نعم لحرية المرأة في البصرة !

امين يونس

2007 / 10 / 7

قائد شرطة البصرة قال : سأتولى حملة لحماية المرأة من الاضطهاد والتعسف في البصرة ! عجبا ، هل ( اكتشف ) هذا المسؤول اخيرا بان النساء مُهّمَشات ولا دور حقيقي لهن ، وهُنَّ اكثر من نصف المجتمع ؟ الم يكن يدري بانهن مقموعات ، لا حقوق لهن ؟ قبل ثلاث سنوات و في صبيحة يوم الانتخابات ، استرعى انتباهي مشهد غريب بُث على الفضائيات : عبد العزيز الحكيم رئيس قائمة الائتلاف العراقي الموحد ، دخل الى احد المراكز الانتخابية في بغداد ، مستصحبا معه ابنته ، للأدلاء بصوتيهما . كانت الابنة ترتدي النقاب ، كتلة من السواد ولا يظهر شيء من وجهها اطلاقا ! أدلت بصوتها ، وعندما حاول الصحفيون والاعلاميون المتواجدون ، الاقتراب منها لسؤالها ، منعهم الحكيم بأشارة من يده ! اتصلتُ بقناة الفيحاء الفضائية والتي كانت تبُث برنامجا يغطي الانتخابات بصورة حية وكان احد الضيوف هو السيد زهير كاظم عبود . قلتُ لمُقدم البرنامج : ان ( الرسالة ) التي حرص السيد عبد العزيز الحكيم على ايصالها ، كانت واضحة للغاية : في حالة فوزنا في الانتخابات ، فان المرأة يجب ان تلتزم بالزي الاسلامي وترتدي النقاب ، هذا اولا ، وثانيا لا يُسمَح للمرأة التحدث او الظهور في وسائل الاعلام ! قلت ان هذا التصرف هو تهديد استباقي للمرأة . وطلبت من محمد الطائي ان يعلق هو والسيد زهير على ذلك . قال الطائي بان هذا الزي ( النقاب ) منتشر في كثير من البلدان الاسلامية ! وراوغ السيد زهير في اجابته متفاديا انتقاد الحكيم ! حسنا ماذا كنا ننتظر من الائتلاف الموحد واحزاب الاسلام السياسي الاخرى بالنسبة الى المرأة وحقوقها ؟ ذاكرتنا لازالت طرية ، فمنذ فترة مجلس الحكم ، حاول الحكيم والجعفري وايدهما في ذلك محسن عبد الحميد ، حاولوا تمرير قانون جديد للاحوال الشخصية يُجْهِز على ما حققته المرأة من نيل بعض حقوقها خلال عقود من الزمن ، ولولا الموقف الشجاع لطلائع النساء وتظاهرهن حينذاك في ساحة الفردوس استنكارا لمشروع القانون الرجعي ، لأستطاع الاسلام السياسي تكبيل المرأة بمزيد من القيود القانونية . على كل حال ، فان الحكومات المحلية في المحافظات الجنوبية وفي البصرة خصوصا ( المنتخبة ديمقراطيا ) ، لم تُقَّصر في ترجمة توجهات الاحزاب الاسلامية المضادة لتحرر المرأة الى واقع ملموس ! فكل المجموعة الحاكمة في البصرة ( مع استثناءات نادرة ) ، ساهمت في تحويل هذه المدينة العريقة المنفتحة الى مدينة منغلقة يلفها السواد ! البصرة ثغر العراق ، المُطِلة على الخليج ، التي كانت فاتحة ذراعيها لكل الثقافات القادمة اليها مع البواخر والسفن التجارية على مر السنين ، عشرات الجنسيات بلغاتهم المختلفة وطبائعهم المتمايزة وملابسهم المتنوعة ، جعلت من البصريين نسيجا بالغ الروعة متعدد الالوان . هذه البصرة اصبحت تئن في السنوات الماضية تحت وطأة ( فتاوى ) المشايخ المحليين ، ومزاج الكتائب التي تتشبه بمفارز ( الامر بالمعروف و النهي عن المنكر ) ، وطبعا فأن ابطال هذه المفارز يمتلكون سلطة مطلقة تتضمن ( تشخيص المُنْكَر ) والمنكر هنا عبارة عن طيف واسع من الامور مثل سفرة ( مختلطة ) لطلبة الجامعة الى حديقة عامة في وسط البصرة ، مثل ( الاستماع الى الموسيقى ) ، مثل ( السفور ) ، وحتى احيانا ( لبس الجينز او الكاوبوي ) ، او ارتياد ( صالونات الحلاقة ) ! هذه بعض ( المخالفات ) التي تتفتق عنها ذهنية التحريم المستحكمة في ميليشيات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ! هذا عن التشخيص ، اما المحاكمة والعقوبة ، فهي من صلب اختصاص هذه الزُمر ، وهي تبدأ ( بأشياء بسيطة ) مثل الاهانة والضرب ! ثم اذا تطلب الامر الاحتجاز والتعذيب ، واخيرا التصفية والقتل في الحالات المستعصية !! كل هذا باسم الدين والشريعة ، وتحت رعاية وحماية المراجع باختلاف انواعهم و مذاهبهم وسكوت وتواطؤ امتداداتهم في مجلس المحافظة والدوائر الامنية ! ياسيدي يا قائد الشرطة في البصرة : طَّبق القانون العراقي الذي اقَّره الدستور ، لا تسمح لأحد بالقفز فوق القانون ، لاتعط مجالا للميليشيات لفرض اجنداتها المتخلفة ، كُن قدوة في الالتزام بالقانون حتى تستطيع تطبيقه على الآخرين ، ياسيدي اذا فعلت ذلك فكلنا ننحني لك احتراما ! كُن ظهيرا للمرأة ومدافعا عن حقوقها ولا تُصَّدق بأن المرأة ( وحدها ) المسؤولة عن طرد ( آدم ) من الجنة ، فهنالك الحية والتفاحة وضعف آدم نفسه !




https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة