اضطراب حياة النساء في العراق: خيار سلفادور



عبدالوهاب حميد رشيد
2007 / 3 / 13

في تقرير مفحم صدر عن المنظمة الدولية لحقوق المرأة MADRE بعنوان: الديمقراطية الموعودة، فَرضْ الثيوقراطية (الحكومة الدينية): التمييز الجنسي- المستند إلى العنف والحرب الأمريكية على العراق. يكشف عن قدر واسع من الإهمال لحقوق المرأة وسط الفوضى والعنف الحاصل في ظل الاحتلال الأمريكي للعراق.
تتحمل المرأة العراقية مستويات غير مسبوقة من الاعتداءات في حياتها العامة، بما فيها الاختطاف على نحو واسع، الضرب أمام العامة، تهديدات بالقتل، اعتداءات جنسية، قتل (غسل العار)، تعسف منزلي، التعذيب في المعتقلات، القتل- ذبح الضحية، إطلاق النار والإعدام. ولم يقتصر استهداف المرأة على تلك التي تتحدى الممارسات السياسية التي تخل بحقوقها، بل شملت المرأة بعامة، كونها الجزء الأضعف من المجتمع المدني، حسب هوزان محمود Houzan Mahmoud ممثلة منظمة حقوق المرأة في العراق OWFI في حوار عام تزامن مع صدور التقرير.
"قبل احتلال الولايات المتحدة، كان النظام العراقي دكتاتورياً، نعم لم يكن مثالياً، لكنه وفّر الأمن، فتح مجال للمرأة أن تعمل، أن تخرج للنزهة، حسب قول هوزان لوكالة IPS. وأكدت بقولها "توفرَ قدر من الحماية للمرأة في ظل النظام العراقي السابق، لكنه زال حالياً بفضل الاحتلال."
هوزان ناشطة نسائية تعمل مع منظمة نسائية غير حكومية- OWFI- لتعزيز حقوق المرأة ومساعدة ضحايا سوء المعاملة الناجمة عن تصرفات المجموعات الدينية وإصدار الفتاوى بحقها، بما في ذلك القتل.
يوثق التقرير الاستخدام المنظم للعنف على أساس التمييز الجنسي- ضد المرأة- من قبل الإسلاميين العراقيين الذين وضِعوا في السلطة من قبل المحتل الأمريكي بعد إسقاط النظام العلماني السابق للبعث العراقي. ويلقي الضوء على دور الولايات المتحدة خلق أزمة حقوق الإنسان في سياق هجمات متواصلة ضد المرأة العراقية.
"على عكس لهجتها البلاغية المنمقة، وفي سياق ممارساتها غير الشرعية بالعلاقة مع معاهدات هاغو وجنيف، رفضت إدارة بوش حماية حقوق المرأة في العراق، بل عمدت وبإصرار إلى الاتجار بحقوق المرأة لكسب تعاون الإسلاميين، حسب قول Yifat Susskint مديرة اتصالات المنظمة الدولية لحقوق المرأة MADRE وكاتبة التقرير.
وكمثل المتطرفين الإسلاميين في الولايات المتحدة وغيرها: إيران، الجزائر، أفغانستان.. يرى هؤلاء الإسلاميون في العراق أن إخضاع المرأة وطاعتها وتبعيتها تشكل قمة الأولوية عندهم وشرطاً مسبقاً للنظام الاجتماعي الذي ينشدون إقامته. إن حملة العنف ضد المرأة كان الشرط الأول في حربهم الإسلامية لإقامة نظام ثيوقراطي في العراق، حسب التقرير.
قامت الأمم المتحدة والمنظمة المعترف بها دولياً- العفو الدولية لمراقبة حقوق الإنسان- بتوثيق الهجمات ضد المرأة في العراق والتي بدأت فعلاً بعد أسابيع قليلة من الغزو/ الاحتلال الأمريكي. ولم تتخذ السلطات الأمريكية أية خطوات لإيقاف هذا العنف، وحالاً اتسع العنف على مستوى البلاد، حسب هوزان محمود.
في أعقاب إساءة المعاملة والتعذيب- فضيحة سجن أبوغريب تحت الإدارة الأمريكية- يلاحظ "لغايته لم يُحاكم سوى 11 عسكرياً أمريكياً ومن المراتب الدنيا،" حسب Jennifer Green من كادر المحامين للحقوق الدستورية في مركز نيويورك CCR. وأضافت أن الولايات المتحدة وضعت حداً يتمثل في أنه "لن يكون هناك مستوى عال من المسئولية للممارسات بحق المعتقلين والمعتقلات،" حسب تأكيد غرين.
