جسد المرأة رمز للعار وإثارة الغرائز 2-2

باسنت موسى
basant_musa_m@yahoo.com

2007 / 12 / 25

تناولنا في الحلقة الأولي من تحقيقنا عن "جسد المرأة رمز للعار وإثارة الغرائز" آراء الرجال والنساء من مختلف المراحل العمرية، واليوم نفرد تلك الحلقة لأراء ثلاثة ممن يحملون فكراً يمكن أن يضيف أبعاداً جيدة للموضوع محور النقاش وإجابتهم عن تساؤلاتنا جاءت مستفيضة فأثروا بحق النقاش فإلى المزيد:
يبدأ د/ أحمد صبحي منصور القرآني المقيم بأمريكا حديثه لنا قائلاً:- كمفكر إسلامي أنظر للمرأة خلال مراحل عمرها المختلفة، من الصبا والشباب والجمال إلى أن يذبل الجمال وتحل الشيخوخة والتجاعيد والوهن والمرض. ومن الطبيعي أن أتذكر ما قاله الله تعالى في القرآن عن مراحل العمر (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) (الروم 54)، وقوله تعالى عن الشيخوخة وملامحها العقلية والجسدية (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ) (يس 68)، (وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْ) (الحج 5 )و دائما أستلهم من ذلك العبرة حيث لا يستطيع إنسان -ذكراً كان أو أنثى- أن يفلت من تلك المراحل إذا قدر له أن يعيش ليبلغ الشيخوخة، وعن الأسباب أو الدوافع التي جعلت المجتمع وأفراده ينظرون لجسد المرأة على كونه رمز للعار ومصدر قوي وأساسي لإثارة الشهوات يكمل د/ منصور حديثه ويقول أنها الأديان الأرضية التي لا تزال تسيطر على مجتمعات الشرق الأوسط بالذات، من مسلمين ومسيحيين، وتلك الأديان الأرضية ليس الدين الإلهي مسئولا عن هذا. أنها الأديان الأرضية للمسلمين وغيرهم، الله جل وعلا ليس منحازا للرجل ضد المرأة، ولكن في المجتمعات الذكورية المختلفة يتم تهميش المرأة وتحويلها إلى حيوان للمتعة، ثم يتم صبغ ذلك بمذاهب دينية تنسب نفسها لله تعالى زورا وبهتانا. ولمجرد الإنصاف فليس هذا قصراً على المسلمين وحدهم. وفى مقال لي بعنوان (ثقافة العبيد) حللت رؤية المجتمع الشرقي للمرأة من واقع نظرته المتدنية لمعنى الشرف، والتي تجعل الشرف محصوراً في جسد المرأة التابعة للرجل، بينما يتجلى مفهوم الشرف في الغرب في القيم العليا مثل الصدق والأمانة والشجاعة والعمل الجاد ورفض الاستعباد. هذه الثقافة الشرقية هي التي تأثرت بها المذاهب الدينية في الشرق فأصبحت المرأة عاراً على أهلها، وتناسى المجتمع كون المرأة إنساناً له عقل وله إرادة ويمكن أن يبدع وأن ينافس الرجل في كل ميادين الإنتاج. اعتبروا المرأة مجرد جسد نخشى عليه من نظرات الغير فلا بد من تعليبه بالحجاب والنقاب. وبالطبع أصبح الحجاب والنقاب ديناً أرضيا يتميز به أصحاب تلك المذاهب على اختلاف أنواعها، وفيها يتم إهانة المرأة وتتحول إلى جارية ومجرد جسد للمتعة، ومن هذه النظرة المتدنية للمرأة نبعت وانتشرت ظاهرة الختان.

الأستاذة نادية غالي الإذاعية بإذاعة "ثري تريبل زد" الاسترالية تقول: جسد المرأه هيكل مقدس خلقه الله ليسعد صاحبة الجسد وليكون مصدر بهجة للآخرين، وأرجو أن أوضح أن معنى البهجة التي أتحدت عنها هي بهجة من نوع آخر غير الذي يأتي مع الجنس. الله خلق المرأه تختلف عن الرجل لأسباب عدة، أن يكون هذا الهيكل وعاء جميل وصالح لمستقبل البشرية، خلقه مختلف ليلفت النظر وأن يعي الإنسان مدي القدرة الإلهيه فيما خلق. جسد المرأة مقدس مثله مثل وردة أنيقة بألوان متعددة. جسد المرأه خلق من أجل فخر المرأه ومن أجل أن تستمتع به. تزينه وتجمله وتسعد به عندما تشعر بطفلها في داخلها كحياة جديدة شاركت هي كإمرأه في تكوينها. جسد المرأه متعه لشريكها في الحياة –الرجل- ومتعة لها كإمرأه للتمتع بما أعطاه الله لها من أحاسيس ومشاعر وغريزة. جسد المرأة وحي غزير للشعراء والكتاب، وما أكثر ما كتب عن جسد المرأة وتأثيره علي البشرية وعلي الجنس الخشن.
يكتب نزار قباني عن المرأة في ديوانه "الموت عشقا" ويقول:
لا وقت لدينا للتفكير
أعصابي ليست من خشب
وشفاهك ليست من قصدير
يدك المطمورة تحت يدي
منديل مشغول بحرير
ومفاتن جسمك لا تحصي
والعمر قصير
الكاتب الرقيق عبد العزيز خميس يصف محبوبته فيقول:
رقتك من رقه الزهور
جمالك من جمال الورود
فتنتك عميقة: أنسام الخريف
بسمتك عابرة كبرق الرعود
و لهذا كان حبك جميلاً رقيقاً عميقاً ثائراً

عمر بن أبي ربيعة أحد العملاقة الذي كتب في الغزل وإمرأه ورغم أنه ولد وعاش من قبل الفين عام إلا أنه كان صديقاً للمرأة بالمعني الحديث، وكان يريد لها من الحرية ما للرجل، وكان يريد أيضاً أن تظهر المرأه فخرها بجماله وروعتها كما يظهر الرجل فخره بشجاعته وبأسه.
وعن الأسباب أو الدوافع التي جعلت المجتمع وأفراده ينظرون لجسد المرأة على كونه رمز للعار ومصدر قوي وأساسي لإثارة الشهوات، تكمل أستاذة نادية حديثها قائلة:- عندما تسألين عن المجتمع فأنت بلا شك تعنين المجتمع العربي والمصري خاصة. ودعيني أقول وبصراحة أن المجتمع الديني الذي تعيش فيه الدول العربية أورث هذه الأفكار بأن كل ما في المرأه هو عورة. يديها عورة وساقيها عورة وشعرها عورة وصوتها عورة وحتى أن تكون نظيفة ورائحتها زكية فهو أيضاً عورة. ماذا تتوقعي إذاً من هذه التعاليم؟؟
ولن أترك هذا الموضوع دون التطرق لدور الكنيسة، فليس هناك حديث في مدارس الأحد لهؤلاء المراهقين إلا أن يكون جسدك مقدس، ولهذا يجب أن يكون مغطى تماماً فهذا الاحتشام هو الذي يليق ببنات الكنيسة وأن تمتنع عن التفكير في الجنس الآخر لأن هذا خطيئة، فكل شيء حرام وحتروح النار لو حسيت وشعرت بما أعطته لك الحياة. هناك الملايين من الفتيات المحتشمات الذين يراعون الله في تصرفاتهن ولكنهن ما زلن جميلات وفخورات بنموهن كأمهات للمستقبل. ما هو الخطأ في أن البنت تشعر بالتغيرات التي تحدث في جسدها وأن تكون علي وعي بما يحدث من تغيرات في أحاسيسها ومشاعرها وكيف تتعامل مع التغيرات دون أن تفقد الافتخار بكونها أنثى؟ إذا أردنا مجتمع تشعر فيه المرأه والتي هي نصف المجتمع بأهميتها واحترامها لذاتها كأمرأه يجب أن نتجاهل أن كل شيء في المرأة عورة خصوصاً أنها ولدت أنثى.
وعن سؤال وهل يمكننا اعتبار الختان ومايشباهه من سلوكيات تمثل قيد على جسد المرأة وسيلة من المجتمع لكبح جماح شهوات جسد المرأة؟ تجيب أستاذة نادية موضحة أن شهوات جسد المرأة هي حاجة وغريزة مثلها مثل الاحتياج للطعام والماء، كبح هذه الغريزة يعني تماماً منع المرأة من التنفس والأكل والشرب، أي القضاء عليها ودفنها حية.
كما أن الختان هو إجرام في حق البشرية. وأقول البشرية لأن المرأة هي العصب الأساسي في استمرارية البشرية. الختان تشويه جسدي ومعنوي حتى تظل المرأة وعاء وأداة لمتعة الرجل بدون الأحقية في أن تتمتع هي الأخرى.
