من حقك ان ترفضي



خيال ابراهيم
2007 / 3 / 5

مقابلة جريدة نحو الاشتراكية العدد 58 مع خيال ابراهيم مسؤولة رابطة تحرير المرأة في العراق

نحو الاشتراكية: هل تعتقدين ان وضع المرأة في العراق اليوم أسوأ بعد الحرب الامريكية على العراق؟

خيال ابراهيم: أسوأ بكثير جداً. انها تعاني بشكل فظيع من الاسلاميين وعصاباتهم. ان العادات والتقاليد والاعراف المعادية للمرأة موجودة في العراق، كما تعرفون، ولكن الحرب الامريكية على العراق والصراع بين امريكا والاسلام السياسي والجماعات القومية والبعثية وغيرها سبب اذى كبير للمرأة وتراجعت مكانتها ونضالها من اجل حريتها ومساواتها. المرأة تعاني ايضا كما يعاني كل افراد المجتمع من القتل والدمار والخوف ومصيرها ومصير عائلتها. انها تخاف ارهاب الاسلاميين وقوات الاحتلال والرجولية وانعدام فرص العمل وخطورتها وعدم قدرتها على الاستقلال الاقتصادي وفرض الحجاب عليها وضربها والاعتداء على حقوقها ومحاربتها في المجتمع من قبل تلك القوى الرجعية. ان وضع المرأة تراجع كثيرا بعد الحرب.

نحو الاشتراكية: لم ترفضين حجاب المرأة؟ اليست تلك من الحريات الشخصية التي تنادون بها؟ ما علاقة حجاب المرأة بمساواتها مع الرجل؟ و ما علاقته بحريتها؟ هل تعتقدين ان الحجاب يرمز الى عبودية المرأة ام انه مجرد "حرية ملبس" كما تدعي بعض قوى الاسلام السياسي وحلفاءه من "اليسار" في اوربا وامريكا ؟؟

خيال ابراهيم: لا علاقة لحجاب المرأة بحريتها في اختيار ملبسها. ان الحجاب ضد حرية الملبس في الحقيقة. الحجاب الاسلامي هو رمز لحركة وقوة سياسية همجية ورجعية وقاتلة عالمية وليست فقط في العراق انها رمز للاسلام السياسي. أي امرأة اليوم تلبس الحجاب فان المجتمع يعرف انها ترمز لحركة الاسلام السياسي. ولكن الوضع في العراق مختلف بالطبع. فانعدام الامان يجعل المرأة تلبس الحجاب بغرض الامان والحفاظ على نفسها من عصابات الاسلاميين ومن الاعتداء عليها و"تجنب الشر". ان الطالبات في المدارس الثانوية والجامعات والمعاهد يتسلمون رسائل شفوية تهددهن بالقتل اذا لم يلبسن الحجاب بل في بعض المناطق مايسمى النقاب (أي تغطية كل الوجه). أي حرية ملبس هذه ؟؟. بعض الحركات النسوية ”الفمنستية“ في الغرب والتي اصطفت للاسف مع قوى الاسلام السياسي وتعتبر انها ضد الامبريالية الامريكية لاتعنيها حرية المرأة في العراق او المنطقة والبلاد الخاضعة لجرائم الاسلاميين و تهمها قبل كل شئ مصالح حركاتهن المعادية للحكومات الغربية او لحكومة امريكا وبالتالي فهي تتفق وتتوائم مع اكثر القوى رجعية وكرها للنساء – أي حركة الاسلام السياسي. ان الامر مشابه تماما لموقفهن من حركة الطالبان في افغانستان ومن ملالي ايران وشيوخ السعودية الخ. من المعروف ان الحكومات الغربية نفسها تفتح المجال لتلك الحركات الاسلامية في تلك المجتمعات وتعتبرهن ممثلة للجماهير !!. ان حركة الاسلام السياسي هي التي تجبر النساء على ارتداء الزي الاسلامي وهو برأيي رمز لعبودية المرأة ولا علاقة له باي حرية. انه رمز لاستلاب حريتها ان صح التعبير.

نحو الاشتراكية: لم تؤكدين على مدنية المجتمع في العراق وما اهمية ان يكون المجتمع مدنيا بالنسبة للمرأة؟.

خيال ابراهيم: النضال من اجل حقوق المرأة هو نفسه النضال من اجل مجتمع مدني وانساني. لا افرق بين الاثنين ولا اضع لهما تراتبية. ولكن احدهما لا يعوض عن الاخر. لا يمكن ان اترك النضال من اجل حرية المرأة واكتفي بالنضال من اجل العلمانية وفصل الدين عن الدولة . ان كل منهما جبهة مستقلة وضرورية ضد الدين والرجعية والتخلف والتمييز ضد الانسان. المجتمع المدني هو في مصلحة الكل وليس المرأة فقط ولكنها ستجد في المجتمع المدني ظروفا اكثر طبيعية وبالتالي سيؤدي ذلك الى تقوية حركاتها المطالبة بالمساواة والحرية والكرامة الانسانية. المجتمع المدني في العراق انهار بعد الحرب بسبب القضاء على الدولة واحلال الميليشيات الاسلامية والقومية والمجاميع الرجعية. اما في المجتمع غير المدني والديني فالمرأة ترجع قرونا الى الوراء. ان عكس المجتمع المدني هو المجتمع الديني او الاسلامي والعشائري. والمجتمع الاسلامي لا يسير وفق آلية مدنية بل من خلال نصوص الهية ابدية لاعلاقة لها باي شئ . ان نضالنا من اجل المجتمع المدني.. مهم جدا لنضال المرأة ومرتبط به جداً ولكنه ليس بديل عن النضال من اجل المساواة التامة بين المرأة والرجل. اعتقد ان علينا ان نناضل من اجل قضية النساء والمساواة بنفس القدر الذي نناضل فيه من اجل المجتمع المدني والعلمانية ونقد الاسلام السياسي والقومية والذكورية.

نحو الاشتراكية: لم مجتمع العراق اليوم غير طبيعي ولم هو فاقد للمدنية؟ اليس هنالك ديمقراطية وحرية رأي وتعبير والعشرات من الجرائد والفضائيات؟ الم تحقق امريكا الديمقراطية في العراق وبالتالي فسحت في المجال للمرأة في النضال من اجل حريتها بعد ان تم قمعها لسنوات طويلة تحت حكم القوميين العرب؟

خيال ابراهيم: مجتمع العراق اليوم ليس طبيعيا لان ليس فيه دولة. فالقتل والذبح والاختطاف والتفجيرات والتهديد بالقتل والاكراه على التحجب وقتل الشرف واحتقار المرأة هي السائدة وبشكل فظيع. ان المرأة ضحية هذه الكارثة. كما ان مجتمع العراق اليوم مفكك وغير مدني لانه القوى المتسلطة عليه دينية ومعادية للتمدن. ان مجرد الكتابة في الدستور او أي وثيقة قانونية بأن الاسلام هو مرجع في التشريع او انه دين الدولة الرسمي يعني ان المجتمع سيكون اسيرا لاحكام الاسلام. ذلك معاكس للمجتمع المدني ومناقض له. لا يمكن ان تكون مدنيا وتطالب بجعل حقوق المرأة تحت رحمة رجل الدين وتطبيق احكام الشريعة المجحفة ضد المرأة كالزواج من اربعة نساء او تقبل كونها نصف انسان في المحاكم او ضربها من قبل الرجال في عائتلتها واظطهادها واهانتها ومعاملتها بكل وحشية. الدين مناقض للتمدن. ان امريكا لم تجلب الديمقراطية بل جلبت الدمار للعراق. اما ان يقولوا انها جلبت الحرية فهذه كذبة سخيفة هدفها الدعاية. بامكانكم ان تسألوا أي انسان في العراق وسيضحك بمرارة من السؤال!!. ان الجرائد الموجودة لا تعبر عن الواقع ومعظمها ابواق للقوى الاسلامية والقومية. الحرية صارت ملك لاصحاب العمائم والملالي واعداء المرأة من كل شكل ولون

نحو الاشتراكية: كيف تصفين اوضاع النساء في الجنوب والوسط؟
خيال ابراهيم: وضع المرأة في كل العراق سئ جداً. في الجنوب تحت سلطة الاسلاميين من جماعات الشيوخ والملالي الموالية لايران اوضاع ليست انسانية بالطبع – أي حرية ترجى للنساء هناك؟ أي حرية وهي تخضع الى النفي والحجر في المنازل والقمع تحت سلطة قوانين الجمهورية الاسلامية في ايران وبظل ارهاب ديني؟. والامر نفسه في وسط العراق حيث تخضع المرأة لسلطة الميليشيات الشبيهة بحركة "الطالبان" المغرقة في الرجعية والوحشية. لقد جلبت امريكا الاسلام السياسي بكل الوانه. اما في كردستان حيث تبدو المرأة اكثر حرية فالموضوع لا علاقة له بتحررية الاحزاب الكردية الحاكمة بل بضعف الاسلام السياسي وعدم حصوله على موطئ قدم هناك نتيجة لاسباب معينة. الا ان العشائرية تلعب نفس دور الاسلام السياسي هناك. ان القوى القومية التي تحكم منذ سنة 91 لم تستطيع ان تحقق أي شئ للمرأة بالرغم من وجود نساء فيما يسمى برلمان كردستان وهو كله يدخل في باب الدعاية. مازالت المرأة في كردستان تجرم بال"عار" وتقتل بتوصية نفس المنظمات التي تدعي انها نسوية او من قبل افراد العشيرة. ان تحقيق أي حرية للنساء مرتبط باقصاء هذه القوى من مكانها ومعها الاحتلال الامريكي لان الاحتلال هو الذي ينصبها ويعطيها الامكانيات للحكم. كما ان حرية المرأة بتقوية الحركة اليسارية والاشتراكية والعمالية. ان نضال النساء والرجال ضد الجانبين مهم وهو نضال سياسي.

نحو الاشتراكية: ولكن استلاب حقوق المرأة ليست ظاهرة محلية تحدث في العراق فحسب. انها تحدث في كل دول العالم. لم تعتقدين ان اظطهاد المرأة تحت حكم قوى الاسلام السياسي والعشائر هو الاكثر حدة ؟ هل ان فصل الدين عن الدولة يحقق للمرأة بعض من مستلزمات تحررها؟

خيال ابراهيم: ان ظاهرة ظلم المرأة و اهانة انسانيتها ظاهرة عالمية. ولكن المجتمعات الخاضعة للاسلام وللعشائرية وانعدام المدنية لا تحصل المرأة فيها على ابسط الحقوق مقارنة بمجتمع علماني. ان الاسلام السياسي مسيطر وقابض على المجتمع سواء كان في الحكم او خارج الحكم. ان حرية المرأة بالنسبة للاسلاميين العدو الاول لان ذلك يسحب البساط من تحتهم. ان اكثر ما يرعبهم هو مساواة المرأة بالرجل لان المساواة ضد مبادئهم وتحيلها الى تراب. ان المساواة تضعف سلطتهم على المجتمع.

نحو الاشتراكية: ماهو دور القوى العالمية المساندة لقضية تحرر المرأة ومساواتها؟ هل ان تلك القوى تستطيع ان تعمل شئ من اجل هذه القضية؟

خيال ابراهيم: القوى العالمية كبيرة وحية ولكن منها من هو موهوم باليسار المتردد والضعيف. اليسار المعتذر للاسلام السياسي وهو معاد للامبريالية وبلا جماهير لذا تراه يصطف مع الاسلاميين اعداء المرأة ليصير له شعبية. بالطبع علينا ان نهتم بالقوى العالمية ونوضح لها الموقف الصحيح و الجرئ والانساني والردايكالي من قضية المرأة. عليها ان تتوقف عن معاملة المرأة ضمن مصالحها الخاصة والنظر الى قضية المرأة من زاوية حرية المرأة وتساويها هنا في االعراق والمنطقة والغرب ايضا. علينا ان نوصل الرسالة الاخرى وهي ان قطبي الارهاب اليوم أي امريكا والاسلام السياسي كلاهما سبب مأساة وادامة تراجع وضع المرأة. علينا الكثير لنفعله مع القوى في العالم. علينا ان نعمل من اجل تعبئة تلك القوى وجلبهم الى صفنا. علينا ان نوضح الامور بكل قوتنا. لم نفعل الشئ الكثير للاسف في هذا الاطار.

نحو الاشتراكية: هنالك قوى تعتقد انها تعمل من اجل المرأة ولكنها تحرف نضال المرأة الى نضال من اجل زيادة عدد المقاعد في البرلمان وهي نفسها تقول ان النضال من اجل مساواة المراة لا علاقة له بنضالها من اجل المساواة التامة مع الرجل؟ او اخرى تريد فصل نضال المرأة عن الحركة الاشتراكية. ماذا تريدون من المنظمات والقوى الانسانية العالمية للمرأة العراقية؟

خيال ابراهيم: ان زيادة عدد النساء في أي برلمان او تجمع سياسي او اجتماعي شئ جيد ولكن السؤال هو من اجل ماذا ولاجل أي اهداف؟. ان عدد النساء في برلمان الجمهورية الاسلامية الايرانية كبير وربما سيحدث نفس الشئ في دول اخرى ولكن السؤال هو لم اوضاع النساء سيئة الى هذه الدرجة اذن؟ لماذا وضع النساء الايرانيات بهذه المأساة والكارثية؟ الى درجة ان الملبس محرم عليهن وهي من ابسط حقوق الانسان؟ وفي السعودية ايضا لا يسمح للنساء باشياء بسيطة واساسية!!. ما اهمية ان يمتلئ البرلمان بالنساء اذا كانت ممنوعة من قيادة السيارة؟؟ ان نفس تلك النساء تضع قوانين مجحفة بحق النساء ويبصمن على قوانين معادية لحريتهن انفسهن؟ ابسط مثال هو ما يسمى بالبرلمان العراقي وكله من النساء المحجبات. الامر لا علاقة له بهذا الجانب. ان نضال المرأة ليس نضالاً لجنس المرأة بل نضال سياسي اجتماعي واسع متعلق بمسائل سياسية واجتماعية كالنضال من اجل الاشتراكية وانهاء سياسة التمييز العامة في المجتمع.؛ تمييز الناس الى شيعة وسنة واسلام ومسيحيين وصابئة ونساء ورجال وغير ذلك. لا يعرف الانسان في الرأسمالية على اساس انسانيته بل على اسس مزيفة بهدف تقسيمه وتحطيم انسانيته. برأيي ان قضية المرأة مرتبطة بانتصار قضية العمال على الرأسماليين أي بالاشتراكية. ان الرأسمالية هي السبب في مصائب النساء وهي التي ترسخ النظام الرجولي وتخرج الدين من الكهوف المظلمة وتسلطه على الجماهير، بينما الاشتراكية تحقق المساواة والحرية بين البشر. اننا نطالب القوى الانسانية والتحررية الوقوف مع مطالبنا في المساواة الكاملة للمرأة بالرجل وفي التصدي ونقد قوى الاسلام السياسي المعادية للنساء في العراق، نطلب منهن الوقوف معنا وقفة جريئة.

نحو الاشتراكية: ماذا تقولين للفتاة والمرأة العراقية في يوم المرأة العالمي هذه السنة؟

خيال ابراهيم: اقول لها من حقك ان ترفضي. من حقك ان تقولي لا لقوى الاسلام السياسي وللرجعيين الذين يريدون خنقك وازالة أي بصيص امل من حياتك. انهضي وقولي لا وانتمي الى حركتنا التحررية الاشتراكية والراديكالية من اجل ان تقوي بها وتقوى بك. وكل عام وانت بخير.