لنبني حركة نسائية نقابية واسعة



ميخال شفارتس
2007 / 3 / 8

قبل عامين بالضبط، في يوم المرأة العالمي، كرّم المنتدى النسائي لجمعية معا اول فوج من ست عاملات من كفر قرع التحقن بجمعية معًا ودخلن من خلالها العمل المنظم في الزراعة. كانت الخطوة عبارة عن امتحان مزدوج: امتحان للعاملات اللواتي استجبن لنداء معًا، وكان السؤال هل يصمدن في العمل، ويثبتن انفسهن في المنافسة غير المنصفة مع العمال الاجانب الارخص اجرا؟

وكانت ايضا امتحانا اكبر لجمعية معًا: هل تستطيع فتح اماكن عمل امام الآلاف من النساء، وتبني معهن قوة اجتماعية مؤثرة؟ هل تنجح في تنظيمهن نقابيا لمواجهة الاستغلال في مكان العمل، وبناء استقلال المرأة الاقتصادي والذاتي وتحويلها لعنصر فعال في المجتمع؟

ان بناء مجتمع عصري تقدمي لا يكون الا بإشراك المرأة. وترى معًا في خروج المرأة الى العمل المنظم، وتحقيق استقلالها الاقتصادي، شرطا اساسيا لتدعيم مكانتها، تعزيز ثقتها بنفسها وحصولها على حقوقها وعلى المساواة.

ان تحويل ربة البيت الى عاملة من شأنه ان يخدم المجتمع ككل. فالفقر الذي يعانيه اكثر من نصف المجتمع العربي نابع من نسبة المشاركة المنخفضة للمرأة العربية في سوق العمل، والتي لا تتجاوز ال 17%. السبب الرئيسي للنسبة المنخفضة هو فقدان فرص العمل الجدية المطروحة امام المرأة العربية، نتيجة الاهمال الحكومي وسياسة التمييز في التشغيل ضد العرب.

سبب آخر مهم هو القمع الاجتماعي الذي يعيق خروج المرأة للعمل، ولكننا نلاحظ تغييرا في هذا المجال نظرا لتفشي الفقر. فقد اصبح خروج المرأة للعمل ضرورة ملحّة، للحفاظ على الحد الادنى من مستوى المعيشة. النتيجة هي تحوّل المرأة الى عنصر مهم ومنتج، ومساهِم حقيقي في الاقتصاد البيتي وبالتالي في الاقتصاد العام.

غير ان مجرد خروج المرأة للعمل لا يكفي لضمان حقوقها. قلة فرص العمل تجبر الكثير من النساء للقبول بالعمل في ظروف من الاستغلال البشع، ودون الحصول على الاجر الكامل والحقوق الاجتماعية.

لذلك لا يقتصر نشاط جمعية معًا على إحداث اماكن عمل للمرأة، سواء بالزراعة او من خلال تأهيلها المهني لصنع السلال وتسويقها، بل نسعى لتأطيرها نقابيا، وتوعيتها لحقوقها في العمل وتنظيمها للمطالبة بتحسين ظروف عملها. العمل المنظم مع كامل الحقوق، والتواصل الحيوي بين المرأة والنقابة، يخلقان الجو والأساس المتين لبناء حركة نسائية عاملة، واعية ومؤثرة.

ولكن ليس بالعمل وحده نرفع شأن المرأة في المجتمع، بل هناك ضرورة لمواجهة قضايا الكبت الاجتماعي الذي يسلبها حقوقها الشخصية ويعيق تطوير مكانتها الاجتماعية. وعليه ينظم منتدى معًا النسائي ورشات هدفها تمكين المرأة العاملة، لتكتشف قدراتها الحقيقية وتطورها وتتمكن من مواجهة الآراء المسبقة حول المرأة. في هذه الورشات تتعرف النساء على اهمية التضامن النسائي، قوة المجموعة، اهمية بناء حركة نسائية ونقابية واسعة، واهمية بناء حزب عمالي يمثل الحركة النقابية والنسائية في الاوساط السياسية ويدافع عن مصالحها.

منتدى معًا النسائي يؤهل المرأة للقيام بدور ريادي تنظيمي ومسؤول، يوعيها نقابيا ويؤهلها لمهمة التوعية للفكر النقابي بين العمال والعاملات، وتجنيد المزيد من النساء للعمل المنظم. كما تفسح لها دورات التدعيم النسائي الامكانية للحصول على دور تنظيمي في توسيع صفوف هذه الحلقات، وتنظيم فعاليات على الصعيد الاجتماعي العام في القرية. والهدف هو بلورة جمهور النساء العاملات الى كتلة متماسكة ذات هدف ومصير مشترك.

في الثامن من آذار القريب سنعمل على حشد اكبر قوة نسائية عمالية ممكنة، بالاضافة للنشيطات وللنشيطين من الوسط اليهودي والعربي الداعمين لمطالبنا. هدفنا ان نثبت استعداد النساء للعمل، وتحقيق اختراق في الرأي العام الاسرائيلي والاعلامي، للتأثير على الجهات الحكومية. نسعى لنثبت ان جوهر المشكلة هو في الطبيعة الرأسمالية للحكومة واقتصادها، وليس في الطبيعة التقليدية للمجتمع العربي.

في التاسع من آذار نعود للعمل اليومي، للمعركة من اجل العمل المنظم ومن اجل الوعي النقابي والاجتماعي، حتى نبنى حركة نسائية نقابية مع آلاف العاملات وانصارهن، وهذا لا يزال التحدي الكبير امامنا.