ليتوقف فورا هذا ألاجحاف ألمتعمد بحق المرأة في العراق !

حامد حمودي عباس

2008 / 9 / 23

لم يعد كافيا ابدا أن نبقى نحن من يمتلك القدرة على الكتابة ولو بقدر مختلف اسرى لشيء اسمه معايشة ما يجري من فوق وترك اعماق تموج في داخلها احداث جسام تحرق خلالها ارواح وتموت انفس وتضيع أجيال . فالكتابة حبلى بما يجعلها مضيعة لمن يمتهنها اذا لم يتمكن من وضع السبل الكفيلة بجعله كاتب مقتدر ، وأول مظاهر الاقتدار هو أن يحسن فن التعامل مع المتغيرات بمهنية رفيعة وعالية المستوى .
ان ما تنقله لنا يوميا وسائل الاعلام وخاصة المرئية منها من احداث تتعلق بالمعيشة اليوميه للعراقيين هي بمثابة المحفز لكل ذي ضمير حي الى أن ينتفض بكل جوارحه للمساهمة في انقاذ ما يمكن انقاذه من ضحايا الحرمان وخاصة فيما يتعلق بالمرأة والطفل في العراق ، فالمرأة والطفل هما اضعف العناصر البشرية في أي مجتمع نامي ناهيكم عن انهما اكثر الافراد تلقيا للصدمات جراء عسف القوانين وظلم الاعراف المجتمعية المجحفه .
لقد كانت المرأة العراقيه وعلى امتداد المراحل السياسية والتي مرت بالعراق هي العنصر البشري الاكثر جلدا وأقوى شكيمة تحملت ما لم تتحمله نساء ألعالم ، ولا اجد نفسي مغامرا في ما ازعم بانها فعلا كانت ولا تزال اكثر نساء الكون تحملا لمصاعب العيش وركوب الاهوال فكانت اما للشهيد وزوجة للمعوق وللاسير الغائب ومودعة لذاهب للحرب ومربية لاطفالها في زمن لا تتوفر فيه حزمة من حطب لتدفئتهم .. انها محورا لكل شيء الا الفرح ، فالمرأة العراقيه لم يدخل الى نفسها فرحا كما لم تكن من حصتها من وطنها الا المتاعب . ولذا فان من يريد الغوص في مهام خدمة العراق لابد له اولا وقبل كل شيء ان يهب قلمه وفكره لمقارعة سبل ظلم المرأة كي يوفر سندا للمجتمع لا يضاهيه سند اخر .
المرأة العراقية اليوم صورتها لا تدخل السرور على قلب عدو ولا صديق ، يلفها سواد فرضه عليها عتاة سموا انفسهم رجالا للدين يطلبون حب الله والحصول على جنته بقتلها والنيل منها والاستحواذ قسرا على جسدها ، انهم أكاسرة هذا العصر من جلادين جهله لا يجدون من يردعهم بعناد وقوه لايقافهم عند حدهم واعادتهم الى الوراء ورفع ايديهم عن كاهل اكثر من نصف المجتمع ويرغمهم على وقف التمادي بمقدرات النساء والاطفال في بلادنا ، فمن يتعمق في مساحات بعيدة عن المدن سيجد هناك صورا مخيفة تتجسد فيها اعمال من نصبوا انفسهم اولياء لله وهم ينحرون الفتيات الشابات والنساء المسنات بالاعيبهم وتخاريفهم مسببين لهن الامراض الجسدية والنفسية العميقه الاثر ، ويسندهم بدعم متواصل وخبيث ذلك الاعصار المتخلف المتركز عند قمة صنع القرار .
ان ما تلاقيه المرأة في العراق من حيف مستمر يؤشر في حقيقته خطر تيار التخريب الانساني والذي يتعرض له مجمل المجتمع العراقي اليوم ، في حين تجري ومنذ زمن ليس بالقصير محاولات لابعاد الانتباه عن شأن المرأة وجعل مشكلتها مشكلة مؤجلة الحلول ( لعدم اهميتها ) أو لعدم احتلالها حيز الاولوية في سلم المشاكل التي يتعرض لها الشعب العراقي . وبعيدا عن متابعة فصول بعينها تحدد بموجبها ارقام قد تكون من اعداد جهات متخصصه لتوضيح المؤشرات التي تبين حجم الهدر الحاصل في حقوق النساء في العراق فان المتتبع المحايد والميداني لما هي عليه حياة المرأة والاسرة العراقية عموما سيجد بانه ليس من الصعب ابدا ملاحظة ذلك الوضع المرعب لتلك الحياة ، انها ليست حياة بقدر ما هي مسرحية كتبت بقلم يذرف دما بدل الحبر تحكي قصص الجوع والحرمان والمرض ومحاولات تدبير لقمة الخبز وخطف فتات العيش من افواه المجرمين سراق قوت الشعب ، انها هي التي تتدبر امور الاسرة في وضع يكون فيه رب الاسرة من العاطلين ، وعليها تقع تبعة انقطاع الكهرباء لكي تسعى لاستبدالها بما تستطيع الحصول عليه من وقود ، وهي التي تحرز ما يهبه لها وطنها من خيرات الوجبة التموينية ومكرمات الخيرين لتقضي بها الشهر بكامله بدل ان تدخل الاسرة في بحبوحة الجوع لو لم تتدبر هي ذلك باقتصادها وحمايتها لمبدأ شد الحزام ، وهي التي تقنن صرفيات ما تفوز به من مياه للشرب بعد حراستها ليلا لصنابير المياه ، وهي التي ترعى بقلبها وعيونها اطفالها الذاهبين الى المدرسة خشية ان تخطفهم ايادي الجاهلية الاولى وتذبحهم طلبا للمال احيانا وطلبا للجنة احيانا اخرى . كل هذا والجو العراقي مشحون الى قمته بالبحث عن حل لمن ستكون كركوك ومن سيفوز بنفطها وغازها ومن أي مذهب سيكون محافظها المنتظر ، كل هذا والفضائيات
المحلية والبعيدة لا تجد لها متسعا للالمام بكل المقابلات واللقاءات مع من يلبسون ربطة العنق ومن هم بدونها .. من هم معممين او معقلين .. من هم بالدشاديش أو بعباءات بيض لتعرض صراخهم ولفتات رؤسهم وايماءات ايديهم حينما يحللون ويتعاركون ويندد احدهم بالاخر والقضية دائما واحده .. الكسب الحرام !! .
المراة العراقية اليوم تساق وبكل حرية الى المحاكم الشرعية بدل القضائية بعيدا عن رقابة الدولة والمجتمع ، وفي هذه المحاكم تدار جلسات لا يحضرها الا الرجال ليصدر حكما بحق من تساق الى دكة القصاص دون الحق لها بالاستأناف أو حتى بالكلام المجرد ما دام القرار صادر من نواب اولياء الله . ولابد في النهاية الى الالتفات الى قضية المرأة العراقية باهتمام استثنائي من قبل كل المنظمات الانسانية المعنية بحقوق الانسان .. ويقع جانب كبير من هذه المهمة النبيله على عاتق المثقفين التقدميين جميعا بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية وأن تناضل الشريحة المحررة من النساء وعلى كل المستويات لدعم قضية المرأة بالحاح حتى تنتبه قوى الظلام الى ان مصدات قوية تقف في طريقها وتمنعها من اتمام مخططاتها المتخلفه .
أننا مدعوون وعلى عجل لانقاذ ما يمكن انقاذه من النساء في العراق وذلك باقامة الحملات المتواصله وعبر كل المنافذ لوضع المجتمعات الدولية على حقيقة ما تعانيه النساء في بلاد الرافدين ومن ثم تحفيز صناع القرار لسن القوانين المتقدمه والحضاريه بهذا الشأن المهم .



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة