حواء العراقية واللون الاسود

خضير حسين السعداوي
khuthearhusein@yahoo.com

2008 / 2 / 12

لم تكن الصدفة ان يسمى العراق ارض السواد في السابق لكثرة اشجاره وتشابكها لذلك يبدو للناظر من بعيد انه خط اسود وقد
جاءت التسمية مطابقة للواقع....اما اليوم يمكن ان نطلق على
العراق بارض السواد ايضا ليس لكثرة اشجاره ونخيله وتشابكها ولكن لان نصف المجتمع وخاصة النساء قد توشحن بالسواد وبما ان اللون الاسود دلالة على الحزن والاسى فتصور كم تعاني
امهاتنا واخواتنا وبناتنا وزوجاتنا من اسا وحزن
فتحنا عيوننا وجدنا امهاتنا قد تحالفن مع اللون الاسود لم يفرحن باثواب زاهية كبقية نساء العالم لم يضعن المساحيق على وجوههن غناءهن بكاء ونحيب وندب الاحبة الذين ذهبوا من غير رجعه اما ابن عزيز اوزوج مفقود او اب معتقل في غياهب السجون حتى اصبح للحزن طقوس تتقنها امهاتنا فاعيادنا نذهب الى قبور موتانا نندبهم ونصب الدموع الغزيرة .
. كل خميس نعمل الخميسيات نبكي موتانا ولمدة اربعين يوما. لانخلع الثوب الاسود حتى مرور عام كامل في الحالة التي لم نفقد فيها عزيزا اخر.
ماذا جنيت ياحواء العراق لقد تفننت الدكتاتوريات المتعاقبة في خلق الاسى والحزن لك فحروب وازمات وسجون واعدامات ......
ثمان سنوات عجاف وانتن تقدمن فلذات الاكباد لطاحونة الحرب العبثية التي سجرتها الدكتاتورية باحلامها المريضة كل هجوم من هذه الحرب تضعين يدك على قلبك سيطرق بابك لتفاجئين با حد الاحبة في تابوت وعلى احدى السيارات متوشحا بعلم الدكتاتورية وليستمر لبس السواد . او يطرق بابك طارق الليل المرعب لياخذ احد الاحبة الى دوائر الامن المرعبة لتعيشين في الامل الكاذب بعودته.....اوتطرق بابك الحاجة لاطعام ا يتامك لتفترشين الشارع في بيع السكائر او الاعمال المذله
حكى لي احد الاصدقاء ان احدى الامهات قتل وحيدها في احدى جبهات القتال وعندما راته على السيارة في التابوت وبما انه وحيدها فتصور الحالة لقد جنت فقدت عقلها من هول الصدمة واخذت تردد
(( يلمدلل ييمه )) واخذت تمزق ثيابها....
وبعد فترة اخبر زوجها من قبل المنظمة الحزبية في المنطقة ان الرئيس القائد يريد ان يلتقي بذووي الشهداء رفض زوجها
وقال بالحرف الواحد انها مجنونة ولااستطيع مصاحبتها لزيارة
الرئيس دعوني اذهب بمفردي اجابوه ان الاوامر تقول ان ام واب الشهيد يجب ان يحضروا امام الرئيس. وامام اصرارهم اضطر ان ياخذها معه وتصور ا ن مقابلة الرئيس ليس بالشيء الهين حيث نقاط تفتيش المهم وصلوا الى قاعة الاستقبال وبعد فترة حضر الرئيس وكعادته استلم المايكرفون بثرثرته المعروفة
والممله فما كان من هذه المراة الا ان تقوم وتقول بلهجتها الجنوبية(( هي الهرملة د وم يوم ))أي ان كثرة كلامك له نهاية. ومن تلك اللحظة يقول زوجها لم اراها ولم تراني حيث افقت وجدت نفسي في السجن
في احد اسواق البصرة وبينما كان صديقي وخطيبته يستعدون لشراء حاجياتهم للاستعداد للزواج تفاجئت خطيبته بمجموعة من رجال الامن يحيطون بهم وينتزعونه عنوة منها ليتركوها تندب حضها لتتوشح بالسواد على امل رجوعه وجد في احدى المقابر الجماعية هذا غيض من فيض مما حدث ويحدث لحواء العراقية
وبعد سقوط النظام الدكتاتوري وتنفسنا الصعداء تبدا حمامات الدم في التفجيرات والاغتيالات لتتوشح مزيد من نساءنا باللون الاسود..
توقف قليلا عند انتهاء الدوام في مدارس بناتنا ماذا تلاحظ انها كتل سوداء تخرج من المدارس زرافات ووحدانا
متى يفيق السياسيون من غفوتهم لينظروا لهذا الكائن نظرة رحمة
وعطف مما يعاني
متى نرى امهاتنا وبناتنا وزوجاتنا تنعم بالحياة كبقية خلق الله اما ان الاوان لتفارق حواء العراق اللون الاسود وتحلم بغد مشرق في عراق يتاخى فيه الجميع يجمعهم حب العراق



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة