التقرير الأول ل - جمعية الدفاع عن حقوق المرأة في السعودية -

نجيب الخنيزي
na_alkhonaizi@yahoo.com

2010 / 2 / 20


أصدرت جمعية الدفاع عن حقوق المرأة في السعودية (تحت التأسيس) في يناير/ كانون الثاني الماضي تقريرها السنوي الأول عن العام .2009 الجمعية تأسست في 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2007 في مدينة الظهران في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية تحت اسم جمعية الدفاع عن حقوق المرأة، ونصت المادة الثانية من برنامجها على أنه ليس للجمعية أي غايات أو أهداف سياسية ولا تتوجه في أنشطتها الحقوقية إلى فئة أو مذهب أو منطقة دون غيرها، فشعارها الأساس خدمة المرأة السعودية والمقيمة في هذا الوطن. كما نصت المادة الثالثة على أن من أهداف وغايات الجمعية: التعريف بحقوق المرأة الشرعية وما جاء في المواثيق الدولية مما صادقت عليه حكومة المملكة العربية السعودية، والعمل على نشر هذه الثقافة التي من شأنها تعزيز حق المرأة ودورها في المساهمة الفاعلة في جميع مجالات الحياة من دون غبن أو ظلم أو تمييز.
من أبرز المؤسسات في الجمعية، الناشطات الحقوقيات المتميزات فوزية العيوني ووجيهة الحويدر وديما الهاجري. مع أنه في غالبية البلدان في العالم بما في ذلك العديد من الدول العربية والخليجية فإن مثل هذه الجمعيات الاجتماعية والحقوقية، تكتسب الصفة الشرعية الكاملة عبر الاكتفاء بإشهار اسمها وبيان أهدافها وأسماء القائمين عليها، وإخطار الجهات المختصة بذلك، غير أن ذلك لا ينطبق عليها كحال العديد من الجمعيات الحقوقية والاجتماعية في بلادنا نظراً إلى المعوقات البيروقراطية والإدارية والأمنية، التي حالت حتى الآن دون إقرار «نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية» الذي سبق أن ناقشه وأقره مجلس الشورى السعودي في مطلع العام .2008
أشار التقرير الأول لجمعية الدفاع عن حقوق المرأة في السعودية إلى أن الحديث عن المرأة وحقوقها لا يمكن أن يتم من دون ربطه بمنظومة حقوق الإنسان عموماً، فالبطالة، والفقر، والفساد الإداري والمالي والطبي، والأوبئة، والأمان الوظيفي والنفسي والصحي والاجتماعي، وحق الحياة بكرامة، وكارثة الأسهم، وكارثة جدة، والأزمة الاقتصادية العالمية وغلاء المعيشة، ووجود 80% من السعوديين بلا سكن تمليك، وبقاء 80% (هذه النسبة انخفضت إلى نحو 60% في الوقت الحاضر) من المدارس الحكومية في بيوت مستأجرة غير مناسبة للعملية التعليمية، وغيرها، لا يمكن التفريق في الحديث عنها بين المرأة والرجل والطفل. غير أنه وفقاً لما جاء في التقرير جرى التركيز عل المرأة والطفل بالتحديد لما يطال المرأة في المجتمع، وفق النسق الثقافي الاجتماعي المحلي، من نظرة دونية لا تستحقها، حيث إنها قد أصبحت شريكاً فاعلاً في الأسرة وفي شتى مناحي الحياة، عملاً وتربية وإعالة وتثقيفاً، بما يؤهلها لأن تكون، لا نصف المجتمع كما يتردد في الثقافة السائدة مرحلياً، بل إنها كل المجتمع لكونها منتجة ومربية ومثقفة للنصف الآخر منه.
على هذا الصعيد، تطرق التقرير إلى ارتفاع نسب العنوسة والطلاق المقلقة وتزايد أعداد الفقيرات المشردات، وأعداد النساء المعنفات، والأطفال السعوديين الذين يتعرضون إلى الإيذاء الجسدي أو النفسي، والذين حرمهم آباؤهم من الهوية فحرموا من التعليم والعلاج، والمناخ النفسي الاجتماعي والشعور بالمواطنة الحقيقية، ما دفعهم إلى انحرافات متعددة الإشكال.
ثمّن التقرير دور الملك عبدالله بن عبدالعزيز لإعطائه الضوء المفتوح للإعلام بشكل نسبي ومعقول، وهو ما كفل تناول ومناقشة جل الظواهر السلبية في المجتمع، لاسيما ما يتعلق بالمرأة والطفل، مشيراً في هذا الصدد إلى تحذير خادم الحرمين الشريفين في منتصف العام المنصرم «من المساس بحقوق وحريات الأفراد»، وتوجيهه «بضرورة الالتزام بما نصت عليه الأنظمة والتعليمات من كفالة حقوق الأفراد وحرياتهم الشخصية» وصدور موافقته السامية في الربع الثالث من العام نفسه بتخويل هيئة حقوق الإنسان بنشر الثقافة الحقوقية على أوسع نطاق.
كما نوه التقرير بإقرار مجلس الشورى لتوصية (لم تفعل حتى الآن) رفع سن الطفولة إلى سن 18 سنة بعد محاولات لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية وحقوق الإنسان في المجلس نفسه، بالإبقاء على علامات البلوغ البيلوجية. وكذلك بتصريح رئيس مجلس الشورى عبدالله بن محمد آل الشيخ في منتصف العام الماضي عن وضع «استراتيجية لإيجاد حلول عاجلة لقضايا الفقر والبطالة». وإعلان وزير العدل محمد بن عبدالكريم العيسى قراره بحلّ اللجنة العلمية لتدوين ونشر الأحكام القضائية وإعادة تشكيلها بما يضمن مزيداً من الإصلاح في القطاع القضائي.
وتحت عنوان العنف ضد المرأة والطفل تحديداً، تطرق التقرير إلى تعريف العنف كما ورد في المادة الأولى من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة العام 1993: بأنه " أيّ فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه أو يرجح أن يترتب عليه أذى أو معاناة المرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو النفسية أو الجنسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة " .
رصد التقرير الصادر عن جمعية حقوق المرأة في السعودية حالات ومظاهر العنف الأسري ضد الأطفال والنساء المتزوجات وفقاً لتقارير وإحصاءات رسمية وموثقة من قبل جهات رسمية وحقوقية والتي تضمنت قضايا تقدر بالآلاف لحالات إيذاء وعنف وتعذيب جسدي ونفسي وتحرش جنسي. على هذا الصعيد صدرت مسودة نظام مكافحة التحرش، ومازال لدى مجلس الشورى لدراسته، كما تدرس لجنة الإصلاح الإداري ومجلس الشورى توصيات، لإقرار مشروع للحد من إيذاء الأبناء، وإنشاء هيئة وطنية لحماية المرأة والطفل وقد تطرق وزير العدل محمد بن عبدالكريم العيسى، عن النية لإنشاء محاكم أحوال شخصية في ثماني مناطق، موضحاً توالي افتتاح هذه المحاكم في المناطق الأخرى لاحقاً، كما شرعت وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع عشر جهات حكومية في مختلف مناطق المملكة بافتتاح وحدات أطلق عليها «وحدات الحماية الاجتماعية» يكون من اختصاصها التدخل السريع في معالجة حالات العنف الأسري.
من جهتها، دعت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان إلى المبادرة إلى وضع حد لمعاناة المواطنات السعوديات المتزوجات من غير مواطنين. غير أن التقرير لاحظ «أن كل ما سبق يتلخص في مبادرات ودعوات ودراسات كلها تصب في صالح المرأة والطفل ولكنها لم تنفذ حتى الآن». وتحت عنوان الحراك الاجتماعي والحقوقي العام، تطرق التقرير إلى جوانب حقوقية واجتماعية (مطلبية) للمرأة بما في ذلك الحق بالعمل والتوظيف، مشيراً إلى حملات عدة للمرأة السعودية من بينها حملة لتأنيث البيع في محلات المستلزمات النسائية، والذي صدر بخصوصه قرار وزاري لم ينفذ، وقادتها ريم أسعد و«حملة الطلاق السعودي» التي قادتها هيفاء خالد لإلقاء الضوء على معاناة المرأة المطلقة والمعلقة، وحملة «لا لزواج الصغيرات» التي قادتها جمعية حقوق المرأة على مرحلتين متتاليتين، وكانت الأخيرة عبر «يوتيوب» حمل عنوان " أنا طفلة ولست امرأة" .
وحملة «لا لقهر النساء» التي قادتها الجمعية بطرح نماذج لقهر النساء واستخدمت من أجلها «الصوت والصورة» وحملة «خليها تعدي» التي قادها الدكتور جمال بنون واعتبرها رسالة لكل رجل يقف أمام طموح المرأة وحملة «أريد حقي» قادتها خلود الفهد من أجل استعادة الحقوق المسلوبة للمرأة وحملة سيدات الإعمال للمطالبة بإلغاء الكفيل قادتها عالية باناجه وعدد من النساء وحملة «السعوديات المتزوجات من أجانب» قادتها فوزية سعد وانضم للحملة أكثر من 660 ناشطاً وناشطة من الحقوقيين السعوديين وأبناء وبنات مواطنات غير سعوديين وشملت الحملة المطالبة بـ 17 حقاً وحملة «لا لإيذاء الأطفال» قادها الدكتور سعود كاتب ومجموعته لحماية الأطفال من العنف.
وحملة «عاملونا كنساء راشدات أو دعونا نغادر البلد»، ثم تلتها حملة «الأربطة السوداء» دعوة للجميع للبس رباط أسود في رسغ اليد من أجل مساندة قضايا المرأة السعودية قادتها وجيهة الحويدر.
ومن الجهة المعاكسة، قامت روضة اليوسف مع إحدى الأميرات بحملة مناهضة لحقوق المرأة تحت عنوان «ولي أمري أدرى بأمري»، لكنها وصلت لطريق مسدود لخلاف نشب بين أطرافها، ولاستنكار نسوي شعبي لها. من جهة أخرى، رصد التقرير مظاهر انتهاكات خطيرة لحقوق المرأة، رغم تصديق المملكة (2000) على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو) ومن بينها ربط حق المرأة في العلم والعمل والسفر والزواج، بل حتى إجراء عملية جراحية بقبول المحرم أو الولي، ومازال الولي أو أحد الأقارب قادراً على «تطليق» المرأة من زوجها الشرعي بحجة «عدم تكافؤ النسب»، حتى لو تمسكت هي به، على غرار طلاق «فاطمة ومنصور» الذي هدد حياتهما الأسرية وأطفالهما بأقسى أنواع المعاناة من اعتقال وتشريد وقهر على مدى سنوات، غير أنها شهدت نهاية مفرحة في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي بنقض المحكمة العليا لقرار التفريق. غير أن هناك حالات مماثلة، وهناك على الأقل 5 قضايا مازالت معلقة في المحاكم لم تحسم بعد، ما يدل على أن مثل هذه القضايا الخطيرة لم يتم وضع رادع قانوني شرعي لها حتى الآن. وذلك سوف يساعد على استشرائها في المجتمع .



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة