المراة القويه



رحاب الهندي
2007 / 5 / 16

هذيان امرأة نصف عاقلة
توصف المرأة القوية عادة تلك المرأة القادرة على ضبط امور الحياة في بيتها وعملها ومحيطها كله. وليست بالضرورة ان تكون قوية الجسد رياضية من الطراز الاول! لانها لاتحتاج الى قوة جسدية بقدر ما توزع قوتها بالحكمة والذكاء بين من حولها، لذا تجدها امرأة قادرة على الاحتواء لكل مفاصل الحياة. وان كنا نستطيع وبلا مبالغة ان نصف المرأة العراقية
(نسبة كبيرة من العراقيات) بانها قوية وذلك لانها تحملت تبعات اكثر من مسؤولية في آن واحد، ونجحت في مجملها. فكم امرأة بيننا عاشت ظروفا قاهرة على جميع المستويات المادية والمعنوية والجسدية والاجتماعية ومع ذلك لم تهن ولم تستكن، قاومت ظروف الحياة بأقل المستلزمات، فقدت الاب او الزوج او الاخ ومع ذلك لم تنحن ولم تعتمد اعتماداً كليا على الرجل. عاشت استقلالا بلا استقلالية وحرية بلا حرية. في كيفية ادارة شؤون نفسها واولادها او اخواتها وتحركت ضمن السياق العام الذي يسمح لها المجتمع بالتحرك به لضمان استمرارية الحياة. وقفت سندا لعائلتها وكانت شمعة تضيء ظلام حياتهم بفقدان الرجل الذي يعتمد عليه الجميع! الاف من الحالات تبين كم هي امرأة قوية صلبة صامدة تغلف نفسها بكل التضحيات من اجل اسعاد من حولها. قصص قد تثير الحزن والتساؤل. لم عليها ان تضحي كل التضحيات والمجتمع لايكافئها الا بكلمة (خوش مرة).
لا احد يتساءل عن سر التعاسة الكامنة في عينيها لا احد يقترب ليربت على كتفيها حانيا. فهذا شأنها وهذه حياتها وهذا واجبها كما يظن البعض والغريب ان بعض الحالات القوية المقاومة لظروف الحياة الصعبة تجد من يحاربها من اقرب المقربين ولعلي هنا اسرد حكايتين قد تكونان نموذجا لحكايا كثيرة تعيش بيننا. سعاد امرأة جميلة ومثقفة حملت على كاهلها مسؤولية شقيقها المعاق بعد وفاة والديها وزواج اخوتها واخواتها. شعرت ان هذا الشاب المسكين امانة في عنقها، رفضت كل طالبي الزواج ونذرت نفسها لخدمة الشقيق، وكانت تسكن واياه في بيت العائلة. تعمل وتلبي كل طلباته دون ان تطلب من احد اخوتها المساعدة.
لكن الغريب ان هؤلاء الاخوة اجتمعوا وقرروا بيع البيت دون الاهتمام بوضع الشقيقين. حاولت ان تقنعهم بان يتركوها تعيش لخدمة الشقيق المعاق الذي لا معين له، لكنهم رفضوا. طلبوا ان توافق على بيع البيت ولان البيت يمثل لها تاريخ وذكرى والديها. رفضت التنازل عن حقها فبدأوا يحاصرونها بعدم الخروج لاي سبب بحجة الناس والعيب ولو كان بايديهم لمنعوها من العمل. عرضت عليهم فكرة ان يعطوها حصتها في البيت ((غرفة وحمام )) وليتصرفوا كما يشاؤون فوافقوا. وهكذا امنت لها ولشقيقها مسكنا وارتاحت من طمعهم.
كم عانت هذه المرأة من مشاكل نفسية واحساس بمعاناة وقسوة الاخوة، وقهرهم لها وعدم شفقتهم على اخيهم المريض. كم تحملت من تعليقات واتهامات ومحاولة ضغط من اجل بيع حصتها في البيت. وقد يتساءل الجميع لماذا لم تبحث عن مصلحتها الشخصية، تتزوج كالباقي من افراد الاسرة ويكون لها بيت واطفال. ماالذي يجبرها على ان تتحمل مسؤولية من المفترض ان يحتملها الجميع رغم مشقة هذه المسؤولية ومتاعبها وقهرها وآلامها نتيجة المرض. اسئلة كثيرة واجابات مختلفة فالبعض يتهمها بالغبية، والبعض يتهمها بانها رافضة للزواج لانها تنتظر حبيبا غائباً، والبعض يتهمها بالطمع في البيت. وهكذا كل يدلو بدلوه، دون اي احساس او مصداقية، ودون وضعها في مكانها الصحيح وهو انها امرأة رائعة قوية صامدة كغيرها وهن كثيرات في المجتمع العراقي. ولو اقتربنا من اولاء الكثيرات في المجتمع العراقي. ولو اقتربنا من الكثيرات لوجدنا لكل منهن حكاية تثبت انها امرأة قوية بل واستثنائية رغم انف الكل