ماراثون - القطيف - .. وحراس - الفضيلة -

نجيب الخنيزي
na_alkhonaizi@yahoo.com

2010 / 3 / 25



المهرجان الثاني للبيئة «قطيفنا خضراء» الذي نظمته وأشرفت عليه «جمعية العطاء النسائية الخيرية» بمحافظة القطيف في 4 مارس/آذار من الشهر الجاري كان مختلفاً (مقارنة بالعام الماضي) من حيث حجم ونوعية المشاركة من قبل الأجهزة والمؤسسات الحكومية والأهلية والخاصة، وكذلك في تأثيره ووقعه وصداه الإيجابي حيث حظي بتغطية صحافية وإعلامية جيدة. وقد كان للمهرجان تداعياته المتباينة بين الأوساط الاجتماعية والثقافية المختلفة، والتي لم تخلُ من سجال ومواقف حادة من قبل فئة رافضة بعنف لفكرة المهرجان من حيث الأساس، أو لبعض مظاهره وأنشطته (المختلطة) المصاحبة.
شملت فعاليات المهرجان إلى جانب ماراثون المشي الجماعي المختلط للعائلات التي شارك فيها 500 فرد، عرض أفلام ورسوم تشكيلية وتقديم محاضرات علمية، وحظي الطفل باهتمام خاص من خلال برنامج مكثف. وقد قدر عدد زوار يوم المهرجان بنحو 8 آلاف زائر من الجنسين، من كل الأعمار والتوجهات والمنحدرات الاجتماعية والثقافية والفكرية المختلفة الذين وحدهم المهرجان وفكرته الوطنية/ الحضارية الرفيعة، والذي كان بحق بمثابة عرس وكرنفال جماعي ينبض بالحياة والأمل والتطلع إلى مستقبل بيئي أفضل.
النجاح اللافت للمهرجان يعود بالدرجة الأولى إلى العمل والجهد الجماعي المشترك لمجلس إدارة وعضوات الجمعية النسائية الفتية ومؤازريها من المتطوعين والمتطوعات. أولئك النسوة القياديات في جمعية العطاء النسائية في القطيف اللواتي لهن مكانتهن المعتبرة وتجربتهم الغنية والثرية والطويلة (غالبيتهن في العقدين الرابع والخامس من العمر) وما يتمتعن به من وعي وعلم ودراية، ومن تفانٍ وعمل دؤوب ومن دون منّة لمصلحة وتقدم مجتمعهن. غير أن كل ذلك لم يشفع لهن أو يحميهن، على غرار كل من شارك في المارثون المختلط وخصوصاً النساء والشابات، من التهجم المباشر، واستخدام العبارات المبتذلة والسوقية بحقهن، والمغلفة زوراً وبهتاناً بعبارات وجمل دينية مخادعة ومضللة مفادها الدفاع عن «صحيح» الدين و«سلامة» المذهب، وصون «العفة» و«الولاية» و«الزي الزينبي» وغيرها من العبارات الطنانة والمخاتلة في محاولة بائسة ويائسة لتوظيف المذهب والرموز والمخيال الشعبي في الثقافة الدينية الشعبية، من قبل بعض المتشددين والمتزمتين (طالبان الشيعة) الساعين إلى ديمومة هيمنتهم الذكورية وتكريس وفرض ممارسات وتصورات شوهاء تحول المرأة إلى مسخ ذليل وتابع، ومحاولة البعض فرض أنفسهم سدنة وأوصياء على الناس وأفكارهم وممارساتهم الحياتية والمدنية، وفقاً لمستوى تفكيرهم ومقاييسهم الرجعية والمتحجرة ستفشل، ولن يكتب لها النجاح مطلقاً وفقاً لمعطيات تطور الحياة والواقع والعصر.
من حق أي فرد (أو جماعة) أن يفكر ويمارس ما يقتنع به مادام لا يتعدى على حقوق الغير، ومن حقه أيضاً أن ينتقد أو يرفض أي فكرة أو ممارسة يراها سلبية ومضرة من وجهة نظره، سواء من منطلقاته وتصوراته الدينية والمذهبية أو الاجتماعية، الفكرية، والثقافية. لكن ينبغي في الوقت نفسه مراعاة واحترام الخيارات والقناعات والممارسات الخاصة بالآخر. ما هو مرفوض ومدان أن ينبري البعض لتنصيب نفسه حارساً للفضيلة والعفة ويستخدم عبارات وتوصيفات أقل ما يمكن أن تقال بأنها تدخل في باب جناية القذف والتشهير بالاسم بحق سيدات وشابات محترمات وفاضلات، اللواتي في استطاعتهن شرعاً وقانوناً رفع دعوى قذف وتشهير بحق من يجاهر باسمه (بخلاف المتسترين وراء أسماء مستعارة) مطلقاً مثل تلك الألفاظ والتوصيفات النابية، والتي لا تختلف في المدلول والمعنى عن ما يتعرض له الشيعة أنفسهم من تفسيق وتبديع وتكفير من قبل السلفيين المتزمتين والتكفيريين.
التجربة والواقع يظهران بأن قوى التشدد والجمود والتزمت والتطرف والتكفير هم أمة واحدة في كل مكان بغض النظر عن التباينات الدينية والمذهبية أو الاختلافات الفكرية والثقافية أو النزاعات والصراعات والتناقضات الفئوية في ما بينهم.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة