ضد -ملكوت الجمال-، ولكن!



عايدة توما سليمان
2007 / 3 / 3

قبل أسبوعين طالعتني صورة الشابة أنجلينا فارس تتصدر صحيفة عبرية تخبرنا بأنها ستكون أول شابة عربية من الطائفة الدرزية التي ستشارك في مسابقة ملكة جمال إسرائيل!
أعترف: أفكار كثيرة دارت في رأسي في تلك اللحظة، حول مسابقات ملكات الجمال التي بدأت تغرقنا وتغرق مجتمعنا في السنوات الأخيرة، وتذكرت النقاشات العديدة التي خاضتها الحركة النسوية في البلاد والعربية تحديدا حول هذه المسابقات، تذكرت مقابلة تلفزيونية أجريت معي قبل عامين وتحدثت فيها عن كيفية استغلال وسائل الإعلام والشركات التجارية الفتيات وإغرائهن بالبريق الزائف لتحويلهن إلى دمى تعرض منتجاتهن وتسوق لبضائعهم وترفع نسبة أرباحهم.
دارت العديد من الأفكار في رأسي ولفت نظري أن أنجلينا قالت أنها تعي بأنها وعائلتها ستتعرض للضغوط الاجتماعية والعائلية إلا أنها متأكدة من أن والديها اللذان يدعمانها لن يتراجعا عن قرارهما بدعمها في هذا الترشيح.
بين هذا وبين أن نعرف بالأمس بأن الشرطة قامت باعتقال مشتبه بهم خططوا لقتل أنجلينا - لا يفصل فقط أسبوعان (بين النشرين) وإنما مئات الأعوام ، قرون من الأفكار الموغلة في التزمّت والغباء. لا يهمني الآن إن كان المعتقلون قد قاموا فعلا بما نسب إليهم أم لا؛ ما يهم في هذا الموضوع هو أنه كان هنالك مخطط أو محاولة لقتل أنجلينا.. هذا هو المهم: أن هناك من يعتقد بأنه إذا ما اعترض على أمر ولم يطاع فله الحق بأن يخطط لقتل، قد ينفذه أيضًا!
المهم أنه ما زالت هناك جهات في مجتمعنا تعتقد بأن لها الحق الجماعي بقمع وقتل والاعتداء على كل من تسول له نفسه بأن يفكر خارج القوالب المنصوبة أصلا.
المهم أن هناك أفراد من مجتمعنا يعلقون شرفهم الفردي والجماعي على أجساد النساء، وتصرفات، وأفكار وطموحات ونظرات النساء والفتيات ويعطون أنفسهم الحق باتخاذ القرار وفرض الرأي بالقول وبفعل السكين حتى.
إن هذه السكاكين المستلة سرا والتي شاءوا لها ألا تُرى ولكن بالتأكيد أن تشعر بها النساء وكل من يؤازرهن في التفكير أحيانا خارج القوالب.
هذه السكاكين، إن لم تفضح وإن لم تقاوم، فستستل أيضا على كل صاحب فكر مختلف، يؤمن بالحريات الفردية، وبالثقافة الإنسانية.
إنني أعارض مسابقات ملكات الجمال، لأنها تشيّء المرأة، ولأنها تحولنا إلى أجساد، ولأنها تخدم رأس المال على حساب النساء، ولأنها تكرس جمال الجسد والوجه ولا تنظر لجمال الروح؛ ولكنني أؤِكد هنا على أن اشمئزازي واستنكاري وغضبي على أي محاولة للمس بأنجلينا لأنها اختارت أن تشارك في المسابقة أكبر بكثير.
أعتقد أنه من حقي أن أناقش أنجلينا وبقية الفتيات والنساء حول رأيهن بهذه المسابقات، إلا أنني أومن بأن واجبي غير الخاضع للتمهّل للحظة هو الدفاع عن حق كل منهن بالعيش بحرية بدون تهديد، عن حقهن بالتجربة والتعلم والخطأ أيضًا.
ويوم نصمت عن محاولات كهذه نكون قد مهّدنا الطريق لنقول لاحقا "أكلنا يوم أكل الثور الأبيض"!