الختان هو إحدى الطرق الهمجية التي تجعل من المرأة إنسان مصاب بعاهة ليس لها حل. وهذه العاهة تجعلها تشعر بأنها غير كامله. هي مثلها مثل " العاهرات "، الفرق أنها لا تتعاطي أجراً عن توفير الحاجة الجنسية، ولكن الأجر هو أنها متزوجة وتنتمي إلي بعل. ما يؤلمني أنها كأم تقوم بارتكاب نفس الجريمة مع بناتها، ولا أعلم هل هذا نتيجة لأنها تريد أن تشعر ابنتها بنفس المذله أم أنها تخاف من أن تحس إبنتها بأحاسيس بشرية أعطاها الله للمرأة وتخشى أن تريد أن تكتشف المزيد من هذه الأحاسيس؟ في كلتا الحالتين المرأة خاسرة، إذا ختنت فهي تفقد عنصراً هاماً في حياتها كإمرأة، وإذا هي لم تختن فهي عنصر فاسد في المجتمع، وإذا تزوجت وأظهرت لزوجها استمتاعها بمعاشرته قد يكون هذا سبب كافي لإنهاء الزواج وبذلك يكون الختان إحدى الوسائل الهمجية التي يفرضها المجتمع علي المرأة حتي لا تفكر في احتياجاتها الجنسية. المجتمع العربي أدى وظيفته علي أكمل وجه بجعل المرأة معاقة ومشوهة، وحول دور الدين في تشويه النظرة لجسد المرأة تؤكد غالي أن للمرأة عشر عورات فإذا تزوجت ستر الزوج عورة واحدة، فإذا ماتت ستر القبر العشر عورات. هذا الفكر نلمح وجوده في الدين الإسلامي فما بالك عندما تقرأ المرأة هذه الكلمات كيف تشعر تجاه جسدها؟ هذا الحديث ذكر في كنز العمال مجلد 22 حديث رقم 858. أقرب ما تكون المرأة من وجه ربها إذا كانت في قعر بيتها، وأن صلاتها في صحن دارها أفضل من صلاتها في المسجد (الغزالي، إحياء علوم الدين جزء 2 ص 65). المرأه عورة فإذا خرجت استشرقها الشيطان. رواه الترمذي عن حسن صحيح.
في الديانة المسيحية، المرأة لا تستطيع التناول إذا كانت في فترة الحياض، لماذا؟ أليس هذا جزءاً من جسدها والذي يجب أن يكون كله مقدس لأنه خلق كما خلق الرجل؟ أليس هذا لامتهان الكنيسة لجسد المرأة؟
المرأة غير نظيفة ومدنسة بعد الولادة ولا يحق لها التناول إلا بعد أربعين يوم من ولادة ولد وبعد ثمانين يوماً إذا كانت أنثى. ألا يعني هذا أن البنت هي مصدر خزي وعار حتى وهي ما زالت رضيع صغير؟ وكل هذا بسبب أنها ولدت بدون العضو الذكري.
أنا أحمل الدين الكثير من المسئولية لما تشعر به المرأة من نقص وعدم احترام وحب وفخر لجسدها!
القس رفعت فكري راعي الكنيسة الإنجيلية بأرض شريف يقول:- المرأة إنسان مساوٍ تماماً للرجل في كل شيء، كاملة في القدرات الذهنية والعقلية والا بد اعية كالرجل تماماً ومن خلال هذه النظرة أستطيع أن أقول إنني أنظر إلى المرأة كعقل يفكر ويبدع ومن ثم فإنني أنظر إلى عقل المرأة لا إلى جسدها، فجسدها كجسد الرجل يجب أن يعامل بكل تقدير واحترام، فالمرأة ليست وعاء لممارسة الجنس وليست سلعة وليست شيئاً ولكنها شخص، إنها إنسان كامل الأهلية، ومن هنا فهي لها كل التقدير والاحترام.
أما الأسباب أو الدوافع التي جعلت المجتمع وأفراده ينظرون لذلك الجسد على كونه رمز للعار ومصدر قوي وأساسي لإثاره الشهوات فيجملها فكري في عدد من النقاط وهي:
1- الثقافة السائدة أن المرأة ليست مساوية للرجل.
2- الإعلام الذي يقدم المرأة كأداة للإغراء والإغواء.
3- عدم احترام المرأة لنفسها ولعقلها ولإنسانيتها.
4- لأن الا بد اع والتميز واستخدام العقل كلها أمور تحتاج لتعب وبذل مجهود فقد تستسهل بعض النساء الأمر ويركزن على إظهار مفاتن أجسادهن لإشباع غرورهن بأنهن مرغوبات ومطلوبات.
5- الأمثال الشعبية والعادات والتقاليد معظمها لا تقدر المرأة ولا تحترمها مثل "يا مخلفة البنات ياشايلة الهم للممات".
6- يحتاج الرجل أن يتعلم في جميع المؤسسات التعليمية والتربوية والدينية أن يحترم المرأة ويقدر عقلها وذكاءها وأنها مساوية له تماماً وأن جسدها –لجسد الرجل– خلقه الله في أبدع صورة.
وعن هل يمكننا اعتبار الختان ومايشباهه من سلوكيات تمثل قيد على جسد المرأة وسيلة من المجتمع لكبح جماح شهوات هذا الجسد، يقول فكري إن عملية ختان الإناث أو كما تسميها بعض الموسوعات الطبية بعملية البتر التناسلي للإناث هي من أعمال العنف ضد المرأة. والعنف ضد المرأة ظاهرة مزمنة. وهو أكثر أحد انتهاكات حقوق الإنسان شيوعاً وانتشاراً. وهو يخترق الحدود الثقافية والإقليمية والدينية والاقتصادية ويطال كل طبقة وعنصر وعرق وسن ودين وعقيدة وقومية وهوية جنسية وتعتبر ظاهرة ممارسة العنف ضد المرأة هي أقبح عار يجلل الإنسانية في عصرنا الحالي فهذا العنف الذي تتجرعه المرأة هو سبة شنعاء في جبين الإنسانية وأقبح بلاء منيت به حقوق الإنسان في عصرنا الحالي. أخطر ممارسات العنف في الطفولة وهو عملية البتر التناسلي للأنثى، أكبر جريمة وحشية بربرية تمارس ضد الطفلة الأنثى في العالم كله. والمدهش أن هذه العملية أصبحت بالنسبة لبعض التيارات الأصولية في مصر قضية دونها الموت يرفعها ويقاتل في سبيلها رجال يعتقدون أنهم قد حلوا كل القضايا المصيرية ولم يعد أمامهم إلا متعة الأنثى يحاولون وأدها. ولذلك من المؤسف أن تكون مصر من أكبر الدول التي تشهد ارتفاعاً في زيادة معدلات البتر التناسلي للإناث. ومما يزيد الطينة بلة أن نجد كثيرين من أساتذة أمراض النساء والولادة هم من أكثر المدافعين عن هذه الجريمة النكراء وهذا يؤكد على أن الخرافة كثيراً ما تتفوق على العلم حتى ولوكان العلم مسلحاً بالدكتوراة!!
كان من الممكن أن نقضي نهائياً على عملية البتر التناسلي للإناث في مصر بعد الفيلم الذي عرضته قناة ال CNN في 7 سبتمبر 1994 لعملية ختان الطفلة نجلاء ذات العشر سنوات بواسطة حلاق صحة في القاهرة ولكننا لم نكن جادين ووضعنا تشريعات مطاطة بها الكثير من الجبن وحلول وسط تنافق المجتمع وترضي جميع الأطراف بما فيهم المتطرفين ففي 19 أكتوبر 1994 نرى التعليمات المطاطية لوزير الصحة آنذاك في التعامل مع الختان في عبارات مثل (منع إجراء عمليات الختان في غير الأماكن المجهزة لذلك) وكأنه توجد أماكن مكيفة الهواء مجهزة لعملية البتر التناسلي للإناث وأخرى غير مجهزة لذلك!! وهذا التناقض اللفظي يؤكد بجلاء التناقض العقلي، وهذه الميوعة هي التي أدت إلى وفاة الكثيرات من الفتيات المصريات ولن تكون بدور آخرهن طالما لا زلنا مصرين على هذه الازدواجية‍!! إن الحجج التي يسوقها مؤيدو عملية البتر التناسلي للأنثى هي حجج واهية وما هي إلا مجرد أوهام تعشش في عقولهم، فسيادة الشكليات باسم الحفاظ على الشرف وترهيب نصف المجتمع باسم كبح جماح الشهوة هي حجج لا تسكن إلا في عقول مهووسة بالجنس، فالشرف سلوك لا تضبطه الداية أو حلاق الصحة أو حتى طبيب أو جراح ماهر وأن الشهوة الجامحة لن يلجمها بتر عضو أو نزف دم، فالمخ هو العضو الجنسي رقم واحد في الإنسان وهو مصدر الرغبة الجنسية ومحرك الشهوة، ومن هنا فإن عملية البتر التناسلي لا تقتل الرغبة الجنسية ولكنها تقتل الإشباع. لذلك ما أكثر العفيفات غير المختنات وما أكثر العاهرات المختنات!! إن العفة مسئولية عقل وروح وليست مسئولية قطعة من اللحم أو بروز من الجلد خلقه الله للمتعة وليس للنكد. أما من دور للخطاب الديني في مقاومة هذة العادة الذميمة؟!! إن المسيحية ترفض العنف بكل صوره وقد رفض السيد المسيح استخدام العنف بكل أشكاله مع أي أحد من الناس أيا كان لونه أو جنسه أو دينه أو مذهبه أو معتقده الفكري، فالمسيحية ترى أن جميع البشر هم خليقة الله وجميعهم متساوون في الكرامة. والمرأة في المسيحية كما يقول الكتاب المقدس ليست من دون الرجل في شيء ولكنها مساوية له تماماً فالله سبحانه وتعالى بعد أن خلق آدم خلق حواء لتكون معيناً نظيره، وكلمة نظيره تعني المساواة التامة. كما أن السيد المسيح نظر إلى المرأة كشخص وليس كشيء. فعندما ننظر إلى الثقافة في الشرق الأوسط حيث عاش المسيح كان الرجل اليهودي يصلي قائلاً (أشكرك اللهم لأنك لم تخلقني عبداً ولا أممياً ولا إمرأة) فالنساء كن محتقرات وتم استبعادهن من الحياة الدينية ونادراً ما كن يتعلمن التوراة. ومع ذلك نرى أن تلاميذ المسيح وأتباعه كانوا من الرجال والنساء على حد سواء وقد قَبل المسيح ذلك علانية مما أثار غيظ القادة الدينين اليهود، وليس هذا فقط بل أن المسيح فعل مع النساء ما فعله مع الرجال؛ فقد علّم الجموع رجالاً ونساءً وأجرى معجزات لنساء كثيرات وشفى أخريات. يقول الكاتب فيليب يانسي (فيما يتعلق بالنساء والمضطهدين) لقد قلبَ المسيح -ما كان يُعتقَد أنه حكمة في عصره- رأساً على عقب. وتبعاً لعالِم الكتاب المقدس والتر وينك فإنه في كل مرة يروي فيها الإنجيل أن السيد المسيح التقى بنساء نرى أنه قد خرق التقاليد والعادات السائدة في عصره مساوياً لهن بالرجال. وفي الإنجيل بحسب متى والفصل 5 والآية 28 قال السيد المسيح (من نظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه) والسيد المسيح بهذا القول يدين نظرة الرجل للمرأة وهو يكشف ويعري الخلفية الموجودة في عقل الرجل عندما ينظر إلى المرأة، فهل ينظر الرجل للمرأة كوعاء للجنس يشتهيه وبعد استهلاكه يلقيه بعيداً؟ أم أن على الرجل أن يعدل نظرته إلى المرأة كشخص عاقل يحتاج إلى أن يحترم عقله؟ لقد أحدث السيد المسيح ثورة اجتماعية في نظرة الرجل للمرأة وغير مفهوم النظرة للمرأة من شيء إلى شخص، وهذا أمر تحتاج المرأة لأن تدركه. فالمرأة كثيراً ما تنظر إلى نفسها على أنها موضوع حب الرجل وهذا المفهوم يربيه المجتمع داخل البنت منذ طفولتها، فهي مولودة لكي تتزوج ووجودها لأجل الرجل وتتزين لكي تعجب الرجل، وهذه النظرة تقود الرجل لأن يمارس العنف والقهر ضد المرأة. إن المشكلة ليست في نظرة الرجل للمرأة فقط ولكن أيضاً في نظرة المرأة لنفسها، وهذا هو الأصعب والأقسى. فلكي نعالج العنف ضد المرأة لا بد وأن ينظر كلاً من الرجل والمرأة إلى المرأة باعتبارها شخصاً عاقلاً وليست مجرد شيء أو وعاء لممارسة الجنس.




https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة