الكفر بالله قد يغتفر وقتل البريئ لا يغتفر



خالد عيسى طه
2007 / 5 / 20

(الفتاة اليزيدية)
ديننا الإسلامي يستغيث ويقول ..
جعلوني مجرماً!!!
ليس هناك شريعة سماوية تجوز عقوبة موت رميا بالحجر اذا لم تستكمل الشروط:
أ‌- الموت للزانية .. نعم نص في الشريعة الإسلامية .. دون شك!
ب‌- ماهو سبب توقيت استعمال هذا النص الذي أهمل في معظم القوانين الحديثة العربية وندرة استعماله في أنظمة تعتبر الشريعة هي المصدر الوحيد للقانون ولماذا لا يفهم البعض ان الزجر القانوني لا يحمي المرء اكثر من الدين ذاته. أيستطيع مجتمعا مهما قسي في قوانينه ومهما استعمل حجر الارض وأدوات القتل ان يمنع العلاقة الشرعية بين الرجل والمرأة، الدين يرشد هذه العلاقة ويحمي النسل ويمنع الدعارة المبطنة وغير المبطنة وتكون الشعوب صريحة في تعاملها مع هذه الحاجة الإنسانية التي لولاها لانتهت الحياة.
ان حادثة رمي المرأة اليزيدية من أهالي بعشيقة رجما بالحجارة حتى الموت لاتهماها بأنها تزوجت من مسلم وكانت قسوة ورهبة هذا المشهد هز مشاعر كافة اهالي القرية مسلمين او يزيديين عربا او أكرادا ، ان مشاعر الحاضرين مهما كانت قاسية وجنونية لابد وان ترتعد امام هذا المنظر الشرس المخالف لكل ماانزل من قوانين سماوية او أرضية فعقوبة الرجم حتى الموت لها شروط في التطبيق وهي نادرا ما تطبق ولم يكن الاسلام متساهلا في قبول هذه التهمة اذ انه اشترط لاثبات الزنا اربعة شهود يثبتون بالرؤيا المجردة تلك العملية حتى اصبحت في الحكم مستحيلة في الاثبات.
انا لا استطيع ان افهم لماذا تستغل نصوص شرعية سليمة في صراع طائفي اتى الينا من الخارج يريد به الاحتلال ان يفرق صفوفنا مهما تلاحمت اواصرنا وانسجمت مع الدين والشرع والعرف والعالم وهو الزواج... الضحية المسكينة لا يمكن التطبيق عليها عملية الرجم لانها تزوجت من تحب وتعشق.
الذين واكبوا هذه الحادثة او الذين اطلعوا عليها من شاشات التلفزة والانترنت تألموا واعتبروها بداية سيئة للتعايش النمطي السليم في بقعة من العراق يسكنها اليزيديون وخاصة في دهوك، هذه الملة انا اقرب الناس الى فهمها بعد تجربة طالت خمس سنوات من عيشة مشتركة مع متهمين يزيدين في زنازين المخابرات وسجن ابو غريب واشهد ان تحسين وهو يزيدي كان مثالا لتحمل مصاعب السجن ومثالا في حسن العشرة رغم اختلاف الدين والقناعات لقد كنت سعيدا في ان اشاركه الاكل وفي السجن يطلق على من يشاركك الاكل وهو اقرب الناس والذي يجب ان يكون اقرب الناس اليك (سفردار) وبعد خروجنا من السجن تهيئ لي ان اقابل الشيخ تحسين وهو شيخ اليزيدية واليزيديون امة لا يزيد عدهم في العراق اكثر من 75 شخص ولكنهم اكثر من هذا العدد في اوربا وخاصة في المانيا وهذه الفئة لاقت الظلم على مدى العصور المتتالية وهم يتكلمون الكردية ولهم تاريخهم وماضيهم ومعتقداتهم ودينهم ولكنها كلها تصب في المبادئ الأساسية للأخلاق. انا اعرف عائلة احد اعمدة العائلة ملاكا كبيرا في دهوك (بساتين)وكيف كنا نذهب الى دهوك لنرى دماثة الخلق وحسن المعشر من اليزيديين.
اليزيديين هو شعب مسالم لا يقحم نفسه في مفردات الحياة من أي عمل يشم منه العنصرية والطائفية او التفرقة الدينية فهم لا يألفون السبح ضد التيار سواء ان كان تيار المدينة او تيار المحلة او أي تيار يجدون انفسهم فيه اذ ان ليس في شعاراتهم مايشكل تعارضهم مع الاديان الاخرى وتقوسهم الدينية ان هي الا تقوس هادئة مليئة بالاحترام للذات وللغير، هذا الذي دفعني ان احس بعمق جريمة الشابة اليزيدية فهي جريمة بكل ثقلها هذه جريمة وبعمقها ألا أخلاقي ...
شابة احبت شابا.. ماهو الجريمة في ذلك!!
لم يكن اختلاف الدين في الاسلام عائقا للزواج بل ان اخر اجتهادات العلماء يعتبرون ان زواج المسلم من كتابية حلال وزواج المسلمة بكتابي في اخر اجتهاد له مخرج شرعي والمخرج ان الاثنين من اهل الذمة وان القران عندما يدخل الاولاد يطلق على الولد سواء انثى او ذكر.
المعادلة كما اراها فتاة يزيدية من بعشيقة احبت مسلم طيب ، المسلم وافق على هذا الزواج طيب ايضا .. اذا الزواج صحيح من ناحية شرعية ومن ناحية قانونية اما اذا التحقت الزوجة لدين زوجها كما اثبت التحقيق ذلك فان الجريمة جريمتين فانهم قد قتلوا امرأة عفيفة بدون ذنب جنته يداها فهي إنسانة أحبت وهذا من حقها، انسانة تزوجت وفق الشرع والقانون وهذا من حقها، إنسانة التحقت باسم الحب بدين زوجها أفي كل هذا خطا يستوجب الرجم والموت تحت انهمار الحجارة على راسها وهي تضع عند نزعات الموت يدها على مكمن عفتها. ليس لنا الا ان نشارك كل صاحب ضمير حزنه على ما جرى وليس لنا الا الطلب من المسؤولين الا ان يكونون شديدي العقاب في التعامل مع هذه الجريمة وليس لنا الا ان نعيد صيغة التشريعات والقوانين التي تفرق بين القتل قصدا والقتل بدافع الشرف، هذه برائي عثرات اخلاقية لم توصي به الاديان ولا نريد نحن ان نستمر في التذرع في مثل هذه المواد القانونية لتنفيذ اغراض القتل التي هي بعيدة كل البعد عما هو حاصل.
اني افتح باب المناقشة في هذا المقال واوجه سؤالين سؤال الاول هل القاري مع ابقاء عقوبة القتل بسبب ودواعي الشرف على ماهي عليها اخفضوا من جريمة القتل الاعتيادية.
هل القارئ ينكر علاقة الانسان الاعتيادية في تكوين عائلة وإنشاء اسرة نظيفة نظافة الحب العذري الذي بدء هذه العلاقة واسأل أخيرا ماهي الإجراءات التي يرتئيها القارئ بحق الذين حرضوا او قاموا بجريمة القتل البشعة.
كل مااقوله الا كلمة صبرا ايها العراق على مآسي التفرقة والعنصرية التي جاء بها الاحتلال .. تحت ذريعة نشر الديمقراطية.