تأثير الحرب في غزة على النساء

فضيلة يوسف

2009 / 11 / 17

في تقرير جديد للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بعنوان" من خلال عيون النساء "، تم تسليط الضوء على" المساواة بين الجنسين وآثار عملية الرصاص المصبوب والحصار المستمر على غزة على النساء، بما في ذلك 12 مثال "دراسة حالة" من خلال كلمات الضحايا ". ونورد أدناه مناقشة عدة أمثلة.

تعتبر السلطة أبوية في المجتمع الفلسطيني ، وتقدم النساء تقليدياً الرعاية للاسرة في حين أن الرجال عادة على رأسها وهم المعيل الرئيسي. ونتيجة لذلك ، وعندما اقتحمت الأرامل هذا الدور ، غالباً ما وقعن ضحية للتمييز الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والتهميش. ففي غزة اليوم من الصعب على الأرملة أن تعيش وحدها ، لذلك إما أن تعيش مع أفراد الأسرة أو تتزوج مرة أخرى. والبديل هو النضال الشاق لوحدهن ، وتحاول معظم النساء الفلسطينيات تجنب ذلك ، ولكن العديد منهن ليس لديهن خيار اخر.

بالإضافة إلى التدمير واسع النطاق الناتج عن عملية الرصاص المصبوب التي خلّفت أكثر من 1،400 قتيل وآلاف الجرحى الآخرين ، قتلت 118 امرأة واصيبت 825 امرأة بجراح ،كانت في كثير من الحالات خطيرة بما يكفي ليجعل من الصعب بالنسبة لهن العودة للوضع السابق. كان غالبية الضحايا في شمال قطاع غزة ومدينة غزة حيث دارت أعنف المعارك والقصف المركز وسرد التقرير أسماء القتلى وأعمارهم ، وعناوينهم ، وتاريخ ومكان الهجوم ، وتاريخ وفاتهم.

قالت اسرائيل ان عدد القتلى هو جزء لا يمكن تجنبه خلال عملياتها العسكرية التي بذلت فيها الجهود لتقليل الاصابات بين المدنيين.وقد فضح المركز هذه الادعاءات بانها لا اساس لها من الصحة من خلال توثيق الهجمات العشوائية وغير المتكافئة ضد العديد من المدنيين وممتلكاتهم.

أثبتت شهادات فردية أن 83 ٪ من جميع الوفيات كانت من المدنيين ، وكذلك معظم المصابين. وهذه الجرائم تشكل انتهاكات خطيرة للقانون الدولي ؛ ويطلب المركز الإنصاف القضائي. وفي 25 أيلول توصلت لجنة غولدستون إلى نتائج تؤكد ان اسرائيل ارتكبت جرائم حرب مؤلمة والتي يجب ألا تمر دون عقاب.

اسرائيل والحصار المفروض على قطاع غزة:

يشكل الحصار المستمر شكلاً من أشكال العقاب الجماعي ، وهو انتهاك مباشر لاتفاقية جنيف الرابعة التي تنص المادة 33 منها:

تعتبر معاقبة أي شخص محمي على جرم لم يرتكبه شخصياًمن العقوبات الجماعية وبالمثل فإن جميع تدابير التهديد أو الإرهاب محظورة".

يقيد الحصار كل شيء ، ويجعل من المستحيل إعادة الإعمار والانتعاش. بيوت لا يمكن إعادة بنائها. عائلات تجبر على البقاء في المخيمات ، أوالعثور على مأوى مؤقت مع الأقارب ، أو الحصول على مساكن مستأجرة إذا كانت متوفرة ، ولا يستطيعون الحصول عليها. حوالي 600،000 طن من الانقاض لا تزال قائمة. ولا يمكن تطهيرها .

يزداد الوضع سوءاً مع نسبة بطالة أعلى من 60 ٪ ، وما لا يقل عن 80 ٪ من السكان تحت مستوى خط الفقر ، وفقا لما جاء فى تقرير لمؤتمر جديد للامم المتحدة للتجارة والتنمية ، وقد تصل هذه النسبة 90 ٪ مع قلة فرص العمل المتاحة في الحكومة ، والإدارة العامة ، والصناعات الخدمية الصغيرة جنبا إلى جنب مع اقتصاد الأنفاق.

الخدمات الصحية في حالة من الانهيار الوشيك بسبب نقص الكهرباء والدواء وغيرها من الخدمات الحيوية ومعدات إنقاذ الأرواح ، والحصار يمنع معظم اولئك الذين يحتاجون إلى الرعاية الطارئة من مغادرة البلاد للحصول عليه. ونتيجة لذلك وجد المركز أن ما لا يقل عن 61 مريضا توفوا. كما تنوه الدراسة إلى عدم توفر مياه الشرب المأمونة ومنع انقطاع الكهرباء التي تغذي المضخات تشغيلها. وحتى أن هناك نقص في المواد الغذائية الأساسية وغيرها من الضروريات أو أنها غير متوفرة ، عدا ما تورده الأونروا وغيرها من وكالات الإغاثة من كميات غير كافية.

وكقوة احتلال ، فإن إسرائيل ملزمة بموجب القانون الدولي بتحقيق ما جاء في اتفاقية جنيف الرابعة في المادتين 55 و 56.

المادة 55 تنص على أنه :

سلطة الاحتلال عليها واجب ضمان الامدادات الغذائية والطبية للسكان بأقصى حد من الوسائل المتاحة لها ، بل ينبغي ، على وجه الخصوص ، جلب المواد الغذائية الضرورية ، والمواد الطبية ومواد أخرى إذا كانت الموارد في الأراضي المحتلة غير كافية.

المادة 56 تنص على أنه :

"بأقصى درجة من الوسائل المتاحة لها ، على سلطة الاحتلال واجب ضمان وصيانة المؤسسات الطبية والمستشفيات والخدمات والصحة العامة والنظافة الصحية في الأراضي المحتلة بالتعاون مع السلطات الوطنية والمحلية ، مع الإشارة بوجه خاص إلى اعتماد وتطبيق التدابير الوقائية اللازمة لمكافحة انتشار الأمراض المعدية والأوبئة.والسماح للطواقم الطبية من جميع الفئات القيام بواجباتهم ".

المادة 69 من اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الإضافي الأول تطلب من سلطة الاحتلال ما يلي :

"ضمان توفير الكساء والفراش ووسائل المأوى ، وغيرها من اللوازم الضرورية لبقاء السكان المدنيين في الأراضي المحتلة والأشياء اللازمة للعبادة".

حماية المرأة بموجب القانون الدولي

تطالب القوانين الدولية بحماية المدنيين لا سيما غير المقاتلين المعرضين للمخاطر ، و نمنح حماية خاصة للنساء ولا سيما في إطار اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، والميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، والميثاق الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وتطالب المواثيق الدولية بحماية النساء من الناحية المادية ، والمعنوية ضد القتل العمد ، والإكراه ، والعقوبات الجماعية وأعمال الانتقام ، وتدمير الأشياء التي لا غنى عنها لبقائهن على قيد الحياة.

وبصفتها دولة موقعة على القوانين الدولية الرئيسية لحقوق الإنسان ، يتعين على اسرائيل الانصياع لها. بموجب لوائح لاهاي وجنيف والمادة 3 المشتركة ، التي تتضمن مبادئ التمييز والتكافؤ في استخدام القوة:

1- يجب التمييز بين( المقاتلين والأهداف العسكرية) و(المدنيين والأهداف غير العسكرية ؛)وتعتبر مهاجمة الأخيرة جرائم حرب إلا عندما يشارك المدنيون مباشرة في الأعمال العدائية .

2- ان استخدام القوة بشكل غير متكافىء يتسبب في تلف و خسائر في الأرواح والممتلكات.

بالإضافة إلى ذلك ، يجب على أطراف النزاع أن تتخذ جميع الاحتياطات لتجنب والحد من الخسائر والإصابات في أرواح المدنيين ، ، والإضرار بالمواقع غير العسكرية. ويجب أن تعطى "تحذيرات مسبقة فعلية" عند مهاجمة مواقع يتواجد بها مدنييون، و "تحييد" هذه المناطق لحمايتهم قدر المستطاع. كذلك يمنع منعاً باتاًاستخدام المدنيين كدروع بشرية.
ولإسرائيل تاريخ طويل في ارتكاب جرائم حرب فظيعة ومخالفة القوانين الدولية مع عدد قليل من البلدان.

دراسة الحالة 1 : وفاء الراضي

أصيبت وفاء الراضي هي وأختها غادة في 10 كانون ثاني 2009، جراء سقوط صاروخين أطلقا من طائرة استطلاع اسرائيلية من دون طيار. في موقع واضح ، وكانتا وحدهما في الشارع في ذلك الوقت.

كانت وفاء حاملاً في شهرها التاسع وذاهبة الى الطبيب لاقتراب موعد ولادتها في فترة من اعلان الهدنة (هدنة مؤقتة) ، أصيبت المرأتان بجروح خطيرة. أصيبت ساق وفاء اليمنى فوق الركبة اصابة بليغة واصابات واسعة النطاق في باقي جسدها. وأصيبت غادة في الهجوم بكسر في ساقها.وقد انجبت وفاء طفلها بعملية قيصرية وتمكنت من الوصول إلى مصر للحصول على علاج اضافي في وقت لاحق، ولكن وضعها يتطلب متابعة الرعاية والعلاج الطبيعي. في 1 تموز 2009 ، أجرى المركز مقابلات مع وفاء وإخوتها في منزلهم في بيت لاهيا.اجريت لوفاء ستة أو سبعة من عمليات ترقيع الجلد وتم إنقاذ ساقها.وقال فريق طبي مصري انها كانت أصعب حالة في المستشفى ، ولكنها نجت ،لكنها بحاجة الى تركيب طرف اصطناعي. وحتى الان فإنها لا تستطيع ثني ساقها عند الركبة و"ما زالت لا تستطيع المشي".

دراسة الحالة 2 : هلا الحبش

قامت طائرة استطلاع اسرائيلية بدون طيار يوم 4 كانون ثاني 2009 بإطلاق صاروخ قتل ابنة هالة (10 أعوام) وقريبتهم (11 عاما). أصيب ثلاثة أطفال آخرين بجروح في الهجوم ، بينهم طفل (14 عاما) واثنين من ابناء عمهم (تتراوح أعمارهم بين 15 و 16).

ابنة واحدة فقدت ساقيها من الركبة ، وابن أخ واحد بترت ساقه. يوم 29 حزيران أجرى المركز مقابلات مع عائلة الحبش هالة وزوجها في منزلهما.

في يوم الهجوم ، "كانت المنطقة هادئة جدا ، لم نكن حقا خائفين على الاطلاق ، ولم يكن هناك مقاومة ، وكنا نشعر بالامان. ندع الأطفال يلعبون في الخارج. كانوا على السطح. هالة اصيبت بالذهول ، لم تستطع حضور مراسم دفن ابنتها. "لقد رفضت ، وأردت أن اتذكر دائماًأنها على قيد الحياة".

عندما زارت ابنتها الأخرى في المستشفى ، كان هناك حالة من الفوضى. "كان هناك الكثير من الجرحى ، والكثير من القتلى والكثير من المعاناة. وكان الوضع مرعباً... ورائحة الدم والمصابين في كل مكان. لم يكن هناك ما يكفي من الأطباء والممرضين ، وكان مثل السوق ، وليس المستشفى".

أجرت قناة الجزيرة مقابلة مع ابنتها في المستشفى ، وبعد ذلك ، تم تسفيرها الى المملكة العربية السعودية لمزيد من العلاج المجاني في المملكة. هالة حافظت على اتصال يومي مع ابنتها ، وقالت :

"عائلتي هي كل شيء في حياتي ، وأنا لا أب ولا أم لي ولا أحد غير زوجي ، والأطفال ، استيقظت مرة بشكل جنوني ، وافكر لماذا حدث ذلك لابنتي " لأنها تحب الناس؟ وأضافت " جاء الاسرائيليون لمحاربة حماس ، لكنهم خاضوا الحرب ضدنا. لماذا فعلوا ذلك؟"

دراسة الحالة 3 : ماجدة ورايةأبو حجاج

أطلقت القوات الإسرائيلية النار يوم 4 كانون ثاني،وقتلتهم. كانوا جزءاً من مجموعة من 27 من شخصاً من المدنيين الفارين من جحر الديك.كانت ماجدة وعضو آخر في المجموعة يحملون رايات بيضاء.

أجرى المركز مقابلات مع صلاح ابن راية ، وشقيق ماجدة. "لقد شب حريق في بيتنا ، ولذلك قررنا الخروج من البيت" ، قال صلاح. واضاف "كنا نسير عبر الاشجار الى منزل الجيران على بعد 300 متر. وكان هناك 27 واحد منا يختبئون في بئر السلم في بيت الصفدي. كنا نحاول استدعاء سيارة اسعاف.... واتصلنا بالصليب الاحمر ، ولكنهم لم يتمكنوا من الحصول على التنسيق كما قالوا لنا. كان هناك عملية عسكرية ولم يستطيعوا الوصول الى المنطقة. "

كان الهجوم واسع النطاق بحيث اننا بعد عودتنا بعد وقف إطلاق النار لم نعرف الحي الذي كنا نسكن فيه "وكنت ابحث في المكان الذي تواجد فيه الإسرائيليون واطلقوا النار علينا ، فوجدت قطعة من قدم ماجدة ، وأخذتها إلى المستشفى.... ولم يكن هناك مقاومة هنا. لا شيء. وهذه المنطقة أيضاً مفتوحةوهادئة ، وهي منطقة زراعية ، ولم يكن لدينا أي مشاكل هنا ، لقد كانت المنطقة جميلة ، وفي لحظة ضاعت. "

دراسة الحالة 4 : غالية نمر

"كانت أجسادهم مفتتة ومحترقة وكانوا يرتدون ملابس العيد ، ورأيت أدمغتهم ، وحاولت القيام بحملها ، لكنها كانت ساخنة جدا . لا يمكنك أن تتخيل ما كان عليه الوضع "، قالت غالية.

اطلقت مروحية اسرائيلية صاروخاً على سقف منزل غالية في جنوب مدينة غزة يوم 4 من كانون الثاني. فقتلت ثلاثة من أطفالها وابنتها وخطيبها. واصيب ابن شقيق غالية بأذى. ، كان 21 مدنياً بينهم عائلة شقيق غالية مختبئين في المنزل. شكّل الهجوم صدمة لهم.

انتقلت أسرة غالية الى منزل قريب لهم. "كان الطقس بارداً جداً ،" قالت. "ولم يكن لدينا ملابس اوبطانيات ، ولا مال. غادرنا من دون أخذ أي شيء ، وأنا لم يكن عندي حتى الأحذية.... جميع الملابس احترقت. وأصيب المنزل بأضرار بالغة جدا ، وتحول الى ركام."

واضافت غالية ليس لدينا عمل أو دخل. وضعنا بائس مثل كثيرين في غزة.

وفاء عواجة كانت دراسة الحالة 7. بعد ان قام الجيش الاسرائيلي بهدم منزلها ، اطلق الجيش الاسرائيلي النار على زوجها كمال "كنت في الشارع جنبا إلى جنب مع ابني ، كنت أتحدث إليه في كل الوقت ، قائلا اننا سنكون على ما يرام.قال ابراهيم لي لا تمت . فقلت له : لا بأس ، سيأتي الجنود الاسرائيليين ولن يقتلونا . أطلق الجنود الاسرائيليون النار على صدري ، وعلى راس إبراهيم. من بعد حوالي عشرة امتار. إبراهيم توفي على الفور....أما أنا فتظاهرت بالموت. قطعة من دماغ ابراهيم وجمجمته بقيتاعلى كتفي ".

"والآن ليس لدينا حياة".قالت وفاء





https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة