المرأة بين الصورة والعصا

أحمد حافظ
aohafiz@yahoo.com

2004 / 7 / 19

المرأة والرجل, البعض يرى في علاقتهما علاقة السيد والعبد, التابع والمتبوع, وقلة من البشر ترى في علاقة الرجل والمرأة علاقة تكافؤ وتعاون وحب, لا حاجة فيها لسيطرت طرف على الآخر. ولا تقتصر تلك الرؤية على الشرق النائم في عسل القرون الوسطى , بل يرى البعض أن صراع "المرأة والرجل" موجود في الغرب وإن تغيرت الأساليب الدفاعية للمرأة والهجومية للرجل. دعونا نتناول "أدوات" سيطرت الرجل على المرأة في الشرق, ومن ثم نتناول أدوات الرجل الغربي للسيطرة على المرأة, أو بتعبير آخر لنكتشف وضع المرأة بين الصورة والعصا.



لم يجد الرجل الشرقي حرجا في أن يوظف أنقى الأحاسيس الإنسانية على الإطلاق "الدين" في خدمة أهدافه الأزلية في السيطرة على المرأة, فالرجل وبصفته "المحلل" الوحيد للنص الديني, قام وفصّل الشرع على هواه ليعطي نفسه حق الأهلية على المرأة المسكينة. بل ذهب إلى أبعد من ذلك و أعلنها بصراحة, فقال بأن "العصا لمن عصا", وأعلن قوانين الطوارئ في حال "نشوز" المرأة, التي تعاقب بالضرب والحرمان وبيوت الطاعة, حتى "يهديها" الله وتعود لرشدها. وكم تغنى الرجل العربي "برجولة" السلاطين الذين تمكنوا من حبس النساء في "الحريم". ذلك الحبس الذي تلغى فيه شخصية المرأة وتتحول إلى "لعبة" يستمتع بها صاحب المال كما يحب. بينما يتمتع الرجل المسكين من عامة الشعب "بالزوجة" التي لا تختلف كثيرا عن الجارية, فهي تعمل بلا أجر, تضرب, وتغصب على ممارسة الجنس لتدرأ عنها غضب الله!



وبعد أن تخلصت المرأة من العبودية بشكلها الصريح (كجارية وليس كزوجة), بعد فرض حقوق الإنسان على الجميع واعتبار التجارة بالإنسان جريمة يعاقب عليها القانون, فكر الرجل الشرقي بتطوير أساليبه قبل أن تفلت "الزوجة" أيضا من قبضته. فرأى الرجل في المشرق أن الطريقة الوحيدة للسيطرة الأبدية على المرأة "الجديدة" هي في حرمانها من المقوم الأساسي لاستقلال أي فرد, فقد حرمها من الاستقلال الاقتصادي, وجعلها "معوقة" غير قادرة عن العمل أو السفر أو السعي في طلب الرزق بشرف دون ختمه وتوقيعه وحضوره!



لقد نجح الرجل الشرقي بالمهمة ولكن ماذا عن نظيره الغربي الذي يصارع المرأة هو الآخر؟ هل يملك الرجل الغربي ما يدافع به عن نفسه ضد "جبروت" المرأة؟



في الحقيقة لست ممن يشك في أن المرأة الغربية تعيش حياة كريمة رغم كل السلبيات التي تعاني منها. فمها حرص المتأسلمون على تعديد المشاكل والحفر عن كل ما يجدون من سلبيات في المجتمعات الغربية لإقناع شبابنا بأننا الأفضل على سطح الكرة الأرضية, تظل الحقيقة واضحة وجلية للعين. فالغرب وإن أوجد وظيفة "الدعارة" وقننها يظل أحسن ممن حرم المرأة من العمل بدعوى الحفاظ على التقاليد, فجعل باب الدعارة للمرأة إجباريا وليس خيارا! والمجتمعات الغربية وإن عانت من العنف بين الأطفال, فهي لا تلقي اللوم على المرأة لأنها خرجت للعمل, بل تبحث تلك المجتمعات وتتمعن في كل المعطيات والمتغيرات, لتخرج بالأسباب الحقيقة للمشكلة, فهم أناس يرون العالم بأعينهم (أي كما هو) وليس بعقولهم (كما يريدونه أن يكون).



ولكن هل تمكن الرجل في الغرب من إعطاء المرأة كل حقوقها فعلا؟ بمعنى هل تنازل الرجل عن انتصاراته "العضلية" ووضع كل رغباته جانبا وتقبل المرأة على ما هي عليه فعلا؟ الإجابة هي "لا" فحتى الرجل الغربي لم يتخلص من داء "الفحولة" وإن كانت أعراض المرض لديه هي الأخف إذا ما قارنا بينه وبين نظيرة الشرقي. فالرجل الغربي وإن ترك العصا جانبا, اخترع ما هو أدهى للتحكم بالمرأة ولتحديد مسار حياتها دون علمها,فلقد اخترع "الصورة"! نعم فالصورة التي تراها المرأة الغربية كل يوم تحدد لها دون أن تدري ما هو متوقع منها. تلك الصورة في الأفلام والدعاية على الجدران والمدرسة. فصورة الممثلة وعارضة الأزياء "النحيفة" تحدد لها وزنها المناسب, وملابسها المناسبة. بل تتحكم الصورة فيما هو أبعد من ذلك, فهي تحدد للمرأة سن الزواج المناسب ومتى يحب أن تعود المرأة للمنزل لتربية الأولاد وتترك العمل الذي كان حلم حياتها في شبابها.



إذن يبقى السؤال قائما, هل فعلا تحررت المرأة على سطح هذه الأرض؟ أرى بأن حال المرأة هو حال الإنسانية والفكر الإنساني, فالإنسانية والحس الإنساني ليس "كاملا" بعد ولكنه تطور إذا ما قارناه بما كان عليه أيام استعباد البشر وقبل أن يكون هناك مبدأ لحقوق الإنسان, فنحن كجنس بشري تمكنا من قطع مسافة لا بأس بها لتحقيق "حلم" المسواة والحرية للجميع ولكن ما زال أمامنا الكثير. فدعونا نعمل لتحقيق هذا الحلم, ولنبدأ بالكف عن الجدال في تحديد معنى المسواة بين الرجل والمرأة, ولنقول بأن المسواة تعني "تكافؤ" الفرص بين الجنسين لكي لا ندخل في متاهات الفحول ورفضهم لاختلاف المرأة الجسدي, ولنتخلص من تلك المرأة "الأسيرة" لرؤية الرجل لها والتي لا تكف عن اتهام نفسها بالنقص لكي ترضي غروره. دعونا نحرر المرأة من قفص الصورة والعصا!؟



أحمد حافظ

مجموعة الدفاع عن حقوق المرأة السعودية

http://groups.yahoo.com/group/thewomanright



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة