الزوجة تحتاج إلى دفء

فوزي بن يونس بن حديد

2012 / 3 / 24

الزوجة تحتاج إلى دفء
لا حاجة أن أسرد لكم في هذه المقالة واجبات الزوج والزوجة وحقوقهما فربما تعرفونها أكثر مني، ولكني أريد أن أعرج إلى مشكلة تعاني منها مجتمعاتنا العربية والإسلامية، مشكلة تعاني منها المرأة أكثر من الرجل، مشكلة أرّقت وما زالت تؤرّق الزوجة بعد أن تدخل القفص الذهبي وتبدأ مشوارها الثاني مع شريك الحياة.
فبعد أن كان الحبيب ينهال عليها بأعذب كلمات الحب والود والألفة والوئام، ويجود عليها بأنواع الهدايا غالية الثمن،وكأنها حبه الأول والأخير، وبعد أن كانت تؤرقه الليالي والأيام ويعيش سآمة ووحدة وكآبة، كان يحتاج إلى من يؤنسه في الحياة ويلاعبه ويمتعه، وبعد أن ظلت تراوده الأحلام بأنه سيكون في سعادة غامرة مع من يحبّ وسيكوّن أسرة مثالية في الحياة الكونية، تُفاجأ الزوجة المسكينة أن زوجها قد تغير وقد تبدل وقد جافاها بعد أن ذاق عسيلتها فتتساءل حائرة ما الذي تغير؟ لماذا هذا الجفاء؟ ولماذا هذه المشاكل؟ لماذا يغضب؟ لم أره يغضب من قبل؟ وهل كل الرجال على نفس الشاكلة؟
وهناك من تفاجأ أن زوجها لا يفقه من الحياة الزوجية شيئا، يظن أنها علاقة جسدية، وتقف عند هذا الحدّ، فتصطدم معه في الحياة وتتكشف لها أمور كثيرة لم تعرفها من قبل، لأن العلاقة في الأساس بنيت على جرف هار فانهار هذا الرباط من أول وهلة عند أول امتحان، ظنت أنه سيكون الحضن الدافئ الذي ترتمي فيه فتشعر بالدفء والحنان وإذا به يكشر عن أنيابه ويريها الوجه الآخر الذي لم تعرفه من قبل.
كثير من الزوجات يشتكين من جفاء الزوج وأنه لم يعد يعطيها من طرف اللسان حلاوة ولا من طرف العين نظرة ولا من طرف اليد لمسة ولا من طرف الأذن استماعا لمشاكلها ولا من طرف القلب حبا وودا لا يموت مع الزمن، إن الزوج الحقيقي هو الذي إذا أحب لا يكره، وهو الذي يجعل زوجته في عيونه جميلة وجمالها يفوق جمال أي امرأة، وهو الذي يجدد حبه لها في كل مرة وفي كل مناسبة لتستمر الحياة ويستمر الدفء العاطفي بين الزوجين، إن حاجة المرأة إلى الدفء بعد الزواج يغنيها عن أي طلب آخر فلا يهمّها أين تسكن ولا كيف تعيش، المهم عندها أن تشبع روحيا ونفسيا وأن زوجها هو الرجل الوحيد الذي يمنحها هذا الحنان.
مع الأسف الشديد كثير من الشباب استهوته فكرة الزواج دون أن يقرأ ويفقه معنى الزواج أولا، فالزواج ليست علاقة جنسية فقط وإنما هو أسمى من ذلك بكثير لأن هذا الامر سيمل منه الطرفان بعد فترة من الزمن إذا لم تتغذ الروح وتُشبّع بالعاطفة والحب والودّ، وإذا لم يسد التفاهم والتعاون هذه العلاقة وإذا لم يعرف كيف يجذب المرء زوجته إليه وإذا كان الطرفان على طرفي نقيض.
على الزوج أن يعلم أن الزوجة أمانة في عنقه، هو من سعى إليها وطلب يدها، هو من احبها أو ادعى حبها، هو من إذا لم يتزوجها سيصاب بجنون، هو من يحميها من ويلات الزمن، هو من يقف بجانبها يفرحها، ويواسيها، يبث فيها أمل الحياة، يشعرها أنها كائن مهم في الحياة، لا يستطيع العيش بدونها، ينزع عنه فكرة أنه الأقوى وانه إذا أراد في أي وقت يرميها،وأن العصمة بيديه، كل ذلك جاهلية وبلطجة وعنجهية لا فائدة منها.
كما يجب عليه أن يعلم أن زوجته هي ريحانة البيت، متى اعتنى بها وسقاها بماء طهور أينعت وأثمرت ومتى أهملها وتركها للزمن خسرها وأصبحت معيشته ضنكا وحشر يوم القيامة أعمى، فهو لا يبصر الحياة بعقله وإنما وضع سدا منيعا بينه وبين هذه النعمة فانسدت عنده الرؤى وحجبت عنه السعادة فلم يعد ير إلا أمام عينيه
دعوة للزوج أن يرأف بزوجته التي تحتاج إليه، تحتاج إلى كل شيء فيه، وأكثر ما تحتاج إليه قلبه الناعم الرؤوف الذي يحمل دقات الحب الرهيف والعاطفة الجامحة المتواصلة ما بقي هو في الحياة معها.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة