|
|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |

أشرف توفيق
!--a>
2025 / 11 / 3
(الحب يفسد الجنس.الجنس يفسد الحب.الطريق الذي نعتقد أنه سليماَ في العلاقات الإنسانية ليس سليما ًفلا يوجد حب بلا جنس؟! ولكن السماء مع الحب ضد الجنس والشيطان مع الجنس ضد الحب هكذا تقول كل الأديان،والأساطير،والفلسفات)
وهناك حكاية مدينة (سودوم) ومدينة عمورية حيث خسف الله بالمدينتين كما جاء فى التوراة بسبب انحلال أهلها من قوم لوط. وقصة التفاحة وحواء وآدم،ورواية يوسف الصديق وزليخة. كيف كلها تقول ذلك نفس المعنى ولا تجد في الأديان قصة لزواج سعيد لا في التوراة ولا الإنجيل ولا القرآن!! لا قصة كاملة بالتفصيل إلا قصة النبي إبراهيم وزوجته سارة و عبدتها هاجر فماذا فعل بهما ،وكيف كانت وهل هى سعيدة حقا!!
هكذا تحدث معى الصديق الكاتب"محمود قاسم" وأنا فى بيته بمدينة نصر من سنوات اهديه أول رواية لى رواية "مملكة الجنة"..وأفهنى أن ماقاله هو فلسفة أو جزء من فلسفة الشاعر جبران خليل جبران أشهر وأغرب شعراء المهجر من اللبنانيين أو الشوام.والذى قال في الحب : والحب إن قادت الأجسام موكبه # وإلى فراش من اللذات ينتحر فقد عاش جبران ثمانية وأربعين سنة من ( 1883 – 1931 ) وكان متأثرا ًبالتوراة والروحانية المسيحية وإيمانه بالروحانيات بل التناسخ في الأرواح .ويظهر ذلك من عناوين كتبه : يسوع ابن الإنسان - النبي – حديقة النبي- آلهة الأرض .
وسألته : هل تكتب الأن عن جبران
قال : لا.. بل أكتب عن مى زيادة. فهى حب جبران ، وجبران حب مى تتصور انهما لم يريا بعض ؟! وكل مابينهما 41 رسالة وعند البعض 52
قلت: ولماذا لم يتزوجا؟
قال: ياعم مأحنا تزوجنا عملنا ايه بالزواج ،هما عملا خلود.فحينما يأتي الحديث عن الزواج، لا يكون هناك كلام عن الحب (لا هيت، ولا هيت ولا هئت) وإنما عن النسل.وتكون المشكلة هي هذا النسل – كانت مشكلة عند سارة فى التوراة،وعند زكريا فى القرآن ولا يزال دعاء العاقرات هو دعاء زكريا : " ربي لا تذرني فردا ً"..والمسيحية لا ترفض الزواج ولكنها لا تعتبره الطريقة المثلى في الحياة عين في الجنة على تسامي الروح وعين فى النار خوف اشتعال الجنس في الجسد .
ولكن محمود قاسم أكتشف مقالة صادمة للناقد أنور المعداوى نشرت من 65 سنة صرفته عن الكتابة عن مى زيادة .سماها المعداوى «مشكلة العلاقة بين مى وجبران» حكم فيها أنور المعداوى حكمًا باترًا قاطعًا باتًا حاسمًا جارحًا فظًا عليها بأنها امرأة ذات طبيعة مغلفة بالانحراف،ملفعة بالشذوذ ،وكان الوحيد الذى طعنها فى أنوثتها متهما إياها بتهمة لم يسبقه إليها أحد: " الشذوذ الجنسى" !! ودلل على ذلك أن ( المرأة الطبيعية هى التى يستيقظ فى أعماقها الشعور بالرجل،سواء أكانت هذه اليقظة فى صورة حب مضطرم أم كانت فى صورة عاطفة جياشة أو حس مشبوب، أما المرأة الشاذة فهى تلك التى تنام فى أعماقها مثل هذه اليقظة التى تلهب دون أن تحس بين جنبيها بالنار والتى تثير ولا تثار.. ف "مى" فى حقيقتها التى لا تتذوق طعم الحب، لأنها فقدت شهية الأنوثة ) ويدعى أنور المعداوى أنه توصل إلى هذه الحقيقة الباترة وذلك اليقين الساطع من تتبع حياتها النفسية وهى بين الرجال فى صالونها الأدبى " أيام الثلاثاء" وهى تتمتع بحبهم لها ورغبتهم فيها فلا تثور ولاتتفاعل ولاترد ولا تثور؟! وذكر بعضهم مثل (ولى الدين يكن،ومصطفى صادق الرافعى ،وجبران خليل جبران الذى لم تره ولم يرها إطلاقًا، وعباس محمود العقاد!
وفى اختيارات«المعداوى» يلجأ إلى ضرب الأمثلة بنماذج يتصور أنه يتمكن من خلالها إثبات وجهة نظره، فمن خلال أسلوب متعسف فى الاستقراء يقول «المعداوى»:«لقد شغف بها بعضهم ذلك الشغف الذى يذهب بالكرامة ويعصف بالوقار» مستشهدًا برسالة الشاعر «ولى الدين يكن» الذى يكتب إليها: «عندى قبلة هى أجمل زهرة فى ربيع الأمل أضعها تحت قدميك..إن تقبليها تزيدى كرمًا وإن ترديها فقصارى ما أفعله هو الامتثال.إنى فى انتظار بشائر رضاك وطاعة لك وإخلاص» وهكذا نشر محمود قاسم وثيقة المعداوى المختلف عليها منذ 70 سنة بجورنال اليوم السابع–وترك كتابه عن مى-أنه يحرى وراء المعداوى،يعيد البحث والتقصى،وقد دخله الشك فى مى والمعداوى.. وسألته : هل ستكتب عن مى زيادة؟ قال : لا.. أنا مهتم بالمعداوى..يكتب عن مى زيادة ويتهمها بالشذوذ وهو مفضوح مع شاعرة الجبل" فدوى طوقان"
قلت :كيف؟ قال: له 60 رسالة مع الشاعرة الفلسطينية،وبنفس طريقة كبار الزمان مع مى زيادة ،الخلط بين الحب والأدب .
وأخذ الشك محمود قاسم فى كل شيىء فى حياتنا الثقافية بمصر،وانتهى بكتابة رواية عنوانها" الركض فوق الماء" يقول فيها كله بيسرق من كله (الكاتب والصحفى والسناريست) فلا عزاء (لعاطف الاشمونى) مؤلف الجنة البائسة فى مسرحية "أصل وصورة" ؟!
وبعد مدة وجدت طريقا لمى زيادة..نشرت الصحفية نوال مصطفى كتابها "مى اسطورة الحب والنبوع" واهدتنى نسخة منه،بمناسبة استضافتى فى برنامج: " هى " وكانت المعدة له،حيث استضافتنى للكلام عن كتابى : (العالم السرى للنساء- جرائم المرأة) وهو كتاب طبع 4 طبعات
قالت: انت تكتب عن جرائم المرأة..أما أنا فاكتب عن عبقرية المرأة.
قلت: اعتقد أن مى اصابها مرض صالونها، فللصالونات الأدبية امراض هي لعنة المرأة الحرة الصريحة التي لا يمكن أن يفهمها أحد، لقد كانت في حوار مع الجميع..فهي امرأة للكل وليست امرأة لأحد.؟! فمي زيادة فتاة شديدة الحساسية ومضطربة ومتناقضة وتعشق التعبيرات الجميلة فتصيب وتخيب.وكررت بعض تهم المعداوى بشكل دبلوماسى. وقالت:أنها إرهاصة أنثوية (*)تلك الأديبة الكبيرة التي تركت بصماتها على الحياة الفكرية في مصر وتأثر بها أدباء عصرها وكان صالونها الأدبي أشهر صالون وكان يحج إليه العديد من كبار الكتاب وقتها ( فلا تنظر لها نظرتك البوليسية التى كتبت بها كتابك.لاتكن كالمعداوى - أختشى)؟!
وعرفت أنها قررت أن ترد على المعداوى،وترد لمى زيادة كرامتها،ستقف محامية تستأنف ضد المعداوى،وتهد وكر ذئب الرجل الشرقى الفكرى؟ وكتبت وهى المعجبة بالاسطورة مى زيادة التى تجيد 9 لغات:؟!
والذي يدرس حياة هذه الأديبة الكبيرة يعرف أثر طفولتها على حياتها فقد ولدت في الناصرة بفلسطين وأدخلها والدها مدرسة الراهبات في لبنان وهناك كانت تشعر بأنها وحيدة غريبة وسط جدران صماء بكماء وكانت قراءة الآدب العالمية تحملها إلى أعماق أعماقها، وزادت من هذه الوحدة وفاة شقيقها الوحيد، فشعرت بحزن عميق في نفسها، عبرت عنه بقولها عندما امتدت بها الأيام في إحدى ترجماتها لأحد كتب (ماكس مولر) كتبت " إلى العينين التي أطبقهما الموت قبل أن ألثمهما.إلى الابتسامة التي لا أعرف منها إلا خيالا ً.. إلى الاسم العذب الذي لا تهمس به شفتاي دون أن تملأ عيني الدموع إلى الطفل الذي رحل إلى خالقه ، ويتم في عاطفة الحب الأخوي فحرمني من حذو الأخ وقبلته وابتسامته ودمعته إلى أخي الوحيد الذي تقاسمه الأثير والثري " هذه النفس التي تألبت عليها وحشة الوحدة، والأم فراق الأخ الوحيد،أضافت الأيام إلى هذين البعدين بعدا ًثالثا ًوهو الغربة التي شعرت بها عندما جاءت مع والدها إلى مصر ! ولذا لم يكن عجيبا ًأن يكون (جبران خليل جبران ) هو حب مي زيادة رغم كل من أحاطوا بها وأحبوها أو حاولوا ذلك كان بينه وبينها حبا ًغريبا ًعمره كله( ) إحدى وأربعين رسالة بينهما ولأن كل منهما كان يعرف ويدرك ماهية الآخر تماما ًويظهر ذلك في القضية الفكرية والاجتماعية والأدبية التي كانت بينهما وقد لعبت مي في حياة جبران عن طريق الرسائل بعده أشياء جعلته يسترد جنسيته اللبنانية ويسعى لذلك بدأب بعد أن كان هاجر إلى بوسطن سنة 1894 وحصل على الجنسية الإنجليزية فقد كانت تحلم بأن تتزوج حبيبا ًلبنانيا ً!! وجعلته ينقلب على حبه للروح إلى إيمانه بالحب المتكامل للحبيبة الروح والجسد ولكنه كان عذريا ًحتى في المراحل التالية في شعره،كما ساعدته أن يخرج من شرنقة الشرق وبخاصة تأثره بالتوراة إلى الأفكار الغربية واستقر عند نيتشه أرسل إليها مثلا ًخطابا ًطويلا ًيبثها أشواقه وأحلامه وآماله ويقول فيه :
- " أنا ضباب يا ( مي أنا ضباب يغمر الأشياء ولكنه لا يتحد واياها أنا ضباب لم ينعقد قطرا ً.. أنا ضباب وفي الضباب وحدتي ، وفيه هو انفرادي ووحشتي , وفيه جوعي وعطشي ، ومصيبتي هل الضباب وهو حقيقتي يشتاق إلى لقاء ضباب آخر في الفضاء ، ويشوق إلى استماع قائل يقول :" لست وحدك ، نحن اثنان أنا أعرف من أنت ؟ "
- أخبريني يا ( مي ) : أفي ربوعكم من يقدر ويريد أن يقول لي : أنا ضباب آخر أيها الضباب، فتعال نخيم على الجبال ، وفي الأودية ، تعال نسير بين الأشجار وفوقها تعال نغمر الصخور المتعالية ، تعال ندخل معا ًإلى قلوب المخلوقات وخلاياها ، تعال نطوف في تلك الأماكن المنيعة غير المعروفة ...
- قولي يا مي : أيوجد في ربوعكم من يريد ويقدر أن يقول لي ولو كلمة واحدة من هذه الكلمات!! ..
وتقرأ ( مي ) هذا الخطاب ، وتهتز أعماقها ( جبران ) الإنسان الذي سوف يحملها على جواد ابيض نحو تحقيق احلامها .وكتبت إليه : عزيزي جبران :أريد أن تساعدني وتحميني وتبعد عني الأذى ليس بالروح فقط ، بل بالجسد أيضا ً،أنت الغريب الذي كنت لي بداهة وعلى الرغم منك أبا ً،وأخا ورفيقا ًوصديقا ًوكنت لك أنا الغريبة بداهة وعلى الرغم مني أما ًوأختا ًورفيقة وصديقة .
وتهيم "نوال مصطفى" بهذا الحب الافلاطونى الأدبى الرفيع بين مى وجبران، فلا أحد رأى أحد ولا سمع أحد أنه حب ورقى سامى ، وبالتالى تعجبت لعبارة ( الجسد ) في هذه الرسالة هزتها، فهل ايقظتها من حلمِ جميل؟ تنبهت أن فى صالون مى 30 فحل فى الأدب والسياسة والشعر والثقافة. وأن "مى" كانت تريد أن تحيا وتتذوق فنون الأدب الرفيع وطلب منها الزواج كثير من فطاحل الأدب (ولي الدين يكن، وشلبي شميل) وعرض عليها الغرام الحر بعضهم..ودخلت في علاقة ممتدة مع العقاد ولكنها كانت فيلسوفة الصداقة بينهم جميعا ً.
وتعلن نوال مصطفى أنها لم تفهم معنى الجسد فى رسالة مى أما قلب "مى" فقد هام بعيدا عند الشاعر الذي تتبادل معه الرسائل ..فكيف فعلتها وكتبتها وفي رسالة إلى شاعرها جبران"ذكرته بالجسد"؟! وتفسر نوال مصطفى ذلك بأنه الحب؟! بل الحب العذرى ؟!بل الرومانسية أو الأفلاطونية..أنها أسطورة مي زيادة !!بل إنه من المعروف أنها فسخت الخطوبة من شاب ثري، لأنها قالت عبارة :أختار شريك حياتي كما يهوى القلب،والعقل لا كما تهوى المصلحة !! وتنتبه نوال مصطفى فجأة فتقول :ولكن العقاد كتب عنها في روايته أو قصته ( سارة ) أنها "هند" وأدعى أنها كانت تهتم أكثر به وتحرص عليه أكثر ولكنه كان يكرر كانت ( سارة الجسد وكانت هند "مى" الروح )؟!
إن المرحوم (حسن أحمد حسن) المدرس بكلية الفنون الجميلة رسم مي زيادة فجعلها تنام على الأقلام.على أسنه الأقلام كفقراء الهنود حينما ينامون على المسامير آى جعل الجميع مشترك فى تعذيبها ولكن الأدباء يتحدثون أماالفضلاء فيصمدون.فلقد وجدنا جملة رسائل بين مي والأدباء فى عصرها: (عباس العقاد،أحمد لطفي السيد،أنطوان بك الجميل، الشيخ مصطفي عبد الرازق،جبران خليل جبران،ولى الدين يكن،أمين الريحانى،) وفى عام 1971 نشر عامر العقاد بعض رسائل مي والعقاد وقال فى فصل عنها لو جمعت الرسائل التى كتبتها مى أو كتبت لها لكانت بضع مجلدات!! فالعقاد له مقال جميل عنوانه (رجال حول مي) يصف فيه أثر مي زيادة وصالونها على زوارها هذا المقال يبرز من خلال دقة الملاحظة ما كان عليه هؤلاء المترددون على صالون الأدبية (مي) :فلكل منهم أسلوبه فى تعبيره"لطفي السيد وأسلوب الجنتلمان الفيلسوف. وعبد العزيز فهمي وأسلوب الصمت الخجول، كأنه الصبى فى مجلس الفتيات القريبات.وشلبي شميل وأسلوب المصارع فى حلبة الفكر والشعور.وسليم سركيس وأسلوب الدعاية للبيوتات فى صالون مى أشهر صالونات البيوت.ومصطفي صادق الرافعي وأسلوب المفاجأة بالكتابة الذى يغني الاطلاع عليها عن السماع. واسماعيل صبري عبد الله وأسلوب الشاعر الذى يعلم أن حق الغزل الصريح أولى بالرعاية من حق الكتابة والتلميح،وهو الذى كان يكتب الأبيات قبل يوم الزيارة مستئذناً فى الحضور.
( إن لم أمتع بمي ناظري غداً. لا كان صبحك يا يوم الثلاثاء.)
ولأنيس منصور فى كتابه (فى صالون العقاد كان لنا أيام) هذه العبارة القاسية: هل كانت مي زيادة غانية تتحدث فى الأدب- أو أديبة تعرف الفجور- إنها لا هذا ولا ذاك.. وإنما أوقعتها الأقدار فى أوكار الذئب الفكري للرجل الشرقي. لقد حاول أن يجرب معها الجميع!!
ولكن الغريب أن هذه العقلية المختلفة المتمردة أصابها الجنون وكانت ترى في أخريات حياتها تهذي ولطاهر الطناحي كتاب " أطياف من حياة مي" عن أخريات أيامها وضياعها جسدا ًوعقلا ً.فهل فعل ذلك فيها صالونها.. هل هي لعنة المرأة الحرة الصريحة التي لا يمكن أن يفهمها أحد،لقد كانت في حوار مع الجميع..فهي امرأة للكل وليست امرأة لأحد.ولاحتى لنفسها أنها تخرج مع العقاد وتراسله وتراه ولكنها لا تحبه وتحب جبران وتعيش معه على الورق الأبيض ولكنها لا تراه ولا تلمسه ولا تسافر إليه ؟! وترتجف نوال مصطفى من المكتوب فى المراحع عن مى وتنقضه،وتنقده فهل غازلها طه حسين والح وردته؟ والعقاد لماذا كتب عنها قصائد؟ ومصطفى صادق الرافعي سود لها كتب" السحاب الأحمر" و" طرق الورد " و" رسائل الأحزان " وكلها" رسائل" بكل الوان الطيف وكل درجات الحرارة.. وقبلتها ولم تعترض؟
ولم يفعل ذلك جبران لم يكتب قصيدة اسمها ( مي زيادة )مع أنه كتب عن ابن سينا و الغزالي؟! فمي زيادة ولدت سنة 1876 وماتت سنة 1941 أي عن عمر يبلغ 65 سنة أي أنها عاشت بعد موت جبران عشرة سنوات ثم أنها علمت بتعلقه بأكثر من شاعره وأديبة في المهجر قبل موته بخمسة سنوات أخرى .فهل بقى حبها؟ هل جبران هو الذي جننها ؟أم صالونها الأدبي ؟!ويتضح أن 25 من فطاحل صالونها هجروها وهجروا صالونها بعد خروجها من مستشفى المجانين بالشام "العصفورية" :العقاد ،وطه حسين منهم .؟!
ويقول انيس منصورفي كتابه الموسوعي في ( صالون العقاد كان لنا أيام ) يفلسف الأمر ويرى أن مي ليست أديبة كبيرة، ولا هي مفكرة وإنما كان "صالونها ضوء في سماء مصر وكانت شخصيتها أشبه بملكات النحل حام حولها الفراش الفكري وجرى إليها دبابير الأدب والفن ولكنها لم تكن قوية كملكات النحل لتختار أقوى الذكور ولكنها اختارت أبعدهم عنها ولم تكن ضوءاً لإحراق الفراش فأخمد الفراش الضوء"
ولكن مى أحبت شاعرا ًغريبا ًمثلها،مريضا ًمثلها،هو جبران خليل جبران كانت تسأله أن يعد لها دقات قلبه – وعدد سجائره ..أما أدباء مصر ومفكروها فكانت تتحدث إليهم وتجاملهم،وتسلط عليهم غريزة المرأة ويذهب كل واحد إلى بيته ليبعث لها رسالة خاصة شديدة الحذر يكتب فيها أدبه وليس حبه يكتب فيها ما لم يقل وما لم تقل.
وتقول نوال مصطفى صدقت استاذ أنيس،ولكن مى أديبة كبيرة ولها ترجمات بالانجيزية والفرنسية والالمانية ،وترصد مؤلفات لها وصلت ل14مصنف.وترصد ماقالته هدى شعراوى عنها "بأنها جميلة غير الجمال المعهود،وبها حيوية ،وعيونها تلمع،وكانت فى الإتحاد النسائى، وأنها فجرت مع هدى شعراوى قضية المرأة "
ولكن هكذا راى أنيس منصور غرام الكبار فى صالون مى : " إنها أقرب إلى التي غرقت في حوض من الشامبانيا ، الكل فتحوا الزجاجات فصبوها على رأسها وليس في حلقها .ثم وضعوها بالقرب من النار..ولما ماتت استراح الجميع ، لأنها لم تكن لواحد منهم فكان حرمان الجميع منها نوعا ًمن العدل ولكنه العدل العنيف هل ظلموها ..هل ظلمت نفسها ؟! هل كان جنونها في النهاية كمن حاول أن يمشي على الحبل فاختل توازنه فسقط ..وكان الأسف على سقوطه معادلا ًللإعجاب بتوازنه على الحبل قبل أن يسقط ؟! "
وتواصل نوال مصطفى فى كتابها السؤال: فهل كانت مي زيادة غانية تتحدث في الأدب أو أديبة تعرف الفجور وتقول وتحلل وتثور :أنها لم تكن هذا ولا ذك. وإنما اوقعتها الأقدار في اوكار الذئب الفكري للرجل الشرقي لقد حاول أن يجرب معها الجميع الفيلسوف لطفي السيد( ) أرسل لها خطابا ً: أنني طماع ولكن عذري أنني صادق في الإحساس أي يريد أن يقول لها إنه معجب بها أو يحبها أو يشتهيها وطالما أنه صادق فهذا يكفي لأن يحصل على ما يريد .. يا سلام يا فيلسوف ؟!
وتقول الدكتورة : " إجلال " المتخصصة في الهياج الجنسي عند مرضى الأمراض العقلية : ( مي زيادة ) إنها تشبه النبي إبراهيم دخلت النار..ولم تحرقها كانت بردا ًوسلاما ًعليها ولكنها لأنها امرأة وليست نبيه لم تصدق ذلك فاختل عقلها ..جنت أفضل امرأة ؟!
فلقد رأت العقاد وجلست إليه وزارته في منزله وأهدت إليه أكثر من هدية،ولكنها تطلب منه فقط الحذر الشديد فالرسائل تكاد تكون رمزية تحتاج إلى شفرة واللقاء يكاد يكون بخطة بوليسية موضوعة بخبرة وتقبل العقاد ذلك..فقد كان هذا طابع العقاد ! ولكنها تجرأت حينما تجرأ عليها مصطفى صادق الرافعي( )وكان حجة فى صناعة الكلام.(هامت بما يقول فأعتقد أنها هامت به ) وكادت أن تطلب له البوليس.
ولكن (مي زيادة ) اعترفت لطاهر الطناح بحبها ( لجبران )وكتب هو ذلك فهل هذا الاعتراف لأنهم تركوها وحدها بعد موت حبيبها وأملها ولكن كل هؤلاء المترددين على صالونها لم يعرفوا ذلك بل إننا لم نعرف إلا بعد أن ماتت.ربما كنا عرفنا أكثر لو أن رسائلها قد بقت دون أن تحرقها.فقد دخلت مستشفى العصفورية ( للأمراض العقلية في لبنان ) وكان جنونها كامل في القاهرة تسير في الشوارع تحمل الخضروات والملابس..ثم إنها أرجعت الخطابات التي بعثها المعجبون بها إلى أصحابها، ثم إنها حرقت كل رسائل العشاق لها .
فالعقاد يكتب لها هذه الرسالة وهو يقضي عطلة الصيف في رأس البر . فى: 19 أغسطس 1925 " سيدتي كنت الليلة في رحلة بحرية جميلة وكانت نجمة البحر " ميريم " تلمع على الأفق كبيرة متلألئة فكنت أرفع بصري إلى السماء فأراك في السماء وأقول لها أو أقول لك :
يا نجمة اليم ونور الأوان أشرقت ، فليشرق عليناالأمان
لو لم تكوني ملكا حارسا يحوطنا في كيد هذا الزمان
ما سار فينا يوم فارقتنا شيطانة الباغي طليق العنان
فاليوم إذا اقبلت لا خوف من كيد الشياطين وأنت الضمان
وترد مى: سيدي الأستاذ الفاضل العقاد أما عنواني في روما فهو هذا وهو طويل بعض الطول يشبه العناوين التركية التي كان يشكو منها بيرلوتي ومع ذاك فأرجو أن يكون لي محسن فيكون واسطة للحصول على مقالاتك الأسبوعية الأدبية .إذا كانت رحلتنا من القاهرة إلى الإسكندرية في ساعات الحر الشديد فقط استقبلتنا الإسكندرية بنسيم لطيف ..وباخرتنا هذه راسية الليلة على مقربة من "فرضة البحر" حيث يلتقي برد بحر " ليس يلتقيان " والمنار يزجي بالضياء ولكن هؤلاء المسافرون يكثرون من الضجيج فلا يتيسر التفكر والكتابة .وانتقل من صالون إلى صالون لأجد مكانا ًهادئا ًوأزيد رغبة في الكتابة لابد من الامتثال فكل ما يحيط بي يحملني على ترك القلم .على أني سأنفرد في زاوية من المركب وأطل على البحر وأقول لنفسي شعرا ً، شكرا ًعلى الأبيات التي اتحفتني بها ، إن لها عندي مكانا ًخاصا ًدون سائر شعرك. وأهديك خالص الود
ويقال أنها اول من كتب أدب الرسائل ونشر فى مكاتبتها 666 رسالة، مع جبران والعقاد وعدلى يكن،وآخرين. مزقت رسائلهم ونشروا رسائلها انها سابقة على : غادة السمان وفدوى طوقان
فمى زيادة سؤال يجيب عنه كثيرون : فمثلا ًالاستاذ المرحوم حسن أحمد حسن المدرس بكلية الفنون الجميلة رسميا .جعلها تنام على الأقلام أسنة الأقلام كفقراء الهنود حينما ينامون على المسامير أي انه جعل الجميع مشترك في تعذيبها ،وهو يقول عنها : إنها المرأة الوحيدة التي أحبها العقاد واحترمها وهي التي قالت له : لا .. أول الأمر وقال لها : لا بعد ذلك !! ولا يزال صوت عبد الوهاب "وأغنية " : "كلنا نحب القمر والقمر بيحب مين حظنا منه النظر والنظر راح يرضى مين"..تنطبق على الآنسة مي زيادة ..لقد قال عنها العقاد عند وفاتها: (رحم الله مي زيادة كانت حصن محاط بخندق أي أنها بعيدة ومنيعة )
وتقول نوال مصطفى: ووجدت الأستاذ الرافعي يفضح ويشيع حبه للآنسة ( مي إلياس زيادة ) وكانت (مي) وقتها شرفا ًيدعيه كل أدباء زمانها ابتداء من سلامة موسى مرورا ًبالعقاد وطه حسين وإسماعيل صبري ومطران انتهاء بلطفي السيد..ولكن حب مصطفى صادق الرافعي لمي جعله مؤهلا لتراكيب جمالية والبلاغية الكثيرة في كتبه وبالطبع نحن لا نسأل أدبيا ًعن حبه ، ان كان صادقا ً، وإنما نحن نقلب في الذي كتبه فإن أحب فسوف نرى ماذا كتب .
فمع مى ..كان كل شيء ولكنه على الورق.. نوع من الحب الأبيض بالقلم والسطور وصالونها !!
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
|
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|