر انوفهم في كل شاردة وواردة ، يتمنطقون ويحللون ويحرمون ، حتى ضاعت القيم الحقيقية التي تقودهاالقوانين الإنسانية . في القرن الماضي كانت فورة التحرر على اشدها كان الآباء أكثر انفتاحا على العالم وعلى الحياة ، النضال على أشده بين فئات الشعب المتنورة وبين السلطة الحاكمة من أجل فرض قوانين الحرية والديمقراطية واشاعة مجتمع مدني خالي من القسوة والفساد والمرض والجهل وبطرق سلمية بالرغم من قسوة السلطة في العهد الملكي ، الا أنه كان للمجتمع تأثير فيها ، ولم يصل البطش والقسوة الى ما وصل اليه في عهد النظام البعثي ، الذي حتما سيقبره التاريخ ، فقد مسخ هذا النظام وعلى امتداد ثلاثة قرون ونيف كل ما بناه آباؤنا من حرية في الفكر والمجتمع ، وكان المجتمع قد تحررمن الكثير من التقاليد والعادات فأصبح للمرأة الحق في اختيار حياتها الى حد ما ، بل سبقت في التحرر وخاصة في بغداد أ خواتها في البلدان الأُخر ،فقد حمى قانون الأحوال الشخصية كرامتها وحفظ الكثير من حقوقها ولكن انتزاع البعث السلطة وعودتهم بمساعد ة الأجانب والمرتزقة للسيطرة على الحكم وبقاءهم بالحديد والنار كل تلك السنوات العجاف لا بد أن يخلق أجيالا مشوهة وأن تضيع الكثير من القوانين .
نحن الآن في الألفية الثالثة من دخولنا في التاريخ وقد سبقتها ملايين السنين من غير تاريخ مدون ، و مازالت تقبع داخل الإرهابيين ومن يمولهم من الحكام والمتنفذين وأصحاب المال تلك النزعة المتوحشة التي تبيح لهم القتل والسلب أ فما زالت شريعة الغاب ومهما حاولوا الظهوربالمظهر الإنساني هي التي تسود ، والإشد خطورة هي التقهقر والرجوع الى الخلف وسيادة النعرات الأكثر طائفية ووحشية في مجتمع متمدن كالمجتمع العراقي . وفي هذا تشترك كل المجتمعات المحيطة به . بل المجتمع العراقي كان أبعد من غيره من المجتمعات العربية عن الطائفية .
نقرأ على الحوار المتمدن الكثير من الآراء لكثير من الكتاب قد نتفق معها في مواضع ونختلف معها ويبقى لحرية الرأي المكان الأول على أن لايسيء الى مشاعر الآخرين كما تفعل الدكتورة وفاء سلطان . فالأساءة الى دين أو نبي لن يساعد في تغيير معتقدات ملايين البشر كما تحاول الدكتورة في مقالاتها النارية نحن نحيا في مجتمعات استهلكها الفقر والقمع والمقابر الجماعية التي خلقتها الأنظمة الفاسدة عبر التاريخ وقد ساعدتها أمريكا التي تعشقها الدكتورة وتضربها بين الحين والآخر مثلا يُحتذى به في الحرية والحياة المثالية ناسية موقف الأميركان البيض من الهنود الحمر وصراع الزنوج المرير عبرنضال دموي مرير لكسب حقهم في الحياة ، الدكتورة وفاء تكتب متخلية عن الصراع بين القطبين الرئيسين في العالم والتي راح ضحيته الكثير من شعوب بلدان العالم الثالث .
افتُتحت الألفية الثالثة بقصف قرى أفغانستان تحت شعار الحفاض على التراث الأفغاني الذي قصفه المتوحشون طالبان وتحت شعار درأ خطر المخدرات والإرهاب القادم من هناك ولم يكن هذا الإرهاب سوى صنيعتهم والسعوددية لضرب الحكم المؤيد هناك للإتحاد السوفييتي آنذاك ، ولم تكتف أميركا ومن تحالف معها ، بل استمرت في نشر دمارها على العراق لتذيق العراقيين من المرار ما يفوق ما أذاقهم صدام ولعلم الدكتورة وفاء أن( ابن لادن وصدام ) وغيرهم من المسوخ هم صنيعة أمريكا ، لو كان للشعب الأمريكي ما تذكره من حرية في القرار لما قامت أمريكا بحروبها هذه ضد الشعوب بذرائع واهية . ليس هناك انسان سوي لا يعشق الحرية بكل مدياتها ولكن المهاترات الدينية لا تُوصل لشئ ، الحل لايكون بمحاربة معتقدات تنشأ مع الإنسان ، الخوض في هذه المجالات تُبعد عن الموضوع ، ما ُيرايد قوله : لا كره لأميركا بل مقت للسلطة العربية التي تكتنز الثروات بيد حفنتها المأجورة وتشجع الناس على الطائفية والتحزبات الضيقة وتلغي الآخر تبعا لمصالحها ومقت لسلطات لا تصل للحكم عبر صناديق اقتراع في أجواء طبيعية وعبر تقاليد انتخابية حرة ..
عندما احتلت أمريكا العراق ، وقضت على صنيعتها صدام تحت ذريعة تخليص الشعب العراقي كان يفترض بها وهي الدولة الحنون اقامة جسر جوي من المساعدات الغذائية والدوائية والكهربائية والتي حرم الشعب العراقي منها تحت ذريعة الحصار الإقتصادي ضد نظام الطاغية والذي دفع الشعب ثمنه من صحته وتعليمه . ومنع كل مظاهر الحرق والتخريب المتعمد في الأيام الأولى للإحتلال والتي حدثت تحت سمعها وبصرها ، الوضع في العراق لا يدركه ويحس بمأساويته الا أهل العراق ومن عاش تلك السنوات المريرة تحت ظلال البعث والآن في ظل الإحتلال ، فيا عزيزتي وفاء لا تغالين بالحرية التي تنعمين فيها فحريتك هي المعادل الموضوعي لما تفعله أمريكا في أفغانستان والعراق وما تريه من مظاهر دينية متخلفة هي نتاج حتمي لقصف قرى ومدن بكاملها تحت ذريعة اختباء ابن لادن وصدام فيها . قضوا على صدام لانه أشد خطورة عليهم ولخوفهم من كشفه لأسرارلا يريدون كشفها، أما صنيعتهم ابن لادن فقد عجزت قوى التحالف الأمريكي من القضاء عليه عبر سبع سنوات رغم اسلوب الإبادة الجماعية التي تعتمدها قوات الإحتلال ، فهل عجزت وسائلهم عن الوصول اليه حقا أم أن وجوده ذريعة لمواصلة وجودهم وهيمنتهم المباشر في الشرق ! .
ماذا يهم المرأة العراقية ، الأُم والأخت والحبيبة التي سحقها صدام صنيعة الغرب ، ماذا يهمها إذا تزوج النبي (ص) عائشة أو ظهرت أوبرا في نادي العراة أو تزلجتي على الجليد . الله أو الطبيعة أو ابراهيم لنكولن يحفظ ويحرس لك نجلاءك وأخوتها ، الا تتذكربن ماري انطوانيت التي أوصلتها الكيكة الى المقصلة ، فشعوبنا لم تذق سوى الخبز المر المملوء بدموع الثكالى والأيتام . ألم تقرأي برتوكولوت صهيون والذي كُتب قبل مئة عام ومازال يسحب من الأسواق كلما طُبع لما فيه من معلومات قيمة تبين خطى الصهاينة الإمبريالين بخلق القطب الواحد والملك الواحد الذي يدير العالم ليصبح دولة واحدة (ذات رسالة خالدة ) يديرها الملك الواحد الذي لايقهر وهاهي أميركا تنفرد بالغنيمة بعد أن نحت عدوها اللدود الإتـحاد السوفييتي .
في الستينات والسبعينات وقبلهما كانت النساء أكثر انفتاحا وحرية فقد كان للأصوات الحرة تأثيرها في سن قانون الأحوال الشخصة والذي حفظ جزءا كبيرا من حقوق المرأة ولكن اليوم وفي ظل الديمقراطية المتخبطة يحاول الواضعون للدستور العراقي النكوص بهذ المنجز والعودة به الى الوراء استنادا على الشريعة الإسلامية . فلكي ينمو المجتمع نموا سليما لابد من الحفاظ على المنجزات الاكثر تقدمية فيه وسن قوانين تتواءم وروح العصر ولا بد من البدء منذ المراحل الدراسية الأولى بتطبيق الديمقراطية الحقة في حرية التفكير والإختيار واحترام الرأي الآخر ، ولا بد للبدأ بهذا المنهج أن يُرفع الضيم فعلا عن المجتمعات وخاصة المجتمع العراقي بتوفيرالأمان وبتوفير وسائل العيش الضرورية والتي حرم منها المجتمع منذ زمن طويل .
حرية المرأة تكمن بحرية المجتمع ، ولا يتحررالمجتمع الا بسيادة للقانون سيادة فعلية ولا يُتلاعب به ويغير الا تحت اشراف سلطة تشريعية نزيهة ، فمهما صرخنا فسرعان مانتعب وتذهب صرخاتنا مع الرياح ، إن لم يسُد مجتمع مدني خال من كل وسائل التعصب والتحزب والسلاح .
لا مجتمع حر ولا امرأة حرة ولا رجل حر ولا طفل سعيد ما لم يفصل الدين عن الدولة ويفك التزاوج بينهما .