لماذا...8 مارس؟؟



فاطمة الزهراء المرابط
2007 / 3 / 10


أغلبية الناس لا يعرفون عن تاريخ 8 مارس سوى أنه " عيد المرأة ".. تتلقى فيه وردة أو قبلة معايدة.. أو هدية مميزة أو عشاء فاخر.. هذا هو الاعتقاد السائد في أغلبية المجتمعات العربية و الغربية.. لأنه لم يتم تأمل جذور هذا اليوم أو هذا التاريخ الذي من أجله أسيلت الدماء على إسفلت بعض البلدان الرأسمالية المستغلة لليد العاملة النسائية... و هنا تتبادر إلى ذهني عدة أسئلة: ماهي خلفية هذا التاريخ...؟؟ كيف ينظر الناس إلى اليوم العالمي؟ ماهي أهم المكتسبات التي حققتها المرأة المغربية في ظل السنة الماضية؟... من أجل ذلك كانت هذه اللقاءات السريعة مع مجموعة من النساء:

ماهي خلفية هذا التاريخ؟

ـ خديجة ( 27 سنة) نقابية: « إن اليوم العالمي للمرأة... هي مناسبة خاصة جدا ترجع جذورها إلى القرن 19، حيث خرجت عاملات النسيج سنة 1857 في الولايات المتحدة الأمريكية إلى الشارع في مظاهرة تنادي بتحسين ظروف و شروط العمل الممتد طيلة 12 ساعة في اليوم، و قد شنت الشرطة الأمريكية على هذا الاحتجاج هجوما متوحشا ذهب ضحيته عدة عاملات.. لكن هذا الحشد من النساء تمكن من طرح مشكلة المرأة العاملة و إبرازها الى الوجود، فتشكلت قوة ضاغطة في شكل نقابة نسائية لعاملات النسيج بعد مرور سنتين على هذه المظاهرة، التي شكلت الأساس لنضالات النساء العاملات فيما بعد، حيث خرجت في 8 مارس من سنة 1908 بنيويورك 15 ألف عاملة، من أجل المطالبة بتخفيض ساعات العمل اليومي الممثلة في 12 ساعة إلى 8 ساعات و تحسين شروط العمل وزيادة الأجور و إلغاء عمل الأطفال و حق المراة في الاقتراع. و في السنة الموالية حدث اكبر إضراب لعاملات النسيج والذي شارك فيه حوالي 30 ألف عاملة و قد امتد هذا الإضراب لمدة 13 أسبوعا احتجاجا على سوء ظروف و شروط العمل و الأجور الهزيلة، لتصبح هذه المظاهرات و الاضرابات قاعدة تسير عليها كل النساء العاملات في العالم، حيث خصص هذا اليوم من كل السنة لمناقشة قضايا المرأة و المطالبة بحقوقها الشرعية.. ».

ـ فاطمة( 45 سنة) فاعلة جمعوية: « يحتفل النساء و الرجال كل سنة باليوم العالمي للمرأة ،حيث يعتبر هذا اليوم المناسبة المثالية لاستعراض المستجدات الحاصلة في حقوقه المرأة و مساواتها، وتقييم التحديات التي يجب على النساء التغلب عليها في الوقت الراهن، والتدابير التي تم اتخاذها لتحسين وضع النساء عبر العالم، بحيث تجتمع كل نساء العالم على اختلاف ثقافتهن و لغتهن و عرقهن و مستواهم الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي، للاحتفال بيوم 8 مارس يوما عالميا للمرأة. حيث تنظم بالمناسبة مظاهرات و مسيرات و ندوات و مهرجانات و ملتقيات ثقافية و حقوقية تصب في مجال حقوق المرأة، من أجل تخليد هذا اليوم العالمي.. لكن حاليا نجد بأن هذا اليوم غائب في ثقافتنا الشعبية المغربية، إذ تم تشويه هذا اليوم كما لو كان مثل أي مناسبة أخرى عابرة لا تاريخ و لا جذور لها».

ـ سمية( 20 سنة) طالبة جامعية: « كنت أسمع كثيرا باليوم العالمي للمرأة لكني اعتقدته مجرد مناسبة كأي مناسبة أخرى مثل عيد الحب أو عيد الفطر، مجرد يوم لتقديم التهاني و الهدايا لا غير... لكن بعد التحاقي بصفوف الجامعة أحسست بطعم آخر لهذا اليوم، لم يكن مناسبة عادية كما اعتقدت طيلة السنوات الماضية، و إنما يوما ذو خلفية تاريخية ممتدة طيلة قرنين من الزمن، تم خلالهما عدة إنجازات و مكتسبات مميزة في مجال حقوق المراة من المساواة بين الرجل و المراة في الحرية في الملكية في التعبير في العمل في مختلف الحقوق الطبيعية الخاصة بالإنسان..».

كيف ينظر الناس إلى اليوم العالمي في الوقت الراهن؟

ـ قاسم ( 40 سنة) رجل تعليم: « لقد أصبح اليوم العالمي مجرد تقليد سنوي...عبارة عن مسيرة سلمية تنظمها مجموعة من النقابات و الجمعيات النسائية بالعاصمة، مسيرة سلمية مصحوبة بالهتافات و الشعارات الجوفاء... تنتهي عادة بسهرة فنية و جلسات حميمية، لم يعد لليوم العالمي ذلك الحس النضالي... ذلك الاحتجاجي الذي كان خلال السنوات الماضية... ».

ـ لمياء ( 30 سنة) ربة بيت: « لم يعد هناك نفس النفس الطويل... لم تعد هناك طاقات تعمل على تنظيم هذه المظاهرات أو الاحتجاجات تعتبر أحد حقوق النساء المشروعة، هناك ظروف اقتصادية و اجتماعية تعيشها النساء و المرأة العاملة بشكل خاص، يدفع بالعديدات إلى الرضوخ إلى عدة تنازلات و تضحيات مختلفة من أجل لقمة العيش، كما إن الاتكالية و اللامبالاة و عدم الاهتمام بمشاكل وقضايا محورية تهم المرأة بشكل كبير، و انشغال كل امرأة بنفسها و باهتماماتها التافهة، يؤدي إلى تراجع الصوت النسائي في هذا اليوم، لذلك نجد بان من يخرج في المسيرات السلمية التي تقام خلال هذا اليوم النساء التي لا يعانين من أي مشاكل مادية أو زمنية و الذين يشغلن وقتهن بالصراخ المكتوم الذي ليس له أي صدى».

ـ سليمة ( 45 سنة) صحافية: « يظل أي اهتمام بالمرأة و حقوقها غارقا في سبات عميق... و ينهض فجأة في 8 مارس من كل سنة.. هل المناداة بحقوق المراة رهين بهذا التاريخ..! الذي تحول بفعل التطورات التي يعرفها المجتمع إلى نكرة.. لا لون لها.. مسيرة أو ندوة أو مناظرة أو مقالة على هامش جريدة أو صفحة الكترونية.. هل هي كافية لإحداث تغييرات في وضعية المرأة المهمشة المستغلة في ظل الرأسمالية.. العولمة.. التي تلتهم أي شيء في سبيل تطورها وربحها الدائم..».

ماهي المكتسبات التي حققتها المرأة المغربية خلال السنة الماضية؟

ـ سلمى(25 سنة) فاعلة جمعوية: « ليس هناك مكتسبات ذات قيمة ملموسة... سوى مدونة الأسرة التي مازالت تتخبط في مشاكل لا حصر لها... من أجل تطبيقها...لكن السؤال الذي يجب أن يطرح هو ماذا ننتظر من سنة 2007؟ سؤال دقيق يثير العديد من الإجابات المتنوعة، وهو إلى ذلك سؤال يدفعنا إلى التفكير في ما هو بمستطاعنا وبإرادتنا، كمغاربة أن نحققه خلال هذه السنة، وأن نحدد آفاقنا وننخرط في إنجازها في سنة 2007، وهي سنة قنطرة، سنة انتخابية غنية بالأحداث، وسنة سيتعبأ لها الكل، من حكومة وأحزاب سياسية ونقابات ومجمتع مدني وقطاع خاص ومواطنين مغاربة..».

ـ محمد ( 39 سنة) سياسي: « مازالت الفعاليات النسائية تناضل من اجل المطالبة بحقها في التمثيلية السياسية، و رفع نسبة التمثيلية إلى المناصفة بدل الثلث قصد المساواة السياسية بين الرجل و المرأة، في ظل القوانين الانتخابية المغربية التي لم تسعف المراة في إبراز حجمها السياسي الذي تمثله داخل المجتمع المغربي و حضورها المكمل الذي فرضته الهيمنة الذكورية على جميع المستويا ت خاصة و أن الأحزاب السياسية لم تتبنى هذا المطلب بشكل جدي خاصة و أن الأحزاب كانت تعقد عليها النساء أملا كبيرة من اجل الدفاع عن قضاياهن خاصة و انه تم استغلال أصواتهن لدرجة كبيرة في حين تم تقزيمهم سياسيا، الأمر الذي دفع بهن إلى الالتحام بالجمعيات الحقوقية و السياسية و الهيئات المدنية من اجل الدفاع عن حقوقهن... ».

ـ ناديا( 18 سنة) طالبة جامعية: « المستجد الوحيد الذي أستطيع الاعتراف بأهميته.. هو اكتساب المرأة لحق منح جنسيتها لأبنائها، هذه الجنسية التي حرم بسبب عدة أبناء من التعليم الجيد، من الفرص الجيدة في متابعة الدراسة.. في الشغل.. هنا عنصرية كبيرة في المساواة بين أبناء المواطنة المغربية و المواطن المغربي الذي يحضى أبنائه بكل الحقوق التي يخولها له الدستور باعتباره حامل للجنسية المغربية، في حين أن الابن الذي يحمل جنسية أخرى يعتبر مغتربا في أحضان وطنه.. ».

هناك عدة آراء كلها تصب في تراجع الاهتمام باليوم العالمي، كيوم نضالي... كيوم احتجاجي... لمناقشة القضايا الحساسة المتعلقة بالمرأة... بوضعيتها... بحقوقها... كما أن سنة 2006 لم تحقق إنجازات تذكر غير بعض المطالب التي لم تجد لها الصدى الكافي، و بعض المحاولات الفاشلة لترسيخ مدونة الأسرة في غياب الشروط اللازمة لتطبيقها و تحقيق النجاح لأهدافها...

******************

ملحوظة: هذا المقال... مقتطف من دراسة أنجزتها قبل أسابيع.. والتي سأحاول أن انشر بهذا المنبر مقتطفات منها بشكل لاحق... فقط أردت أن القي الضوء بعجالة على استطلاعات و آراء بعض الفاعلين في المجتمع المدني.


فاطمة الزهراء المرابط
أصيلة ـ المغرب