بابا زومبيل

حاتم عبد الواحد
bours34@yahoo.com

2008 / 1 / 6

ساعات مضت وشيع الوجود ورقة أخرى أصبحت بالية ومملة بعد أن حدق فيها 365 يوما وربعا.
سيكون تشييع الجثمان بالأغاني ومهرجانات الألوان ونافورات النبيذ والقبل الدافئة في هذا العالم المتجلد ، وسوف تخضع سجلات الراحل للتدقيق والتقييم بمجرد أن تتلامس شفاه العقرب الكبير والعقرب الصغير في موعدهم النصف ليلي.
ساعات قليلة بعدها خلع بابا نوئيل فروته الحمراء وقلنسوته المدببة ولحيته التي ورثها من عصر القديس نيكولاس حيث لم تسجل براءة اختراع شفرات ناسيت بعد ، ويبدأ بصناعة الأيام القادمة وتأثيث دقائقها بعناية تستدعي الركون إلى أرقام وإحصاءات وخطط ذوي الخبرة وأعمال التجربة الميدانية والوجدانية كي يتجنب البشر والبقر والشجر أي خسائر غير محسوبة .
ساعات قليلة ويصبح العام 2007 مجرد ملف يرصف فوق ملفات لا نهائية تربطها بالحياة القادمة الدروس والعبر المستخلصة منها فقط ، وسيكون من العجز المعيب ان يلجأ احد إلى إعادة إنتاج الأحداث المحنطة في تلك الملفات بنفس إيقاعها وتفاصيلها وأبطالها وضحاياها ، اللهم إلا في الإنتاج السينمائي أو الإبداع الأدبي الذي يهدف من إعادة صياغة الماضي إنتاج خطوة جديدة للمستقبل .
وإذا كان بابا نوئيل المسيحي الكافر بتعريف دهاقنة الإسلام يزور أطفال العالم مرة كل سنة من اجل توزيع الفرح والأمل والحلم ، فان بابا زومبيل الإسلامي المؤمن ، يتفوق على نظيره النصراني بمزايا عدة لا يفهمها الذين على عيونهم غشاوة .
فبابا زومبيل الإسلامي يتشح بالسواد الذي هو لون النبوة بينما بابا نوئيل يتجلبب الأحمر والأبيض مروجا لكوكا كولا الإسرائيلية .
وبابا زومبيل الإسلامي أعمق تاريخيا من بابا نوئيل النصراني ، فمواعظه التي يرددها على مسامع الخلق على مدار الساعة هي في الحقيقة مواعظ 1400 سنة قضاها أسلافه في تكفير من لا يواليهم بدل التفكير بمن يواليهم ، وغزو البلدان واستيطانها وحلبها وحرق مكتباتها وطمس لغاتها وركوب نسائها من اجل رسالة إسلامية سليمة المعتقد والمستند يحملها أطفال اليوم نحو الغد .
وبابا زومبيل يقدم هدايا اشد دلالة على البقاء من ترانيم بابا نوئيل الهادئة والناعمة ففي كيس بابا زومبيل تجد مفخخات وسواطير وبلطات لتهشيم الرؤوس ومسدسات من كل الماركات ورشاشات دم وموت وقنابل وألغاما لم تتفجر منذ زرعها أسلافه قبل 1400 سنة في الضمائر ، وفي كيسه أيضا أقنعة لتغطية الرؤوس وحجب الملامح لان الله يحب المتصدقين على أخوانهم في الإنسانية دون الإعلان عن هوياتهم كي لا تجرح مشاعر أخيك بالله .
وبابا زومبيل كائن هلامي يؤمن بأمس وقبل أمس لأنه لا يعرف سببا لوجوده و يجيد التخفي في أدغال الله المتشابكة بينما بابا نوئيل كائن معروف الهوية والمقاصد يؤمن بالغد وبعد الغد و بقدراته التي تستمد قوتها من الجمال الإلهي .
بابا زومبيل يردد بصوت أسلافه الأموات ما عجزوا هم عن تحقيقه بينما بابا نوئيل يردد بصوت أحفاده الآتين ما يحلمون به ان يتحقق عندما يهبطون على ارض السلام.
بابا زومبيل مقدس بالوراثة لأنه من سلالة لا يأتيها الباطل من بين يديها ومن خلفها،و يضاجع أربع نساء على سرير واحد كي تكون الغلبة المستقبلية لأبناء الإسلام ، وبابا نوئيل مدنس لأنه يشرب الخمر ويقبل حبيبته بخلوة غير شرعية ويستنكف من بول البعير علاجا للصدفية وتساقط الشعر ومن الحبة السوداء الممزوجة بالعسل لتنشيط الباءة ومخلص لزوجة واحدة أمام الكنيسة .
بابا زومبيل يشجع على الفقر والحزن لان في الفقر سبع مزايا لا تجدهن في الغنى وفي البكاء تكفير عن ذنوبك ، وبابا نوئيل يشجع على الفرح والله لا يحب الفرحين ويشجع في السعي للغنى كي لا يبقى الإنسان عالة على الأرض وفريسة لشهوة الجغرافيا والمناخ والموجات الوبائية .
بابا زومبيل يقتل نساء البصرة والعمارة والموصل وبعقوبة لأنهن فتنة والفتنة اشد من القتل ، وبابا نوئيل يباهي العالم بنسائه اللائي يصلحن ان يكنّ حورا عينا في الجنة الأرضية التي يقاتل بابازومبيل من اجل تخريبها لان الجنة يرثها عباد الله الصالحون وليس من احد أكثر صلاحا من بابازومبيل وأبنائه الذين يعيشون في مدن الغرب الكافر.
بابا زومبيل خبير في صناعة المقابر والأكفان ومفوه في إلقاء الخطب البتراء ولكنه ليس هو من سيلقن عام 2007 حين نشيعه بعد ساعات إلى مثواه الأخير خوفا على قيامة التاريخ ان تكون قيامة مزورة.
الكائن الزومبي لا وجود له عند بابا نوئيل إلا في العاب الانترنيت ذات النهايات الأبدية التي لا يوجد بها رابح أو خاسر، ولكنه عند بابا زومبيل كائن خالد يحمل بذور النبوة في خصيتيه المقدستين.
Bours34@yahoo.com




https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة