توجان الفيصل ..سلاما !

علاء اللامي
allamialaa@hotmail.com

2002 / 5 / 31

     إنها  سيدة رقيقة الابتسامة ،فولاذية الإرادة ، وسيمة الملامح ، تعتز بعروبتها كانتماء حضاري وبجذورها الشيشانية كنوع من الأصالة . دخلت معترك السياسة في بلدها وفازت بمقعد في البرلمان فكانت المرة الأولى في تاريخ البلاد التي تفوز فيها سيدة بمقعد نيابي ، فشاركت بفاعلية في أعمال البرلمان ،ودافعت عمن انتخبها دفاعا أثار حفيظة القوى المحافظة  في السلطة وفي المعارضة السلفية معا، و شُنت ضدها حرب تشنيعية وتفتيشية ظالمة وظلامية  طالت حتى حياتها الشخصية الحميمة فزعموا أنها طعنت زوجها بسكين فخرج زوجها على الملأ وفضح الافتراء وأعلن عن اتفاقه وتضامنه مع زوجته ورفيقة دربه . وبعد تلك المحنة  لم تركن الى الصمت وخرجت من جولتها تلك بعزيمة أمضى  ووجدان أعمق .

  لم تتخلف توجان الفيصل عن مظاهرة أو فعالية تضامنية مع فلسطين وشعبها، أو مع العراق المحاصر وأطفاله المجوَّعين المشوهين باليورانيوم المنضب وشعبه المقموع بأقسى دكتاتورية . كانت حاضرة دائما في الزمان والمكان الصائبين .ومتأهبة للانطلاق في المشوار والحادث الطارئ أو المخطط له سلفا . شاهدها الناس على شاشات الفضائيات تساجل بحماس وعقل نقدي دفاعا عن بنات جنسها وتجبر خفافيش العتمة على الانزواء والانسحاب . شاهدناها تحمل لافتتها الصغيرة وتقول لا للظلم والعدوان الغربي ضد شعوب الشرق والعالم الثالث بعامة  ،وتقول لا لركود وتخلف النخب السياسية في هذا الشرق المستباح . إنها لا تقطع مع النور القليل  القادم من ساحات الخصم التاريخي ،ولا تواصل مع عفونة الاستبداد الماكث ساحة الوطن . لم تقطع مع الإسلاميين المستنيرين لأنها علمانية بل نسقت وشاركت  مع الإسلامي ليث شبيلات في نشاطات تضامنية شجاعة . ولم تسكت وتتملق الرأي العام حين لمح صحافي حكومي مدفوع  الى أصل عائلتها القوقازي الشيشاني  في محاولة رخيصة للإساءة إليها  فهاجمته وطالبته بالاعتذار أمام الجمهور .

وحين تكشفت أمامها آخر فضيحة فساد حكومية سارعت الى توجيه رسالة إلكترونية عبر الإميل الى الرجل الأول في المملكة  وشرحت أمامه الحقائق . وبعد أخذ ورد ولتٍّ وعجنٍّ وجدت المناضلة توجان الفيصل  نفسها في السجن فأضربت عن الطعام حتى قاربت الاستشهاد وأطلق سراحها لتعتقل بعد يومين ، لتحاكم يوم أمس ويصدر ضدها حكم بالسجن مدة عام ونصف . محامي الدفاع عنها انسحب احتجاجا على رفض المحكمة طلب مثول الخصم الرئيسي كشاهد، و أغلب الشهود الذين حضروا برءوها  من التهم التي وجهت إليها .

   وقفت السيدة تيجان في قاعة المحكمة وأعلنت أن المسؤول التي تتهمه بالفساد وهو رئيس الوزراء سبق له أن عرض عليها رشوة لكي تسكت وتغلق الملف، وشرحت للقاضي الحكومي أن تلك الرشوة تمثلت بثلاث سيارات ومنصب وزيرة  وشيك نقدي مفتوح ولكنها رفضت الرشوة وقررت خوض المعركة ضد الفساد ودفاعا عن قوت الناس  . صدر الحكم إذن وتنفس بعضهم الصعداء وشمت بعض الشامتين الذين عبر عن وجهة نظرهم صحافي حكومي حاول التحريض ضد هذه البطلة الشعبية  حين قال إنها هاجمت ( كل أو بعض أو كثيرين من رجال الدولة ورجال الدين وغيرهم ) ويمكن أن نأخذ صورة واضحة عن " صدقية" هذا الصحفي من خلال مساواته بين كلمات " كل " أو " بعض " أو " كثيرين من "  في جملة واحدة في فقرة واحة لقناة فضائية واحدة . فياللدقة و يا للصدقة !

هذه الليلة ستقضي السيدة توجان الفيصل ليلتها الأولى في السجن وهي على يقين من أنها في الخندق الصحيح ولكنها ستمضي الليلة نفسها في قلوب الكثيرين قبل الكثيرات من أبناء شعبها وأمتها التي اجتاحها قحط رهيب في القابضين على جمر المبادئ في مقابل تكاثر سرطاني للقابضين على أشياء أخرى كالشيكات المفتوحة !

هذه الليلة سيأخذ السجانون ومديرهم الحذر والحيطة فلا مجال لارتكاب الأخطاء في حضرة توجان الشعب ، توجان الأردن العزيز ..و فداء لك سيدتي سبعة أحزاب صامتة وعشرين جبهة خرساء  !



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة