لماذا هذا التباكي الزائف ام هي دموع تماسيح



عالية بايزيد اسماعيل
2007 / 5 / 6

جميل أن نرى هذا الكم الهائل من دعوات الاستنكار والإدانة للجريمة البربرية التي ارتكبت بحق الفتاة المغدورة دعاء على أيدي حفنة من جلاوزة حماة التقاليد والأعراف الزائفة من الوحوش البشرية , وجميل أن نرى تعالي الأصوات التي تدعو إلى إنصاف المرأة من كافة أنواع العنف ضدها , حيث لم يحظى موضوع في الآونة الأخيرة بالاهتمام البالغ مثل هذه القضية التي حركت الرأي العام على جميع الأصعدة , إلا أن ما هو غير الجميل هي تلك الهجمة الشرسة التي يتعرض لها اليزيديون من جميع الفئات من تضييق الخناق عليهم من قبل أنصار الدولة الإسلامية التي اتسمت بالتحدي وباسم الدين الإسلامي وكأنهم يعيشون الحرية والديمقراطية ونحن نعيش الهمجية والبربرية , وكان المجتمع اليزيدي وحده الذي يهين المرأة ويمنعها حقوقها ولا ينصفها , فمن كان بيته من زجاج أن لايرم الناس بالحجر , أن ماحدث رغم وحشيته يحدث كثيرا في المجتمعات العشائرية إن كانت مسلمة أو حتى المجتمعات المسيحية , تعددت طرق الموت والقتل غسلا للعار واحد , فالمجتمعات العشائرية الإسلامية اشد ضراوة واقسي على المرأة التي تعاملها كسلعة في فض النزاعات والمساومات خاصة في المجتمعات الريفية وساحات المحاكم العراقية تشهد على ذلك فعليهم أن لايزايدون علينا ويعلنوها حربا شعواء ضدنا يدفع الفاتورة فيها الأبرياء من طلبة المدارس والجامعات والموظفين والعمال والكسبة الذين لادخل لهم لامن قريب ولامن بعيد بهذه الإحداث , إن ما يحدث اكبر من مسالة استنكار ضد جريمة بشعة واكبر من صيحات الثار والانتقام التي يصمون أذاننا بها لان المئات من النساء قتلن غدرا ولمجرد الاشتباه بالسلوك فلماذا لم نسمع صرخة احتجاج واحدة ولماذا كان التعتيم الإعلامي على جرائم القتل غسلا للعار والتي لايكاد يمر يوم إلا وتقتل امرأة في قضية شرف ولماذا هذا التركيز الإعلامي على قضية فتاة بحزاني , العنف موجود ضد المرأة كان ولايزال إن لم يكن اشد قسوة في الآونة الأخيرة وهو واقع اليم تعيشه المرأة العراقية رغم كل الدعوات والشعارات التي تنادي بان المرأة هي إلام و الأخت الزوجة المربية والأساس في بناء الأسرة والتي منحها الدستور بعضا من الحقوق البراقة اليتيمة إلا أنها على الصعيد الواقعي والعملي التطبيقي تعاني الكثير من مصادرة الحقوق والخناق والتضييق على حريتها نتيجة ممارسات قبلية متخلفة ومتوارثة التي تجعل من المرأة بحكم الولد القاصر حتى لو كانت حاصلة على اعلي الشهادات والخبرات وتجعل منها ناقصة عقل ودين لأنها عورة , هذا ما يمنحه الفكر الديني من حقوق للمرأة والذي بدا يستشري كالداء خاصة لدى الطبقات العشائرية والفقيرة التي تعتبر أكثر التصاقا بالقوانين الدينية وأكثر استجابة للتيارات السياسية الدينية , لذلك من النادر أن لانجد امرأة عراقية لم تتعرض للعنف سواء من قبل الأسرة أو المجتمع ذلك العنف الذي يهين المرأة ويهمشها ويقلل من قدرها ويخلف لها معاناة نفسية واجتماعية , وبسبب خصوصية المجتمع العشائري فانه يفرض تعتيما إعلاميا على العنف والتمييز الذي تتعرض له المرأة .
وان ثقافة المجتمع هو الذي يتيح تلك السيطرة والسلطة والمرجعية في ذلك هو العادات والتقاليد لان النساء هن دائما ضحايا العرف الديني والقانون التي يحكمها شريعة الغاب خاصة في جرائم الشرف التي تعاني المرأة فيها من إرهاب اجتماعي وتشريعي بسبب تلك الخطابات الدينية المستشرية في جميع مفاصل الدولة فلو وضع الدستور على أساس علماني وتم بناء مؤسسات علمانية لما استمر تدهور الأوضاع كما هي عليه ألان لان التاريخ لن يرجع إلى الوراء وان مسار التقدم لن يتوقف لذلك من العبث أن نطبق ما لا ينسجم مع منطق التطور والتقدم والتجديد وان الالتزام بالمواثيق الدولية ومعاهدات حقوق الإنسان هو الوسيلة الفعالة للتغلب على عوامل الضعف والتخلف لهذا نرى الشعوب المتحضرة تفكر وتهتم بالمستقبل بينما نحن لانزال ننجذب بقوة إلى الماضي البعيد والطائفية البغيضة وصرف الجهود والوقت في مناقشة ملابس المرأة وحجابها وإطالة اللحى والقتل لحماية الشرف الذي هو نتاج ترسبات و تراكم سنين الجهل التي تواجه المرأة فيه سيلا من الخطوط الحمراء .
إن حقوق المرأة جزء من حقوق الإنسان فإذا كان نصفه معطلا ومشلولا فلا وجود لحقوق الإنسان طالما كانت حرية المرأة منقوصة , وهنا يحق لنا أن نتساءل أين هي دور وزارة حقوق الإنسان ووزارة المراة ووزارة المجتمع المدني ووزارة الهجرة والمهجرين من كل الإحداث التي تجري حاليا على الساحة العراقية أم أن هذه الوزارات تعكس الوجه الحقيقي للحكومة الدينية , وما جدوى باب الحريات العامة في الدستور العراقي إن كانت معطلة وان كان أول حق للإنسان في الحياة وهو حق الحياة مهددا فما بالك بالحريات الأخرى وأين هي المساواة التي يضمنها الدستور إن كانت الأقليات الدينية مضطهدة حتى في عقائدها ناهيك عن التميز الاجتماعي والوظيفي والسياسي , وما تقوم به سرايا وفصائل جيش محمد في الدولة الإسلامية لهو اكبر دليل على ذلك وغيرها من التيارات الدينية التي لاتهمها إلا مصلحتها وتفرض تفوقها الديني على الأقليات والمكونات الدينية الأخرى , فالى من الشكوى وهم الخصم والحكم ,السلطات هي التي تتحمل مسؤولية ما يحدث إن لم نقل بمباركة منها لان لو كانت السيطرة وسلطة العقاب بيد الدولة لما آل الأمر إلى ما هو عليه .
إن احترام الحقوق المدنية لايكون إلا بفصل الدين عن الدولة وتهميش دور الدين اجتماعيا وسياسيا لتبقى في حدود العلاقة بين الخلق والخالق ووضع تشريعات وقوانين مدنية وعلمانية بما فيها قوانين الأحوال الشخصية بعيدا عن عوامل الضغط والإكراه وتفعيل دور التشريعات في مجال حقوق المرأة وإنشاء منظمات نسائية جديدة وتوظيف وسائل الإعلام لتكون قادرة على نشر الوعي القانوني في مجالات حقوق الإنسان والمرأة بشكل خاص والعمل على القضاء على الموروثات الثقافية السيئة ضد المرأة وتعديل الدستور الذي بات مطلبا أساسيا ويحتاج إلى الكثير من التغييرات والتعديلات في مواده للخروج من الأزمات بما يضمن الاستحقاقات المهمة والثوابت الأساسية على صعيد الأقليات الدينية ومجال حقوق المرأة لان المرحلة القادمة إذا ما استمرت الأوضاع فيه على هذا الحال فإنها ستقود إلى نتائج عكسية لاتكون في صالح أي احد .