الطلاق ونظرة المجتمع للمطلقة!

بشرى العزاوي
rose_aliraqi@yahoo.com

2010 / 5 / 12

" لا يخفى على المتتبع للشأن العراقي أن المشاكل الاجتماعية في تزايد مستمر, ومن ضمنها مشكلة الطلاق , حيث نرى في الآونة الأخيرة ازدياد حالات الطلاق بشكل ملحوظ عما سبق في السنوات الماضية , فقد زادت مثل هكذا حالات إلى الضعفين منذ بدء عام 2003 ولحد يومنا هذا, فقد أشارت الإحصائيات التي صدرت عن محكمة الكرخ وهي اكبر محاكم العراق إلى ازدياد حالات الطلاق في عام 2009 بنسبة 30%عن السنوات التي سبقتها."
أما تصريحات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية فقط أشارت إلى أن عدد حالات الطلاق تتراوح مابين (60-70) في المائة من الزيجات في ثلاث سنوات الأخيرة كحصيلة تقريبية.
أن العدد الحقيقي قد يكون اكبر من العدد الرسمي الذي تقدمه الجهة المسؤولة ,وخاصة ان عدد من الذين يطلبون الطلاق يكتفون فقط بالطلاق الشرعي ولا يذهبون للمحاكم المدنية لتسجيلها.
وعن هذه أسباب كثرة الطلاق ,قال المحامي مهدي غالي العيساوي "أن الأسباب كثيرة منها,الظروف الأمنية التي لها التأثير الأكبر على حالات الطلاق في الآونة الأخيرة , فقد دفع الشباب المتزوجين والذين يسكنون بدار مستقلة بالعودة إلى دار العائلة الكبير,خوفاً على عوائلهم عند خروجهم إلى العمل ,وبالتالي أدى ذلك إلى عودة الخلافات بين (العمة والكنة) ,وأضاف أن عملية التهجير القسري أضعفت الروابط الأسرية وخاصة في العوائل ذات الترابط الأسري الضعيف ,والذي ينجم عنه الضغط على العلاقة الزوجية, وبالتالي اللجوء إلى الطلاق , وأشار أيضا أن العاصفة الطائفية التي عصفت بالعراق كان لها التأثير على تفكك الزوجين .
ومن جانبها اشارت هبة حسين اختصاص علم الاجتماع ,إلى جملة أسباب أبرزها,الجانب الاقتصادي الذي دفع بالعديد من النساء إلى ترك بيت الزوجية ,وطلب الانفصال بعد أن عجز الزوج عن تلبية احتياجات عائلتهِ الاقتصادية. ومع تزايد إعداد العاطلين عن العمل ,والذي وصل هو الأخر إلى أرقام خيالية ,فان ذلك لابد أن يترتب عليه مشكلات اجتماعية واقتصادية تنعكس بشكل مباشر على الأسرة مما يجرفها نحو الانزلاق في دائرة المشكلات التي يصعب الخروج منها.
ان كل ماذُكر عن أسباب كثرة الطلاق تضافرت مع أسباب أخرى كثيرة أدت إلى ازدياد هذه الحالة.
و كان لي لقاء مع أم احمد ,والتي حصلت على الطلاق قبل فترة ,حيث قالت عن سبب طلاقها , ان عائلتي أجبرتني على الزواج برجل يكبرني بعشرين عاماً,وأرغُمت على العيش معه ,حيث كان سيء الطباع , ولا ينسجم معي , وكان يعاملني وكأني قطعة أثاث بمنزله ,وكان مدمناً على الكحول لدرجة فقدان عقله ,فيبدأ بضربي , وكان يسمعني من الإهانات بحقي وبحق عائلتي , وكنت ألزم الصمت دائما ,وأجالس دموعي وأتألم من وجع جسدي , ومامن مغيث ,كل هذا تحملته لأجل أولادي الأربع , لكن بمرور الأيام طالت يداه عليهم وذقت ذرعاً ولم أتحمل ان يطول الظلم لي ولأولادي , لذا تركت البيت وطلبت الطلاق ونلته بعد معاناة كثيرة.
لذا إننا نضيف الزواج القسري إلى جملة الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق.
وتؤكد لنا باحثة اجتماعية من محكمة الكرخ إن معظم دعاوي الطلاق تكون بين شباب وشابات صغار بالعمر ,أرغموا على الزواج من قبل الأهل قبل ان ينضجوا لتحمل مسؤوليات الحياة الزوجية.
وتعليقا على إحدى الحالات قالت الباحثة " للغيرة تأثير مهم في العلاقة الزوجية ,فعلاقات الزوج مع أخريات ,والاتصال معهن هاتفيا تثير غيرة الزوجة,وتؤدي الى نشوء خلافات بينهم, وبالتالي تنتهي العلاقة الزوجية بالطلاق.
أما أم سرى فتقول إنني أرى الظلم بعينيّ,وأتجرع المر كل يوم ,وارى نجوم الظهر بمعاملتهِ ,لكنني لااستطيع طلب الطلاق وفضلت الموت وأنا أتنفس الحياة ,والسبب يعود إلى نظرة المجتمع للمطلقة التي تعد قاسية جداً ,وفيها من العتاب واللوم , وقلة احترامها مما يجعلها أكثر عرضة للذئاب البشرية من ضعاف النفوس.
وبما إن المطلقات أصبحن يمثلن شريحة كبيرة من المجتمع , وأننا للأسف نلاحظ نظرة المجتمع لهن,ونظرة دونية وكأنها ليست جديرة بالاحترام , ومنهم من ينظر إليها نظرة شفقة وحسرة , والمطلقة تؤلمها هذه النظرة.

هل تتزوج من امرأة مطلقة؟
هذا سؤال كان موجه لمحمد سالم وهو شاب مثقف حيث أجاب "بصراحة لا يمكنني الارتباط بالمطلقة ,والسبب أخشى أن تنعكس تجربتها الأولى معي ,ولا أستطيع ان اخرج عن التقاليد التي توارثتها ,وأنا أعيش وسط هذا المجتمع القاسي المنغلق بعادات سيئة وأفكار خاطئة ,وان أهلي وعشيرتي يرفضون زواجي من مطلقة!!!
وقال شاب آخر لم يرغب بالصفح عن اسمه "أن المطلقة قد تكون فعلا مظلومة ,ولا يمكننا الحكم عليها بالإعدام ,وان طلب الطلاق ليس بهين على المرأة لولا قد تكون هناك أسباب قوية دفعتها إلى ذلك,و باعتبارها إنسانة رقيقة المشاعر لايمكنها تحمل العذاب من زوجها وهو يعاملها بالضرب او الإهانة بدون سبب ,لذا إنني لا أرى عيب بالزواج من مطلقة ,واعتبر ستر امرأة والحفاظ عليها من الانحراف بهذا الزمن القاسي رجولة مطلقة.
أن المجتمع ظلمنا ونحن أبرياء ؟
هذا ما نطقت به مطلقة وأم لثلاث أطفال ,اذ تقول نحن ضحية مجتمع وتقاليد قاسية ورثناها منذ ُ الأزل ,وان كان الرجل هو المخطئ في حقنا وحق أطفالنا فلماذا نُظلم هكذا؟وهل من العدل البقاء في سجن الزوجية وتحمُل الظلم القاسي ,وكبرياء الزوج على ان نكسب حريتنا بالطلاق ؟
ومن جانبه قال الكاتب والمحامي حكمة الدراجي "ان الطلاق إنهاء العلاقة الزوجية بفعل الإرادة المنفردة للزوج او بالتراضي . وهو ما يسمى عادتا بالخلع ,وعن طريق المحكمة وهو ما يعرف بالتفريق القضائي القضائي ولعله الأسلوب الأمثل في التشريعات السماوية والأرضية ,عندما لا يكون ممكنا استمرار الحياة الزوجية وبما ان التشريع ذو طبيعة شرعية وقانونية يكون اللجوء إليه وممارسته من الحقوق الشخصية التي يمارسها الرجال على حد سواء ,وبهذا الوصف ليست المرأة ولا الرجل قد خرجا عن نطاق حقوقهم الشرعية والقانونية ,وبالتالي لا ينظر الى المرأة نظرة تأديبية, وكأنها قد وقعت في الخطأ ,ومثلما جاز الشرع للزوج حق إيقاع طلاقها بقرار قضائي, لذا نلاحظ ان العملية متوازنة بقي كيف ينظر المجتمع إلى المرأة المطلقة على ضوء التشريعات الحديثة وانتشار الوعي الاجتماعي وأوضح أيضا ليس هناك عيباً ان تكون المرأة مطلقة لكثرة مشاكل الحياة المتعددة ,ولعل موضوع إنهاء العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة هي إحدى المشكلات ,التي تنجم من أسباب عديدة وبمقدار تطور الوعي الاجتماعي والثقافي تذوب النظرة الدونية للمرأة المطلقة وبالتالي لا تكون المرأة ضعيفة .
هل هناك حلول للتقليل من حالات الطلاق؟
هذا سؤال كان موجه الى باحثة اجتماعية لم ترغب بذكر اسمها "أكدت إنهم يبذلون قصارى جهدهم لإعادة الحياة للزوجين واستمرارها,وقد أفلحنا بحل الكثير من تلك الخصومات ,وهذا ما اعتمدته محاكم العراق لمعاجة هذه المشكلة والتقليل منها قبل دخولها السجل الأساسي وحتى بيوم المرافعة .
ما على الحكومة فعله؟
أكد المحامي علي نعيمة الشمري رئيس اتحاد الحقوقيين العراقيين "ان الحكومة باستطاعتها فعل الكثير لمساعدة هذه الشريحة من المجتمع ,أسوة بالدول المتقدمة والديمقراطية .
وان المطلقات بأمس الحاجة الى العون ,باعتبارهن فقدن معيلهن ,فان المطلقة تعاني من الحرمان ,وعدم قدرتها على إعالة نفسها او أطفالها ,إذا لم يكن لديها عمل ما تكسب من ورائه لقمة العيش ,وان عدم الأخذ بيدها سيعرضها لرغبات الارهابين الذين يستغلون المحتاجين واليائسين وستكون قنبلة موقوتة بيد الإرهاب. وأكد الشمري على ضرورة العمل بنظام الحماية الاجتماعية,والقضاء على حاجتهن ,ويجب احتضانهن من قبل المنظمات الإنسانية ,ومنظمات المجتمع المدني ,وفتح دورات تساعدهن على كسب مهنة معينة, كدورات الخياطة والحاسبات وغير ذلك ما يتناسب مع قدرات المرأة ولا يمكن تفعيل ذلك الا من خلال القنوات الإعلامية ودور المنظمات النسوية كالاتحادات وماشابه ذلك.





https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة