المرأه..وقيود الظلام



فواز فرحان
2007 / 4 / 28

من المؤكد ان طريقة تعاطي المجتمعات البشريه مع حقوق المرأه تختلف من احدهم الى الاخر تبعا لمجموعه من العوامل والظروف التي تتحكم بطبيعة الحياة في ذلك المجتمع والمرحله الاجتماعيه التي يعيشها .ولو القينا نظره عامه على الطريقه التي تشكل حياتها في المجتمعات بدءا من العالم المتحضر الذي تمكن من تجاوز قيود عديده كانت تقف عائقا امام اعطاء المرأه حقوقها وفي مقدمتها تجاوز مرحلة سيطرة الكنيسه على الحياة العامه والانتقال الى مرحلة الدستور المدني العلماني الذي ادى الى فصل الدين عن الدوله ودراسة الحاله المدنيه من جوانب متعدده واعطاء الانسان اولويه في تحقيق العداله سواء كان رجلا ام مرأه وبالتالي نالت الاخيره حقوقها بشكل حضاري جعل من الموضوع حاله من الماضي واسهم في تحقيق حالة التوازن في المجتمع لدفعه الى امام لمواجهة تحديات من نوع اخر..وفي المجتمعات الغربيه بشكل عام لعب التطور الاقتصادي والثوره الصناعيه دورا بارزا في اشراك المرأه في الحياة العامه بشكل مؤثر ودفعها الى التعبير عن نفسها بشكل افضل اسهم في النهايه في شعورها بانها حصلت على حقوقها الكامله واصبحت طرفا في المعادله الحياتيه بشكلها الصحيح..هذا ما يخص الحقوق العامه للمرأه في اوربا وفي الحقيقه انها لا تحتاج لتركيز مبالغ فيه لان المجتمع تمكن من انصافها اما الحاله التي تعيشها في مجتمعاتنا الشرقيه فهي تختلف بشكل جذري ويجعلنا نحتار في انتقاء العبارات والجمل التي من شأنها اعطاء الموضوع حقه وجعله يفي بالغرض لان المجتمع الذي نعيش فيه في العالمين العربي والاسلامي مغرقا بالظلام وملئ بكل تناقضات العصر وعلله وكذلك يحوي على جمله من العادات والتقليد (والاعراف الاجتماعيه)التي جعلت تناول موضوع المرأه في غايه الحساسيه طوال العقود الماضيه,فالمؤسسه الدينيه تقف بالمرصاد لكل الاراء التي تعمل في اطار البحث عن المسببات التي تجعل من حركة المرأه داخل المجتمع مقيده ومحدوده ولا تتجاوز اطار البيت ووظائفه الممله وعمليه تسليط الضوء على جوانب القصور في جعلنا نتفهم اهميه ان يكون دور المرأه موازيا للرجل في المجتمع ليس بالامر السهل وسط انعدام الاساليب المؤثره للتربيه والتوجيه داخل المجتمع بدءا من الاسره وانتهاءا بالمدرسه التي هي الارض الخصبه في جميع الظروف لغرس حالة التوازن في افكار الانسان وتوجهاته العامه فلازالت معظم البلدان تفصل الاناث عن الذكور وتجسد بذلك حالة انعدام التوازن داخل المجتمع ويقود ذلك حتما الى ظهور الكثير من الامراض والعلل التي تدفع الرجل الى النظر اليها كمخلوق ادنى...فوجود الذكر الى جانب الانثى بدءا من رياض الاطفال يحولهما الى كتلة متجانسه تشكل اساس لمجتمع يسوده التكافؤ في التعامل الحياتي ويؤدي الى اختفاء الامراض الاجتماعيه التي تقود في معظم هذه المجتمعات الى ازمات اجتماعيه تهز اركانه ان كان قائما على اسس ضعيفه,فوجودهما جنبا الى جنب يخلق حاله من التفاعل والتنافس تسهم في دفعهما للتعبير عن نفسهما بشكل يصب في اغلب الحالات في خدمة تطور المجتمع..وحتى في المدرسه تنشأحالة التنافر والتقارب من خلال النظام المتبع في المدارس وكذلك من خلال المناهج الدراسيه التي تشكل حجر الزاويه الاساس في جعل المجتمعات تتخذ لنفسها طريقا معبدا نحو التقدم وقطع اشواطا من التطور..انها منظومه متكامله من العوامل التي تتحكم في الطريقه التي تمكن المرأه من الحصول على حقوقها تبدا من المطالبه بدمج الجنسين في روضه واحده ومدرسه واحده وصياغة مناهج للتعليم تضع في الحسبان ذلك والتحرك به في مجتمعات العالم الثالث لا يشكل خرقا للدستور ولكن التقاعس وعدم الرغبه هو الذي يدفع الاغلبيه الى السكوت والتاقلم مع الواقع المفروض دون ان يدركوا ان لذلك مضاعفات خطيره في المستقبل على بناتنا تتجسد بحالة التهميش والاضطهاد والضرب وغيرها من الاساليب التي يبتدعها الرجال لتقزيم دور المرأه في المجتمع..وكذلك يلعب العامل الديني وتفسيراته هو الاخر دورا في كبح جماح المرأه وحركتها داخل المجتمع ودون التخلص من النظر بهذه الطريق للمسأله لا يمكننا الحديث عن تقدم يصب في خدمة تحقيق المساواة بين المرأه والرجل..لقد حكمت المرأه الكثير من الممالك والدول وحققت نجاحات لم يتمكن حتى الرجال من تحقيقها منذ فجر الحضاره وحتى عصرنا الحالي..لكن النظر الى تلك الازمنه طغت عليه نظره دينيه معاصره جعلت منها ازمنة كفر وزندقه لانها كانت تحت حكم النساء بينما المرحله التي نعيشها الان خاليه من ابداعات تلك الازمنه التي جعلتنا نكون شعوب حضاره اسهمت في تقدم البشريه,ويلجأ اليها البعض كلما تم محاصرته في بوتقه المنجزات المفقوده..وفي العصر الحديث قادت انديرا غاندي الهند الى ازدهار اقتصادي وسمعه دوليه مرموقه لم يضاهيها بها الا غاندي نفسه لكن معظم الذين حكموا البلاد ادوا بها الى مستنقع الجهل والفقر,وفي اسرائيل ايضا حققت غولدا مائير ما يعجز عن تحقيقه خيرة السياسيين في اسرائيل اليوم وفي دول عديده اخرى كان للمرأه الدور البارز في تحريك عجلة المجتمع الى امام..تبدو المسأله في بعض الاحيان مخجله للذين يسعون فعلا الى اقرار حقوق متكامله للمرأه مع الرجل بسبب الضغط الذي يتعرضون اليه من المجتمع ومن المؤسسه الدينيه التي تهددهم في بعض الاحيان بالارتداد عن الدين اذا ما تحركوا خارج اطار الشرائع الدينيه..وهي حاله شاذه بكل المقاييس يتوجب على المجتمعات العربيه التخلص منها من خلال النضال لاجل صياغة دساتير تفصل الدين عن الدوله وتعطي المرأه كامل حقوقها المدنيه,ان عجلة التطور لا تسمح لنا بالتباطؤ في تحقيق واحده من اهم الخطوات التي من شأنها احداث حالة التوازن في المجتمع وان تخط المرأه لنفسها مكانا تتمتع فيه بحقها الطبيعي في الحياة دون ان تكون عرضه للاصابه بالامراض التي يتسبب بها الرجال في المجتمع..في العصر الحديث قاد العراق رجال منذ تأسيس الدوله الحديثه عام 1921 واوصلوه الى قمة التطور الذي يعيشه اليوم!!!ويفتخر رجال الدوله العراقيه الجديده بحصول النساء على نسبة 25%من التمثيل في البرلمان في الوقت الذي تشكل النساء اليوم في العراق نسبه تفوق ال60%وكذلك من المنجزات التي تفتخر بها الحكومه الحاليه في العراق هي عدم السماح للمرأه السفر بمفردها الا بمرافقة محرم!!!والمقاله هذه وللاسف لا تسع المنجزات التي حققتها الحكومه المواليه للاحتلال للمراه وكذلك للشعب الذي لم يعد يميز النساء من الرجال تحت قبه البرلمان العراقي....ان القرارات الصادره من هذه الحكومه تحاول الحاق العار بالشعب العراقي ومكانته في الحضاره العالميه فبدلا من ان تكون نسبة تمثيل النساء في اقل تقدير 50%من النسبه المقترحه نراها تتراجع الى الوراء دون ان يحسب اصحاب القرار ان العراق يفقد يوميا المئات من رجاله في عمليات الاباده الجماعيه التي تمارسها قوات الاحتلال وارهابيي القاعده..ما هذا التناقض العجيب؟؟نساء معظم المسؤولين العراقيين يحملون جوازات سفر اوربيه وامريكيه ويتنقلون من دوله لاخرى دون محرم بيما يفرض على المرأه العراقيه هذا القانون الجائر!!ما الذي تفعله سيده خسرت زوجها واخوتها في الحرب الدائره الان؟؟هل تبقى تنتظر موتها ام تحاول السفر وانقاذ اطفالها؟؟في اي زمن نعيش؟؟وكيف يقبل مشرعي هذا القانون حدوث ذلك ام ان هناك محسوبيات ومنسوبيات في دولة الفساد الاولى في العالم العراق؟؟ان المراه العراقيه اليوم بحاجه ماسه الى من ينصفها من الدمار الذي لحق بها في العهد الدكتاتوري او المرحله الحاليه وبدلا من محاوله قذفها بكل نواقصنا علينا تحمل المسؤوليه ومشاركتها الحياه الحره .ان احد اهم مميزات المجتمعات المتقدمه يتم النظر اليها من خلال الدور الذي اعطته للمرأه وكذلك من خلال الدور الذي تلعبه في المجتمع..