ساركوزي يواري فشله بالبوركا ، أو البرقع

أحمد حسنين الحسنية
ahmed_alhasanyah@yahoo.com

2009 / 6 / 25

لماذا الأن فقط إنفتحت عينا ساركوزي على البوركا ، أو البرقع ؟؟؟
إدارة ساركوزي إعتمدت على المبررات الأمنية في حربها على البوركا ، و لكن ألم يشاهد ساركوزي البوركا ، عندما كان وزير ناري للداخلية ؟؟؟
الإجابة على هذين السؤالين ، أرى إنهما يوجدان ، في التعديل الوزاري الذي أجراه ساركوزي مؤخراً ، و ذلك بقراءة التشكيلة الوزارية ، و توقيت التعديل ، و إستكشاف مبرراته .
من قراءة التشكيلة الوزارية الجديدة ، من السهل ملاحظة سير ساركوزي نحو اليمين ، و بما إنه يميني في الأصل ، أو على الأقل ينتمي ليمين الوسط ، فإن الإنتحاء الذي جرى مؤخراً بإتجاه اليمين ، يعني إقتراب نحو اليمين المتشدد .
أما الأسباب فهي الإخفاقات المتتالية التي مني بها ساركوزي .
ساركوزي جاء على مطية الآمال الكبيرة ، التي حدت حتى بقطاع لا يستهان به من الشباب الفرنسي ، من ذوي الأصول الشمال أفريقية ، إلى التصويت له .
ساركوزي وعد بنمو إقتصادي ، يكون مبني على تعديل جوهري في قوانين العمل ، و غيرها .
كذلك وعد بدور فرنسي أكبر في العالم ، فأعاد إحياء فكرة البحر متوسطية ، التي طواها النسيان ، و وعد بتقارب فرنسي مع أفريقيا ، و مزيد من الدور الفرنسي في الإتحاد الأوروبي .
بالتأكيد الشعب الفرنسي بدأ في تقييم إنجازاته ، بعد مرور هذه المدة الكافية في الرئاسة ، فلم يجد الكثير مما وعد به .
ساركوزي لا أشك إنه يعرف إنه خسر الطبقة العاملة ، و كثير من الطبقة الوسطى ، الذين صوتوا له بأمل الإصلاح الإقتصادي ، و مكافأة العمل ، و غيرها من الشعارات الإنتخابية الساركوزية .
لهذا قرر مغازلة اليمين المتشدد ، لتعويض الأصوات المفقودة .
إنها لعبة كل فاشل ، تحويل الغضب بإتجاه الخارج ، أو بإتجاه أقلية داخلية .
في مصر يلعبها آل مبارك ، منذ ثلاثة عقود تقريبا ، فهم إما يهاجمون الخارج ، أو أقلية مصرية ما ، حسب الوضع الداخلي ، و الظروف الخارجية .
ساركوزي ، و بحكم إختلاف فرنسا عن مصر ، لا يستطيع مهاجمة الخارج ، فكان أن فتح ملف البوركا الأن .
لا أريد أن يفهم من سياق المقال إنني أناصر البوركا ، و لكني أيضا لا أعاديها ، لأنني أؤمن بحرية الإختيار ، و هذا يتوافق مع ما جاء في الوثيقة الأساسية لحزب كل مصر ، الذي إنتمي له ، و التي ترفض فرض أي وجهة نظر دينية ، أو روحية ، على أحد .
كذلك لا أستهين بالمخاطر الأمنية التي قد تترتب على تغطية الوجه بالكامل ، و لكن أيضا أرى إنه كان بالإمكان سن تشريع ، يعطي الحق للشرطة للتأكد من شخصية أي شخص يغطي وجهه ، بأي دافع ، أكان ديني أو غيره .
أما على المدى الطويل ، فإن الحل يكون بالتوعية الدينية المستنيرة ، التي تغير مفاهيم الأجيال الحاضرة ، تدريجيا ، و تنمي أجيال قادمة تعرف صحيح الدين منذ البداية ، دون الحاجة لإستثارة مشاعر العداء لدى الأغلبية ، و مشاعر الشعور بالإضطهاد لدى الأقلية .
ما حدث ليس إلا تأكيد لفشل ساركوزي داخليا ، و ضوء أحمر يحذر من إتجاهه أكثر نحو اليمين المتشدد ، و هذا التحذير يجب أن يأخذه في الحسبان الناخب الفرنسي .
ساركوزي لم يجد إلا البوركا ، أو البرقع ، ليواري فشله .




https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة