المرأة العراقية ... نضال على جبهتين



جلنار صالح
2007 / 3 / 13


ان امام نضالات المراة العراقية في المرحلة الراهنة ملفين مهمين : الاول هو الملف الوطني , والثاني هو ملفها الخاص بها كأمراة .فهي كمواطنه مطلوب منها – اسوة بالرجل – ان تتصدى لانجاز المهام الوطنية الراهنه كتحقيق الاستقلال التام للعراق وتحقيق الاستقرار السياسي والامني وتثبيت دعائم التجربة الديمقراطية وتحسين مستوى المعيشة والمباشرة بحملة اعمار جادة ونزيهه وغيرها من المهام الوطنية التي لايمكن انجازها على اتم وجه دون المشاركة الفعالة للنساء .وهي كامراة لها اجندتها الخاصة بها حيث تسعى الى تحقيق المساواة بالرجل وتحقيق مكاسب ترفع عنها الحيف والظلم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي تعرضت له خلال الفترات السابقة .
انها بأختصار تخوض الأن صراعين الأول (الوطني) وهي تخوضه مع الرجل والثاني( انثوي – مطالبي ) وتخوضه ضد ذكورية المجتمع والدولة اللذين يصران على جعل انسانيتها من الدرجة الثانية. ورغم سماعنا مايشبه الاجماع الوطني على اهمية دور المراة العراقيه في مختلف صعد الحياة الا ان الكثير من العراقيل توضع, سواء, في طريق مشاركتها في النضالات الوطنية او في طريق النضال من اجل حقوقها كأمراة ,كما ان نظرة المجتمع العراقي الدونية للمراة واشاعة اوهام ( تبدو عند البعض كحقائق راسخة ) عن كونها ( ناقصة عقل ودين ) وان مكانها الطبيعي هو البيت كي تتفرغ لاسعاد الرجل وتربية الاطفال, وان اختلاطها بالرجل سيؤدي الى فساد اخلاقها ( فما اجتمع اثنان – رجل وامرأة – الا كان الشيطان ثالثهما) وان مجرد خروجها من البيت هو دعوة صريحة للشيطان الرجيم كي يغويها ,هذه النظرة بما تستند اليه من قيم متخلفة , ساهمت في الحد من نشاطات المراة العراقية الاجتماعية والسياسية ,ومما زاد من تاثير هذه التقاليد البالية الموجهه ضد المراة العراقية قيام البعض بتاطيرها باطار ديني وتصويرها بانها من اساسيات الدين الاسلامي وهي في اغلبها لاتعدو عن كونها قيم بدوية خالصة..
ان دخول المراة العراقية لميادين النضالات الوطنية والنسوية كان ولايزال يسبب لها الكثير من الصعوبات التي تفاقمت بعد تدهور الاوضاع الامنية في العراق وقيام مايشبه دولة طالبان في العراق
ورغم هذا الوضع الصعب الذي تعيشه النساء العراقيات الا انهن اثبتن جدارة واضحة وشجاعة مرموقة في فترة مابعد السقوط حيث ساهم العديد منهن في مختلف النشاطات السياسية والاجتماعية. لقد اخاف هذا النشاط القوى المعادية لحقوق المرأة وانطلقت عدة اصوات تحاول ارجاع المارد النسوي الى قمقم السيطرة الذكورية من خلال عدة دعوات منها :
اولا : ان ظروف العراق الحالية تستوجب تاجيل أي مطالب فؤية لان ( كل شيء من جل معركة المهام الوطنيه ) وان على النساء التوقف عن شن أي نضالات من اجل حقوقهن لحين انجاز المهام الوطنية . ان دعوات كهذه تتجاوز حقيقة ان نضالات النساء من اجل حقوقهن لايتعارض مع نضالاتهن الوطنية بل بالعكس من ذلك فان تحقيق أي مكسب نسوي هو بحد ذاته مكسب وطني مثلما ان أي مكسب وطني هو مكسب للحركة النسوية ,كما ان قيامهن بالمطالبة بحقوقهن كنساء لايؤثر على مشاركتهن في النضال الوطني وقد اثبتت كل تجارب الشعوب بمافيها التجربة العراقية الحالية ان النساء الناشطات في مجال حقوق المراة هن انشط النساء مساهمة في النضال الوطني.
ثانيا : قيام الاحزاب الاسلاموية بزج النساء في نشاطات متعددة تهدف الى عرقلة حصول النساء العراقيات على حقوقهن وذلك من خلال انشاء منظمات نسوية مرتبطة بتلك الاحزاب لاعلاقة لها من بعيد او قريب بنضالات المراة من اجل حقوقها بل ان اعضاء هذه المنظمات النسوية تورطن في مظاهرات تعارض منح المراة العراقية حقوقا كانت قد حصلت عليها اصلا.. لقد جرى طيلة الفترة التي اعقبت السقوط استغلال تأجج المشاعر المذهبية والطائفية لصالح الاحزاب الاسلاموية ولم تقدم تلك الاحزاب لانصارها من النساء سوى مزيدا من السواد والبكاء والحزن .
ثالثا :لم تكتف تلك الاحزاب بحرف النساء عن نضالهن النسوي فسارعت الى افراغ مضمون الدستور (الذي اشترط مساهمة النساء في البرلمان بنسبة تقرب من الثلث) وذلك من خلال ترشيح نساء قدمن مصالح تلك الاحزاب على المصالح الوطنية و المصالح النسوية.
لقد اختطفت تلك الاحزاب الحركة النسوية كما اختطفت من قبل الدين والمذهب وبهذ اصبحت مهمة فك اسر الحركة النسوية, وارجاعها لاحضان النسوة الوفيات لمباديء تحرر المراة ومساواتها مع الرجل , من المعارك العاجلة التي لابد ان يخوضها احرار العراق نساء ورجالا.

جلنار صالح