انتحار المرأة الكردية حرقا بالنار

بيان صالح
bgubrail@yahoo.dk

2010 / 9 / 20

الانتحار حرقا أصبح احد خيارات المرة للمرأة في كردستان العراق في ظل سيادة المجتمع الذكوري الذي تمارس فيه جميع أنواع العنف الأسري و النفسي و الجنسي و شتى أنواع الضغوطات التي تقيد حرية المرأة وتهان كرامتها وتقلل من قيمتها و إنسانيتها في كل لحظة.

ترجيح الموت – الانتحار - على الحياة البائسة يكون خيار الأخير للمرأة في مجتمع تهيمن فيه العادات و التقاليد البالية والقيم العشائرية و الشريعة الإسلامية على العلاقات الشخصية بين البشر بدلاً من الدستور المدني و القوانين المدنية ,. و اغلب الظن ان يكون هذا - الانتحار- هو غطاءً لفعل إجرامي يرتكبه الزوج أو الأخ أو الأب لغسل ما يسمى بعار العائلة تحت ستار ذلك.

عند الدخول إلى المدن الكبيرة في إقليم كردستان العراق يلاحظ الزائر تطوراً كبيراً في العمران و الأبنية الجديدة والأسواق التجارية الحديثة التي أحيانا تنافس أسواق دول الخليج و دول أوروبية, و كذلك تعبيد الطرق وإقامة الجسور الحديثة و العدد الكبير من الصحف والمجلات و الفضائيات باستوديوهاتها البارعة من ناحية المظاهر. عندها يظن بأن البلد في حالة تقدم و ازدهار حضاري كبير.
يحس الإنسان بالاعتزاز حين يعتقد بوجود ازدهار للديمقراطية والتمدن والأمان, إضافة إلى وجود تمثيل نسائي (الكوتا ) بنسبة 30 % في برلمان إقليم كردستان العراق ووزيرات في الحكومة. ولكن هذه اللوحة المغرية لا تعكس حقيقة أوضاع المرأة الكردية التي يرثى لها والتي تعاني من أعمال العنف المتفاقمة ضدها وبشكل يدعو إلى الخوف الشديد. فالمعلومات المتوفرة تشير إلى ارتفاع معدلات الانتحار بين النساء وتفشي ظاهرة العنف المستمر ضدهن غسلا للعار و تحت ذريعة خرق العادات و التقاليد الاجتماعية, و هو إجرام وتجاوز فظ على حقوق المرأة وعلى كرامتها وإنسانيتها.

أرقام مخيفة
حسب الإحصائيات الحكومية – اقليم كردستان- وصل عدد حالات قتل وانتحار النساء إلى 12500 حالة في ثلاث محافظات من الإقليم (اربيل, السلمانية ودهوك) في الفترة بين 1991 - 2007
هذا الرقم يشير فقط إلى الحالات المسجلة, في حين أن هناك الكثير من الحالات غير المسجلة التي تختبئ تحت وطأة قوة وجبروت الأحزاب والعشائر أو بسبب قلة وجود اللجان المختصة لتقصي حالات العنف و القتل داخل إقليم كردستان العراق .

إحصائية سنة 2009
حسب أخر الإحصائيات الرسمية في كردستان العراق ( للحالات المسجلة فقط) وصل عدد النساء اللواتي تعرضن إلى العنف 2658 امرأة في سنة 2009, منهن 414 امرأة انتحرن حرقا أو تم حرقهن !, وحسب هذه الإحصائية فأن 70% من النساء المنتحرات كانت أعمارهن تتراوح بين 14-30 سنة.
وكان التوزيع على المحافظات الثلاث كالآتي:
151 حالة حرق في اربيل, 188 حالة حرق في السليمانية, 75 حالة حرق في دهوك.
اكتفي بأرقام سنة 2009 فقط وذلك لأبين مع كل ادعاءات حكومة إقليم كردستان باتخاذ إجراءات للحد من ظاهرة العنف ضد المرأة , سؤال ملح يطرح نفسه يا ترى لماذا تعجز حكومة إقليم كردستان في السيطرة على هذه الظاهرة البشعة الغير الحضارية و لم تستطيع أن تحد من ظاهرة انتحار النساء إلى ألان. واعتقد إن الجواب هو لان القضية برأي لم تأخذ الأهمية الجادة واللازمة في أجندة حكومة إقليم كردستان إلى ألان وذلك لتخلف ورجولية الأحزاب و السلطات الحاكمة.



لماذا تنتحرر المرأة في إقليم كردستان؟

تلجا المرأة الكردية في كردستان العراق إلى الانتحار لاسباب كثيرة نورد فيما يلي البعض الأكثر أهمية منها:

1. بدافع اليأس من محيطها الأسري و الاجتماعي الذي يضطهدها ويمارس ضدها شتى أنواع العنف النفسي و الجسدي و اللفظي, وكذلك بسبب رضوخ المرأة لجميع الضغوطات الاجتماعية و الاقتصادية والسياسية والقانونية والثقافية .... الخ.
2. سلب حرية المرأة الفردية داخل الأسرة بشكل خاص و داخل المجتمع بشكل عام.
3. غياب الحماية القانونية أللأزمة من قبل السلطات و المؤسسات الحكومية.
4. سيادة العادات والتقاليد البالية الذكورية الرجعية والتقاليد العشائرية.
5. عدم وجود أماكن و مؤسسات أمنة ومراكز متخصصة ضرورية لحماية النساء المعنفات.
6. عدم تبني حملة تنوير وتوعية مكثفة لإنهاض وعي المرأة العام وتثقيف الجنسين على حد سواء.
7. تبعية المرأة اقتصاديا للرجل في الأسرة.
8. تصاعد دور الشريعة الإسلامية قانونيا وعرفيا في تنظيم حياة الإفراد داخل المجتمع الكردي بدلاً من القوانين المدنية الحديثة.
9. قوة وجبروت السلطة العشائرية وتدخلها في حل الخلافات العائلية.
10. عدم وجود بيوت مأوى أمنة تلجا إليها المرأة في حال تعرضها إلى العنف.
11. عدم وجود الإرشاد الاجتماعي و الثقافي اللازمين لدعم المرأة.
12. عدم وجود خطوط ساخنة حيوية داخل إقليم كردستان للمساعدة الفورية للمرأة المعنفة.
13. قلة أو انعدام وجود الخبرة اللازمة حول كيفية التعامل مع تأهيل المرأة المعنفة لضمان العودة و الاندماج في المجتمع.
14. تشتت عمل المنظمات النسوية والحقوقية للدفاع عن المرأة المعنفة, وعدم استقلالية كثير من المنظمات عن الأحزاب السياسية.
15. رفض العنف ضد المرأة داخل نخبة صغيرة من المثقفين و الناشطات والناشطين في حقوق المرأة وعدد قليل من النشطاء السياسيين في المجتمع فقط وعدم انتشار مفهوم مناهضة العنف على صعيد المجتمع.


من هو المسؤول عن انتحار المرأة؟

تقع المسؤولية الأولى على حكومة إقليم كردستان في انتشار ظاهرة الانتحار و تصاعد العنف ضدها, وعليها أن تتبنى القضية بشكل أكثر جدية و مسؤولية و تدعم جميع الهيئات المختصة للحد من هذه الظاهرة, لابد من إجراء تحقيقات صارمة مع ذوى الانتحار, مراقبة المستشفيات وتوفير سجلات دقيقة لحالات الانتحار و البحث عن السبب والدور السلبي لرجال الشرطة وعدم اعتبار قضايا الانتحار شؤون أسرية خاصة, التصدي لتصاعد دور الحركات السياسية الدينية في بث روح الحقد و الكراهية ضد المرأة وغسل عقول الشباب بالجهاد و اليوم الآخرة.تقع المسؤولية ذلك على أسرة و عائلات المنتحرات ولهذا يجب التحقيق مع الأسرة.

المسؤولية تقع أيضا على رجال الدين وذلك من خلال دعايتهم الدينية الذكورية التي تؤدي بشكل عام إلى تصعيد العنف ضد المرأة و الإشارة إلى الدور السلبي للمرأة في المجتمع ويطالبون بعدم خروج المرأة للعمل و المدرسة, تقيد حرية اللبس ,عدم اختلاط الجنسين في المدارس .... الخ .

تقع المسؤولية أيضا على رجال القبائل و العشائر ودورهم في نشر العادات و التقاليد البالية الرجعية و الذكورية المتناقضة مع روح العصر و الحضارة .


ما العمل للحد من ظاهرة انتحار المرأة في كردستان العراق؟

لابد من التدخل المباشر و الكلي للمؤسسات الحكومية باتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من ظاهرة انتشار ظاهرة انتحار المرأة من خلال:

1. توفير ميزانية مالية جيدة لتبني قضية مكافحة قضية العنف ضد المرأة في المجتمع.
2. حملة حكومية لتوعية مكثفة وتوضيح خطورة العنف ضد المرآة و أثارها السلبية على الأجيال القادمة و على المجتمع.
3. بث برامج توعية مستمرة في وسائل الإعلام الورقي و الفضائي والكتروني.
4. بناء أمكان و مراكز عديدة لحماية المرأة المعنفة, مثلا توجد في الدنمرك, كدولة غربية متقدمة والتي حصلت فيها المرأة على مكتسبات كثيرة, ما يقارب 45 بيتاً لمأوى النساء المعنفات ولكن حسب علمي توجد فقط 3 بيوت مأوى ناقصة التجهيز و الأهلية في جميع أنحاء إقليم كردستان العراق.
5. نشر التوعية القانونية المكثفة.
6. فتح دورات تدريبية لرفع الوعي الصحي و النفسي للمرأة والتطوير الذاتي لها, وذلك لتغيير نظرة المرأة لنفسها كإنسانة تحترم ذاتها.
7. مراقبة المستشفيات ودور الصحة لتسجيل حالات الانتحار و أسباب الانتحار وعمل ملفات لمتابعة القضية.
8. دعم لجان مختصة ببحث ظاهرة الانتحار, وإعداد إحصائيات دقيقة.حول ذلك
9. بناء خطوط ساخنة للدعم الفوري للنساء المعنفات ( نحن كمركز مساواة المرأة بصدد بناء خط ساخن في إقليم كردستان العراق).
للمزيد عن المشروع راجع الرابط التالي: http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=198816

10. فتح قضايا جنائية من قبل الشرطة المحلية ومتابعتها و عدم اعتبار قضية انتحار المرأة قضايا أسرية خاصة.
11. عمل جلسات و ندوات و اجتماعات حول ظاهرة انتحار المرآة.
12. وضع خطة اقتصادية واجتماعية لدعم النساء المنفصلات و الأرامل و ذلك من اجل عدم إجبار المرأة على الاستمرار مع رجل عنيف أو الرجوع إلى بيت الأهل.
13. دعم الفتيات اللواتي يتعرضن للاغتصاب و معاقبة المجرمين.
14. دعم انخراط و تشجيع رجال الدين لمناهضة العنف ضد المرأة و ظاهرة الانتحار و ذلك لأهمية دور الذي يلعبه رجال الدين و تأثيرهم على ذهنية الفرد داخل المجتمع الكردي.
15. توفير الإمكانيات المادية اللازمة لمنظمات المجتمع المدني و المنظمات النسوية المدافعة عن حقوق المرأة.
16. دعم الشباب ماديا في بناء الأسرة المستقلة وتجنب العيش مع الأهل الذي في معظم الأحيان يؤدي إلى خلق مشاكل كثيرة بسبب تدخل الأهل في حياة الشباب المتزوجين حديثاً.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة