عن المرأة العربية , وأوصيكم بالنساء خيراً



هشام السامعي
2007 / 2 / 6

يقال إن ماترسخ في ذهنية الشعوب لايعدو عن كونه " أساطير وعادات " كونتها ثقافة تراكُمية طوال فترة زمنية لهذا المجتمعات وبذلك تصل إلى نقطة مُعينة يضاف إليها نوع من القداسة فتصبح هي الثقافة السائدة في المجتمعات , هكذا تتكون ثقافة الشعوب والمجتمعات أمام ظهور كل المتغيرات التي تظهر في المجتمعات الأخرى .
لايبدو الحديث سهلاً عن المرأة العربية التي تتعرض للإلغاء والتهميش كنتاج لثقافة المجتمعات العربية التي تنظر للمرأة من منظار " النقص " وأنها خُلقت من ضلع أعوج , ( بينما الرجل خلق من ضلع مستقيم ) إن ثقافة المجتمعات التي لاتعترف بالآخر وتعطيه فرصة ليثبت وجوده سيكون من الصعب عليها أن تتطور أو يحدث فيها نهضة , تقول معظم التقارير أن المرأة تساوي نصف سكان المجتمع وهذا يعني أن نسبة لاتقل عن 40% من المجتمع يقع ضمن خط الملغي تماماً من الإنتاج بعيداً عن البطالة ونقص الوظائف وما إلى ذلك من مشكلات الإنتاج في الوطن العربي هذا إذا أعتبرنا أن 10% من النساء هن الطبقة المُنتجة والتي تشارك بدور لابأس به في بناء المجتمع .
يذكر التاريخ الفرنسي أنه في العام 1793م أُصدر مرسوماً بعد الثورة الفرنسية تعتبر فيه أن المرأة تتساوى مع فاقدي الأهلية – المجانين – والأطفال والمجرمين الذين ليس لهم حقوق تجاه الحكومة (1), كان ذلك المرسوم نتاج لثقافة مرحلية لم يشفع لها مرسوم الدولة التي صدرت منه أمام الدعاوى التي كانت تطالب بضرورة إدماج المرأة في المجتمع ومساوتها بالرجل وهو مانراه الآن واقعاً يعاش في فرنسا .
في مجتمع ذكوري يصعب على الأنثى أن تقرر مستقبلها أو تختار طموحها , لأنها ستقع ضمن إطار المحظور والجائز والعيب والعار ولعنة القبيلة إذا مافكرت أن تتمرد على تلك الأعراف السائدة , كل ذلك يتم أمام حرية مطلقة يمنحها عُرف القبيلة للرجل بحيث يكون هو المُتسيد في كل شيء وفق ذهنية وسلطة الأبوة , الأنثى ليس من حقها أن تختار شريك عمرها , ليس من حقها أن تكمل تعليمها , ليس من حقها أن تكشف وجهها , وليس من حقها أيضاً أن تُغطيه , ليس من حقها أن تشارك الرجل في العمل , وليس من حقها وليس من حقها وتتسع الدائرة لتضم فيها كل مبررات السلطة الذكورية مع الأخذ بذهنية أن المرأة ناقصة عقل ودين .
مايحدث في مجتمعاتنا العربية ومجتمعنا اليمني على وجه التحديد هو تعدي سافر على حقوق المرأة في تقرير مصيرها وإهدار لقيمة إنتاجية تمثلها المرأة على أعتبار أنها نصف المجتمع , إننا هنا أمام ضرورة أو إمكانية تغيير ثقافة مجتمع ترسخت منذ مئات السنين لن يشفع لها جملة من المطالبات التي ينادي بها الكتاب والمُفكرين في ظل وعي جمعي يرفض أن يعطي المرأة حقها في المشاركة في بناء المجتمع , ولذلك لا أعتبر الدور الذي يمكن أن يعطي المرأة حقها هو دور خاص بالمنظمات الحقوقية والكتابات والتنظير لواقع المرأة إذا ما تبادر إلى ذهننا أن مسئولية الدولة والقانون هي العنصر الأهم في هذه الإشكالية .
إن المرأة كقيمة إنتاجية وشريك أساسي في الحياة لايقتصر على دورها في البيت وإنما يأخذ مناحي لاتقل أهمية عن دورها في البيت وهناك شواهد كثيرة تاريخية ومعاصرة للمرأة التي تستطيع التوفيق بين عملها في المنزل وخارجه , ومع هذا لايجد الرجل أدنى حرج من التحجج بضرورة بقاء المرأة في بيتها , ذلك أن جملة من الفتاوى قد أستطاعت أن تحجر على المرأة في إطار البيت مستفيدة بذلك من التأويل للنص الديني الذي فُصل ليناسب المجتمع الذكوري , فالمرأة حسب التفسير السائد عورة , صوتها عورة , ووجهها عورة , وليس هناك مكان لِسَترها غير بيتها , وهنا لاتجد المرأة أي محاولة للرفض لأنها ستقع في حال الرفض ضمن سياط التهميش والنبذ الذي يقوم به المجتمع .
إن قضية تحرير المرأة من كل هذه القيود يفترض على الدولة أن تسن قوانين تمنح المرأة الحق في تقرير مصيرها وإدماجها مع الرجل في نواحي العمل المختلفة في المجتمع , كما يندرج ضمن ذلك إشتراطات كثيرة لعل أهمها أن على المرأة أن تسعى هي ذاتها للمطالبة بحقوقها وأنتزاعها بما يكفل لها الإندماج الكلي مع الرجل في شتى مناحي الحياة , ومع هذا أشعر بالأسف من ذلك , ففي الوقت الذي تناقس فيه دول أوروبا والعالم الغربي إشكاليات عدم تكافؤا نسبة المشاركة للمرأة مقارنة بالرجل الذي يسبقها بنقاط ضئيلة جداً لازلنا في مجتمعاتنا العربية نناقش إمكانية أن تشارك المرأة في الإنتخابات أو الترشيح للإنتخابات , مستغلين مطالبها تلك في المانشتات العريضة للصحف أو برامج الأحزاب والدولة , وعلى هذا النحو تسير قضايا المرأة في مجتمعاتنا .