هي كانت كذا وكذا قبل 30 عاماً



محمد أبوعبيد
2007 / 6 / 7

إن كانت المرأة التي لم تبتلَ بسوء السمعة هي محط أنظار الكثيرين، يحللون شخصيتها، يفسرون سلوكها بالطريقة التي تروق لهم، حتى لو وصل الأمر إلى قذف المحصنات وحد الرأي الظالم وتشويه السمعة، فكيف بالمرأة التي ابتليت حقاً بسوء السمعة!!.


ثمة سمعة سيئة مثل دخان بفعل نار، لكنها سمعة لا تُبقي على الوطأة ذاتها إن تعلقت بالرجل أو بالمرأة في مجتمعاتنا الشرقية. كأن " الذكر " وسوء السمعة خطان متوازيان لا يلتقيان، بينما هي تتقاطع مع خط "الأنثى"، وهذا يُضاف إلى الظلم المُنْصب عليها. ليس في الأمر ضرب ٌمن مبالغة،فالفتاة التي تتعرض للاغتصاب، مثلاً, وشاء القدر أن تظل على قيد الحياة من دون أن يطالها حكم الإعدام الجائر، تظل هي الحدث الذي يتردد على ألْسنة الكثيرين، من دون أي اعتبار لكونها الضحية، والجاني كأنه في حل مما فعل. لعل حادثة الأغتصاب تظل مالئة أفواه كثيرة، وقد تغادر الضحية المكان فيما القصة لا تبرحه.

الأنثى الضحية، إذنْ، هكذا حالها. ما بالكم بامرأة وُشمت بسوء السمعة حقا ً ووفقا ًلأفعال ارتكبتها برغبتها منذ مدة طويلة وارتدت عنها وعادت إلى نفسها السوية وفطرتها السليمة!! قد يبدو من المستحيلات أن يغفر لها مجتمعها، فيما خالقها غفار للذنوب. سوء السمعة هذه تمس, آونة كثيرة، أخريات من عائلتها، فقد تؤخذ فتاة بوزْر شقيقتها، وكذا الأبنة والوالدة وغيرهن.

كثيرا ما حدث أن تُلاحَق َ طالبة مدرسة أو جامعة، وتحاصَر موظفة بسمعة فعل لم ترتكبه، إنما هو من فعل الشقيقة أو ابنة العم...... ولطالما حدث أن تركت تلك الطالبة مقعد دراستها بلا إياب, أو برحت الموظفة مكان عملها بلا رجعة، لما في ذلك من رحمة لها على أن تبقى محط الهمز واللمز ممن يحيط بها ويختلط معها. قد يصل الأمر حتى إلى عدم تعريفها باسمها، إنما بالقول هي شقيقة من فعلت كذا، أو ابنة عم من قامت بكذا!!.

من الصفات التي تتحلى بها المجتمعات الشرقية عموماً، عدم نسيان الأخطاء، وتحديدا هنا أخطاء النساء، علما ً أن الخطأ ليس مطلقا ً وهو رهن بثقافة كل مجتمع وفقا ً لمنظومة الصواب والخطأ التي يعتنفها بما في ذلك حسن السلوك وسوؤه. وليس المقصود هنا ما كان بيّناً من حلال أو حرام. إن حكم المجتمع على أحد أفراده، غالباً ما يكون مرجعه الثقافة السائدة وليس الشريعة السماوية. بناء على ذلك، يمكن للمرء أن يتخيل السنوات التي ستعمّرها قصة ٌ, بطلتها " أنثى " شرقية، حدثت، مثلا ً، قبل ثلاثين عاماً.

أحياناً يطغى اسم "الأنثى الحدث" على بلدها،فيُعَرّف به، ويُقال بلد الأنثى التي فعلت كذا وكذا حتى لو غادرتها. الأمر عينه قد ينطبق على عائلتها أو قبيلتها فتصبح عائلة أو قبيلة الأنثى الفلانية. حتى من بعد ارتدادها عما فعلت، وإعلان "توبتها" على الملأ، فإن ذلك لن يشفع لها و يضع حدا لألسنة الناس التي ستلاحق حتى بناتها وحفيداتها،ويقول البعض هي حفيدة "الأنثى" الفلانية.. جدتها كانت كذا وكذا قبل ثلاثين عاماً. هنا لا يصح القول "فرخ البط عوام".