إنه قدرك أن تحلقين ... ؟؟؟ !!!

مريم الصايغ
profmaro@gmail.com

2009 / 6 / 23

لم أكن يوما من المرحبات بنظام الكوتا لأني أنظر إليه باعتبار انه هو ذاته ...
نوع من التمييز ضد المرأة وليس نظام لإنصاف المرأة فقط
فأنا أنظر له بصفتي مؤنث من مجتمع" تاء التأنيث ونون النسوة "...
أنه إعلان عن فشلنا في القدرة على خوض المعترك السياسي وتولي أمانة المناصب التي تحتاج إلينا لنشغلها في الحركة السياسية .
فالتمثيل النيابي من وجهة نظري ليس وسيلة للتربح على حساب الشعب بل بذل وعطاء مستمر من أجل راحة الشعب لذا أخترت مجال
العطاء في المجتمع المدني " وأسست منذ ما يقرب على الثماني سنوات مؤسسة تنمية الإبداع العربي " .
لأني أؤمن أنه لن يكون يوما في قواميس العدالة الاجتماعية العمل الاجتماعي ...
وسيلة للحصانة والتعدي على فقراء المجتمع وحرمانهم من حقوقهم الطبيعية فيه ... !!!
كما أنها ليست لعبة الرجل القادر على خوض الانتخابات والفوز بها مهما كانت وسائلة في ذلك مشروعة أو لا ... !!!
لكن لأن الواقع يفرض ذاته علينا فجاءت الكوتا بعد أن فشلت الدساتير العربية في إقرار مبدأ المساواة والحقوقً المتكافئة بين جميع المواطنين
في الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والممارسة السياسية فلم تحصل المرأة سياسياً على تمثيل تعكس من خلاله ثقلها الفعلي في التعداد السكاني
فهي غير ممثلة بما يكفي في المناصب العليا و حضورها البرلماني منخفضاً للغاية
ووفقاً لواقع المجالس البرلمانية الحالية، فإن نسبة تمثيل المرأة في البرلمان ضعيف جدا ... !!!

لذا لم يعد هناك من بديل أمام المجتمع سوى فرضنا قسرا على المجتمع النيابي !!! ...
يعني ما باليد حيلة !!! لكن حاجة غريبة جدا ...
كيف أفكر في نيل المرأة لحقوقها السياسية وهي لم تحصل بعد على حقوقها الإنسانية
فمازالت تعاني من تلك النظرة البشعة والمجحفة والظالمة جدا لها في بعض المجتمعات
حيث ينظرون لها كعورة وكمثيرة للشهوات واصل للخطايا والبلايا وهادمة للبيوت الآمنة
ويطالبون بتكميم فمها بعد أن نجحوا تماما في دفنها داخل معتقلها الأسود
فأصبحت جميعهن متشابهات فأنت لا ترى سوى خيمة سوداء غير محددة الملامح
تجلس بجوارك أو تعمل معك ذات رائحة عرق نفاذة فتستطيع أن تميز سيول عرقها بوضوح
لكنك لا تستطيع أن تعرف سر النظرة الغريبة التي تطل عليك بها من خلف أسوارها ... ؟؟؟
في الحقيقة أنا أحتار في تفسير تلك النظرة !!!
هل المشاعر التي تطل من عيناها تعبر عن العتاب لمجتمع أهان المرأة
وفرض نفسه حارس لشرفها آم أنها مشاعر حزن وآلم من مجتمع جعل من نفسه المهيمن عليها وصادر كل حريتها ... ؟؟؟
كثيرا ما أشعر أنهم يريدون أخفاء عيناها حتى لا تكشف نظراتها الفاحصة الواعية كذب نواياهم و فساد ضمائرهم
وازدواجية معايرهم وطمعهم فيها والتلذذ بإيذائها بكل الوسائل .
متناسين أو غافلين أن التنمية الشاملة لا تتحقق بمجتمع دون المشاركة الإيجابية للمرأة فيه
لأنها ببساطة كما حفظنا بطفولتنا جميعا هي نصف المجتمع ومربية الأجيال
والتي تراها بكل بساطة في كل الأمكنة والفئات العمرية ومختلف الدرجات العلمية
والبيئات الاجتماعية ...
لذا ببساطة كيف ستتخلص من المرأة وهي حولك وأمامك وتنير مجتمعك
فهي أبنتك وزوجتك ووالدتك وجدتك وخالتك
وحبيبتك ورئيستك في العمل وزميلتك في الدراسة ومدرستك وطبيبتك
وبائعة اللبن المسكينة التي تعول خمسة أطفال بمفردها بعد أن هجرها رجل مثلك
هرباَ من مسئولياته الزوجية ليبدأ مغامرة جديدة مع ابنة البواب الحسناء .
آه يا إلهي ...
ما علينا نترك مآسي المرأة نرجع للكوتا فالحديث عن حرية المرأة وحقوقها
حديث يثير في نفسي الكثير من الشجون .
وعن الكوتا نقول : نظام الكوتا ببساطة وفي كلمتين ...
هي تخصيص حصة معينة للمرأة من مقاعد البرلمان وهذا التخصيص إجراء مرحلي
لمواجهة تهميش المرأة في جميع الشرائع والقوانين وفي مواقع صنع القرار وفي منظمات المجتمع المدني ...
وهذا الإجراء محدد المدة حتى لا يتعرض لعدم الدستورية القانونية
لأن الغرض من الكوتا تخصيص مواقع للمرأة إلى أن تستطيع المرأة
إثبات ذاتها وقدراتها ووصولها إلى مواقع صنع القرار ..

لكن بالطبع هناك عوامل تعوق المرأة عن إثبات ذاتها وتحد من قدرتها
التنافسية و مشاركتها السياسية ... منها ... !!!

1 – المناخ السياسي العام في المجتمع و عدم أعطاء الغالبية العظمى من الذكور الفرصة الحقيقية
لممارسة الحياة السياسية لعدم وجود أحزاب فاعلة وانتخابات نزيهة .
2- العادات والتقاليد الرافضة لعمل المرأة في المجال السياسي .
3- النظرة الدونية للمرأة والتي ساهمت في إقصاء قضايا المرأة في السنوات الماضية فكانت
نسبة تمثيل المرأة العربية في السلطة التشريعية تمثل أدنى نسبة في العالم .
" لذا لتنشيط هذا التمثيل الضعيف اعتمدت عدد من الدول نظام الكوتا، حيث ينص الدستور في بعض البلدان
على تخصيص حصة من مقاعد البرلمان للنساء وفي بلدان أخرى تتفق الأحزاب السياسية على تخصيص حصص للنساء
أو تحديد أهداف لنسبة النساء والمرشحات للانتخاب."
4- عدم تمكين المرأة اقتصادياَ أو تعليميا وتدهور حالتها الصحية .
5- العنف المنتشر ضد المرأة والصورة السلبية لها في الكتب الدراسية ووسائل الإعلام .

تكلمنا باختصار عم المعوقات لكن كيف نعد خطة ... ؟؟؟
لتمكين المرأة لإعداد نساء قادرات على العطاء السياسي والتميز ... ؟؟؟
بالطبع ستقفز الوصفة المعهودة لتحتل الأذهان والسطور ... !!!
* تمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً و تفعيل دورها في المشاركة السياسية.
* توسيع مشاركة المرأة في الحياة العامة.
* القضاء على كل صور التمييز ضد المرأة .
* تبني سياسة إعلامية جديدة لتغيير الثقافة المؤثرة سلباً على أوضاع المرأة .
* العمل على تنمية المجتمع وغرس مفاهيم المساواة بين الرجل و المرأة .

كلام نظري ممتاز ... !!! حفظناه ورددناه كثيرا ولم يؤتي ثماره
لذا يجب أن نتريث قبل إعداد الخطط و يجب أن نفكر أولا ... ؟؟؟ !!!
كيف سنغير أخلاق البشر ... ؟؟؟ !!! و سنعلمهم الأمانة والمحبة
وتقدير الأخر والتعاون معه ؟؟؟ !!!
كيف سنوضح لهم أن المرأة ليست عورة ولا أداة للتسلية وإثارة الغرائز والتربح والمتاجرة بها من خلال قنوات البورنو كليب ؟؟؟ !!!
لا يوجد سوى طريق وحيد للعودة بشعب للخط المستقيم يجب أن يكون ... !!!

عن طريق العودة لبذرة الخطأ لذا يجب أن ...
1- نربي الأطفال على النظرة البريئة والأفكار الطاهرة في مدارس مشتركة تجمع الأطفال من الجنسين معا ليتعلم الطفل
أن زميلتي هذه أخت لي أخاف عليها وأتمنى لها الخير نتنافس في التحصيل الدراسي نعم لكن لا أسعى للقضاء علي تفوقها أو تكميمها .
2- لا نترك الكتب الدراسية بين أيدي أصحاب الكرباج ووئد الفتيات وتأليف الكتاب بخمسة تعريفة في ربع ساعة نهار لالالا ...
بل يجب أن نختار خيرة المثقفون والمتخصصون في المجال لإعداد كتاب مدرسي ناجح
ينمي عقل وثقافة وأخلاق جيل اليوم ويعدهم ليقودوا المجتمع بكل نقاء
وإيمان بحقوق الإنسان والتأكيد على مساواة المرأة وتفعيل المواطنة والديمقراطية .
3- ننقذ الشباب الضائع في أوهام الفشل والإدمان من البطالة وارتكاب الجرائم
ونستخدم الأموال المنهوبة من
* رصف الطريق الواحد مئات المرات ...
* وتغيير ديكورات مكاتب المدراء والوزراء وسياراتهم عشرات المرات ...
* وخسائر جرائد قومية لا تجد من يقرأها ووسائل إعلامية حكومية لا تجد من يشاهدها أو يصدقها ...
* وأموال مهربة من تصفية استثمارات ناجحة وبيع أصول مملوكة للشعب من خلال صفقات مشبوهة تحرم أجيال من الحياة المستورة !!!
نستخدم كل تلك الأموال جميعها ...
* لخلق فرص عمل حقيقية تسد رمق الأسر...
وتساعد في إنقاذ ملايين الشباب والشابات من الضياع والانحراف
لكي نستطيع أن نحد من ظاهرة أطفال الشوارع ...
والتسرب من التعليم ...
وتدهور الخدمات الصحية ...
وازدياد معدلات الجريمة ...
ووصول فئة من التجار الجشعين لمقاعد البرلمان والتربح من توريد السلع المسرطنة والمخدرات والسلاح للقضاء على شعبنا ... !!! ؟؟؟ .

إذاَ تمكين المرأة ومشاركتها الكاملة في الحياة السياسية لا تحققها دساتير ... !!!
لكن يحققها ... * تطهير مجتمعي كامل من الفساد .
* إيمان كامل بضرورة التغيير .
* إصلاح ما قد فسد والعمل المشترك من أجل مصالح واحتياجات المجتمع كله .
* إعطاء كل مبدع فرصته ليتبوأ مكانته التي يستحقها بعيدا عن الوساطة والانتهازية
ومسح الأحذية .
و عندما يتطهر المجتمع من كل الموبقات في هذه اللحظة فقط ...
سيدرك المجتمع انه يحتاج لوجود المرأة كشريك فاعل في الحياة جداَ
ويمكنها من مراكز صنع القرار لتعبر عن احتياجات مجتمعها ككل
من أطفال وزوج و أب و أم و أخوة ...
لأنها ربة الأسرة التي تعرف ما يحتاج إليه بيتها الصغير والكبير .
حينئذ ستعرف المرأة إنه قدرها أن تحلق بعيدا بأحلامها وأحلام مجتمعها وتحقق
كل ما تتمناه لهم ولها في الحياة . كليوباترا عاشقة الوطن .



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة