من أجل ريادة المرأة، أو الأمل الذي لازال بعيداالجزء الخامس:.....7



محمد الحنفي
2007 / 3 / 16

إهداء:
 إلى زوجتي،وأم أولادي:لطيفة،التي تناضل من أل حقوق المرأة،

 إلى كل امرأة ناضلت من أل أن تصون كرامة بنات جنسها.

 إلى كل امرأة باعتبارها أما،وأختا وزوجة، وبنتا، تحرص على أن تنال تقدير الناس لها.

 إلى فاما التي تستحق تقدير الشعب المغربي لاختيارها اعتناق قضاياه الكبرى بدل الانزواء في بيت الزوجية حتى ماتت.

 إلى الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة.

 من اجل مواجهة جحافل الظلام.

 من اجل امرأة بكافة الحقوق في جميع أنحاء العالم.

محمد الحنفي






علاقة المرأة مع نفسها:.....7


5) والمرأة لا تساهم في النضال السياسي / الديمقراطي العام، إلا بانخراطها في الصراع الطبقي الذي يخوضه الكادحون ضد الإقطاع، وضد الاستبداد الإقطاعي. والصراع الطبقي يقتضي تحريك جميع مكونات المجتمع، وكل التنظيمات الثقافية، والحقوقية، والنقابية، والحزبية، لأجل الاستنهاض الثقافي، والتنويري، والمطالبة باحترام حقوق الإنسان كما هي في المواثيق الدولية، ومن أجل تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية للكادحين المستهدفين بالاستغلال الإقطاعي، ومن أجل القضاء النهائي على النظام السياسي الإقطاعي، الذي تحل محله الديمقراطية، ولو بشكلها الديمقراطي البورجوازي، حتى يتم تحديث الواقع اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، ومدنيا، وسياسيا. وحتى يتم إعادة تشكيل المجتمع في إطار تشكيلة اقتصادية-اجتماعية أكثر تقدما. ذلك أن الصراع الطبقي، في شموليته، هو محرك التاريخ، وبدونه تبقى التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الإقطاعية، أو شبه الإقطاعية، تجدد نفسها، وتتأقلم مع التطور الذي يعرفه الواقع في جميع المجالات. وتحاول أن تستوعب بعض ملامح التطور، التي لا تؤثر في مسار النظام الإقطاعي، بل إن النظام الإقطاعي يستوعب التطور الذي يجعله شبه نظام رأسمالي، يتحول فيه الإقطاعيون إلى رأسماليين تابعين لمراكز السيطرة الرأسمالية، التي تدعم استمرار السيطرة الإيديولوجية الإقطاعية، في ظل النظام الإقطاعي الرأسمالي التبعي. ولذلك، فخوض الصراع الطبقي ضد الإقطاع، يجب أن يأخذ بعين الاعتبار هذا التحول النوعي في التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الإقطاعية، التي تصير تشكيلة اقتصادية إقطاعية / رأسمالية، حتى يصير صراعا ضد الإقطاع، وضد الرأسمالية التابعة، وضد الاستبداد الإقطاعي، وضد ديمقراطية الواجهة، التي تلجأ إلى تكريسها البورجوازية التابعة. والمرأة كجزء من المجتمع لا يمكن أن تبقى بعيدة عن الصراع ضد الإقطاع، لأنه صراع من أجل حريتها التي هي جزء من حرية المجتمع، تلك الحرية التي لا تتحقق إلا بالممارسة الديمقراطية الحقيقية: من الشعب وإلى الشعب.

6) وصراع المرأة ضد الإقطاع، وضد الإيديولوجية الإقطاعية، لا يمكن أن يكون سببا في تفكك الأسرة كما يدعي ذلك الإقطاعيون، وحاملو الفكر الإقطاعي. بل إن صراع المرأة من أجل دحر الإيديولوجية الإقطاعية، و من أجل تقويض النظام الإقطاعي، وإزاحة التصور الإقطاعي للأسرة في الساحة الاجتماعية، سيؤدي بالضرورة إلى إعادة صياغة التشكيلة الاجتماعية بكل تفرعاتها، بناء على تصور جديد لتلك التشكيلة، التي تنتج بدورها إعادة تشكيل الأسرة، التي تصير فيها المرأة سيدة نفسها على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. مما يمكن أن يعتبره البورجوازيون ممارسة ليبرالية في إطارها تفعل المرأة بنفسها ما تشاء، وبناء الأسرة التي تشاء، أو تبقى بدون أسرة، ومما يمكن أن يعتبره الساعون إلى تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، مساهمة في بناء أسرة جديدة، ومن نوع يتناسب مع بناء المجتمع الديمقراطي، والعادل. ويمكن أن يعتبره الحقوقيون سعيا إلى تحقيق حرية المرأة، وتمتيعها بجميع حقوقها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، التي تجعلها مستقلة عن الرجل، ومساهمة معه، ومتعاونة على بناء أسرة من نوع جديد، لإنشاء جيل جديد، لا يعرف الطريق إلى الاستبداد، بكل أنواعه التي لم تعد مقبولة على مستوى الأسرة، ولا على مستوى المجتمع، ولا على مستوى النظام السياسي القائم، طريقا، ليصير بذلك الاستبداد الإقطاعي في ذمة التاريخ.

7) والمرأة عندما تحقق حريتها، فلأنها هي الوسيلة التي تجعلها تنعتق من الممارسة الإقطاعية، ومن تصور الإقطاع للأسرة. وبالتالي فإن تلك الحرية هي التي تمكنها من الاختيار الحر، والنزيه، والقائم على التواصل النفسي، والوجداني للرجل، الذي يرافقها في حياتها، و يساهم معها في بناء الأسرة التي تقوم على المحبة المتبادلة، التي لا تلغي استقلالية المرأة عن الرجل، واستقلالية الرجل عن المرأة، في إطار الشراكة المتبادلة بينهما، في المسائل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، التي لها علاقة بالأسرة؛ مما يخدم التصور التربوي للمرأة، وللرجل معا، فيما يخص إعداد الأبناء على احترام إنسانية المرأة، وحقوق الإنسان، وعلى الممارسة الديمقراطية، التي تجعل مصير المجتمع، مستقبلا، قائما على الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية؛ لأن الأسرة هي نواة المجتمع، فإذا كانت مستبدة فإن ذلك يعني أن الديمقراطية ستبقى في ذمة التاريخ؛ لأن الديمقراطية و الاستبداد لا يلتقيان، والأسرة المستبدة لا تعني إلا استبداد الرجل بالمرأة، وبالأبناء، وبمصيرهم، لأنهم باستبداد الرجل، يصيرون فاقدين لحريتهم، و ينشأ الجميع على ذلك، فينعكس على مصير المجتمع ككل. والأسرة الديمقراطية، هي التي ينتفي منها استبداد الرجل. فتتمتع المرأة بحريتها، وينشأ الأبناء في مناخ الحرية، والديمقراطية، ويتمتعون بكامل حقوقهم التي تقتضيها مرحلة الطفولة. وهو ما يعني قيام مجتمع من نوع جديد، وتصور جديد، وبامرأة جديدة، لا علاقة لها بالتصور الإقطاعي المتخلف للمرأة، وللأسرة.

8) وقد يقول قائل: إن انخراط المرأة في التصور البورجوازي للمرأة، هو الذي يؤدي إلى تفكك الأسرة، وهو قول قد يظهر متحيزا للتصور الإقطاعي: القبائلي، والعشائري. وقد يكون متحيزا لتصور مؤدلجي الدين الإسلامي، وقد يكون موضوعيا فعلا، يهدف إلى تقويض التصور البورجوازي للمرأة.

فالتحيز للتصور الإقطاعي للمرأة، وللأسرة، يهدف إلى تكريس الاستبداد الإقطاعي بالمجتمع، انطلاقا من الاستبداد بالأسرة، والتحكم في توجيه تربية الأبناء على قبول الاستبداد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي. وبالخضوع المطلق للحكم الإقطاعي المستبد، الذي يعتبر قدرا من عند الله، وما هو قدر من عند الله، لا يناقش، كما يذهب إلى ذلك منظرو الاستبداد. والتفكير في تحقيق الديمقراطية، يعتبر طامة كبرى، يصعب القبول بها. والسماح بترويجها، حتى لا تفكر الأجيال القادمة فيها. ولذلك فمن يعتبر انخراط المرأة في التصور البورجوازي للمرأة يقف وراء تفكك الأسرة إنما يسعى إلى تأبيد التصور الإقطاعي، الذي يؤدي إلى تأبيد الاستبداد.

أما إذا كان متحيزا لتصور مؤدلجي الدين الإسلامي، فإن ذلك يعني أنه يعتبر المرأة عورة، وعلى المجتمع أن يفرض سترها تطبيقا لما يسميه مؤدلجو الدين الإسلامي بالشريعة الإسلامية، التي تقتضي أن يكون الرجل هو صاحب الكلمة الأولى في الأسرة، فهو الذي يربي المرأة، و يلزمها ب "تطبيق الشريعة الإسلامية" على نفسها، ويعمل على تربية الأبناء، وفق ما تقتضيه "الشريعة الإسلامية"، من أجل مجتمع "إسلامي"، يعمل على إقامة "الدولة الإسلامية"، واعتبار أن "الإسلام هو الحل"، لكل "المشاكل": الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، التي تعاني منها البشرية. وتصور كهذا ما هو إلا نسخة متخلفة عن النسخة الإقطاعية, لأنها تسعى إما إلى إعادة إنتاج نفس الاستبداد القائم، أو العمل على سيطرة استبداد بديل، يتناسب مع تطبيق ما يسميه مؤدلجو الدين الإسلامي ب "الشريعة الإسلامية"، لتبقى المرأة محرومة من حريتها، و من حقوقها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، ولينشأ الأبناء على أساس ذلك التصور الاستبدادي.

وقد يكون ذلك القول موضوعيا، يهدف إلى تشريح التصور البورجوازي، الذي يتعامل مع المرأة على أنها مجرد سلعة، ويعمل على إعادة الاعتبار للمرأة كانسان في جميع المجالات، وفي جميع مناحي الحياة، وفي جميع الدول ذات الأنظمة التابعة، التي تعاني من دونية المرأة، التي يقف وراءها اعتبار المرأة متعة، أو سلعة، أو عورة.