فاعلية المرأة العراقية في المجتمع



محمود الوندي
2007 / 3 / 8

عندما أتحدث عن المرأة العراقية من خلال كتاباتي الهدف منها لتوعيتها التي تشكل أكثر من نصف القوى البشرية في المجتمع ، والعمل على مكافحة كل أشكال التميز ضدها ، وتقويم يعض التقاليد والعادات التي لم تأمر بها الشرائع السماوية ولا شريعة حقوق الإنسان ، لكي تحتفظ المرأة بحقوقها الإجتماعية والقانونية حتى تنعم بحياة أكثر إنسانية وعدالة في ظل عراق جديد ، وننتهي من ذكورية الطابع ،لا يستطيع أحد أن ينكر دور المرأة في المجتمع العراقي إزاء عائلتها ووطنها وشعبها ، وقيام بواجباتها الإجتماعية والسياسية والثقافية بصورة متكاملة وإسهاماتها في تنمية المجتمع سواءً في مجال الطب أو التدريس أو التعليم أو الإدارة المؤسسات والإتحادات وحتى في مجال المهنية والحرة ووووووالخ ، بالأضافة الى تربية الأطفال ومسؤولية البيت ، ومواجهتها للتحديات القسرية التي أشبعتها بالقساوة والضيم وكللت حايتها بالآلام والأحزان المرير!!!!! ، ومنح الفرص لإبداعاتها وصياغة تفكيرها لتبلور شخصيتها الحقيقة بعد ان كانت مختفية وراء حجب التخلف ، فإن المرأة حيثما كانت وكيفما كانت ، هي بنت الدنيا وأمها وأختها وضرتها ، لأنها هي الوحيدة تتحمل معاناة ومصائب العائلة وتشارك الرجل بهموم الشعب والوطن ، بينما هي دفعت وتدفع الثمن الباهض لأحولها الشخصية لعدم التكافؤ الأجتماعي التي تغمد حقوقها الشرعية علانية مع سبق إصرار .

ما هي فعالية المرأة العراقية داخل المجتمع العراقي وما هي مظلوميتها ومعاناتها :
شاركت المرأة العراقية في كافة مراحل النضال وجنباً في جنب الرجل في مواجهة الأنظمة المتعاقبة في العراق ، وخاصة أيام النظام البائد وحكمه الدكتاتوري ، المرأة العراقية قدمت الكثير من التضحيات في ظل النظام السابق وسطرت أعظم البطولات في سبيل الوطن وشعبها وإنقاذه من الحكم البعثي الشوفيني الذي حكم العراق بالحديد والنار أكثر من أربعين عاماً ، أنها قرعت أبواب السجون من أجل زوجها أو أبنها أو أخيها ، وبعضها قدمت حياتها من أجل رفاهية وسعادة شعبنا وهي لم تبخل بحايتها لا في السجون والمعتقلات ولا في أقبية التعذيب والزنزانات ، المرأة العراقية ناضلت على الصعيد الاجتماعي والسياسي وتواجهت مختلف التحديات في تلك الظروف الصعبة ، كما ساهمت بكل النشاطات الميدانية عندما حملت السلاح وقاتلت كتفاً بكتف مع الرجل فوق قمم كوردستان ووديانها كمقاتلة قي صفوف قوات البيشمركة أو قوات الأنصار تابعة للحزب الشيوعي العراقي ، كما نزلت الى الشارع مع الرجل في المظاهرات والحتجاجات ضد الأنظمة القمعية وفي مقدمتها النظام البعثي الدموي ، لأنها خضعت مع باقي شرائح المجتمع للمعاناة والألام والمصائب على أيدي تلك الأنظمة الفاسدة ، ولا شك بأن معاناتها كانت أشد وطأة من باقي شرائح وفئات المجتمع .

بعد سقوط نظام البعث واجهة المرأة العراقية كثيرمن المشاكل والمخاطر التي تهدد حياتها ، عندما سيطرت الأحزاب والتيارات الإسلامية على الشارع العراقي ، وأخذت تفرض الشرائع والقوانين من نفسها على المرأة وتدعمها بنصوص دينية وقبلية ، وربط حقوقها بالشريعة الأسلامية وأعراف وتقاليد عشائرية عفا عليها الزمن ، التي أصبحت كجزء من أيديولوجيا سياسية ، وتجبرالمرأة من متشددين من كلا الطائفتين تحت تهديد السلاح على أرتداء الحجاب وحتى تفرض ألوان معينة في الملبس وتمنع الألوان الأخرى ، هذه القوى تقف حجرعثرة في طريق وصول المرأة الى مطامحها وتحقيق رغباتها وتطلعتها ، التي تحاول دائماً تحد من قدراتها وحرمانها من جميع حقوقها المشروعة ، وتمنعها من نشاطاتها السياسية والأجتماعية والثقافية وحتى الأقتصادية ، لأن هذه القوى غير معنية بحقوق المرأة العراقية وغير مقتنعة بها ولا يربطها اي رابط ألا وسيلة لتحقيق مأربها ومصالحها الضيقة ، وتحاول أيضاً هذه الأحزاب والتيارات التقليل من شأن المرأة العراقية وأحباط دورها في بناء مجتمعنا الديمقراطي الفيدرالي في عراقنا الجديد ، بواسطة تهميش لحقوقها مرة أخرى بعد أن ذبح على يد نظام البعث خلال نصف القرن الماضي ، لأن المرأة في تصور هؤلاء كأنها لم تخلق إلا للولادة وأرضاع الأطفال وأرضاء الرجل وتنفيذ مطتلباته . ويريدون أن يحجبوا وجه المرأة العراقية وعقلها ببراق الظلام ويغسلوا دماغها بأسم الإسلام ، لكن الإسلام كما معروف لم تمنع المرأة من حضور المساجد والمساهمة في فعاليته ، وكان الرسول ( ص ) يصطحب معه النساء في جميع حملاته الكبيرة .

ومن جهة أخرى عانت المرأة العراقية من أضطهاد آخر الذي يفرضه المجتمع عليها بسبب الجنس وكونها أمرأة (عندما نقول المجتمع لا نعني الرجل وحده ، بل المرأة نفسها)، حيث ينظر إليها بما تختزنه من موروثات والإفكاروأعراف تتحكم بحركتها ونمط تفكيرها على أنها أدنى من الرجل ، وأنها تابعة له ، أن تغيب المرأة يتخذ تارة طابعاً دينياً ، وطابعاً عرفياً تارة أخرى ، بسبب تلك الأعراف والتقاليد كانت تحرم من حقوقها ولا تستطيع أن تعبرعن إرادتها وأرائها ، لقد عانت المرأة العراقية طويلاً من هذا الوضع الظالم والمخيف ، ما زالت تعاني من قيود تقليدية أجتماعية متخلفة ، وهي مهمشة وتعيش تحت أوضاع جائرة ومجحفة بحقها رغم حصولها على بعض الأمتيازات أبان ثورة 14 تموز المجيدة ، لا أبالغ إذا قلت إن المرأة العراقية لا تتمتع بالحقوق نفسها التي يتمتع بها الرجل ، وتنظر اليها من قبل المجتمع أنها كائناً لا يصلح سوى لإنتاج الخام البشري والخدمة في البيوت والمزارع ، فأصبحت حياتها أشبه بحيات النبات وهي عالة على رجالها ، لذلك كان الفقر مسيطراًًعلى أكثرعوائلنا لأن المرأة عاجزت عن كسب رزقها الضروري لأعالة أطفالها وخاصة بعد وفاة زوجها ، وهذه الإشكالية لا تتحمل مسؤوليتها المرأة وإنما يتحملها المجتمع الأسير لقيم المورث التأريخي الذي يجد في جمبع المجالات الرجل أكثر جدوى من المرأة ( فتبعية قصور يقع على الرجال ) ، رغم مساهمة نخب المجتمع من الرجال في تفعيل المطالبة بحقوق المرأة فهناك من كتب العشرات من الأبحاث حول انتهاك حقوق المرأة وهناك من أخذ على عاتقه كتابة المقالات في الصحف والمجلات للمطالبة بالمساواة في الحقوق بين الرجال والنساء .

إن وقوف نخب المجتمع من الرجال إلى جانب المرأة لانتزاع حقوقها من المجتمع ، وساهمت تلك الآراء في فسح المجال في الوقت الراهن لطرح آراء أكثر جرأة لإسقاط أركان أخرى من المورث المتعارض مع الواقع المعاصر ، وفتحت سُبل جديدة للنضال للمطالبة بحقوق المرأة ، بالرغم من أهميتها في نشر الوعي ويشكل عنصراً أساسياً للمساندة لها ، لكن الأبحاث والآراء والمقالات تبقى الذكورية عديمة الفعالية دون مساهمة المرأة ذاتها بخطوات عملية لتأكيد وجودها في المجتمع ، لأن مجتمعنا العراقي بوضعه الحالي ، أكثر حاجة لإشراك المرأة في خطط وعمليات التنمية ، وإشراكها في مشاريعها الرامية الى تحسين نوعية الحياة في العراق ، وتأسيس بيئة أفضل لنمو الأقتصاد البلد وتطوره تكنولوجيا وتقنيا من خلال التعليم والتدريب والتأهيل لمجابهة تحديات العصر بجميع أشكالها وألونها ، بعد أن اصبح لاقتصاد الدور الحاسم في بناء المجتمعات الحديثة ، ولا يتم ذلك من دون تسخير كل الطاقات المادية والموارد البشرية , ولذلك ينبغي أن تستوعب كل فئات المجتمع دون تميز بين فئاته وأجناسه ، لا بد أن تعتمد في جهودها على مشاركة المرأة بجانب الرجل ، أن تغيب المرأة عن ممارسة أدوارها من أخطر التهديدات التي تتعرض لها أمة ما ، لأن لها طاقة كبرى يمكن ان تسد نواقص كثيرة لا يستطيع سدها الرجل ، ليس في بيتها فحسب كصنو للرجل في المسؤولية ، وإنما في كثير من المجالات الحياتية داخل المجتمع .

تتطلب من المؤسسات الجماهيرية والنقابية والقوى الوطنية لتفعيل نشاطها لضمان حقوق المرأة داخل المجتمع العراقي التي تعيش فيه ، لمساهمتها الفاعلة في البناء وأرساء المجتمع المدني على أسس الديمقراطية في ظل المساواة والعدالة داخل العراق ، على المرأة لا تفقد شعورها كأمرأة ، عليها أن تكون ذات شخصية قوية ، وتكافح من أجل حريتها وأستقلالها والحفاظ على كرامتها لتحقيق حقوقها المشروعة ، وأن تقف ضد الأستغلال والعادات والتقاليد الأجتماعية المتخلفة حتى تتمكن من التأثيرعلى المجتمع وحتى تكون صوتها مسموعة لكي تؤدي واجبها بالوجه الصحيح ، لأن عملية تغيير هذا الواقع يتطلب جهوداً كبيرة من قبل المنظمات والهيئات والأتحادات النسائية والرجالية لبناء مجتمع مدني ديمقراطي فيدرالي تستطيع فيه المرأة أن تزاول نشاطها السياسية والثقافية والأجتماعية والتعبيرعن رأيها بصورة صحيحة .