بدأ الإسلاميون خلال العام الأول من الاحتلال بقتل الفنانات العراقيات، أهل الفكر، أصحاب الخبرات العلمية، الأقليات الإثنية والدينية...،" حسب التقرير. وهذه الممارسات مستمرة لغاية الوقت الحاضر، حسب سوسكنت. وأضافت "إن العنف على أساس التمييز الجنسي أخذ بالاتساع ليتعدى المرأة إلى أي شخص يحكم عليه الإسلاميون أنه لا يسير وفق برنامجهم."
على أي حال، إن نظرة هؤلاء إلى المرأة باعتبارها حاملة السمات الشخصية للمجموعة، وضعتها في نقطة تقاطع محصورة وضعيفة تجاه تهديدات المليشيات وسطوتها، حسب التقرير.
كما كشف تقرير لمنظمات المرأة العراقية بأن المليشيات أخذت "تثأر من بعضها البعض من خلال اغتصاب المرأة،" علاوة على استهداف المرأة المسيحية باغتصابها وقتلها كجزء من هجوم واسع على هذه الأقلية وغيرها من الأقليات.
تعرضت المرأة في العراق وبشكل منظم لهجمات المليشيات الثيوقراطية لكلا المذهبين "الإسلاميين" المتصارعين، لكن العنف الأكثر اتساعاً ارتُكبتْ من قبل مليشيات طائفة (الأكثرية)- الفروع الموالية للحكومة والمدعمة من قبل الولايات المتحدة- فيلق بدر وجيش المهدي، حسب سوسكنت.
شنَّتْ هذه المجموعات، ولا زالت، حملاتها العنيفة المسلحة الإرهابية ضد المرأة، في ظروف حصولها على التدريب والمال من الولايات المتحدة وفي ظل سياستها المعروفة بـ "خيار سلفادور،" حسب المنظمة العالمية لحقوق المرأة MADRE.
إن "خيار سلفادور" تسمية مرجعية لبرنامج مساعدة مليشيات مؤيدة لحكومة السلفادور التي كانت خاضعة للنفوذ الأمريكي ضد المقاومة الوطنية المسلّحة FMNN ومؤيديهم. تم إنشاء تلك المليشيات في ظل جيمي كارتر، واستمرت محل رعاية رونالد ريغان. وفي إطار هذا البرنامج قدّمت الولايات المتحدة المساعدات التدريبية والمادية للمليشيات. وقُتل أكثر من 75 ألف مواطن مدني في السلفادور على أيدي تلك المليشيات في الثمانينات، حسب تقرير الأمم المتحدة.
ومن السخرية أنه بعد إعلان بريطانيا نيتها الانسحاب من العراق، سيكون "خيار سلفادور" أحد أبرز الشركاء الرئيسين للولايات المتحدة لتنفيذ مهمات الاحتلال في العراق.
لسوء الصدف، لم تُشخص لا وسائل الإعلام الرئيسة والبديلة.. ولا الحركات المضادة للحرب في العراق التداخلات القائمة بين الهجمات على النساء وبين انتشار ظاهرة العنف التي أشعلت الحرب الأهلية في العراق، حسب MADRE.
فالعنف ضد المرأة في العراق ليست حالة عرضية طارئة بالعلاقة مع الأعداد الضخمة من القتلى المدنيين في ظروف الحرب الأهلية، بل أنها مفتاح إدراك الأزمة الأوسع.. الأزمة المزدوجة التي تنشر وبائها الكارثي ضد المدنيين العراقيين- العنف ضد المرأة والحرب الأهلية- باعتبارهما ظاهرتان شقيقتان متكاملتان تتسمان بقوة عنف مضاعفة، حسب التقرير.
على سبيل المثال، ففي ميدان التشريع، برزت نفس الاستعدادات والشروط الأمريكية في مساومتها على الدستور بالعلاقة مع مشكلة التمييز ضد المرأة. ففي المادتين 39 (و) 41 تأسيس لبناء أرضية العنف الطائفي، ولتدفع باتجاه إصدار قوانين فرعية منفصلة بالعلاقة مع التمييز على أساس الجنس والدين والمذهب والإثنيات، حسب التقرير.
أكد المتحدثون في فترة الغداء، إن التقرير يُعيد إلى الذهن الحديث عن مأساة حرب العراق من وجهة نظر المرأة العراقية. يلقي الضوء على الترابط والتداخل القوي بين حقوق المرأة وبين الحقوق الديمقراطية- قضيتان، حسب رأي المحتشدين، أنكرتهما الولايات المتحدة في العراق المحتل!
مممممممممممممممممممممممممممـ
Women s’ live unraveling in Iraq, (Mithre J. Sandrasagra, IPS), uruknet.info- 9 March,2007.
.. أنظر أيضاً:
Iraqi Women- The New target of “The Salvador Optopn”, By: Philippe Khan, Aljazeera.com-11 March,2007.


ترجمة: عبدالوهاب حميد رشيد