تحجبوا وتنقبوا حتى لا يرى بعضكم بعضا !



جمال محمد تقي
2007 / 3 / 5

في العراق الامريكي ، العراق الطائفي والاثني ، العراق المفصص ، العراق المحصص على قوائم السماسرة من حملة رايات الملل والنحل ، صار الحجاب والنقاب وكل انواع الستائر والحواجز والموانع والمقاطع طاغية على البشر والحجر ، حتى الرجال تتحجب كي لا يستدل من ملامحها على انتماء ما !
اليزيدي يرتدي ما لا يشير على انه يزيدي عندما يضطر للقدوم الى مركز دهوك وهكذا تفعل النساء !
التركماني يخفي سحنته ولكنته حتى لا يستدل عليه عندما يضطر للسير في منطقة رحيم اوى !
وعبد الحسين يحسب الف حساب عندما تتوجب زيارته لاقاربه في بلد والدجيل !
اما عمر فقد غير اسمه الى عبد الحسن حتى يستطيع مواصلة عمله الذي عاشره عشرة العمر في الكرادة ! اما الزايرة فضيلة التي يناطح عمرها السبعين او الثمانين والساكنة مدينة الثورة فهي ترسم خط سيرها لزيارة الكاظم مئة مرة لولدها ستار الذي سيرافقها لاداء مراسم النذر الذي لا ينتظر التاجيل، تشدد عليه تجنب الاعظمية وسلوك طريق الباب الشرقي ـ العلاوي ـ ثم الكاظم مرورا بمنطقة النواب ، انه أأمن ! الزايرة فضيلة تلتقط ما يتحدث به الناس عن مخاطر المرور بالاعظمية ، اما ستار فهو يحاول ان يظهر قدرته على حماية جدته حتى لو اضطر للمرور بمناطق مزروعة بالالغام انها حالة ليست جديدة عليه ، وهو الحائز على نوط الشجاعة في الحرب الايرانية العراقية ، حيث كان يفجر الغام جند خميني بالحجر الذي يرميه عليها وهو منبطح في موقع آمن !
ابن الزبير اذا اراد العشار فعليه ان يرتدي البنطلون بدل الدشداشة الزبيرية ، نعم أأمن !
الحواجب والستائر الاسمنتية تنزرع في كل مفصل للمرور وفي كل الطرق المهمة وغير المهمة !
حواجز السيطرات الطيارة والثابتة تتمترس هنا وهناك ، ابراج المراقبة لقوى الحمايات الخاصة تستخدم نواظيرها النهارية والليلية لمراقبة السير والمارة واحيانا بيوت الجيران وغرف نومهم !
واذا سلم حي ما من الستائر والحمايات والسيطرات فانه لم يسلم من وجود خيمة لموكب حسيني او حسينية او مسجد ووجود هذا الاخير حالة طبيعية قبل الانفجار الديمقراطي الحاصل حاليا في العراق لكن الفارق الان هو انتماء المسجد ، فاذا كان المسجد بأصول سنية فهو قد يتعرض وباي لحظة لهجمة غادرة مجهولة واذا كان المسجد شيعيا فانه قد يتعرض للمصير نفسه وهكذا الحال دواليك !
الفصل والتطهير الطائفي والتهجير واعمال الانتقام المدروسة وغير المدروسة تلعب مع الهواء السائد لعبة الموت الاسود .
بالقطع الذي خطط ونفذ تفجير رمز التلاحم المذهبي الشاخص في عاصمة المعتصم ضريح الامامين العسكريين في سامراء الغراء والذي بقي متحديا الفرقة والتخندق ان كان جغرافيا او سكانيا ورغم انف المتحجرين في سراديب السدنة المتلاقحة مصالحهم مع مصالح المحتلين ، لم يكن غبيا ولا هاويا ولا مجنونا ، انه يعي ويجيد تحويل افتراضاته المطلوبة الى حقائق على الارض ، هذا الفاعل هو فاعل بالفعل لانه انجز بضربة معلم ما لم ينجزه قبل احتلاله وبعد احتلالة باكثر من سنتين ، وبحسبة ديجيتالية فهو قد خفض من خسائره المحتملة الى حوالي النصف وهذا انجاز سيمنحه القدرة على المراوغة المجدية لتحقيق تكامل النتائج مع الاهداف القريبة والبعيدة .
هل سينقلون ضريح الامامين الى النجف لتكون حلقات التمركز الطائفي قد تحققت بانتظار لحظة الانفكاك من حالة التعاشق السائدة عمليا لاعلان دولة صاحب الزمان الذي طال انتظاره ؟
كيف يجرؤون وارض سامراء شربت من اجسادهم الطاهرة ما لم تشربه منطقة اخرى ؟
كيف واهل سامراء هم اهل الامامين دون حجاب ونقاب لمذهب او ولاية او وصاية انهم اقرب للامامين من اي مدعي مهما ادعى ؟
نعم هذا القول يخيفهم هذا الواقع يفضح لا مصداقية ما يزعمون ، لذلك كله قرروا نسف التجسيد الشاخص وجعله شاهد زور على صدق ما يطرحون !
بالقطع ستكون المرأة هي ـ حمالة الاسية ـ هي الضحية الاولى لكل الذي يجري في العراق امريكيا شيعيا او سنيا او كرديا او يزيديا او مسيحيا او تركمانيا ، كل يافطة تتوجه الى المرأة على انها متلقية وهي شيء يجب حجبه عن الاخرين خاصة وان الاخرين اشرار !
لاعمل لا تعليم لا رعاية صحية لا امان لا ضمان ، ولا دولة تحمي الحقوق حتى وان وجدت مسطرة على الورق !
شيء فوق الطبيعي ان تسود ظاهرة الحجاب والنقاب بين الفتيات والنساء عموما فالحالة كلها محجبة ومنقبة بل وصلت لدرجة ان المرأة تتحجب حتى امام زوجها ! ربما كان زوجها سنيا ولا يجوز الاسفار امام زوج من مذهب اخر ! !
لا تستغرب عزيزي القاريء فقد اجبرت الكثير من العوائل على الانفصال بسبب من اختلاف مذهب الزوج عن الزوجة !
ناهيك عن تحجب الرجال ايضا بواسطة اطلاق العنان للحاهم او تقصد التنكر او التلثم او ارتياد الحسينيات او المساجد بغير عادتهم محاباة للمليشيات وخوفا من سطوتها !
ففي اي مجتمع اذا حجبت او نقبت فيه المرأة فانه هو اي المجتمع كله محجب ومنقب من المعرفة المنتجة والعلاقة السوية والاستقرار الحقيقي والتكافل المتكافئ والتعافي النفسي ، والمفارقة هنا ان اصحاب مذهب التحجب والتنقب هم ذاتهم يدعون بالاخلاق والالتزام الاجتماعي والديني ثم يناقضون ذواتهم بالحجر على طاقات بعضهم بعضا بازدواجية تستر حقيقتهم المنقبة فالانسان السوي الواثق من قيمه واخلاقه لا يخفي نفسه وسلوكه على الاخرين ان كان رجلا ام امرأة واذاعرف السبب بطل العجب
ويمكن تلافيه لكنه ان خفي وتم التستر عليه فستكون عواقبه وخيمة وعظيمة !