تنظيم سن الزواج ليس مؤامرة !!1

فاضل عباس
bumohd44@hotmail.com

2007 / 11 / 8

القرار الذي أصدره وزير العدل والشئون الإسلامية في البحرين بشان رفع سن الزواج للفتاة إلى 15 عاماً والأولاد إلى 18 عاماً هو قرار صائب بكل المقاييس و جاء في الوقت المناسب نتيجة الوضع الأسرى والاجتماعي وارتفاع نسبة الطلاق في المجتمع البحريني ، وهو يشكل حالة متقدمه نحو تنظيم الزواج إذا ما أضافنا هذا القرار إلى قرارات أخرى تسهم في ذات الاتجاه ، فقرار تحديد سن الزواج ينطلق من دوافع وحاجات اجتماعية وأسرية وهو يتفق مع الشريعة الإسلامية وليس صحيح التنظير لنظرية المؤامرة حتى في قرار ينظم سن الزواج فدخول المرأة إلى سوق العمل وارتفاع مستوى طموحها وقدرتها على اختيار شريك حياتها وشكل الأسرة التي تتمناها جعل من تنظيم سن الزواج مسالة ضرورية للأولاد والبنات .
والبحرين لم تكن الوحيدة التي حددت سن الزواج فقوانين الأحوال الشخصية في جميع البلاد الإسلامية حددت سناً للزواج ، ففي جمهورية إيران الإسلامية اقر مجمع تشخيص مصلحة النظام مؤخراً رفع سن الزواج إلى الفتاة من 9 إلى 13 سنة والأولاد إلى من 14 إلى 15 سنة ، وفى القانون الأردني للأحوال الشخصية فللأولاد السادسة عشرة سنة وللفتاة الخامسة عشرة سنة وفى دولة الإمارات العـربية المتحدة فسن الزواج للأولاد ثمانية عشر سنة وللفتاة ستة عشر سنة ، وفى سوريا فسن الزواج للأولاد ثمانية عشر سنة وللفتاة سبعة عشر سنة، وفى تونس عشرون عاماً للأولاد وسبعة عشر عاماً للفتاة ، فهل جميع الدول الإسلامية تخالف الشريعة الإسلامية بتحديد سن الزواج ؟! كما يروج البعض في البحرين !! .
بل أن تحديد سن الزواج هو مطلب أنساني بالدرجة الأولى وجميع الدول الأخرى غير الإسلامية أيضا عملت على تحديد سن الزواج ومنها القانون الفرنسي فللأولاد سن الثامنة عشرة وللبنات الخامسة عشر سنة، والقانون الألماني للأولاد فإحدى وعشرين سنة والبنات عشرين سنة ، وكذلك فإن الديانات الأخرى حددت سناً للزواج ففي الشريعة اليهودية جعلت سن زواج للرجل الثالثة عشرة والمرأة الثانية عشرة .
في الدراسات الحديثة في المملكة حول نسبة الطلاق وأسبابها يمكن إيجازها بان نسبة الطلاق قد ارتفعت في البحرين من 30% عام 2002 إلى أكثر من 34 % عام 2006 وتعود الأسباب الرئيسية للطلاق إلى عدم وعى الزوجين بالحياة الزوجية وسوء الاختيار وعدم تقدير قدسية الزواج والمشاكل الاقتصادية نتيجة الزيجات السريعة دون الوعي للأعباء الاقتصادية والمعيشية له وكل تلك الأسباب هي نتاج الزواج المبكر فهل هذه النسبة المرتفعة للطلاق لا تستحق تنظيم الزواج ؟! ، فماذا قدم الرافضون لتحديد سن الزواج من أعمال للحد من ظاهرة ارتفاع نسبة الطلاق ؟.
لقد تعقدت الحياة وأصبح العديد من الرجال والنساء لا يستطيعون الزواج حتى بعد التخرج من الجامعة ، فالزواج ليس عقد يكتب وانتهى الموضوع بل هو يمثل حالة استقرار لاطرافة وهى لا يمكن أن تحدث بدون السكن المناسب والعمل المناسب فهل سوف يحصل ذلك والفتاة عمرها 9 سنوات يمكن أنها لم تدخل المدرسة بعد ؟!! ومن اليوم في المجتمع البحريني يزوج ابنته وعمرها 9 سنوات ؟!! هذه الظاهرة قد انتهت لذلك فان قرار الوزير هو جاء ليطابق واقعاً اجتماعياً موجود في الأساس وليس فوقياً.
فسن الزواج أمر لم يأت به كتاب سماوي ولا سنه نبوية ولذلك فان زواج الرسول ( ص ) من عائشة رضي الله وهى بنت ست سنوات وبني عليها وهى بنت تسع سنوات لم يكن تحديد لسن الزواج بل أن غالبية العلماء والفقهاء يؤكد إن الحق في تقييد سن الزواج بسن معين طبقاً لمصلحة الناس وهذه المصلحة تتغير من فترة إلى أخرى ومن هنا لا تجوز عملية القياس التي يقوم بها بعض رجال الدين الاسلامى !!
كما أننا بحاجة إلى الحديث بمنطق يقنع الآخرين وهو منطق الحوار وبعيداً عن لغة التهديد والوعيد ومنطق احتكار الحقيقة ، فالكمال لله وحده والحقيقة لله وما يقوله اى رجل دين لا يعدو كونه اجتهاد يمثله وحده ولا يجب الاعتقاد بان ما يقوله اى رجل دين يمثل الإسلام كله وبالتالي على الناس الطاعة العمياء ، ولكن من الواضح أن هناك أسباب عديدة تجعل البعض يرفض دائماً التنظيم والنظام بدون سبب حتى تنظيم الزكاة والخمس الشرعي لان في ذلك التنظيم زوال الهيمنة والسلطة الفوقية التي تخضع المواطنين باسم الإسلام وباعتبارهم مصدر هذا التنظيم والفتوى داخل الإسلام لذلك لا يقبلون باى شيء من النظام والتنظيم من خارجهم ويفقدهم هذه الهيبة المصطنعة .
وكنا نأمل أن يشمل القرار كذلك تحديد سن اعلي للزواج فلا يتجاوز الخمسين بالنسبة للرجال كما هو مطروح الآن في عدد من الدول العربية لتنظيم الزواج فرجل فوق الخمسين لا يستطيع أن يؤدى واجباته الزوجية وحتى تتوقف ظاهرة زواج كبار السن من الفتيات الصغار نتيجة استغلال الوضع المادي ، كما إن إصلاح هذا الخلل الاجتماعي والتقليل من نسبة الطلاق يتطلب وقف حالات الزواج الجماعي التي انتشرت في البحرين فتقديم المهر ومصاريف الزواج ليس هو الحياة الزوجية ولا يعنى الاستمرار فيها فالمتطلبات اكبر من ذلك بكثير وعليكم إحصاء لعدد حالات الطلاق بعد حفلات الزواج الجماعي وفي بعض الأحيان يكون الطلاق بعد أيام وليس شهور !! .





https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة