المرأءة الكوردية على اعتاب الالف الثالث والعصر العولمة



كازيوه صالح
2003 / 8 / 15


                ترجمة : حسن عبدالكريم

كما هو معلوم فان قضية المرأة اصبحت محوراً للنقاش منذ اكثر من قرنين وبالتحديد منذ الثورة الفرنسية و ارتباطها بحقوق الانسان ,  و في اواسط هذا القرن ,  انتشرت حركات نسائية ثورية في جميع انحاء العالم جعلت الدفاع عن قضية المرأة من اهدافها الرئيسية دون كلل .  وهن مستمرات في عرض و طرح مطالبهن التي تنبع من حاجاتها الرئيسية ,  و الفجوة الموجودة بين طرفين احدهما يطالب بحقوقه و الثاني هو المانح لتلك الحقوق ,  جعلت من هذه القضية مسألة اجتماعية جديرة بالمتابعة و التنفيذ ,  لان قضية المرأة ليست معزولة عن بقية قضايا المجتمع و التطور و المعضلات الاجتماعية الاخرى .
 و المجتمع الكردي عانى من هذه المشكلة و تمزقت اشلاؤه نتيجة الاخفاقات خلال سلوك هذا الطريق الوعر . 
ونالت المراة الكردية نصيبها فى هذا المجال.
 لوالتفتنا بشكل سريع الى الوراء, ورأينا ماعانت منها المرأة الكردية , وحاولنا التوصل الى معرفة ماسوف ينتظرها فى القرن القادم ,نصاب بنوع من خيبة الامل بحيث تجعلنا ننظر الى الاشياء بمنظار قاتم نوعاما.
  ومع ان السياح الاجانب قد امتدحوا المرأءة الكردية كثيرا واعتبروها اوفرحظا واسعد حالا بالمقارنة مع المرأة فى المجتمعات المحيطة بالمجتمع الكردي ,  الا ان هذه الانطباعات ليست صحيحة في الواقع فالمرءة الكردية شاْن المرأة فى اكثر انحاء العالم,  قد عانت من الانظمة المحتلة خلال تاريخها الطويل فهي عانت وتعانىمن الظلم الاجتماعى واغتصبت حقوقها بصورة مستمرة, اذا استثنينا الحقبة التاريخية التى كان  الانسان يعيش فيها حياة شبيهة بحياة الحيوانات.
 فالمرأة خلال تلك الفترة التاريخية لم تكن مقيدة وكانت تتمتع بحرية كاملة الى درجة انها كانت مسؤلة عن تربية الاطفال وتامين وسائل العيش للعائلة وهذه المسؤلية هى التىدفعتها الى التاْمل بدقة فى الطبيعة والبحث عن طرق مختلفة لتامين ماتحتاجة العائلة من المواد التى تقتات عليها.ومن هنا اهتدت الى الزراعة,وبفكرها الثاقب بالمقارنة مع الكائنات الاْخرى اوجدت الثورة الزراعية التى كانت فى البداية مقتصرة على زراعة الحبوب ثم اعقبتها انواع اخرى مختلفة مثل العدس والحمص والكتان,  والذىجعلت المرءة تفكر في النسج و الخياطة . 
وبماان قرية ( جرمو ) الواقعة في قصبة جمجمال التابعة ادارياً لمدينة السليمانية في كردستان. فاننا نستطيع ان نعتبر المرءة الكردية  هى المبادرة الى هذه الاكتشافات العظيمة,  ولاشك ان الانظمة المعادية للكرد تعتبر الاعتراف بهذه الحقيقة يحط من شأنهم فاختاروا السكوت عنها .
ان هذه القضايا ليست نهاية كفاح المرءة انها سجلت انتصارات اكثر اهمية من تلك القضايا ,  بحيث انها ساهمت في ادارة المجتمع مع ازواجهن و ساعدت اخوانهن و اباءهن في الحكم و قمن بتقريب الحضارات  .  وكانت هذه المحاولات مستمرة بصورة او باخرى خلال الحقب التأريخية المختلفة ,  و قد بلغت اوجهها حينما تمردت احدى النسوة الكرديات (نعيمة مصطفى) المعروفة ب(نعه نير) و هي واحدة من النسوة الثوريات اللواتي ساهمن في انتفاضة الثائر الكردي (ابراهيم خان ده لو) لابسة الزي الرجالي و ساهمت في الحملة على معسكر كفري الذي كان يتواجد فيه الجيش البريطاني ,  و كانت تواصل كفاحها الثوري الى ان توقفت عام 1936 .
وتأتي بعدها (حفصة خان النقيب) التي كانت تعتبر واحدة من النسوة الكرديات المكافحات النشيطات ,  وهي كانت موضع ثقة الجميع ,  و في العقد الثالث من القرن العشرين ارسلت مذكرة الى عصبة الامم في جنيف فضحت فيها ما يعانيها الكرد من الجور و الظلم على يد المحتلين ,  هذا عدا عن مساهمتها في انتفاضات عام 1948 و 1952 ,  و كانت تولى اهتماماً كبيراً بالمدارس الحديثة و تحث الفتيات مدينة السليمانية للتوجه نحو التعلم و دخول المدارس .
وهناك نسوة اخريات مثل خانزاد و قدم خير و مينا خانم و … الخ اللواتي لم يتركن طريق الكفاح من اجل الكورد و القضايا الاجتماعية في المجتمع الكوردي ,  حيث ابدين البطولة و اصبحن قائدات في المعارك  تؤخذ آرائهن بهذا الصدد   .و هناك الكثيرات ممن شاركن في المظاهرات الجماهيرية في بغداد ,  في العقد الرابع و الخامس من هذا القرن مثل تظاهرة الفتيات

الطالبات في جامعة بغداد ك(رووناك زهدي ,  حورية علي ,  درخشان عارف ,  نوروز نور ,  نازنين صالح قفطان ,
زكية عمر سام ئاغا ,  ثريا محمد ,كولَشن رواندزي ,  نزيره رشيد ,  ناجية مصطفى ,  شوقية احمد و … الخ ) ,  كما كن يشاركن في الاحتفالات التي تقام بمناسبة العيد القومي للكرد (نوروز) ابان الحكم الملكي .
ولكن التأريخ تأريخ الرجل ,  فالحقوق والامتيازات التي اعطاها للرجل لم يعطها للمرأة ,  رغم ان الاعمال التي قامت بها في التأريخ القديم كانت كلها في اغلب الاحيان لتأييد و مساندة القضية القومية بصورة عامة و قضية كردستان بصورة خاصة ,  لم يفرقن بين قضية الانسانية بل كن ملاذاً للرجال رغم انهم تعاملوا معها منطلقين من مصالحهم و ليس من منطلق مصلحتهن ,  لم يكن لدى الرجال أي ارتباط بموضوع الدفاع عن حقوق و مصير المرأة .  و لم يقوموا بمبادرات و اتخاذ قرارات ثورية تؤدي الى حدوث تطور في ما يتعلق بحقوق المرءة بوجه عام بحيث تدفعهن الى النضال و المساهمة الفعالة في الثورة ,  كمساهمة النسوة الفرنسيات في الثورة الفرنسية و التي ادت الى احداث تطورات جذرية في المجتمع و ضمان نجاح الثورة ,  بحيث اصبحن قدوة لجميع نساء العالم ,  فمثلاً اجتمعت حوالي ثمانية الاف امرأه من بائعات الخضروات في اسواق باريس مع اخواتهن العاملات الاخريات و هجمن على قصر فرساي في يومى الخامس و السادس من شهر تشرين الاول عام 1789 ,  و كان شعارهن الخبز و الحرية ,  عندما اطلّت الملكة ماري انطوانيت بوجهها من شرفات القصر و سألت عن السبب في تجمع النسوة المتظاهرات فأجابها احد من الحاشية بانهن يطالبن بالخبز و قالت في ردها على طلبهن ,  لابأس اذا لايتوفر لديهن الخبز فليشبعن انفسهن بتناول الكيك .  و مثال اخر عن مدى تأثير مساهمة المرءة في النضال لتطوير المجتمع و بالنتيجة بروز و ظهور الطاقات الكامنة لدى المرأة الشخصية النسائية المعروفة (ماري كوري) سليلة عائلة عريقة فرنسية رجمت احدى بنات عائلتها عندما تقدمت بطلب لقبولها في احدى الجامعات لمواصلة الدراسة ,  الا انها قوبلت بالموقف الذي ذكرناه آنفاً ولكن بعد عدة قرون من هذه الحادثة برزت فتاة اخرى من العائلة نفسها غيرت موقف عائلتها و دفعتها لتأسيس جامعة بصورة سرية واصلت فيها دراستها الى ان اكملتها و حصلت على الشهادة الجامعية ,  و في اخر ايام دراستها الجامعية صاحت بأعلى صوتها : عار عليكم ان تحرموا المرءة من حق الدراسة و ليس مستبعد ان تكون هذه المرءة قد تعرضت لل لعنات المتخلفين من رجال المجتمع ولكن نفس هؤلاء الرجال قد منحوها جائزة نوبل عام 1911و ذلك عن خدماتها في مجال الذرة و استخداماتها.
ان اتخاذ مثل هذه المواقف يتطلب قراراً ثورياً كما انه يحتاج الى روح التضحية و نكران الذات ,  اننا في تأريخنا لا نرى امرأة ضحت مثل تضحيتها رغم كونها سليلة عائلة متنفذه و من عائلة معروفة .
و مع هذا فأننا نرى بوناً شاسعاً بين ما قامت به المرأة و بين الحقوق التي حصلت عليها و سجلت لمصلحتها على صفحات التأريخ .  اذ ان التأريخ كان تأريخاً للرجال فقط و يعبر عن تصورات الرجل و رؤيتها للأحداث .  اذن لم يولد بعد تأريخ حقيقي يعطي المرأة حقها بصورة صحيحة .  و رغم التمايز السياسي و العلمي والمهني و القانوني و الاجتماعي هناك تمايز منطقي ,  ففي الوقت الذي يتم فيه اتخاذ خطوات نحو العولمة في العالم ,  يشتد التمايز في حياة المرأة ,  و هذا التمايز ليست فقط على نطاق الدولة و مؤسساتها ككل بل حتى في نطاق الوحدات الادارية ,  فعلى سبيل المثال ان مستوى الثقافي و الاجتماعي في مدينة اربيل يختلف عن مدينة السليمانية و الاخيرة عن دهوك , حتى على نطاق مدينة السليمانية و انحاءها فان الحالة المعيشية لدى النسوة في حلبجة تختلف عن السليمانية .
و نتطرق الى عوامل هذا التمايز في مقال آخر فيما بعد ,  الا ان ما نريده نحن هنا هو مقارنة المرأة لدينا مع التقدم الذي حصل في مجال التكنولوجيا و الخطوات التي يخطوها العالم نحو الالف الجديد ,  و بقاؤنا نحن في القرون المظلمة ,  من نواحي و جوانب عديدة نقتصر نحن هنا على بحث الجوانب التالية :
المرأة الكوردية و التعليم
المرأة الكوردية و العمل
المرأة الكوردية و ظاهرة الاغتيال

المرأة الكوردية و التعليم
ان الامية هي الكابوس الذي امسك بخناق الانسان الكوردي باستمرار لخنقه بصورة عامة و فأساً مزقت به جسد المرأة , بحيث اصبحت عاملاً اساسياً لان تسيطر فكرة العبودية على تفكير المرأة ,  لان اساس تربيتها مبنية على المهمة الرئيسية للمرأة وهي انجاز الاعمال المنزلية فقط ولا تحتاج الى التعليم , اذ ان مجرد الدراسة الابتدائية تكفيها لأدارة البيت و خدمة الرجل و تربية الاطفال .  و هذا يحتاج اليه الرجل فقط و هذا مما ابعدت المرأة عن اداء مهماتها العلمية و الاجتماعية والسياسية و الوطنية .
و مع كل هذه العثرات و العراقيل الذي وضعت امام المرأة و المواقف المعادية لها لو نظرنا الى المرأة الكوردية بصورة عامة تبين لنا ان حياتها منذ منتصف القرن العشرين تتجه اتجاهاً حسناً الى حد ما ,  رغم ان هذا التقدم لم يبلغ ربع ما بلغته نساء العالم .  و كأمثلة على ذلك في مجال التعليم في سنة 1952 كان عدد الطالبات في محافظة اربيل لم يتعد 759 طالبة ,  و في محافظة السليمانية و رغم انها مدينة معروفة بكونها مركزاً للثقافة ,  كان عدد الطالبات فقط 1132 طالبة و كان عدد المعلمات في محافظة اربيل باقضيتها و نواحيها فقط 39 معلمة و في محافظة السليمانية فقط 49 معلمة . هذا في حين ان سكان اربيل في تللك السنة كان 131288 نسمة ,  و كان عدد الذين بلغت ااعمارهم ست سنوات فما فوق و لم يدخلوا المدارس 107940 نسمة ,  وفي محافظة السليمانية و الذي بلغ عدد سكانها 124633 ,  كان عدد الذين بقوا خارج المقاعد الدراسية 101886 شخصاً ممن كانت اعمارهم بلغ السادسة فما فوق ان هذا الارقام شواهد على ان المرأة الكوردية تعاني من مشكلة الامية اكثر من بقية نساء العالم اذ لو قمنا بمقارنة نسبة الاميةمع بقية نساء العالم ,  فان كفة الميزان لا تكون لصالحها .
ان هذا الجانب المظلم لأنتشار الأمية كان مستمراً الى العقد السابع من القرن العشرين حيث تم وضع مناهج اوسع للتعليم ,  و في بعض البلدان الشرقية ,  و في مقدمتها مصر و سوريا و العراق سنت قوانين مكافحة الأمية و اصبح التعليم مجانياً دون الالتفات الى اللون و العنصر و القومية , و هذه الخطوات كانت لها نتائج ايجابية بالنسبة للبشرية جمعاء و المرأة الكوردية بصورة خاصة . مع ذلك فأن التعليم لم يستطع لحد الان ان يشمل بأفراد المجتمع بصورة تامة و ينقذ المرأة من الظام و الجور الذي لحق بها و التي لاتستطيع القيام باي عمل بارادتها حتى في مجال التعليم .
و على سبيل المثال : فاننا لو نظرنا الى الاحصائية التي انجزت في محافظة السليمانية خلال عام 1987 حينما كان العراق في قمة التقدم في المجالات التي كانت متخلفة فيها سيظهر لنا ان نسبة عالية من النساء في المحافظة كن اميات كما هو مبين في الجدول الآتي :
- نسبة النسوة المتعلمات في محافظة السليمانية عام 1987 –
 
الاميات 153505 الدبلوم العالي 6
يستطعن القراءة 6544 الماجستير 6
يقرأن و يكتبن 47541 الدكتوراه 3
الحاصلات على الشهادة الابتدائية 26320 بروفيسور 1
الشهادة المتوسطة 7331 شهادات أخرى 354
الثانوية 2540 المتغيبات 21481
المهنية 868 المجموع 266920
حملة شهادة الدبلوم 197 مجموع المتعلمات 37843
البكالوريوس 187 مجموع الاميات 229077
ان وجود 229077 امرأة امية و 21481 امرأة متغيبة عند اجراء الاحصائية دليل حي على تفشي الامية و التخلّف في مجال التعليم ,  هذه الحالة فقط في مدينة السليمانية التي ابدت اهتماماً اكثر بقضية التعليم بالمقارنة مع محافظتي اربيل و
دهوك ,  و بديهي ان النسبة تكون اكثر في المحافظتين المذكورتين .
 كما يظهر لنا من خلال الجدول ان المرأة كانت تكتفي بمواصلة التعليم الى مرحلة المتوسطة وذلك لعوامل معروفة , كما و نلاحظ انهن عندما يحصلن على حصتهن من التعليم تنخرط نسبة 85% منهن في سلك التعليم بصورة خاصة كمعلمات في المدارس الابتدائية و انعكست هذه الحالة بشكل خاص في العقد الثامن ,  ففي حين ان هناك في الولايات المتحدة في عام 1981 كانت نسبة اساتذة الجامعات 24% و في المانيا الديمقراطية 25% و مصر 25% و حتى في السعودية حيث الاختلاط ممنوع اثناء الدراسة كانت النسبة 22% و في مغرب 18% و لكن في العراق بلغت هذه النسبة فقط 16% و هناك دولة واحدة فقط و هي تقل نسبة الاساتذة فيها اقل من العراق و هي دولة القطر حيث تبلغ النسبة 12% ان هذه الاحصائيات التي عرضت في تقدم ستبين لنا ان العراق بالمقارنة مع الدول العربية ,  و ليس مع الدول الاخرى في العالم تتفشى فيها الامية كما سيوضح لنا الجدول الآتي .
- نسبة النسوة المتعلمات في بعض البلدان العربية –
البلدان المرحلة الابتدائية المرحلة الاعدادية  التعليم العالي لكل مئة الف
السعودية 61 41 1508
الجزائر 91 53 1000
سوريا 87 37 1289
مصر 82 60 1336
المغرب 62 25 944
المعدل العالمي 87 52 1369
ولكن كما نعرف ان النسب المذكورة اعلاه لاتتوفر في كردستان في الوقت الحاضر ,  و نحن لانستطيع مهما حاولنا بيان النسبة الحقيقية في هذا المجال وذلك لعدم توفر مديرية خاصة بالاحصاء مستوفية للشروط المطلوبة ,  من جهة و تقسيم الادارة من جهة ثانية ,  و ان تمكننا من الحصول عليه هو فقط نسبة النساء المتعلمات في محافظة السليمانية ,  بمعزل عن محافظة كركوك و خانقين اللتين كانتا مشمولتين بالاحصاء عام 1987 ,  و لذلك فأن ما نطرحه مقتصر فقط على محافظة السليمانية وحدها في سنة 1998 – 1999 :
- النساء المتعلمات فقط في السليمانية عام 1998 –
 الابتدائية المتوسطة الثانوية المهنية دبلوم بكالوريوس ماجستير دكتوراه
نسبة المتعلمات 8464 12309 4261 843 1074 ـــــــــــــ ـــــــــــــ ـــــــــــــــ
نسبة المعلمات 604 612 132 193 52 ــــــــــــــ ــــــــــــ ــــــــــــــ
اننا لو قارننا النسبة الحالية بنسبة سنة 1987 سيظهر لنا ان نسبة المتعلمات من النساء في الوقت الحالي اعلى بكثير مما كانت في 1987 في كوردستان فمثلاً لو قارننا المرحلة الابتدائية الحالية و التي بلغ حملة شهادتها 84646 فرداً في محافظة السليمانية مع حملة نفس الشهادة في سنة 1987 و التي بلغ تعدادها انذاك 26320 فرداً ,  فلا شك نحصل على نتيجة مفرحة ,  ولكن بالنظر للعامل التي ذكرناه سابقاً وهو عدم وجود احصائية دقيقة ,  لانعرف بصورة صحيحة نسبة المرأة في كردستان أو في محافظة معينة بصورة عامة و نسبة الاميات بينهن لكي تتم المقارنة بينها و بين النساء في العالم ,  كما سيتضح لنا من الجدول نفسه ان التقدم النوعي فقط في حالة المقارنة , مع النساء لدينا لا مع النسوة في العالم .  حيث ان هناك في جميع انحاء العالم حوالي ستون مليون امرأة امية و ستبذل جهود كثيرة لكي يتم القضاء على الامية بصورة جذرية في عام 2000 و تبلغ نسبة النساء المتعلمات 100% على كل حال نستطيع ان نقول بأن نسبة عالية من النساء الكرد تمكنن من بلوغ الى مرحلة تسلم المناصب السياسية و الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية .  و بديهي ان هذا التطور حصل فقط بعد الانتفاضة ,  اذ ان ذكر اسم المرأة قبل الانتفاضة كان فقط مصاحباً لكلمات الانفال و القصف الكيمياوي و السجون , ورغم ان العراق ومن خلال اجهزة اعلامه يتباهى بأنه يسير جنباً الى جنب مع بلدان مثل مصر و الجزائر و سوريا و اسندت منصب وزير الثقافة الى المرأة ,  الا ان هناك مغزى آخر لهذا العمل وهو ان المرأة العربية بلغت مرحلة من الثقافة يستطعن تولي منصب هذه الوزارة . 
حتى ان هذه الخطوة كانت مقتصرة على النسوة التي يسرن في ركاب حزب البعث اي حزب الحاكم في العراق و شعاراته المضللة وليس على اساس الثقافة والامكانيات و اما المرأة الكردية  فأنها كانت محرومة من هذه القضايا الى حدوث الانتفاضة .  فبعد الانتفاضة توجهت المرأة نحو جميع المجالات الثقافية و السياسية و العمل و القضايا الاجتماعية بصورة عامة و التعليم بشكل خاص ,  و الذي ليس من المستبعد ان يكون التوجه نحوه نابعاً من ان التعليم ليس سلاحاً فعالاً و يوصل اصحابه الى السلطة ,  و كل ما في الامر ان الذين ينالون قسطاً من التعليم يضيفون الى معلوماتهم ووعيهم دون ان يؤد ذلك الى استحصال بعض من الحقوق و حق اتخاذ القرارات و هذا بدليل ان المرأة خلال السنوات التسع التي اعفبت الانتفاضة لم تعوض عما عانتها من الحرمان في السابق ,  بل و مع الاسف و رغم كونها عنصراً نشيطاً من المجتمع الا انها وضعت في الهامش ليس فقط من ناحية التعليم بل حتى من المناهج التي وضعت لدراسة المرحلة الابتدائية اصابها الظلم ايضاً ,  فعلى سبيل المثال ,  المرحلة الابتدائية يأتي ذكر المرأة في الدروس بوصفها مخلصة للأطفال و مضحية و مطيعة للرجل و طباخة ماهرة و …. الخ .  مما يوحي للسامع بانها خلقت لخدمة الاسرة و تأمين السعادة للرجل و الاطفال ,  أي اصبح العمل المنزلي المهمة الرئيسية للمرأة ,  و يعّرفن للدارس على انها منهمكة  من الصباح الى المساء في العمل و تنظيم امور المنزل و مساعدة الاولاد في الدروس ,  بعد كل هذه المهمات تذهب الى مزرعة اذا كانت ريفية ,  و اذا كانت حضرية و من سكنة المدن فأنها تذهب للسوق لشراء ما تحتاجه العائلة ,  و في الدروس و المحاضرات لايعطى أي مجال للمرأة و تعرف بأن مهماتها تنحصر في اطار المنزل .  و لو صادف ان طرحت مسألة عمل المرأة خارج البيت في احدى الدروس ,  فان هذا العمل كان اما التمريض او التعليم ,  وهذا العمل لايخرج عن نطاق خدمة الاطفال و محيط المرأة . وهي تكون حاضرة باستمرار و اذا صادف في احدى المحاضرات ورد ذكرها وهي مسافرة الى جهة ما ,  او غائبة عن البيت ,  ففي هذه الحالة تقوم بنتها بكل عمل كانت تقوم به والدتها ,  مهما كانت صغيرة السن و غير مهيأة للقيام بهذه الاعمال ,  او تقوم الجدة بتلك الاعمال .  و هذا يعني ان المرأة منذ المرحلة الابتدائية سواء كان في الدار ام في المدرسة تعتبر كائنة من الدرجة الثانية في المجتمع ,  ولاتبرز حقيقة كون المرأة دائمة الاستعداد لأنجاز أي عمل و مساهمته في تطوير المجتمع .  و لذلك فمن الضروري قبل ان نطلق اسماء و مسميات تقدمية على الالف الثالث ,  ان نحاول تبديل المناهج الدراسية التي توضع امام الطلاب ويتم تلقينهم بمضامينها الى مناهج اعم و اشمل لكل انسان بدون التمايز بين ان هذا الكائن رجل او امرأة و يتم تقييم شخصية المرأة بصورة افضل بحيث يكون هذا التقييم قريباً من الواقع ,  لان ذلك يكون ذا تأثير فعال على فكر الاطفال و تطوره و نموّه .
ان هذا المشكلة لم تنعكس فقط في المراحل الأبتدائية للدراسة بل تعدت الى جميع المراحل المتوسطة و الاعدادية الى المراحل الدراسية الاخيرة و تركت اثارها السلبية ,  فمثلاً في مرحلة الدراسة المتوسطة و الثانوية تم البحث في حياة و أثار جميع الشعراء من الرجال ,  و لم يتطرقوا الى ذكر حياة و آثار شاعرة معروفة ك (مستورة الكردستانية) ,  و رغم انني متأكد من ان تبديل المناهج اذا تم فلن يعطي المرأة حقها ولا يبرز دور المرأة كما هي .  ان كل هذا تعبير عن غياب فلسفة عامة و غموض في مناهج التربية و ضعف اسلوب التدريس و قصر النظر في التعامل مع المشكلة , لأن الاسلوب العلمي في التربية , هو نموذج لنقل المشاكل الاجتماعية.
اذن في النهاية تكون الفية التكنلوجيا و التقدم لجيلنا نحن و خاصة بالنسبة للمرأة من ناحية التعليم يكون قرناً لتفهم المسائل الجميلة و تدريسها .  لاننا لسنا فقط نعاني من مشكلة الامية ,  بل نعاني من مشكلة مناهج التعليم فاذا لم تستبدل تلك المناهج المتحجرة و الجامدة بمناهج أخرى تقدمية منذ المراحل الابتدائية ,  ولم يتم اعداد و تربية جيل كامل يؤمن بحقوق الانسان و المساواة ,  فليس بامكاننا , التجرد من تصوراتنا الكلاسيكية و التوجه نحو المسائل و القضايا العصرية         

المرأة الكوردية و العمل
 التصنيف العالمي للعمل , يقسمه الى قسمين ,  العمل مقابل الاجر و العمل بدون الاجر ,  سواء كان بطريقة رسمية او غير رسمية ,  وكما نعرف فأن العمل مقابل الأجر من افضل انواع العمل ,  حيث يضمن الاستقلال الاقتصادي للمرأة .
 ان المرأة الكوردية لم تكن عاطلاً في البداية ,  فهي في كل الاوقات كانت منهمكة في العمل الزراعي مع الزوج و الاخوة و الاب ,  ولكن كان عملها هذا لم يكن مقابل أي اجر ولم تتقاضى المرأة أي شيء مقابله ,  بل انها كانت ملكاً للعمل في مجال الطاقة و ماكاً للرجل في مجال الادارة و الاقتصاد ,  ان هذا الاسلوب في العمل كان سائداً الى ما بعد منتصف هذا القرن ,  بمعنى ان المرأة دخلت ميدان العمل منذ العقد السادس و السابع من النصف الاخير من هذا القرن ,  رغم انها لم تنل حقوقها لحد الآن في احتلال المركز المناسب لها . ولكن بالمقارنة مع سنوات بداية القرن العشرين فهناك تقدم مقبول في مجال عمل المرأة .
 و بالنسبة للعوامل التي تدفع المرأة الى دخول ميدان العمل فأن اكثرية الباحثين في الشرق الاوسط ,  توصلوا الى ان الدافع هو العامل الاقتصادي الى درجة ان ثلثي النسوة العاملات يعملن لمساعدة عائلاتهن ,  وهذا اما بسبب موت الازواج ,  او الطلاق او تعدد الزوجات,  اوهجرة الرجال الى الخارج … الخ و هذه العوامل دفعت بالمرأة لتدخل ميدان العمل مضطرة ,  و هناك عوائل كثيرة موردهن الوحيد هو عمل المرأة .
 و من هذا المنطلق نستطيع ان نقول بان وراء عمل المرأة المصلحة الاقتصادية و ليس لأبراز شخصيتها ,  و كذلك نرى ان هناك فارقاً كبيراً بين الرجل و المرأة في اختيار العمل ,  و بصورة اصح فان المرأة ليس لها حق اختيار نوع العمل ,  وان المرأة لاتختار العمل لكي تتدرج في العمل و الوظيفة الى مرتبة اعلى بل هناك عوامل اخرى تحدد لها نوع العمل , مثل قرب موقع العمل من البيت او محل العمل ,  قلة ساعات العمل و ….. الخ ومن اجل ذلك تختار المرأة القطاع العام و المؤسسات الحكومية للعمل فيها ,  حتى ان العمل في مثل هذه المؤسسات ليس منوطة بأختياره ,  ولكن في النهاية ,  وتحت أي ذريعة تبدأ بممارسة عملها و اكتساب اقتصاد مستقل ,  فانها تشعر بحريتها و هذا عمل مفرح . رغم ان نسبة 70% من النساء في العالم يعانين من الفقر, وفي بلدان الشرق الاوسط هناك نسبة قليلة من النساء دخلن ميدان العمل كما هو مبين في الجدول التالي.
البلدان النسبة
الدول العربية 25%
البلدان المتخلفة 35%
البلدان الصناعية 45%
 و اذا قارننا النسبة المبينة في الجدول مع نسبة النساء العاملات في السليمانية عام 1987 ,  فيظهر لنا ان النساء في هذه المنطفة من كردستان لسن اوفر حظاً من النساء في المناطق الاخرى من العالم , حيث يتبين لنا ان من مجموع 353548 امرأة  تعمل فقط 14251 امرأة
         نسبة النساء العاملات في سنة 1987 في السليمانية
النساء العاملات 14251
عاطلات يبحثن عن العمل 2773
ربة البيت ,  و تعمل عملاً بسيطاً 845
ربة البيت 222490
متقاعدة و لاتعمل 3462
ليس لها راتب تقاعدي و لاتعمل 1343
لم يكشفن لنا عن هويتهن 24907
يتبين لنا من فحوى الجدول بان هناك فقط 14251 امرأة يعملن بصورة كاملة ,  و عندما كان نظام بغداد مسيطراً على مدينة السليمانية كانت المرأة الكردية في محافظة السليمانية محرومات من حق العمل , و عند مقارنة نسبة العاملات في السليمانية انذاك مع القوى العاملة في سنة 1998 يظهر لنا انها ليس فقط في محافظة السليمانية ككل و انما فقط في مدينة السليمانية وحدها و في 78 مؤسسة و دائرة حكومية تعمل 24838 امرأة ,  عدا منتسبات ديوان الوزارات و الامن العام حسب شهاداتهن ,  كما هو مبين في الجدول التالي .


لم يكملن الدراسة الابتدائية 340
الدراسة الابتدائية 2937
الدراسة المتوسطة 2737
الدراسة الاعدادية 3522
حملة الدبلوم 9863
حملة شهادة البكالوريوس 2724
اكملن التعليم العالي 45
وهذا يبين لنا بان الحقوق السياسية و الاقتصادية و الادارية التي حصلت عليها المرأة في الدول الديمقراطية انما حصلت عليها بكفاحها الدائب ,  و المرأة الكردية استطاعت ان تستقطع جزء من حقوقها ,  و بالرغم من هذا ,  فلم يتم تقييم المرأة كما يجب ,  مما يعطي انطباعاً عن المرأة بأنها ليست منتجة ,  و تتعامل السلطة و الدستور بهذه الطريقة مع المرأة على اساس ان اقتصاد البلد لايصيبه أي ضرر  اذا لم تساهم فيه المرأة ,  وبامكان السلطة ان تقوم بتنحية المرأة و دليلنا على صحة ما نقول هو ان المرأة لم تعط لها المناصب حسب الشهادات العلمية التي حصلن عليها ,  و النسوة التي تسلمن مناصب في المجالات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية ,  فعلى الاكثر من الطبقة التي يكون احد افراد عائلتها من ذوى المناصب الكبيرة في هذه المجالات بمعنى ان المرأة في هذه الحالة ,  اصبحن خاضعات لمشيئة الرجل و رغبته في اسناد هذا المنصب اليها و ليس لكونها تستحق تسلم هذا المنصب , وهذا كله نابع من الافكار الجامدة و الرجعية التي تقول بان مكان المرأة هو البيت و تربية الاطفال و القيام بخدمة زوجها المتعب من جراء العمل , وكان عمل المرأة ليس فيه أي تعب , و الرجل فقط هو الذي يتعب وهو فقط جدير بأن يخدم , عدا عن هذا فأن السلطات يبحثون عن مبررات و مبرراتة و معاذير كثيرة لعدم تعديل القوانين الذي تنص على عدم المساواة بين الرجل و المرأة النابعة من الخطاب الديني , الخطاب الذي يتطرق الى المرأة باعتبارها خلقت فقط للانجاب و تربية الاطفال و لايقيم أي وزن لبقية الجوانب في الحياة الاجتماعية
المرأة و ظاهرة الارهاب و الاغتيالات
 ان المجتمع الكردي من اكثر المجتمعات تخلفاً من ناحية حبه للتملك و باكثر الاساليب تخلفاً يعتبر نفسه مالكاً للمرأة . فالرجل و العشيرة وحتى السلطة سيطروا على جسد المرأة , و القيود و السلاسل التي اصابها الصدأ سلبت عقولهم ,  ولم تكن المرأة مستمتعةّ بحرية طبيعية , و تعرضت للعنف و الاضطهاد باستمرار ,  ابتداء من العنف الذي يمارس ضدها في البيت و الى قطع الانف و تشويه الوجه و الضرب و الطرد و الطلاق و الاهانة وكيل التهم المختلفة و الاغتيال و … الخ .  ان هذه الحالات هي الحالة المخيفة التي تعيش فيها المرأة الكردية ,  سواء كانت هذه الممارسات و التعذيب من جانب الرجال الذين اصيبوا بامراض نفسية او المصابين بالسادية الجنسية او بذريعة كون المجتمع بطرياركياً .  ولكن في كل الحالات ,  فان ممارسة العنف عمل لاانساني يقوم به الرجل نتيجة لضعف شخصيته ,  وكانعكاس لما لاقاه في طفولته من الضرب و الاضطهاد التي سيطر على تفكيره و ارادته عندما يكبر ,  و الاعمال اللاانسانية التي يقوم بها هي لتغطية ضعف شخصيته و فرض سيطرته,عن طريق استعمال العنف و قوة سواعده ضد الكائنة التي يعتبر نفسه مالكاً لها ,  وساقها سوء حظها الى الوقوع تحت سيطرته .ان الكائن الذي لم يستطع أي فكر وفلسفة و مذهب و آيدلوجيا القضاء على اضطهاده لحد الآن هي المرأة .
 وفي هذا العصر عصر المدنية و الاهتمام بحقوق الانسان يتزايد العنف ضد المرأة اكثر من أي وقت مضى ,  وهذا الظاهرة ليست فقط خاصة بالكرد حيث يعاني من التخلف في المجال الثقافي بل انها مشكلة عالمية ,  ولكن بدرجات متفاوتة و بنسب مختلفة ,  فعلى سبيل المثال تعاني عشرون مليون امرأة من جراء ختانهن وفي دولة مثل فرنسا العصرية المتمدنة تعاني  مليونا امرأة من الاضطهاد على يد ازواجهن او اصدقاءهن و تموت 400 امرأة في السنة الواحدة ,  و بعدما شعرت الدولة الفرنسية بهذه الحالة ,  قررت فرض العقوبات على كل الذين يقومون بهذه الاعمال و حتى اذا تنازلت المرأة من حقها ,  فالحكومة تعاقب المتهم بسجنه  3 – 5 سنوات حسب نوعية العمل الذي قام بها و مدى الضرر الذي اصاب المرأة و تحكم بالتفريق بين الرجل و المرأة سواء كان هذا التفريق بموافقة الطرفين ام لا ,  ان موت اربعمئة امرأة في بلد كبير مثل فرنسا ازعجت السلطات كثيراً , ولكن في كردستان ذات المساحة و السكان القليلين ,  تعاني المرأة بنسبة 95% من العنف بمختلف اشكاله .  ان اعمال العنف اللاانسانية التي احاطت بالمرأة تصيب المرأ بالقشعريرة ,  ولكن لايحرك و لايثير ضمير أي صاحب قرار و سلطة ,  فلحد الآن لم تتم معاقبة أي ارهابي و لم تعلن من اية قناة من القنوات الاعلامية حتى يعرف الارهابيون بان هناك قوانين يخضعهم للمساألة .  ان نسبة الاغتيالات الموجودة في المجتمع الكردي لم يعلن عنها حتى الآن في أي مقابلة او دراسة ,  و خاصة في السنوات التي اعقبت الانتفاضة ,  ففي ظل الحرية و الديمقراطية و في المنطقتين الخاضعتين للسلطتين الكرديتين فان نسبة اغتيال النساء بلغت حداً عالياً كما هو مدون في الجدول الآتي .
نسبة اغتيال النساء في كردستان

السنة النسوة اللواتي تم اغتيالهن  النسوةاللواتي انتحرت النسوة اللواتي اصبن بالامراض نتيجة لتشويه او قطع جزء من اجساهدن
1991 6 2 ـــــــــــــــــ
1992 2 2 ــــــــــــــــــ
1993 14 5 ــــــــــــــــــ
1994 12 12 ـــــــــــــــ
1995 41 16 ـــــــــــــــــ
1006 48 38 ــــــــــــــــ
1997 166 65 3
1998 49 50 7
ان هذا الاحصائية المدونة في الجدول اعلاه ليست موثوقة بصورة تامة ,  اذ ان بأستطاعتنا ان نقول بان هناك مئات من النسوة التي تم اغتيالهن دون ان يعثر عليهن و اصبحت اجسادهن طعمة للكلاب و الذئاب و اعتبرن امواتاً بصورة طبيعية ,  وخاصة في المناطق التي لاتتوفر فيها اجهزة امنية و خدمات صحية , ولكننا نعرف ان هذه الحالة اللاانسانية نمت و تطورت الى درجة ان الكرد لم يعرف لها مثيلاً في سابق الازمان .
 وكما يظهر في الجدول فان في سنة 1977 اغتيل اكبر عدد من النساء او قمن بحرق انفسهن لان تلك السنة كانت سنة عصيبة من الناحية الاقتصادية ,  كما كانت تلك السنة سنة الاقتتال بين الاكراد و عدم الاستقرار السياسي , و لاشك ان تلك العوامل لها تأثير رئيسي على تدهور الوضع السايكلوجي لدى الانسان ,  كما ان هذه الظواهر أثرت بصورة مباشرة على المرأة ووضعها امام عقبات و كوارث ,  مثل الاغتيال و الانتحار و الطلاق و …. الخ .  ولكن الملفت للنظر و التامل ,  ونحن مشرفون على ان نترك القرن الاخير وراءنا و نضع اقدامنا على اعتاب قرن جديد بصورة شكلية ,  وفي الحقيقة فأننا نرجع القهقهري الى الوراء ,  الى قرون الظلام الوسطى ,  اذ لاتوجد أي عراقيل و موانع امام هذا التوجة و العوده الى الوراء و سد الطريق امام الاعمال الوحشية التي تمارس ضد المرأة ,  رغم ان السنوات الاخيرة ,  عرفت بأنها سنوات المرأة وحقوقها ورغم اننا نأمل في ان تكون السنوات القادمة سنوات للديمقراطية و التقدم ,  ولكن لم يكن بالمستطاع اتخاذ خطوات ضرورية لتحقيق متطلبات المرأة في مختلف الجوانب الاجتماعية و التعليمية والسايكولوجية,وقضايا اخرى كثيرة تخصها ,والتى من المتوقع ان تتحقق ذلك فى القرن القادم ومن هذا الطريق نستطيع نحن ايضاً ان نعالج قضايانا.
بعدفترة زمنية اخرى سندخل الى عالم الثورة المعلوماتية و التقدم التكنلوجى والعولمة ,وعندمايتحقق ظرف كهذا يكون بالامكان تغيير كل القضابا العالقة نحو سيادة نظام محدد للحياة النظام الذي لو لم نتسلح بثقافة كاملة و تعاون عصري مع الاحداث سنصاب بشلل ثقافي  وسياسي و اقتصادي ,  و نسجل تأريخاً بعيداًمن الابعاد المعرفية و التقدم .  و من المعلوم ان تأريخ الانسانية دون الاكثراث بالمرأة و الانعاش و تطوير تأريخها لايتقدم الى الامام .  فأذا كان المجتمع الكردي يريد ان يسير في طريق تطوير المجتمع الأنساني ويكون مجتمعاًمدنياً ,  فمن الضروري كخطوة اولية ان يبدأ بأنالة الفوارق بين العنصرين الرجل و المرأة ,  كما انه يجب على السلطة السياسية و الحكومة ان يحددوا اهدافهم في تحديد دور المرأة اكثر لمساهمة المرأة في اصدار القرار السياسي و وضع قوانين لقطع دابر الاغتيالات ,  و فسح المجال في القنوات الأعلامية لتكون في خدمة المرأة ,  و كذلك تطوير و تعديل مناهج الدراسة و دور المرأة في سياغة هذه المناهج كما ومن الضروري تفسير الدين بصورة صحيحة بحيث يكون مقبولاً متوافقاً مع القوانين الانسانية كل هذه تحتاج الى الكفاح المستمر من جانب المرأة لتكون واثقة من طاقاتها و امكانياتها ,  لأنها فقط من هذا الفريق تستطيع القضاء على الاضطهاد الذي لحق بها و بمجتمعها و اذا لم تخطوا هذه الخطوات بسرعة فسوف ينقضي الوقت ,  و التقدم لا يقسم تأريخ الانسانية على عنصرين .