عقد الزواج بين الاستمتاع والاستخدام ..

مصطفى حقي

2008 / 5 / 28

هو سؤال طرحه الكاتب عبد الحكيم الفيتوري من خلال عرضه مقال بعنوان هل الملائكة تلعن المرأة من أجل شهوة الرجل؟!! وجاء في مقدمة المقال : جاء في صحيح البخاري قوله صلى الله عليه وسلم:(إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه،فأبت أن تجيء،لعنتها الملائكة حتى تصبح).وترتب على هذا النص مفاهيم عدة،مفادها طاعة المرأة المطلقة للرجل،وسيطرت العقلية الذكورية على فلسفة الدين والدنيا!!
كما قدّم من النصوص لصالح المرأة..
: (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)و(لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف في الزينة والفراش كما قال ابن عباس:إني أحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي !!
والقرآن الكريم جعل الشراكة الزوجية بين المرأة والرجل تقوم على الرضى والقبول وفي إطار المودة والرحمة بميزان العدل والمساواة،فالمرأة مساوية للرجل في جميع الحقوق وأن الحقوق بينهما متبادلة،وأنهما أكفاء.لذا فهما متماثلان في الحقوق والأعمال،كما أنهما متماثلان في الذات والموضوع ،والإحساس والشعور، والعقل والنظر ،والزينة والفراش،أي أن كلا منهما بشر تام له عقل يتفكر في مصالحه،وقلب يجب ما يلائمه ويسر به ، ويكره ما لا يلائمه وينفر منه. فليس من العدل أن يتحكم أحد الصنفين بالآخر،ويتخذه خادما يستذله ويستخدمه في مصالحه.
أن فلسفة عقد الزواج في إسلام(النص)عقد استمتاع بين المرأة والرجل وليس عقد استخدام،وأصل الاستمتاع يقوم على عنصرين؛إقتناع ورغبة ولا مجال ههنا للإكراه والإغتصاب البتة،ولكن وجدنا أن فلسفة هذا العقد تم تحريفها والاعتداء عليها عبر إسلام(التاريخ)فتحولت فلسفة العقد من عقد استمتاع بين طرفين إلى عقد استخدام من طرف واحد ،وهذا كما لا يخفى يعد انتهاكا صارخا لقيم العدل والمساواة والوفاء بالعقود كما أمر القرآن(يا أيها الذين آمنوا أفوا بالعقود)،(إن العهد كان مسؤولا)،ولعل في أبطل رسول الله عقدا حُرف عن مقصده وفلسفته أحسن قيلا،وذلك عندما جاءته جارية بكرا فذكرت له أن أباها زوجها وهي كارهة ففرق بينهما مباشرة !!(انتهى)
مع إعجابي بالأخ الفيتوري وفي فلسفة عقد الزواج في إسلام (النص) لاأدري سبب عدم ايراد النص : و اللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن و اهجروهن في المضاجع و اضربوهن ..... )) النساء2 1 والضرب هنا غير مقيد وتفسير الفقهاء أنه ضرب خفيف ، ولو كان المقصود هو الضرب الخفيف لورد في النص ولما ترك للتفسير .. والمشكل مع نهي الرسول ولو بمسواك فالضرب يبقى ضرباً وخارج عقد الاستمتاع .وكذلك ينافي نص. فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.. ولطالما هناك تسريح بإحسان لم اللجوء إلى الضرب وآمل من الأخ عبد الحكيم الفيتوري أن يبحث هذا الموضوع وتناقضاته وفقاً لوسع اطلاعه ونباهته وفي مقال لاحق مع الشكر ..
ومابين الاستمتاع والاستخدام أجدني متابعاً مع شعبية واسعة في عالمنا العربي بالعملين الدراميين التركيين (سنوات الضياع ) و ( نور) المدبلجين بلهجة سورية شامية والذين نالا شعبية واسعة في العالم العربي وبالأخص في دول الخليج حيث تحاصر الأنثى حصاراً محكماً وتمنع حتى من قيادة السيارة بحشمة ويسمح لها بامتطاء الحمار والحصان بلا حشمة وفي انتخابات برلمانية وعدد الناخبات يفوق عدد الرجال من الناخبين لايتم انتخاب حتى امرأة واحدة من أصل 27 مرشحة وتذهب أصوات النساء المبرمجة سلفاً بالثقافة الذكورية المتسلطة والآمرة لصالح الرجال كلية .. ؟
أظهر العملان المذكوران الذي يحاكي ويمثل مجتمعاً إسلامياً عن شكل عملي مغاير تماماً للعالم العربي الإسلامي أيضاً وفي شكل عقد الزواج فالعاقد بعد أن يثبت اسم شاهدي الزواج وموافقة كل من الزوج والزوجة في العقد الموثق لينطق ( وبموجب الصلاحيات المعطاة لي أعلنكما زوجاً وزوجة ..) وبدون التعابير الدارجة عندنا ( وقبلت زواج فلانه ابنة فلان على مهر مقدمه .. ومؤخره .. والشروط الخاصة إن وُجدت وعلى سنة الله ورسوله ، والفاتحة ..)
ومن الملاحظ أيضاً ان عقد الزواج يجري في مكان عام تحضره العائلات رجالاً ونساءً وليسوا موزعين حرملك وزلملك ... مما يعطي عقد الزواج بعداً عصرياً وإبعاده عن الشكليات التي تأخذ حيزاً كبيراً
فعقد الزواج هذا والمسمى فعلياً بعقد النكاح والذي يبدأ الزواج به ثم من بعد هذه العملية الإفتضاضية للبكارة ندخل في عملية عقد الزواج وهو المشاركة الحياتية الطبيعية لتشكيل الأسرة وهنا يدخل العقد تفسيراً وفقاً لثقافة الزوجين وهل يشتركان في تفسيره معاً ويتفقان عليه أم تمنع المرأة من التفسير ويبقى حصراً من اختصاص الرجل أم هو انعكاس لعادات وتقاليد البيئة والمجتمع ولا يد لأي من الزوجين في الخروج من أحكامه المتوارثة .. وفي الحقيقة فإن عقد الزواج قليل منه يفسر ويعمل كعقد استمتاع واحترام متبادل بين الزوجين وهم من فئة النخبة .. ولكن معظم العقود يفسر وفق القاعدة الشعبية الواسعة المرتبطة بعقود من ثقافة السلف والسطوة الذكورية .... فاضربوهن .. وناقصات عقل ودين .. وشهادتها ناقصة وما فلح قوم ولوا أمرهم امرأة .. وأكثر أهل جهنم من النساء .. إلى عقد استخدام وعبودية ..





https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة