مستقبل المرأة العراقية وآمالها في القوانين



سحر مهدي الياسري
2007 / 3 / 8

تتشعب علاقه المرأة بالقوانين التي تعالج قضاياها مصورة مباشرة الى عدة محاور يتعلق الاول بقانون الاحوال الشخصيه والثاني قانون العقوبات والمحاكمات الجزائية والثالث قانون العمل والضمان الاجتماعي .لا أريد في هذا المقال شرح هذه القوانين حيث لايتسع المجال لذلك لكني سأكتب بعض المقترحات فيما يتعلق ببعض أوجه قصور المعالجة القانونية في موادها فيما يخص المرأة
أولا- قانون الاحوال الشخصية:
أستادا لجكم المادة 39 من الدستور غير النافذ ألابعد تشكيل الحكومة ونشره في الجريدة الرسمية والتي تنص على (العراقيون أحرار في ألالتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أوأختياراتهم وينظم بقانون ) ويفهم من النص أن العمل بقانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 وتعديلاته سيتوقف العمل به وسيعود بنا النص الى ماقبل العام 1959 قبل اصدار هذا القانون عندما كانت المحاكم الشرعية (سنية وجعفرية ) تنظر بالاحوال الشخصيه للعراقين كل حسب مذهبه وسيصدر مستقبلا قانون ينظم ما ورد في نص المادة39 .أن وجود هذه الماده منافي للمنطق السليم في القواعد العامة لتطور القاعدة القانونيه بأتجاه ارساء نصوص قانونية أكثر عدالة تحمي المشمولين بأحكامها أما ان نرجع الى الوراء بقرون دون سبب مقبول سوى أرساء الطائفية في كل أركان حياتنا فلم يعترض المشرع على قانون الاحوال الشخصية لانه يعارض الشريعة الاسلاميه أو عدم توازن أحكامه وعدم تحقيقها العدالة وهوليس من تركة النظام السابق كما الموضه هذه الايام لرفض كل القوانين التي اصدرها . وللايضاح فأن منطوق المادة 39 الدستورية لايمكن تغييره ألابعد دورتين انتخابيتين أي بعد أكثر من ثمان سنوات أستنادا لنص المادة 122- ثانيا الدستورية (لايجوزتعديل المبادىء الاساسية في الباب الاول والحقوق والحريات الورادة في الباب الثاني ألابعد دورتين انتخا بيتين متعاقبتين ) وحيث أن المادة 39 تقع ضمن الباب الثاني (الحقوق والحريات) فبالتالي ستكون نافذة لمدة ثمان سنوات قادمة .
أقترح لمواجهةتداعيات المادة 39 على وضع المرأة العراقيه القانوني والحفاظ على ما حققته من أنجازات كبيرة لها بعد نضال طويل وتضحيات كبيرة:
1-تشكيل لجنة نسوية تضم نساء من كافه أطياف المجتمع العراقي من ناشطات ومنظمات ومختصات قانونيات تكون مهمتها الاساسية الحفاظ على مكتسبات المرأة العراقية في قانون الاحواال الشخصيه والقوانين الاخرى وتقوم بما يلي:
أ-تقدم طلب الى المحكمة الاتحادية التي بموجب نص المادة 90 ثانيا من الدستور تختص بتفسير نصوص الدستور لبيان فيما أذا كان المشمولين بنص المادة 39 النساء والرجال ربماالبعض سيرى هذا الاستفسار لامعنى له لانه من البديهي أنها تشمل الجميع ولكني في الحقيقة أثارت ريبتي المادة 22 الدستوريه التي أشارت الى أن المواطنين رجال ونساء لهم حق المشاركه في الشؤون العامة أي خص الرجال والنساء لذا نريد مفهوم واضح للمقصود بالعراقيين في نص المادة 39 وألاسنجد أنفسنا كنساء في تفسير هذا النص بدون أي حريه اللاختيار
ب- تقوم اللجنة بتشكيل وفد مهمته مقابلة رجال الدين من كل الاديان والطوائف والمعتقدات ومناقشتهم في المسائل الاتية :
1- لم تحدد بعض المذاهب سن الزواج وبالتالي هل سنكون امام زواج أناث في سن الطفولة تصل الثامنة او التاسعة فالضرورة قائمة من مراجعنا لتحديد سن للزواج مثلا بلوغ الثامنة عشر من عمر طرفي الزواج وهي سن معقولة للادراك
2- أباح الاسلام تعدد الزواجات بشرط العدل فأرى ان تشدد المذاهب في شروط العدالة للسماح بتعدد الزوجات من قبل المحاكم الشرعية
3- الطلب من رجال الدين في المذاهب التي تبيح زواج المتعة ايقاف العمل به حفاظا على الاستقرار الاسري وتشجيعا للشباب على بناء علاقات عائلية تتسم بالاستقرار ولانه ليس من المنطقي أن الشارع الاعظم الذي حفظ كرامة الانسان رجلا كان أو امراة ان يشرع ان تؤجر المرأة نفسها للمتعة ساعات أو أيام وتاخذ أجرا مقابل المتعه من الممكن أجراء عقد زواج دائمي بشروط عدم الانفاق أو عدم التوارث فليس في الشريعه ما يمنع مثل هذه الشروط
4- كذلك مناقشة مراجعنا الدينيه والمذهبيه حول مواضيع الطلاق والحضانة والوصية والوصايهو الولايه والنفقه والارث وحق السكن واي حقوق شرعية اخرى ووضع قواعد لهذه المعاملات اكثر عدالة وملائمه لروح العصر وتوجهات المجتمعات الحديثة فيما يتعلق بحقوق المراة والاسرة
5- نصت المادة 57-ثانيا-ب أنه يحق لعشرة من نواب مجلس النواب التقدم بقترحات القوانين لذا ارى الواجب من المنظمات والنائبات والنواب المهتمين بحقوق المرأة لتقديم مشروع قانون الاحوال الشخصيه بما يضمن أن نرقع الشرخ الذي احدثته المادة 39 الدستوريه التي وضعت المراة العراقيه امام أمتحان صعب لاثبات قدرتها في التأثير على مجتمعها والمساهمة الفاعلة في وضع التشريعات التي تحمي حقوقها وأنسانيتها وتحقق العدالة
ثانيا قانون العقوبات وأصول المحاكمات الجزائية :
وردت بعض النصوص القانونية في قانون العقوبات رقم 11 لسنة 1969 تختص بالمرأة والاسرة في باب الجرائم الاجتماعية وخاصة الفصل المتعلق بجرائم الاسرة وكذلك الباب الخاص بالجرائم المتعلقه بحياة الاشخاص الاجهاض والقتل غسلا للعار والجرائم الاخرى كالاغتصاب واللواط .كما ذكرت سابقا لاأريد الدخول في تفاصيل المواد العقابية أعلاه ولكني اقدم بعض المقترحات لقانون أكثر عدالة في التعامل الانساني مع المرأة بما يحفظ كرامتها وأدميتها :
أ‌- ألغاء نص المادة 409 وتعديلاتها الخاصة بجريمة القتل غسلا للعار التي أباحت قتل المرأة غسلا للعار متى ضبطها أحد محارمها مع شريكها تمارس الزنا في فراش واحد وأعتبارها جريمة قتل عادية تحكم ظروفها المواد العقابية الخاصة بالقتول في المواد 405 و406 مع الاخذ بنظر الاعتبار الجانب النفسي للجاني عند ارتكاب جريمته لتخفيف العقوبة وحسب المبادىء العامة يجوز للمحكمة النزول بعقوبة الاعدام والسجن الؤبد الى السجن المؤقت أي السجن لمدة خمس سنوات أما في حالات القتل غسلا للعار في غير حالة التلبس بالزنا فلا يكون الجاني مشمولا بالتخفيف خصوصا في حالتي الاختطاف والاغتصاب لاننا سنعرض المرأة للاعتداء مرتين دون وجه حق وكذا في حالة عدم ممارسة أي فعل جنسي وأحتفاظ المرأة ببكارتها واخيرا المساواة بين الرجل والمرأة في العقوبة فيما يتعلق ببأرتكاب هذه الجرائم
ب‌- ألغاء نص المادة 41 التي تبيح للرجل تأديب زوجته وأولاده ولاتعتبره جريمه يعاقب عليها القانون وذلك بالاستناد الى نص المادة 29 –رابعا الدستورية التي منعت كل أشكال التعسف والعنف في الاسرة
ت‌- بالنسبة لباب الجرائم الاجتماعية –جرائم ضد الاسرة :بحاجة ماسة الى أعادة نظر شاملة خصوصا في الفصل المتعلق بجرائم الاسة والعاجزين والصغار ونرجو من المشرع أن يضعها نصب عينيه عند تشريعه لقانون عقابي جديد
1- تشديد العقوبة على مرتكبي جرائم المضايقات الجنسية بكل أنواعها الشفهيه والجسديه أو أي سلوك ذو طبيعة جنسية المرتكبة ضد النساء
2- تجريم الوالدين في حالة امتناعهما عن أرسال ابنائهم خصوصا الاناث الى المدراس من المشمولين بقانون التعليم الا لزامي
3- أعتبار الاكراه على الزواج والنهوة والتزويج دون السن القانونيه جريمة تشدد عقوبتها على الاغيار من غير ذوي المرأة (اقارب الدرجه الاولى)
4- تجريم الوالدين في حالة أكراه الاطفال خصوصا الاناث على ممارسة الدعارة والاتجار بالمخدرات والحبوب المخدرة أو ممارسة أي شكل من أشكال الجريمه ودفعهم للتسول و للعمل في الشوارع
5- تجريم الرق قد يرى البعض أن في هذا الطلب نوع من المغالاة لكن توجد بعض الحالات في المجتمع تمثل شكلا من أشكال الرق مثلا تزويج الاب لبنته دون تسليمها حقوقها الشرعيه وقيامه ببيعها للزوج مقابل مبلغ من المال فهو رق تحت مظلة زواج لاحقوق للمرأة فيه
6- أعتبار عدم أنفاق الزوج على زوجته رغم صدور قرار قضائي مكتسب الدرجه القطعية جريمة يعاقب عليها الزوج مع تشديد العقوبه عليه في حالة مقدرته وتعسفه في أداء النفقة
7- أعتبار أنتزاع الطفل من أمه بدون حكم قضائي من قبل والده وأقارب الاب جريمة خطف ترتب لها أحكام خاصة غير ما ورد في أحكام الخطف بأعتباره جريمة أسرية
8- أعتبار رفض الزوج عقد زواجه في المحكمه المختصة جريمة معاقب عليها

فيما يتعلق بقانون أصول المحاكمات الجزائية أقترح مايلي:
1-أطلاق سراح النساء الموقوفات بكفالة خلال أربع وعشرين ساعة من ألقاء القبض عليهن وأحضارهن أمام قاضي التحقيق دون شرط أتمام الاجراءات القضائية ألافي حالة الجريمة المعاقب عليها بالاعدام أو الجرائم الارهابية او الدعارة او يخشى بخروجها أفلات المتهمين المشتركين بالجريمة من قبضه العدالة أما في غير هذه الحالات فلايجوز ابقائها في التوقيف لاكثر من أربع وعشرين ساعة ومعاقبة قاضي التحقيق والمحقق أو ضابط التحقيق أذا لم يطلق سراح المراة الموقوفه وتعرضت خلال فترة التوقيف للاغتصاب أو اللواط أو الاعتداء الجنسي الذي لا يصل الى الاغتصاب وأعتبار قضايا النساء الموقوفات مستعجلة لايجوز تأخير التوقيف فيها أو في أجراءاتها وأعطاء الحق للمرأة بأقامة دعوى تعويض ضد قاضي التحقيق والمحقق في حالة تعمده أبقائها في التوقيف دون وجه حق وتم الافراج عنها لعدم توفر الادلة
2-الاخذ بشهادات الصغار والتقليل من الشروط الواجبه في الشهادة الجزائيه لاعتبارها منتجه في الدعوى فيما يتعلق بجرائم الاسرة خروجا على المبادىء العامة لكون هذه الجرائم غالبا ما تحدث بعيدا عن أعين الغرباء وتحدث في نطاق الاسرة ولايطلع عليها الاغيار
3- أعطاء منظمات المجتمع المدني المجازة بالعمل قانونا المهتمه بشوؤن الاسرة والطفل والمرأة وكبار السن والعاجزين الحق بتحريك الدعوى الجزائية ضد مرتكبي جرئم الاسرة

قانون العمل والضمان الاجتماعي:
يشكل عمل المرأة في الوقت الحاضر ومشاركتها الرجل في الحياة العملية أهمية كبيرة لانها تعد قوة مضافة الى سوق العمل بما أن ظروف عملها تأخذ دورا أساسيا في تهيئه الاجواء المناسبة لاداء عملها على الوجه المطلوب وزيادة انتاجيتها وحمايتها من الاستغلال ولكن خروجها للعمل في نفس الوقت أو جد لها الكثير من المشاكل بسبب تكوينها النفسي والبايولوجي أو بسبب طبيعة دورها المزدوج في البيت ومكان العمل لهذا أثيرت الاهتمامات على الصعيدين الدولي والمحلي لتقديم الدعم اللازم لها وتكييف التشريعات الاجتماعيه والاقتصادية التي تتعلق بعمل النساء مع متطلبات الحياة الحديثة وتطورها بتوفير الضمانات القانونيه الكافية وتهيئه ظروف عمل مناسبة
أقدم بعض المقترحات لاضافتها الى قانون العمل المزمع أصداره من قبل مجلس النواب أستنادا لاحكام الدستور:
1- حظر العمل الجبري ويقصد به أغتصاب الاعمال تحت التهديد كما في أجبار النساء على العمل في ظروف قاسية وغير صحية ويتضمن الاستغلال الجنسي الاجباري
2- رفع الاستثناء الوارد في قانون العمل الحالي عن النساء العاملات ضمن نطاق الاسرة(العمل في المنازل) والذي يرفع عنهن الحمايه القانونيه والاجتماعيه التي يوفرها القانون والحكومة وشمولهن بهذه الحمايه الاجتماعية والقانونية
3- حظر التمييز في الاستخدام والمهنة وأعتبارها مخالفة لقانون العمل تستوجب العقاب ويعتبر من قبيل التمييز المضايقة الجنسية فهي تعتبر تمييز على أساس الجنس وبالتالي يجب حضرها ويدخل في مفهوم المضايقه الجنسية كل سلوك شفهي أو جسدي منبوذ ذو طبيعه جنسية أو ذات صلة بجنس المرأة يهدف الى أنتهاك كرامتها وخلق مناخ عدائي ومهين للمرأة في مقر عملها
4- حظر التمييز المباشر وغير المباشر ضد المراة العاملة الحامل والناشىء عن الحمل والولادة واعتباره تمييز على اساس الجنس وبالتالي محظور
5- لدعم المراة العملة وأتاحه الفرصه لها لاداء عملها دون معوقات فأن الامر يستلزم من المشرع أن ينص في قانون العمل أن تخصص المنشأت الصناعيه والمعامل في جميع القطاعات الحكوميه والمختلط والخاص دور حضانة لاولاد العاملات لتسهيل أشراف الام على اطفالها ورضاعتهم والعناية بهم خلال يوم العمل تماشيا مع الاتفاقيات الدولية والعربية وأتجاه قوانين العمل الحديثة وأن تقوم دائرة الضمان الاجتماعي بمد يد العون لهذه المنشأت ذات الامكانية المحدودة
6- تعديل نص قانون العمل الذي يجيز لصاحب العمل أنهاء عقد عمل المرأة العاملة أذا تجاوزت غياباتها بسبب المرض ستة أشهر من تاريخ الاصابة لتعارضه مع أحكام قانون الضمان الاجتماعي الذي يعطي المراة الحق بالتمتع بأجازة مرضية لمدة تسعه أشهر من تاريخ الاصابة بالمرض
7- شمول العاملات غير المضمونات بأحكام قانون الضمان الاجتماعي خلال فترة الاجازة المرضية بسبب الولادة أو في حالة أصابات العمل أو التعطل عن العمل وأعفاء أصحاب المنشأت التي لاتتحمل مواردها عبء أقساط الضمان الاجتماعي وحتى لا يعزفوا عن تشغيل النساء
8- ساوى المشرع العراقي في عدد ساعات العمل لتحقيق المساواة بين الجنسين ولكن المرأة لها واجبات اجتماعية مزدوجه في البيت ومكان العمل فأرى أن يقلل المشرع ساعات عمل المرأة المتزوجه الى سبع ساعات والمراة الحامل الى ست ساعات مراعاة لوضعها الصحي ووضع الجنين
9- وللحد من تأ نيث الفقر ارى ضرورة النص في القانون القادم على برامج متعدده لتدريب النساء وتشغيلهن وشمولهن ببرامج الحماية الاجتماعية عند تعطلهن عن العمل