في الذكرى الثالثة والثلاثين لإستشهاد ليلى قاسم



قيس قره داغي
2007 / 5 / 12

قبل ثلاثة وثلاثين عاما ومثل هذه الساعة وهذا اليوم لعلع صوت حمه رشيد هرس عبر إذاعة صوت كوردستان العراق ناقلا خبر إعدام فتاة كوردية أصبحت نجمة في سماء كوردستان ، ليلى قاسم تلك الخانقينية الفيلية التي قدمت الى بغداد لتواصل دراستها في جامعتها وتحمل في حقيبة قلبها الى جانب هم الدراسة هم النضال من أجل أمته الأسيرة المضطهدة .
ولدت الشهيدة ليلى عام 1953 في ( بانميل ) على ضفاف الوند بخانقين من أبوين فقيرين ربياها بحب الوطن شأن كل الفقراء الذين يعدون عشق الوطن والمبادئ والقيم مكسبهم ورأسمالهم في الحياة ، كان والدها السيد قاسم حسن أركوازي يرى في أبنته ليلى أملا له كي تصبح يوما مفخرة لأسرته وأمته ووطنه فأصبحت مثلما أراد الولد حيث صعدت مع رفاقها الشهداء الأربعة سلالم المشنقة بكل إباء وشجاعة لتخلف في كوردستان مدارسا وشوارعا ومؤوسسات تحمل أسم ( ليلى قاسم ) وخلفت من بعدها جيلا من النساء الكورديات دخلن معترك النضال ومزقن الستار الذي كان يحجب بينهن وبين النشاطات التي كانت مصنفة للرجال فقط .
لم تعد ليلى قاسم تلك الفتاة الجامعية التي أراد البعث أن يمحيها من الوجود بزجها في سجونها الرهيبة وثم شنقها بطريقة وحشية بل أصبحت مادة تلهب إلهام الشعراء والكتاب والباحثين وحبذا لو قامت الحكومة الكوردستانية التي أنبثقت من طوفان الدماء الزكية لشهيدات وشهداء كوردستان بجمع كل ما كتب عن ليلى وإتحاف المكتبة الكوردية به .
مما أذكره في هذا المقام رباعية من الشعر كتبها الشاعر الكبير ( هيمن مهابادي ) في الشهيدة ليلى قاسم :
(( كه‌ تۆ تۆرای‌ له‌ چاوم وه‌ك خه‌وی‌ من
له‌ بسكت ڕه‌شتره‌ مانگه‌شه‌وی‌ من
بڕۆ مه‌جنوون به‌ له‌یلای‌ خوت مه‌نازه‌
كه‌ ناوبانگی‌ پتر ده‌ركرد ئه‌وی‌ من" ))

وترجمتها هي :

(( عندما أفلت أمام بصري
أسود ليلي أكثر من سواد ضفيرتك
لا تفتخر بليلاك يا مجنون
فقد فاقت ليلاي شهرة ليلاك )) .


وقد بحثت في الشبكة العنكبوتية عن كلمات قيلت عن ليلى فوجدت عشرات المقالات والقصائد التي كتبت بلغات مختلفة فهذه الكاتبة سميرة مراد تكتب مقالة عنها وتختمها قائلة ((واخيرا لاتنسوا ليلى قاسم في زمن النسيان )) ، وتلك هي الدكتورة منيرة أميد رئيسة تحرير موقع كلكامش تقول في إفتتاحية لموقعها (( وكانت ترى ان المرأة يمكن ان تكون نداً ورفيقاً للرجل وخاصة في سوح النضال. وكانت من أنشط الوجوه الطلابية. ابتدأت دراستها الجامعية في كلية الاداب بجامعة بغداد في قسم الاجتماع عام 1971.
جمعها النضال الطلابي مع رفيق دربها وخطيبها الشهيد جواد الهماوندي، فبرغم من انه كان عاملا بسيطاً، الا انها اختارته دون الاخرين لكونه كان يتسم بنفس سجاياها وخصالها، وله ذات التوق لتحقيق حلمها في تحرير كوردستان )) ، أما الكاتبة نارين عمر فتنقل عن لسان شقيقة الشهيد ما يلي (( في الزّيارة الأولى لوالدتها وشقيقتها لها بعد سجنها, أوصتهما أن يحضرا لها في الزّيارة القادمة /مقصاً وملابسها الكردية, الجديدة/ وبعد أن أحضرتا لها ما تريد في الزّيارة الثانية, أخذت المقص وقصّت به خصلاتٍ من شعرها, وأهدتها إلى شقيقتها لتبقى ذكرى شاهدة على نضالها وتحدّيها للموت والطغاة, وأجابت أختها التي سألتها عن طلبها في إحضار ثوبها الكردي أجابتها بثقة وابتسامة:
-أختاه سأصبحُ بعد أيّام عروسَ كردستان, وسوف تستقبلني أرضُ كردستان , لذلك أحبّ أن تحتضنني الأرضُ وأنا بكامل أناقتي. إنّ حبّي لكردستان لا حدود له
. ))
أما الكاتب صلاح قيتولي يكتب في صحيفة الإتحاد مقالا يتذكر فيه لحظات المسرحية البعثية التي أعدت لإعدام ليلى ورفاقها فيقول (( أرادت السلطة البعثية المجرمة الايقاع بهم بهذه الوسيلة ،بهدف تشويه سمعةعموم الكرد في تلك الفترة هكذا ظهرت المجموعة على شاشة القناة (9) من التلفزيون العراقي وهم في حالة صعبة وبانت على وجوههم اثار اللكمات والتعذيب والتعامل اللانساني التي مارستها الاجهزة الامنية للسلطة البعثية المجرمة بحقهم، وبعد محاكمة صورية قصيرة تم اعدام المجموعة ومن بينهم المناضلة ( ليلى) ، وبعد ان اعيدت الجثة لوالديها منعت السلطة البعثية اقامة مراسيم الفاتحة لها، ودفنت في النجف الاشرف،اذ يصادف هذا الشهر الذكرى السنوية الثانية والثلاثين على استشهادها وتلك الكوكبة المناضلة من زملائها ،ننحني اجلالا واكبارا لمقامهم الجليل، ونثمن عاليا دورهم الشجاع في ذلك الظرف الصعب الذي مر على شعبنا ،وبالاخص موقف الناضلة الشريفة ( ليلى قاسم ) التي وقفت امام جلاديها بأباء،ودافعت عن حقوق شعبنا ،حتى اصبحت شهادتها رمزا يحتذى به )) ، وفي مرثية كتبت ميديا محمود في موقع الحوار المتمدن (( لم يصب , من خمّن , ان ذاكرة النسيم جوفاء , ابدا ! و ذاكرة الارض والصخر والنهر والجبل , لم تكن يوما جدباء . )) ، أما الكاتب التركماني ديار الهرمزي قد كتب في موقع صوت العراق مقالا نقتبس منه مايلي : ((إذاً كان الاتهام باطل ،ولكن القيت قبض على ليلى قاسم حسن مع مجموعة من الطلبة الكورد وهم كالآتي .. ١ـ جواد هه مه وه ند . ٢ـ نه ريمان فؤاد . ٣ـ ئازاد قاسم . ٤ ـ حه سه ن حه مه ره شيد . اقيم لهم محاكمة شكلية من سيناريو حكومة البعث بقيادة رئيس المحكمة طه ياسين رمضان الجزراوي وحكم عليهم بالاعدام شنقاً حتى الموت.... ونفذ الحكم في يوم ١٣/٥/١٩٧٤م بعد شهر من القاء قبض عليها )) .
فولو أقتبسنا سطرا من كل كاتب وشاعر كتب لليلى فنغرق في بحر من الكلمات الجميلة والمؤثرة ولذلك نكتفي بخشوع لجسد يرقد في النجف الأشرف وروح طاهرة غدت نجمة لامعة في سمائنا العالية .