حالة الامن والمرأة العراقية !

جمال محمد تقي

2007 / 12 / 18

المجتمع الذي لا امن لادمية المرأة فيه ، مجتمع مستعبد ، غير حر ومتخلف وغير مستقر ، فأوضاع المرأة هي بوصلة لشكل وحالة المجتمع ، اي مجتمع كان ، والعبودية الاحتلالية هنا مزدوجة وشاملة ايضا ، عبودية البلاد كل البلاد وعبودية العباد كل العباد ، فمن حيث النتيجة هو مجتمع تبعي محتل مقنوص تتدرج وتتدحرج سلسلة الاسترقاق فيه على شكل حلقات متحركة متسلسلة ومتصلة ، سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية ، الانحطاط هنا بكل الاتجاهات الاربعة وعلى المستويين العمودي والافقي شكلا ومضمونا ، والامثلة على ذلك في الحالة العراقية لاتعد او تحصى ، فاذا كانت البطالة شاملة فان تاثيرها سيكون مضاعفا على المرأة ، واذا تراجع نظام المجتمع الى الشكل الاقطاعي والقبلي فان تاثير ذلك سيكون كارثيا على فاعلية مشاركة المرأة في الحياة العامة ، واذا فقد الامن الشخصي بسبب غياب فاعلية الدولة واجهزتها وفسادها ، فانه ومن الطبيعي ان تكون المرأة هي اول المتضررين ، واذا كانت البلاد خاضعة لنظام الفوضى الاحتلالية ـ غير الخلاقة ـ فمن الطبيعي ايضا ان تكون حالة المرأة مزرية وعلى كل الصعد ، ولا عزاء للنساء !
منذ ان احتل العراق وسقطت دولته في 9 نيسان 2003 ، سقطت معها مكانة وحصانة الرجل العراقي والمرأة العراقية والطفل العراقي ، والتي كانت ورغم كل مآسي الحصار الامريكي الظالم تنعم بنوع من السلامة العامة ومن نظام معقول للتامينات الاجتماعية والاقتصادية ، ومن ضمور لنزعات الحجر، ومن الممارسة الفعلية لشؤون الحياة العامة دون مخاطر تذكر في مجالات التعليم والصحة والخدمات ، فكانت المرأة تمارس عملها كطبيبة واستاذة وعالمة ومهندسة وفنانة وسائقة تكسي ، ويمكنها قيادة السيارة الخاصة دون حرج ، بهذا القياس كانت احوال الرجال تنعم بمستويات افضل وهكذا كانت الاحوال العامة تسري على الجميع ومنها الطفل العراقي التي تتوسط حالته اوضاع الرجل والمرأة ، نعم كان للحصار دوره الكبير في تدهور امكانيات الدولة العراقية وانعكس ذلك على حالة المرأة والرجل والطفل وخاصة في مجالات الصحة والتعليم والتشغيل ، وغادر البلاد وقتها موجات من العراقيين الذين يسعون لتحسين ظروف حياتهم ، لكن لم يصل الامر قطعا الى فوضى شاملة وفساد شامل وهجرة شاملة ، لم تكن الدولة وقتها حاضنة ومحرضة لعقائد الحجر على النساء وشل مشاركتهن الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية !
كان تصليح الجسور والطرق ومحطات الكهرباء المقصوفة امريكيا يتم بكل دقة وخلال اوقات قياسية ،
كان نظام البطاقة التموينية الذي نظمته الدولة وقتها يسير بشكل سلس ودون تلاعب الفاسدين ، وشهد بذلك وقتها ممثلو المنظمات المختصة في الامم المتحدة ، كما شهدوا قبلها بنجاح حملة محو الامية بين النساء ، اما الان فبماذا يشهد ممثلو منظمات الامم المتحدة ؟ نعم انهم يشهدون بانتشارالفساد الشامل والمريع ، وبالفوضى الشاملة ، وبالدولة الفاشلة ، وبالهجرة الشاملة ، والقتل الشامل ، وبالتصفية المنظمة للعقول العراقية ، وبالحجر على النساء ، وباعلى معدلات للعنف ضدهن بما في ذلك التصفية الجسدية وخاصة في مناطق شمال العراق ـ سوران وبادينان ـ وفي البصرة حيث الفوضى السياسية والامنية والاجتماعية الشاملة ، وبدرجات اقل في بغداد العاصمة التي كان يزدهر فيها التمدن والاختلاط حيث دخلت المرأة فيها اغلب مجالات العمل الاساسية وعن جدارة .
لقد كان الحصار الشامل على العراق ثم الحرب عليه واحتلاله والعمل على تقسيمه وتقاسمه وزرع الشقاق والنفاق فيه طائفيا وعرقيا كلها عوامل ساهمت بانحدار المجتمع وتراجع مدنيته ، وتقهقر الاوضاع العامة للمرأة العراقية واحتقار مكانتها بما في ذلك استسهال تصفيتها اذا لم تطع مايراد لها ، انه تتويج صارخ وسمة عامة للوضع الاجتماعي البائس لحالة المجتمع العراقي المحتل ـ اغتصاب احتلالي مزدوج ومتعدد الجنسيات ، واغتصاب طائفي وعرقي ، تقييد للحريات الشخصية والاجهاز على كل معالم مدنية المدن ، مخدرات ، وعنوسة ، وتهجير ، وهجرة قسرية للمنافي حيث الضياع ، عسر شامل لا شفاء منه الا بمعالجة مسبباته ، الاحتلال وانحطاط الدولة العراقية طائفيا وعرقيا ، لاحرية للمجتمع ولا حرية للمرأة فيه الا بزوال الاحتلال وعمليته السياسية البغيضة .
نساءالبصرة واربيل والسليمانية وبغداد والعمارة وبعقوبة وكركوك ، وكل نساء العراق بل كل رجاله واطفاله ، المشردين منهم في دول الجوار او داخل البلاد ، والمحبوسين في دورهم او سجون الاحتلال وجلاوزته ، يستصرخون العالم كله لتقريب ساعة خلاصهم من الطغم الطائفية والعنصرية المتحكمة بمصائرهم برعاية ودعم المحتل الامريكي الغاصب الذي لا يميز بالافتراس والاغتصاب بين رجل وامرأة وطفل ، يستصرخون شرفاء العراق ووطنيه ومقاومته لتقريب ساعة الخلاص .
لا امن حقيقي في العراق دون امان المجتمع كله وفي مقدمتهم النساء والاطفال من كل اجحاف وسوء وعوز وضياع ، وقتل عشوائي ، لا امن حقيقي الا بطرد المحتلين والطائفيين والعنصريين من سدة الحكم في العراق الذي لا قدر له غير التمدن المناهض لشريعة الغاب التي يريد تكريسها المحتل واذنابه العراق لن يركع ولن يستسلم للتخلف والتقسيم والاستهلاك الذي جاء من اجل نشره فيه الامريكان وجحافلهم الموبوءة المستهترة المريضة ، وستبقى المرأة العراقية حفيدة عشتار التي لا ترضى بغير تموز شريكا ، وستنتصر حتما لانها لم تكن ابدا عاقر ، فهي من انجبت الذين علموا العالم المدنية ، والذين علموا المحتلين الدروس ، حفيدات فدعة سيفدعن الزمن الاغبر هذا بافق العراق الحر .



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة