العنوسة.. مسؤولية من..المجتمع..التقاليد..الحكومة؟

قصي المسعودي

2008 / 7 / 19

ينتابها احساس بأنها قد طوت أيام شبابها وتشعر أن ربيعها ما عاد دائماً “ بخاصة” وهي تغادر محطات الشباب التي حددها المجتمع لها لتقترب بشكلٍ مخيف من حالة ما يُسمى “العنوسة” وتساؤلات كثيرة تسقط الاجابة عنها خجلى (لما لم تتزوجين لحد الآن) إحساس مؤلم قد يجعلها تدفع ثمنه لسوء اختيارها لرجلٍ تظنّ أنه المنقذ وأنه الوحيد الذي يمنحها السعادة والحب والأمل.. ولكن هل كل النساء يقعنَ في شِباك متاهة تأخر الزواج؟ وهل هذه الظاهرة اقتصرت على المرأة من دون الرجل في مجتمعنا؟ وما هو تأثيرها وتداعياته في المنظومة الاجتماعية؟.. جملة من التساؤلات حملتها (البرلمان) لنخبة من المواطنين حيث كان هذا التحقيق
تأثيرات نفسية وبايولوجية:
هدى ميسون كاظم(35) عاماً : إنها مسألة باتت عادية في العراق منذ الثمانينات أيام الحرب العراقية الايرانية وجاء الحصار وما رافقه من غلاء في المعيشة وصعوبة تكاليف الزواج وما لها من تبعات كبيرة وكثيرة جعلت المرأة تغرق بالعمل وتشغل نفسها بالوظيفة لأنها تمر بحالة اليأس وتفرغ عاطفتها بعملها. كذلك ما يصاحبها من حالاتٍ نفسية من توترٍ وقلق وكآبة، الأمر الذي يولد تراكم من اليأس والاحباط والذي ينعكس سلباً على نشاط الجسم.
وتضيف ميسون.. اذا كانت المرأة عاملة تكون حالتها أسهل مما لو كانت حبيسة البيت فتصبح القضية معقدة للغاية وللأسرة دورٌ في هذه القضية، فالمحافظة الزائدة عن المعقول والمبالغ فيها والتي تمنعها من الاختلاط والعمل بحجة (لايوجد تعيين) وهي تنتظر فارس احلامها، وبهذا فهي لا ترى أحد ولا أحد يراها. وفرص الزواج تقلّ والعمر يتقدم.
المرأة هي المسؤولة:
أما أحمد عزيز محمد(38) عاماً “تاجر” فيلقي باللائمة على بعض النساء باستمرار هذه الظاهرة واستفحالها بقوله: أحمّل المرأة مسؤولية قضية العنوسة وما آلت اليه لأسباب عديدة منها أن بعض النساء يحاولنَ وضع شروط تعجيزية أمام الرجل المتقدم للزواج، وأعتقد أن هذه هي المشكلة بحدّ ذاتها. ويضيف.. الانسان يجب أن يكون واقعياً اذا كان رجلاً أو امرأة ويعتمد على أمور أساسية في تقييم الشريك المناسب له، وأوضح أن المرأة العراقية تعيش ضمن شروط المجتمع فلم تجد لها شخصية حقيقية حتى المتزوجات لا زلنَ يعشنَ النمطية التقليدية والتي فيها الكثير من القيود الشرقية العديدة بخاصة في تعاملها مع الرجل. أضف الى ذلك ظروف المجتمع العراقي ودور الحروب والنزوح والهجرة وعدم توفر فرض العمل. ولا ننسى أن البلد يعيش تحت رحمة الحروب والتي لها أثار حتى على المتزوج أنا أراها أزمة وأزمة خطيرة وان تأثيرها سوف يظهر بعد عدد من السنين وفي جانبين عندما تصل المرأة الى مرحلة أنوثتها الحقيقية. هنا تبدأ المشكلة، فمنهنّ من تمتلك السيطرة على نفسها وعلى وضعها النفسي والداخلي وتتصرف بحكمة، والجانب الديني له دور في هذا المجال ومنهنّ من تنجرف نحوعاطفتها وهذه كارثة كبيرة جداً لربما تسلك سلوك غير صحيح محاولةً اقناع نفسها ان هذا السلوك هو حقها الطبيعي.
الزواج عن طريق الحب:
ويتفق معه علي البدري (42) عاماً (مصمم) بقوله: هي قضية خطيرة وترجع أسبابها للرجل والمرأة منذ الثمانينيات. وأذكر ان صحيفة محلية نشرت بحثاً في المحاكم حول هذه الظاهرة من وزارة العملا والشؤون الاجتماعية حيث بدأ معدل الزواج يقل بسبب:” حروب، حصار، ترمل، هجرة، ظروف أمنية سيئة”. أما في الفترة الحالية قلة تواجد المرأة في الشارع ومحدودية الحضور في أماكن الاختلاط بالرجال، كذلك انتشارالانترنيت والستلايت جعل المرأة تبحث عن قصة الحب أو الزواج عن طريق الحب رافضة الزواج التقليدي.. فسابقاً يرضى الرجل أن تُرشح له أمه أو أخته زوجةً تعرفها وانسانة مناسبة له. ويضيف.. التقدم التكنولوجي فتح مدارك الشباب حتى البنات، بصراحة أن صديقة زوجتي رفضت ثلاثة رجال متقدمين لها لأنها لا تريد الزواج إلاّ عن طريق الحب، وتنتظر فارس الأحلام والرومانسيات الأخرى.
أسئلة محرجة:
وفي شهادة مؤثرة ومؤلمة تؤكد زينة طارق(38) عاماً ربة بيت معاناتها بقولها:
بصراحة ان مناقشة هكذا موضوع تُثير الشجن في داخلي، فعندما كنت في العشرين كان كل شهر تقريباً يتقدم لخطبتي شخصاً حيث كنت أكثر جمالاً وشباباً وأمام رفض أهلي تزويجي من شخص غريب تدريجياً بدأت فرص الزواج تقل وبدأ الواقع يخاطبني (أني كبرت) أخواتي الاصغر سناً تزوجنَ ودائماً ما أقع في احراج عندما يسألوني ما اسم ابنك.. لا احد يتصور أني لحد الآن لم أتزوج. القضية مؤلمة وفوق التصور لأنها تتعلق بكيان انسان أوجد الله فيه الكثير من الغرائز. كثير من علامات الاستفهام وسلسلة التساؤلات التي لا مبرر لها (ليش ما تزوجتي؟) (ما عندك أطفال). في السابق كان أهلي يشترطون بوجوب أن يكون الخطيب كذا وكذا. فبدأت التنازلات شيئاً فشيئاً. أكذب اذا قلت لا اريد الزواج وأطمح الى تكوين أسرة واشباع غريزة الأمومة التي تصرخ في داخلي ولكن اعلل الاشياء كلها (بالقسمة والنصيب).
أما الباحثة الاجتماعية ليلى قيس كريم دكتوراه في علم النفس من ناحيتها تقول:
إن هذه القضية لها مردود سلبي على المرأة وعلى المجتمع باعتبارها نصفه الثاني ولكن هناك فرقاً بين المرأة التي تجلس في البيت والمرأة العاملة. فالثانية لا تعاني بشكل سلبي من هذه الظاهرة كونها تحس انها منتجة. أما جليسة البيت فتظل حبيسة لهذه الفكرة ولا تستطيع أن تواجه المجتمع خوفاً من لقب (عانس).وتضيف الباحثة ليلى.. إن ظروف مجتمعنا مع الاسف سيئة للغاية جعلت هذه الظاهرة ليست مقتصرة على المرأة وانما على الرجل.. فالكثير من الرجال عزفوا عن الزواج بسبب الهجرة والظروف المادية والحرب. وحالياً الظروف الامنية، فالرجل يخاف أن يتزوج ويُقتل ويترك زوجته أرملة أو يترك أيتام.وطالبت الدولة بتحمل مسؤوليتها ازاء هكذا شريحة وازاء هذه الظاهرة بتوفير فرص العمل باطلاق القروض وتشجيع الزواج الجماعي والقنوات الدينية يجب أن تفتح مجراها أمام الناس وتثقف الكثير منهم بأن يغادروا التقاليد القديمة مثل(ابن العم لابنة العم) (العلوية تأخذ سيد) وغيرذلك





https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة