هل نحن قوم نقدس الكراهيه والقتل؟



ب. عيدان
2007 / 5 / 15

انتهت مظاهره الشجب والاستنكار والترحم على ارواح الشهيدات وضحايا مايسمى بجرائم غسل العار..ولم تنتهِ ثوره الغضب والحزن فى داخلى ...على الجريمه النكراء بحق زهرة من زهور كردستان العراقيه بشكل خاص والعراق بشكل عام..التى شهدت وتشاهد با ستمرارتلك الجرائم بحق الفتيات والشابات فى وطن يدّعي التحضر والقيم الاجتماعيه. المظاهره كانت منظمه من قبل الجمعيه السويديه "لا تنسَ أبدا فاطمة" بالاشتراك مع الجمعيات النسوية العراقية في السويد ومنها الكرديه وجمهور من النساء والرجال العراقيين وجمهره من السويديين المتعاطفين مع هذه القضية
انتهت المظاهرة بمراسيم رمى الزهور الحمراء والبيضاء والتى شكلت منها لوحه على شكل القلب على ارض البرلمان السويدى فى ستوكهولم فى مياه البحر لتشهد ستوكهولم الجميله وتتذكر هذه الحادثه الاليمه....جريمه قتل الشابه العراقيه دعاء خليل...
كان منظرا مؤثرا للغايه يقشعر له البدن...كيف مدينه مثل ستوكهولم التى تبعد الاف الاميال عن دعاء تتذكرها بهذا الدفء.... وموطنها الأصلي لم يذكرها الا بالسوء.
لم اهدأ منذ رؤيتي للمشهد البشع الذى ظهر فى تلفاز المحطه الاولى فى السويد لعمليه الرجم البشعه من قبل رجال القريه العراقيه وعلى مسمع ومرأى السلطات العراقية...والمفروض منها أن تلعب دورا فعالا لحمايه مواطنيها...ضد هذه الممارسات التى تخرق ابسط حقوق الانسان الا وهى حق العيش واختيار شريك الحياة.
تصوروا معي هذا المظهر البشع الذى تناقلته الصحف الالكترونيه والمحطات التلفازيه ...جمهور غفير يقتل نفسا طاهره اقترفت "جريمه الحب"...أي بشاعة ...وأية همجية لقوم يقتلون طفله لمجرد انها احبت شابا ...اليست هذه فعلة نكراء ضد القيم الانسانيه والاخلاقيه امام المجتمع المتحضر.
على علمي أن الديانة الأيزدية ليس لديها تقاليد الرجم...لماذا يتم استخدام نفس ممارسات العنف المتخلفه والمتوارثه من الدول التى ينشط فيها الارهاب والتخلف كممارسات الطالبان فى افغانستان....وهل للقاعده دور ي ترى بهذه الممارسات المعروفه بالترهيب وزياده نشر العنف فى المنطقه التى تمتاز بالهدوء.
إلى متى نرى ونسمع امثال هذه الممارسة من ممارسات العنف ضد بنات العراق باسم قانون الثأر وغسل العار والتي نتائجها الأغلبية ظلم واتهامات غير حقيقيه تظهر فيما بعد فى نتائج الفحص الطبي الشرعي....الأمثلة كثيرة بامكانكم التأكد من التقارير الطبيه الشرعيه والتى تؤكد عكس توقعات القوى المتخلفه الظالمه فى تلك الحوادث.
بالحقيقه لم تهدأ ثوره الغضب فى نفسى ونفس صديقاتى ونفس كل انسان متحضر فيه ذرة أخلاق وإنسانية...
لم تهدأ ورغم حضوري للمؤتمر العالمى الذى انعقد بدعوه من محافظه ستوكهولم و المنعقد يوم الجمعه المصادف 11-5-2007 فى بنايه المحافظه وبالاشتراك مع منظمه حقوق المرأة العراقية وشاركت فيه ايضا المؤسسات السويديه التى لها العلاقه بالبنت ,المرأه والعائله المهاجره كالجهات الاجتماعيه والمراكز النسويه وملاجئ النساء التى تستقبل النساء المهددات والمعرضات للعنف العائلى.
وقد حضر المؤتمرنساء عراقيات وكرديات من إنكلترا , الدنمارك, النرويج والاردن ومن المدن السويديه الأخرى.
الغرض من هذا المؤتمر كان لتبادل الخبره فى مجال آلية العمل مع قضية ما يسمى (بغسل العار او الشرف) وضروره كيفيه التنبؤ المبكر لتلك الممارسسات الاجراميه بحق البنت الكرديه او العراقيه بشكل خاص والمرأه الاجنبيه بشكل عام...وتأمين الحمايه والدعم اللازم فى حالات التهديد للبنت المهاجره واللواتي يتعرضن لمحاولات التزويج الجبرى المبكر فى سن الخامسة عشر من قبل الاهالى عن طريق التسفير والاجبار على الزيجة....وحالات الاستدراج للعراق في حاله فقط الشك بوجود علاقه واتفاق للزواج بين الفتاه واحد الشباب.
برأي المتواضع اعتقد أنها مسألة أخلاق ...وقيم إنسانيه أمام المجتمع الدولى..
أي غسل عار تتكلمون عنه بعد الجريمه البشعه بحق اجمل زهره فى مقتبل العمر ....اخشى القول إن جزءً كبيرا من مجتمعنا وبكل اسف يعانى من أزمة أخلاق... والا كيف تفهم القتل المتعمد بسبب الحب... وهل نحن نقدس الكراهيه والعنف؟
اى معايير نعيش فيها ونحن فى القرن الواحد والعشرون...هل الرجوله والشرف لايكتملان الا بقتل الانفس والاشهار بالقتل؟
أي أيادي هذه التي ساهمت في قتل النفس البشريه وهل يجرؤ أصحابها بالأكل وممارسة نشاطات الحياة بنفس الأيادي ؟
أناشد كل ضمير حي شهد هذه الجريمة البشعة بالوقوف والتفكير قليلا كيف العمل لمنع تكرار دعاء جديده.
اناشد كل ضمير حى بطرح ومناقشه هذا الموضوع لوضع حدا لقضيه مايسمى"غسل العار" التى لايربح منها أية جهة سوى وصمة تخلف وعار وجهل على العائله والانسان العراقى.
إن قضيه الأخلاق هي قضيه المجتمع...تهم كل الفئات فى المجتمع, ولذلك كان الاجدر من إقامة حملات واسعة لاستنكار ووضع حدا لمثل هذه الجرائم فى المجتمع والقانون العراقى.
اناشد كل ضمير عراقى لوضع حدا فاصلا لتلك الأفكار والممارسات العشائرية المتخلفة والغرض منها الترويع للفتيات واشاعه العنف ضد المرأة العراقيه.
ان المجتمع المتمدن بامكانه عمل الكثير من اجل المرأة والأسرة العراقية..ومنها مايلى:
- التوعيه بقيم الديمقراطيه والمساواة وحقوق المرأه.
- العمل على تعميق مفهوم المساواة بين المرأة والرجل بالمجتمع وبشكل مبكر فى المدارس الابتدائيه وحتى الروضه.
- العمل على ادخال مفاهيم واساليب جديده قائمه على التحضر والتمدن للتعامل مع الخلافات الاسريه التى تحدث فى المجتمع.
- لكون مسألة المرأة هي مسألة المجتمع كله لذلك نعمل على مشاركه الرجل مع المرأه لضمان ترسيخ مفاهيم المساواه.
- إن ديننا الإسلامي الحنيف أدان ممارسات دفن البنات وهن احياء قبل ما يقرب على 1500 سنه أي في زمن الجاهلية...فكيف ونحن نعيش القرن21 ونسمح بنفس ممارسات الجاهليه هذه؟
- مساهمة رجال الدين بكل انواعها بضرورة نبذ هذه الممارسات الهمجيه عن طريق خطباء وأئمة الجوامع والكنائس وبيوت العبادة التي يرتادها الناس البسطاء ومراقبة ما يـُطرح من مواضيع بحق المرأة والأسرة.
- إن العنف الذي نعيشه اليوم له جذور عميقه فى مجتمعنا يستوجب منا المعالجة بدءً من الأسرة .
- إن تكاتفنا جميعا وشعورنا بالمسؤولية اتجاه القوانين التي تصدر بحق المرأة والأسرة والمجتمع ككل كفيل بعدم تكرار مثل هذه الجرائم البشعة ورادع لكل من سولت له نفسه في أن تقتل نفسا بشرية وبدون مبرر.
- ان دستورنا دونه ممثلوا القوى القومية والمذهبية الإسلامية...والتي أكدت نصوصه على التمييز الجنسى ضد النساء...على مصادرة كافه الحقوق التى نالتها النساء بتاريخهن النضالى..على فصل حقوق النساء عن حقوق رفيقاتهن فى العالم, عن حرمانه النساء بالتمتع بالحقوق التى اقرتها المواثيق الدولية...وبشكل سيشكل أساسا لتجذير الحرمان واللامساواة اجتماعيا, اقتصاديا وسياسيا.
إن الدستور يحوي قنابل موقوتة تهدد وضع المرأة بأبسط الحقوق تتطلب وقفة مهمة من قبل القوى المحبة للتقدم والحرية للأجيال القادمة التي تساهم المرأة وبدرجة أولى في تنشئتها ..ولذلك من الضروري أن يؤمن لها الحرية والأمان والمساواة...حيث فاقد الشيء لايعطيه.
اناشد كل فنانينا التشكيليين وسينمائيينا المساهمة لعمل تمثال وفلم عن هذه الحادثة المؤلمة للمشاركة في توعيه الناس بضروره نبذ هذه الممارسات الوحشيه تجاه فلذات الاكباد وامهات المستقبل.

ستوكهولم ايار 2007