تداعيات في كتاب- الأداء البرلماني للمرأة العراقية - للدكتورة نهلة النداوي

عقيل هاشم
newten2050@yahoo.com

2010 / 3 / 12

فرغت لتوي من قراء ة الدراسة التقويمية التي قامت بها الباحثة العراقية في الشأن النسوي الدكتورة نهلة النداوي عن الأداء البرلماني للمرأة العراقية، ووجدتها تثير لدي بعض التعليقات والانطباعات ذات العلاقة بالموضوع التي قد لاتكون مباشرة مع تفاصيل الدراسة، ولكنها تتعلق بأداء البرلمان بشكل عام ، فسأوضح إلى الاشارة الى تلك الانطباعات على شكل ومضات . وقبل تثبيت هذه الومضات أود الاشارة الى ملاحظتين مهمتين: :
الاولى : كان على البرلمانيين منذ الجلسة الاولى تثبيت وعي اجتماعي متنور بدعوة النائبات للجلوس بالخطوط الامامية الاولى وهذا مالم يحصل مع الاسف.
الثانية : كان من الاصول انتخاب احدى السيدات كنائب لرئيس مجلس النواب وهذا ما اقترح ان يلتزم به البرلمان القادم .

وبعد فقد انقضت دورة برلمانية كاملة، جاءت فيها ولادة هذا المجلس بعد اقرار دستور دائمي، وهي من التغيرات التي حصلت بعد ٢٠٠٣، بعد اعادة تشكيل مؤسسات الدولة ومجالسها السياسية والدستورية، ومجلس النواب العراقي احد اعمدتها الاساسية. ان الدولة العراقية كانت ومازالت ضعيفه خلال هذه السنوات، وان التحسينات هي طفيفة ونسبية، والبرلمان هو جزء من هذه الدولة ولا يمكن القفز واعطاء تقييم فوق الواقع والمرحلة.

ان العمل البرلماني هو جزء من عمل مؤسسات الدولة الديمقراطية، ولايمكن تصور الديمقراطية بدون مؤسسات نيابية، يجري فيها انتخاب نواب من خلال التصويت السري المباشر للمواطنين ، وان هدف البرلمان هو تشريعي ـ رقابي، وعليه يجري تقييم الاداء البرلماني من خلال هذه الفقرتين، ماذا جرى تشريعه من قوانين، وكيف جرت عملية مراقبة مؤسسات الدولة التنفيذية، من خلال الاستماع المنتظم لتقارير يقدمها المسؤولون الئ البرلمان ولجانه الدائمة (بما فيه التعاون والتنسيق المشترك بين المؤسستين لوضع برامج وخطط مشتركة.. )

من هنا ياتي الاستنتاج الاول وهو ان هذا البرلمان كان عاجزا عن اصدار تشريعات جذرية اقتصادية ـ اجتماعية لصالح شريحة واسعة من المواطنين، وهذا هو المهم والاهم، ولا اريد ان ادخل بالاصطفاف الطبقي والاجتماعي للبرلمانيين واحزابهم، لكن مما لا شك فيه انهم كانوا عاجزين حتى من ان يكونوا اصلاحيين.

انتهت اربع سنوات وهم متخندقين كل داخل طائفته وقوميته، ولم يستطيعوا ان يشكلوا توافقات سياسية فيما بينهم وتشكيل اجنحة ( يمين ـ يسار ـ وسط).

كما اوضحت دراسة الدكتورة النداوي انه خلال هذه الدورة لم يصدر اي قانون لصالح المراة و الطفل والضمان الاجتماعي للعائلة، حيث انتهت المناقشات بعد القراءة الثانية اكثر ما يمكن ان يقدمه لنا هذا البرلمان.

البرلمان هو مسرح الحياة السياسية، حيث المكان الوحيد الذي يستطيع فيه السياسيون ان يبرعوا بالتمثيل امام بعضهم البعض وامام المشاهدين علئ الشاشة الصغيرة . فما يحتاج اليه المسرح هو النص والممثل. النص جاهز دائما، انتقاد مؤسسات الدولة التنفيذية، اين وكيف تجد عيوبها، وما اسهل ذلك في هذا البلد العجيب، و من ثم يطلب المحاسبة للمقصرين .

الاستنتاج هنا بان افضل مخرج وممثل كان رئيس مجلس النواب السابق الاستاذ محمود المشهداني، وهذا ما اعتقد بان الكثيرين يتفقون معي. وهنا لابد من الاشارة الى شجاعة النائبات بالذات اللواتي طالبن واصررن على تنحية رئيس مجلس النواب ، وهذا ما تحقق فيما بعد باعتباره متقاعدا وبراتب خيالي.

ان المغازلة بين الجهازين التشريعي والتنفيذي ادى الى اصدار مجموعة من القوانين لدعم دخل النائب ، وكذلك لفئة من المواظفين وذوي الدرجات الخاصة، دون المساس بذوي الدخل المحدودة.

ان محاسبة وزير التجارة هي حالة فردية وشجاعة من احد النواب وليس نمط منهجي لعمل البرلمان، وهذا ما يؤسف له، حيث لو كان هناك برامج للجان الدائمة بمتابعة الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة والاختصاص، لشاهدنا عملية سليمة لبناء دولة ديمقراطية تعرف فيها كل دائرة واجباتها ومسؤولياتها امام اجهزة الرقابة ولا تشعر بالضيق من استدعائها للبرلمان وتقديم التقارير امامها والدفاع عن برامجها، وكيف واين ذهب المال العام .

واخيرا فيما يخص كتاب الدكتورة النداوي، فلا بد من الاشارة الى ان فكرة الدراسة وتوقيتها مهمة ، وان اتباعها المنهج العلمي الاحصائي النوعي والكمي لمستوى الاداء وحجم الانجازات سوف يكون باب لمراقبة كل مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية في المستقبل.

هذه دعوة للبرلمانيات والبرلمانيين لتزويدنا بخبراتهم التي امتلكوها من خلال هذه الدورة، حتئ ولو عبر تقييم او الرد على كتاب الدكتورة نهلة النداوي.، ولدي بعض المداخلات السريعة والبسيطة للزميلة الناشطة في المجال النسوي التي نتمنى لها الموفقية في استمرارية النشاطات البحثية من هذا النوع.

- ان استجابة ٤١ من ٧٣ من النائبات لملء الاستمارات اجده قليلا، هذا اذا نضيف ان الوصول للنواب هو مشقة صعبة، وان النواب اكثرهم مع كل اسف لا يتعاملون مع البريد الالكتروني، لكي يتسنى مراسلتهم من قبل الباحثين وطلاب العلم من الدارسين.

- هل لدئ النائبات والنواب مكاتب ومقرات في محافظاتهم لاستقبال المواطنين لعرض مشاكلهم ومطالبهم علئ النواب الذين انتخبوهم؟ لا اظن ذلك ولو سالناهم لعزوه للاسباب الامنية.

- من الامثلة التي قدمها الكتاب وخاصة مشروع قانون مجالس المحافظات، نلاحظ ان البرلمان العراقي اعطى حقا للمفوضية العامة للانتخابات ان تاخذ بما تراه لاجراء اللازم، وهو بذلك قدم تنازلا عن حقه التشريعي واعطاه لجهة ليس من حقها سوى التنظيم والمراقبة.

- من ابرز امور هذه الدورة هي المساهمة الاعلامية الجيدة للنائبات وهن كما عبر الكتاب حاولن استخدام اي فرصه للتعبير عن ارائهن في القضايا الاساسية (السياسية والامنية و الاجتماعية) امام الراي العام طالما لم يسمح لهن المجال في البرلمان.

- كنت اود ان تذكر الدراسة من باب التوصيات
- بما ان البرلمان يصوت يدويا وان الكتل والاحزاب تراقب اعضاءها عند عملية التصويت، فيا حبذا لو يقدم لنا البرلمان جدولا بعملية التصويت لصالح او ضد هذا القانون، واذا غير ممكن بالاسماء فبالاقل ككتل واحزاب.
- - ان يكون هناك سيفي (سيرة كاملة عن النائب/ة)، موجودة في موقع البرلمان العراقي، ليتسنئ للمتابعين التعرف عليهم بشكل افضل ..
كتاب " الأداء البرلماني للمرأة العراقية " هو الأول من نوعه في مجال المرأة وأدائها البرلماني .. يتألف الكتاب من 160 صفحة وبطبعة انيقة جداً وقد صمم الغلاف فلاح الخطاط .


9 أذار 2010



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة